lundi 26 décembre 2011

vendredi 16 décembre 2011

سيرة غامضة لملك فاقد للمهابة




تشدد الرواية التاريخية على الطابع الأدبي البحت للحكاية التي تقترحها، حتى وإن سعى واضعوها وسعهم كي يجعلوا مما يروونه أمرا ممكن الحصول في الواقع، سواء اتصل الأمر بالإطار الزماني والمكاني أو تعلق بالنتائج المترتبة عن السياق الذي انخرطت ضمنه الأحداث المروية. فما يعتبره مؤلف الرواية مجرد صياغة أدبية لما كان يمكن أن يحصل في الواقع، هو ما يمنح قارئه حقيقة فرصة لمزيد فهم ما ثبت حصوله في الواقع. فالهدف من كتابة الرواية التاريخية لا يتمثل في عرضها فنيا على العارفين بالأحداث التاريخية فحسب، بل في توسيع نطاق المعرفة بتلك الأحداث لتشمل من لم يصادفهم حظ الاطلاع عليها والتفكير في حقيقة حصولها. على هؤلاء تحديدا يتعين أن تُقترح الرواية التاريخية وفقا لمقاربة فنية تحوّل أحداث التاريخ إلى مروية فاتنة تطرح أسئلة الحاضر متوسّلة بما ولّى من وقائع الماضي، فالتاريخ يبقى على الدوام مدرسة للحرية تساهم في تعميق التأمّل والتبصّر بما يعطي مدلولا ساميا وعميقا لوجود الإنسان.
على أنه من الضروري الاعتبار بالمسافة التي تفصل عمل المؤرخ المختصّ عما يأتيه كاتب الرواية التاريخية. فمهما اتسعت ثقافة هذا الأخير أو معرفته بالأحداث التاريخية، ومهما ثبتت حاجة المؤرخ للتوسّل بالقصّ في عرض مختلف الروايات المشكّلة للسياق وتمحيصها، فإن مقتضيات المعالجة الروائية لا تتلاءم مع ما يتطلّبه عمل المؤرخ من صرامة منهجية. وهو ما لا يضير في شيء بهذين الضربين الفنيين والأدبيين، فالقول الروائي مجبول على التخيّل قصد تجاوز متاح الواقع المتأكد حصوله تاريخيا ومجادلة الحاضر فنيّا بتوظيف أدوات القصّ والحوار، بينما لا يجرأ المؤرخ المختصّ على إتيان مثل هذا الانزياح الذي يسوّي بين ما جد في الماضي وما يحمله الواقع في الحاضر، لأن في ذلك نزوع إلى الإسقاط وتمثّل للماضي من منظور السياقات السائدة في الحاضر.
يكمن فخ الإقدام على تحبير النص الروائي التاريخي في الركون إلى استسهال هذا الضرب الفني العصيّ باعتباره طلبا مبذولا، فتفاصيل الحكاية تبدو معروضة مُسبقا وما على المؤلف غير إعادة تنظيمها وعرضها على القراء، في حين أن الأمر يتعارض مع ذلك تماما فعبقرية من أبدعوا في هذا المجال الفني تكمن في قدرتهم على إعادة اختراع الواقع وتحديد ملامح الشخصيات وضبط طبيعة الأدوار وبناء الحوار وتفاصيل الطرادات، بما يُنشئ الخرافة إنشاء ويحبك عقدتها ويستجيب تبعا للأغراض الفنية والفكرية والوجودية المنشودة.
فهل تمكنت "علياء مبروك" وهي واحدة ممن تجرأن على الكتابة في هذا الضرب تونسيا من المزاوجة بين التاريخ وفن الرواية وعرض مضمونه بطريقة تسمح لغير المنغمسين في هذه المعرفة بولوج مجالها بطريقة تسهل المصالحة مع التاريخ والإقبال عليه من وجهة نظر فنية ترفع تحدي المزج بين المتعة والتثقيف؟ هذا ما سنحاول التعرّف عليه من خلال هذا التقديم المبتسر لمضمون روايتها "الملك الغامض Le Roi ambigu" وهو نص ينخرط ضمن خماسيتها الروائية المكتوبة باللغة الفرنسية والتي خصّصتها لتاريخ البلاد التونسية.
لا يتعين أن يُحمل اعتلاء سدة الحكم على أنه ضفر بالعزة والجاه، فقد يُخبئ الملك أحيانا مفاجئات مروّعة تنطوي على أعوص المحاذير محوّلة تراجيديا الفرد إلى انهيار أمة بأكملها. هذا ما اقترحته علينا المؤلفة ضمن روايتها التاريخية الصادرة عن دار ديمتار بتونس سنة 2007.
تدور أحداث الرواية حول فترة حكم السلطان الحفصي "مولاي الحسن" (1525 – 1542 م) وهو الملك الغامض الذي نجم شقائه عن تحمّله أعباء الدولة في مرحلة فارقة من تاريخ إفريقية. فلئن وصفه الإسباني "كربخال مارمول" الذي رافق إمبراطور الكاثوليكية "شارل الخامس" غداة حملته على تونس ضمن تاريخه بأنه "كان طيب السجايا اتسمت تصرفاته بالإقدام والفروسية والكياسة والكرم، وأنه إذا ما استثنينا بعض السقطات التي يحلّ لجميع المتوّجين إتيانها، فإنه يصحّ اعتباره واحدا من أجّل ملوك زمانه"، فإن الأخبار التاريخية الموضوعة بحقه تفيد عكس ذلك تماما. فقد جُوبهت سلطته بعدم الاعتراف وأقدم جيشه عن الخروج عن طوعه في جميع المواقع التي خاضها، قبل أن ينقلب عليه ولي عهده ويحرمه من نعمة البصر ويزدريه كبار ساسة وملوك زمانه.
باشر الحسن حكمه بالإقدام على تصفية إخوته وأنهى حياته ضريرا منبوذا تنكّر له الجميع قبل أن يُدَس له السم ويطوي ذكره الخزي والنسيان. ملك صغير لمملكة منقسمة طال أمجدها الضمور والتقهقر، ملك فاقد للمهابة ضيع شرعيته لما أعرض عن حِلْمه مُبديا صلفا مُروِّعا حال الإصرار على تصفية منافسيه حتى لو كانوا إخوة له في الدم، غير مُباليا بتحذير أهل مشورته ولا بدموع والدته المسنّة.
ليس في الأمر غرابة لو قدر لمن أتاه الصدق في الانكباب على أمور الدولة وتقدير لدقة الموقف وجسامة المسؤولية التي آلت إليه وحرجها، فغالبا ما يُؤخذ بالسلطان ما لا يُؤخذ بالقرآن. إلا أن "سقطات المتوّجين" على حد تعبير "مارمول" هي التي جعلت من البحث عن المتع واللهث المجنون وراء السلطة مظنة للوقوع في إدمانٍ مُهلكٍ يعسر الإقلاع عنه.
مفتونا كان الحسن الحفصي بجميل اللفظ ورقة الموسيقى، مُتيّم بحب غلمانه الذين عتمت وجوههم الصبوحة على وجوه بقية من نُسب إلى حاشيته أو انظم إلى بلاطه من أعيان البلاد وكبار علمائها. لم يكن لمن آثر الدعة أن يعقل أمور الدولة على حقيقتها، فقد غرّه بهرج الحكم وعظُمت في عينيه نجابته الخارقة في حسم المواقف وقدرته الاستثنائية على المناورة، فاعتقد أنه على موعد مع استعادة أمجاد كبار ملوك أسرته بوضع حدّ للممانعة وخضد شوكة العُصاة ممن رفضوا الانصياع لقهره وشكّكوا في شرعية وصولة إلى سدة الحكم.
توجه إلى القيروان معقل دويلة شيوخ الشابيين متأكدا من سحقهم، فرجع على أعقابه خائبا بعد أن انفضّ جنده من حوله والتحقوا بصف أعدائه. ناكفه سيد البحر ووالي الأتراك بالجزائر "خير الدين" تحت غطاء إعادة الشرعية لأخيه الرشيد، فرحل عن وطنه قاصدا برشلونة يطلب نجدة الإمبراطور شارل الخامس ويستحثه لمعاضدته في دحر الغاصبين واستعادة ملك دفع لاسترجاعه ثمنا باهظا أُبيحت بمقتضاه مدينة تونس وجامعها الأكبر لرعاع الجرمان من جند النصارى وارتهنت بمقتضاه سيادة بلاده لحكم الأسبان، واهتزت سلطة الحسن من جديد بعد خروج ولي عهده عنه وهو في عزّ منازلته ضد الشابيين الذين امتد سلطانهم على المدن الساحلية للمملكة.
أُودع الملك الغامض السجن وسُملت عيناه فكّف منه البصر، ولم تعزه الحيلة في الالتحاق مجددا بالضفة المقابلة جادّا في طلب السلطة مقنعا إمبراطور الكاثوليكية المدحور عند مرفأ الجزائر -وهو من أنهكته الحروب الدينية حتى أضحى يفكر في التنازل على الملك لفائدة ابنه فيليب الثاني- على مساعفته كي يستعيد ما لم يعد أهلا بالمرة لتحمله.
تلك هي وقائع رواية ملك فتنه بريق الحكم وقادته تصرفاته إلى مصير محتوم، رفض القبول بالواقع والتعامل معه من زاوية الاعتبار بالممكن قصد بلوغ المستحيل. ملك غامض لاحق نجما واعدا بالعزّ وموفور القوة وكلّفه اللهث وراء حُلمه الزائف تلمّظ مرارة الهزيمة والخزي وتعريض موطنه وأهله إلى القبول في انكسار بالتفريط في عزيز السيادة.
تفاصيل سيرة أجهدت علياء مبروك نفسها في جمعها من رحم شذرات تاريخية نادرة ضمتها مصادر متناثرة أوردها مؤلفون كثر من "ليون الإفريقي أو الحسن الوزان" إلى "كربخال مارمول" مرورا بمسالك أبصار "ابن فضل الله العمري" وبحر "مصطفى بن حسن الحسيني المشهور بالجنابي" الزاخر، وأمير "ماكيفيلي" أو خطابه حول فنون الحرب وبديع شعر "ابن حمديس" وهو يرثي مسقط رأسه صيقلية بعد أن عزّ عليه الرحيل ومفارقة الوطن إلى الأبد فأنشد أبياته الخالدة:
بلد أعارته الحمامة طوقها ... وكساه حلة ريشه الطاووس
فكأنما الأنهار فيه مُدامة ... وكأن ساحات الديار كؤوس
فضلا عن دراسات المختصين كـ"دومارك" حول تجارة البندقية و"غي توربي ديلوف" حول موقع إفريقية في الآداب الفرنسية خلال القرنين السادس والسابع عشر، و"جوريان دي لاغرافيار" حول قراصنة إفريقية وأسطول سليمان القانوني.
سيرة صعبة المراس رفعت المؤلفة بتوفيق غير قليل تحدي ردّهاإلى الحياة وإشراكنا في تعقّب تطوّراتها وتتبّع أدق تفاصيلها بالتعويل على القصّ المبهر وأسلوب الكتابة الباذخ المتحدّى لندرة المعطى التاريخي الراسم بريشة الفنان الـمُلهم حكاية أمير قُدّت من بهي اللفظ وبليغ العبارة، عرضت على قارئيها من وجهة نظر من يمتلك مطلق السلطة، وهي في تعريف من هم على شاكلة "ملكنا الغامض" استئثار بالسعة والجاه وإحساس بامتلاك نواصي المحكومين يصل حدّ المنازعة في الربوبية.

jeudi 8 décembre 2011

Première conférence des "Rendez vous de l'Association Tunisienne des Etudes Historiques" sur le thème "Être tunisien".


Conférence de Mme Rym Kefi:
"Les analyses ADN: richesse et spécificité du patrimoine génétique de la population Tunisienne".
Vendredi 23 décembre à 14 au club Taher Hadded 2o Rue du Tribunal dans la médina de Tunis.

vendredi 2 décembre 2011

En plein dans le mille : Bataille rangée autour d’un fleuron de la république


L’université ne va pas très bien en ce moment. Toute une cascade d’évènements malencontreux relevant de la surenchère partisane prompte à nuire au bon déroulement de ses activités, prouvent une volonté à peine cachée de compliquer une situation par trop tendue qui risque de mettre à mal une institution dont la mission est de former les jeunes générations et de garantir l’éclosion d’une élite capable de se hisser à un niveau comparable à celui des pays développés.
Dure était la décade passée le moule de la formation universitaire a été complètement brisé par une sollicitation sans précédent ébranlant la qualité de l’encadrement et par un marché de travail par trop saturé répondant très mal aux attentes légitimes d’un nombre faramineux de nouveaux diplômés. Une telle situation à sonné le glas d’un fleuron de la république désabusé et complètement délaissé à son triste sort. La réforme imposée d’en haut par des décideurs autosuffisants qui se croyaient capables de gérer la crise de loin en imposant un nouveau formatage basé sur un rapport étriqué à la professionnalisation des savoirs, a laissé place à la torpeur et à l’expectative après un bilan ostentatoirement négatif.
Passée l’euphorie des premiers moments de la révolution, la descente sur terre annonce une réalité complexe dont la prise en charge a complètement échappée à des décideurs en manque de légitimité qui ont trop jouer sur un attentisme laxiste et des acteurs politiques profondément clivés autour de questions peu productives ne servant en priorité que des impératifs électoraux.
Le constat et sans appel une rentrée des plus difficile avec des opérations d’intimidation ici et là dans plusieurs établissements universitaires visant à instaurer un climat d’agitation attisant la haine entre différents protagonistes et un « débat » musclé et complètement suranné autour d’un accoutrement religieux qui ne s’accommode guère avec les impératifs de communication pédagogique et de transmission du savoir.
Le réchauffement des esprits et la prise en charge du débat par une société civile légitimement alarmée risque de gonfler la surenchère et de crier une ambiance malsaine sapant le peu de crédibilité et le minimum d’autorité dont disposent aujourd'hui les enseignants pour mener à bien leur tâche formatrice et émancipatrice.
Un petit rappel historique nous éclaire sur un acheminement qui prend ses origines dans les années quatre vingt ou une « génération dite perdue » devant laquelle la machine de l’Etat-parti a sciemment fermé tout horizon prompt à engager une vie citoyenne et une possible alternance politique trouve dans le paysage universitaire une ouverture à la mesure de ses ambitions l’objectif étant bien entendu de contribuer à la formation académique et civique des nouvelles générations. C’est à cette même génération qu'on essaye aujourd’hui de compliquer la donne en engageant comme par enchantement un bras de fer entre elle et une autre « génération sans futur » soufrant des multiples maux d’un ascenseur social en panne depuis bientôt deux décades.
C’est là ou se situe la lame de fond expliquant la réalité tragique ou nous en sommes. L’accoutrement ostentatoire des barbus et des mounaqqabats n’est au fait qu’un trope ; un simple fractal autour duquel s’exacerbe les pires phobies de part et d’autres. La fracture sociale est bien là pour nous rappeler la triste réalité du naufrage collectif au quelle nous assistons. Le malaise n’est plus latent la crise est en passe de s’installer durablement dans notre pays.
L’université n’est plus ce qu’elle a toujours été, c'est-à-dire un havre de paix dont la noble mission et de produire le savoir et de le transmettre aux générations futures. L’exception n’est plus de mise et la sérénité indispensable pour former les élites laisse place à la cacophonie d’un militantisme effronté, à la surenchère verbale, à la crudité malsaine des phrases assassines.
Le monde des lettres, des arts et des humanités parait aujourd’hui – et à juste titre d’ailleurs- représenter le creusé tout indiqué mettant à nu le malaise social et culturel généralisé. C’est incontestablement le maillon faible de la chaîne, son talon d’Achille par excellence, là ou la crise a déjà pris une envergure virant à l’absurde. La fuite en avant ne date pas d’aujourd’hui. D’aucun sait le traitement peu privilégié réservé à de telles spécialités au point qu’elles en viennent à jouer le rôle peu attrayant et sciemment humiliant de « dépotoir » pour les laissés pour compte du système d’orientation. Aucune solution ne pointe à l’horizon, le verrouillage du marché de l’emploi devant ce type de formations n’a d’égal que le ridicule du concours ouvert chaque année pour ancrer dans les esprits de milliers de diplômés l’illusion d’une bien hypothétique possibilité d’embrasser la carrière d’enseignant.
Une humiliation sans précédent se rejoue chaque année à « une génération sans futur » forcée à vivre le calvaire de la marginalisation, en acceptant de se jeter dans le précipice d’un marché de dupes fait de démerde et de débrouille, ne comportant aucune garantie et ce pour des milliers de jeune sortant des universités et détenant des qualifications perçues comme le fruit d’un parcours de combattant, dont la finalité est d’acquérir le statut hautement prisé de cadre mais dont la triste réalité et de venir grossir les rangs des trois millions de tunisiens chômeurs et analphabètes.
Un aussi triste bilan ne peut que clouer l’université au pilori. La bataille rangée autour de l’accoutrement ostentatoire des salafistes qui bat son plein en ce moment, n’est au fait que la partie immergée de l’iceberg. Le vrai malaise de l’université se situe ailleurs, dans l’inadaptation de ses formations au marché de travail, dans la centralisation outrancière de la décision, dans le peu d’intérêt réservé aux initiatives et dans le manque de moyens mis en disposition pour garantir leur réalisation, bref dans cette volonté à s’opposer à toute forme d’imagination d’une société en mal de devenir.
J’espère qu’on y viendra au plus vite à affronter sereinement ce champ de mines qui est celui de la formation universitaire, en refusant de céder à toutes les formes de manipulations et d’amalgames non dénuées de surenchère politicienne. A quoi sert tant d’institutions et tant de diplômes qui n’ouvrent guère sur le moindre horizon et qui risquent au contraire de compliquer davantage la triste situation de nos universités et de brader l’avenir d’une jeunesse en mal de dignité?
Un moratoire de quelques années sur un tas de filières, même s’il sera très mal perçu, nous semble aujourd’hui de mise. Il donnera aux enseignants chercheurs la possibilité de repenser leurs métiers ainsi qu’à des milliers d’étudiants l’opportunité d’être enfin orienter en conséquence. C’est là peut-être un signal fort prouvant la volonté indélébile des décideurs de rompre avec la politique de l’autruche, de mettre fin à une parodie honteuse en empêchant une signée de l’argent du contribuable qui n’a que trop durée. Tout le reste ressemblera après à un faits divers produisant beaucoup de tapage et ne recelant que peu d’effets. Assumant la responsabilité de répondre aux vraies questions et laissant de coté tous qui nous éloigne de notre objectif : Devenir un peuple libre donc nécessairement responsable.