tag:blogger.com,1999:blog-75247657449005953292024-03-10T01:41:07.479+01:00 GriffonnagesLe blog personnel de Lotfi AïssaLotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.comBlogger209125tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-40574949322773497142023-09-21T16:10:00.000+02:002023-09-21T16:10:26.250+02:00بقية الحوار الصادر هذا اليوم الخميس 21 - 09 - 2022 بملحق منارات لجريدة الشعب *<b>أستاذ اذا وضعنا الثورة معيارا لتحليل الخصوصية التونسية وأصلنا لسياقات ذلك انطلاقا من القراءة التاريخية وربطنه بمفاهيم علم الاجتماع أيضا فكيف يمكن أن نقيّم ما حصل؟</b>
يحسن ألاّ نسقط في مختلف التصورات العدمية السائدة تونسيا وعربيا بخصوص الجدوى من تقيم ما حصل من منظور الإنجاز الثوري، لأن حقيقة التحولات التي عصفت بالمنطقة العربية ولا تزال منذ انقضاء "القرن العشرين الوجيز" وانتهاء القطبية الثنائية وسقوط جدار برلين واندلاع حرب الخليج الأولى، لا يمكن ردُّ جميعها إلى أي لحظة ثورية مهما تعاظم مستوى تكثيفها. إنما المطلوب هو التعامل مع ذلك تاريخيا باعتباره انقلابا حاسما في الظرفية وطارئا عابرا أحدث هزة عنيفة ينبغي أن تعقبها مرحلة طويلة نسبيا من عدم الاستقرار. وهو واقع ليس من السهل تخطيه من دون العمل بكثير من الجد والإخلاص ومنتهى التفاني قصد تحقيق جملة من الانتقالات المادية والفكرية والذوقية (أو/ والمتصلة بالذكاء العرفاني intelligence émotionnelle) الذي يتطلّب من وجهة نظر اجتماعية حضور استعداد واقعي لإعادة اختراع اليومي بُغية الارتقاء إلى درجة أعلى من النضج والكمال.
*<b>لك مؤلف بعنوان "التصوف وتدبير الحياة الروحية تونسيا" .. فهل توجد باعتقادك حركات صوفية في تونس؟ وما أهم خصائصها أو فرادتها؟</b>
صحيح هو مؤلف يحمل مواصفات المقالات الحرة Essais صدر بالتزامن مع انعقاد الدورة الجديدة لمعرض تونس الدولي للكتاب عن دار الجنوب، وحمل العنوان الجمع الذي تفضلت بالإشارة إليه. وقد تمثل مقصده في إعادة زيارة مسألة الانتظام الصوفي تونسيا من بوابة علاقته بالحاجة إلى حياة روحية ثرية بدا لنا اتصالها الوثيق بحزمة من الممارسات الاجتماعية والذوقية المحسوبة على أهل التقى وأرباب الزوايا والطرق، ساهمت في تقريب مقاصد الاحكام الشرعية الناظمة قديما لحياة الناس على ضفتي المتوسط، واستكشاف حضور تناظر طريف بين أشكال الإثمار بينهما، الشيء الذي يدعونا إلى عدم التسرّع في الحكم على الغيريات الثقافية والروحية، والاقلاع عن الاعتقاد في عنجهية المختلف أو في بربريّته.
*<b>لك عديد المؤلفات في اختصاص التاريخ والانثروبولوجيا. فكيف يكتب التاريخ ومن يكتبه؟</b>
هذا صحيح أيضا، حتى وإن شكّل أغلب تلك المؤلفات تنويعات يدور محورها حول هاجس مركزي واحد على الحقيقة، أخذني تدريجيا وعلى صعيد الممنهج من توسيع أفق الحقبة الاعتبارية للفترة الحديثة (16م – 19م) والتركيز على نوع من التجسير بينها وبين باقي الحقب الأخرى، والاعتبار بأهمية النقلات والمفاصل الزمنية البيّنية، إلى التدرّج من الاشتغال على التاريخ الاجتماعي وتاريخ الذهنيات، إلى الاعتبار بالتاريخ الثقافي الذي يساءل اليومي ويفتح أفق التحليل على مواضيع واعدة تقرّب الشقة بين المعالجة السياقية التي يقترحها المؤرخ والمعالجة الميدانية للرواسب الثقافية البشرية وفقا لما ترتضيه الأنثروبولوجيا. الشيء الذي ساهم على ما أتصور في صياغة معرفة مفارقة لشواغل غير مبذولة تتصل على سبيل المثال بالحسّ والمحسوس، وبالتاريخ الثقافي للفئات الاجتماعية، وبتطور الثقافة السياسية، وبغيرها من المسائل التي تحتاج إلى هذا النوع من الإضاءات المفيدة.
*<b>أستاذ تحملت عديد المسؤوليات بالجامعة التونسية وخاصة على مستوى التأطير، فما تقييمك لواقع التعليم عموما .؟</b>
لا يمكن أن نختلف في حاجتنا حاضرا إلى نقلة كيفيّة في مجال التربية والتكوين وتلقي المعارف تسمح بمواكبة ما هو حاصل في كثير من دول العالم المتقدم أو النامي. ولا فائدة من إعادة إثارة الوضع البائس الذي أضحت عليه مؤسساتنا التربوية العمومية التي لم يعد بوسعها، إن على صعيد البنية أو على صعيد الإطار التربوي، تحقيق أي تقدم في هذا المضمار. بيد أنني لا أفهم شخصيا ما الذي يجعلنا نتعامل مع موضوع الإصلاح التربوي بالذات من خارج القواعد الناظمة للحياة الاقتصادية والاجتماعية عامة. طبعا على الدولة تحمّل واجباتها إزاء مواطنيها من دافعي الضرائب، والحرص على توفير حد معقول من الرفاه الجمعي يضمن كرامة المنظورين، غير أن تحسين الخدمات في مختلف المجالات الاستراتيجية وإنجاز حزمة من النقلات النوعية في مختلف المجالات كالطاقة والاقتصاد الأخضر وحماية المحيط والتأمين والرعاية الصحية والتربية والثقافة وخدمات النقل العمومي وجودة الاعلام، يحتاج جميعها إلى تطوير مستويات الادماج المالي والاقتصادي وبناء شراكة بين قطاعات الإنتاج الخاصة والعامة، وفتح باب المنافسة ورفع اليد الثقيلة للإدارة على مصالح الناس وصياغة ميثاق مواطني ينأى بنا جميعا حكّام ومحكومين عن عقلية الوصاية والاتكال والمحسوبية والتحيّل وابتسار النجاح في تحقيق الخلاص الشخصي. فغِبْطَةُ الاقبال على التكوين وبناء الملكات والمعارف لا يمكن أن تساس بشكل تسلّطي يُكره الناس على ما لا يريدونه ويصدّهم على صياغة أفق حقيقي يجمع بين إراداتهم الفردية، ويمكنهم من تصوّر مشروع جماعي يسمح لطموحاتهم الشخصية أن تجد لها موطئ قدم ضمن عالم الجماعة المتكاتفة والمتضامنة.
*<b>لك كلمة حرة نختم بها هذا الحوار.؟</b>
أثبتت القراءة في تشكّل الشعبوية السياسية زمن ما بعد 2011 تونسيا، أن ما جد غير منفصل عمّا هو حاصل كونيا. ذلك أن متخيل الاحتجاج الذي ساهم في حصول قطيعة غير منتظرة في مسار طويل، وضعية لا يمكن ادعاء القدرة على تداركها بشكل استباقي. فقد ساهمت تلك الهزة القوية في قلب مسار التعبير عن السخط. كما أثبت من جانب آخر أن ردود الفعل الأمنية لم يعد بوسعها -خارج إطار تشبيك الوساطات ذات التوجهات المدنيّة- الخروج بأي طائل حيال مثل هذا النوع من الطفرات. لذلك ليس بعيدا أن تشكل المرحلة التي نعيش ارتدادات ذات علاقة وطيدة بهبّة 2011. فتعدّد المحطات الانتخابية لم يفض إلى تجاوز الطابع الانتقالي للحكم ورسم أفق حقيقي لزمن الدخول في الاستقرار السياسي والتداول السلمي على السلطة. لذلك فإن ما هو قابل للتحليل تونسيا، هو تواصل التحوّلات في شكل حلقات متضامنة لا تخلو من امتدادات إقليمية وكونية. وهو ما قد يحتاج إلى عشريات مديدة من الزمن، بحيث يستقيم اعتبارا لسرعة انقضاء القرن الماضي، أن نعتبر أن ما حصل بتونس هو ارهاص سابق لما سيعرفه الإقليم برمّته في عضون السنوات القليلة القادمة، ولو بأشكال متباينة، وذلك ضمن سياق تاريخي كوني مشوب بتعاظم ردود الفعل الانعزالية والتوجّهات السياسية المحافظة وتلبّد الآفاق وتأجج المخاوف الدافعة لتزايد منسوب العنف، وتفاقم الصراعات الإقليمية، تلك التي لا يمكن ألاّ تلقي بضلالها على الواقعين التونسي والعربي.
وفي ظل وضعية كالتي وصّفنا ينبغي أن يتمثل دور المنجز المعرفي والثقافي في القدرة على تحقيق انقلاب ضمن سجلات المعايير والقيم، بحيث يستقيم التساؤل حال معاودة زيارة منجز الثقافة التونسية عمّا يمكن أن يشكل اصطدام بشيء مفارق غير معهود، يدفع إلى مراجعة مدركاتنا القديمة وأشكال تعبيرنا عن أحاسيسنا أيضا؟ وهل لدينا شعور بأن ما تم إنجازه خلال العشرية المنقضية قد مثّل فرصة حقيقية لرؤية العالم بشكل مُختلف أم لا؟
تكشف التحولات الطارئة منذ تسعينات القرن الماضي في تشابكها عن سوسيولوجيا التونسيين وعلاقتهم بوطن الانتماء. كما ترسم أشكال اختراعهم لليومي ودقائق أعمالهم ومعاشهم. وما يسترعي الانتباه هو حضور تباين بين عافية الشمس وزرقة الماء واستبطان الدعة والخضرة من ناحية، ورثاثة العيش والإهمال وضعف الحيلة وانتفاء الملكات، والانقلاب من راحة المعاش إل قسوة العوز، وانحدار المشاهد الجغرافية الثقافية إلى مواضع منكوبة لا تليق بكرامة البشر.
ولعل اتساق عقود من تسلط الحكّام وانحباس النماء وتسييج مصادر الثروة واحتكارها وضرب حرية الفن والفكر وفضائل المعرفة واغتنام الملكات وصياغة فرص الترقي الاجتماعي، هو ما دفع بالناس إلى الارتماء في أحضان المجهول، مع توثّب إلى الفرار من جحيم الواقع المرّ واندفاع إلى الانخراط في مسالك الهجرة غير النظامية أو الاشتغال بالتهريب وشبكات الممنوعات، وتقاسم السطحية والتطرّف والانحراف والجريمة وتبييض الأموال والتطبيع مع الإرهاب، وجميعها مظاهر زادت في تعفّنها سنوات انتقال موهوم مشوب بمحافظة واجهة، وأشكال نضال عرجاء تنازعتها مشاعر حنين تكسوها شعارات رثة لا ترى خلاصها إلا في إعادة انتاج المنظومة القديمة بلُبُوس مخاتلة. لذلك انزلق المشهد التونسي بعناصره المادية وغير المادية، وتركيبته الاجتماعية في مستنقع الإهمال والعوز المعمّم، فضلا عن القبول بالرداءة الذوقية والتشجيع على مزيد من التسوية إلى أسفل./.
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-27390828748915606762023-09-10T11:47:00.002+02:002023-09-21T16:03:14.075+02:00يحسن بنا أن ندرك أن المعنى العميق للانتماء وللارادة لا يمكن أن يصيبا دلالة من خارج تصريفهما في ضيغة الجمع *
<div class="separator" style="clear: both;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjVxUhsKC9iwJm85ZxOs-gZKd1dPPelY1KSBRhA9bg55y-Kr4__T4Xvc7LUyAGX8vsPLsnOQYRNKVhFapJaKcSbRNb-bce_UDNIclz3wytFj09UCK3XcNXT-DhTV27o9Op18-WbJsdtVTc4dFXYIVmjs15yBq7iXs7yXeJJCWjDjK_PFaVI58w9tqOJDorF/s480/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1%20%D9%85%D8%B9%20%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%AF%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8.jpg" style="display: block; padding: 1em 0; text-align: center; "><img alt="" border="0" width="320" data-original-height="165" data-original-width="480" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjVxUhsKC9iwJm85ZxOs-gZKd1dPPelY1KSBRhA9bg55y-Kr4__T4Xvc7LUyAGX8vsPLsnOQYRNKVhFapJaKcSbRNb-bce_UDNIclz3wytFj09UCK3XcNXT-DhTV27o9Op18-WbJsdtVTc4dFXYIVmjs15yBq7iXs7yXeJJCWjDjK_PFaVI58w9tqOJDorF/s320/%D8%AD%D9%88%D8%A7%D8%B1%20%D9%85%D8%B9%20%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%AF%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%A8.jpg"/></a></div>
<div class="separator" style="clear: both;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgBl3zVEe1vwbc7mWrYLto7HUVGlJ-B49oVOkYV2-PpjOPVy8Gm09QaP0qf4YyIFrnEDGVIf7L7Fc5JhvDKeGq1dTsa1mZflLwUtm8u5ecDiJlB3vrap5nWc2NNyDK-quhr-Mv9cP9OYdhSXTneZ5joiYZjmU-Coj1-R1yzIpB8DEwhfWhKhjbO1S7mETw1/s2048/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D8%B9%20%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%87%D8%AF%20%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%20%D9%84%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9%20%D8%A8%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D8%AE%203%20%D8%AC%D9%88%D8%A7%D9%86%202023.jpg" style="display: block; padding: 1em 0; text-align: center; "><img alt="" border="0" height="320" data-original-height="2048" data-original-width="1396" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgBl3zVEe1vwbc7mWrYLto7HUVGlJ-B49oVOkYV2-PpjOPVy8Gm09QaP0qf4YyIFrnEDGVIf7L7Fc5JhvDKeGq1dTsa1mZflLwUtm8u5ecDiJlB3vrap5nWc2NNyDK-quhr-Mv9cP9OYdhSXTneZ5joiYZjmU-Coj1-R1yzIpB8DEwhfWhKhjbO1S7mETw1/s320/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A7%D8%AC%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B9%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%84%D8%B3%20%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%84%D9%85%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%B3%D8%B9%20%D9%84%D9%85%D8%B9%D9%87%D8%AF%20%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%20%D9%84%D9%84%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9%20%D8%A8%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D8%AE%203%20%D8%AC%D9%88%D8%A7%D9%86%202023.jpg"/></a></div>
الأستاذ لطفي عيسى للشعب
الجزء الأول :الخميس 7سيبتمبر 2023 عدد 1762
*يحسن أن لا نسقط في مختلف التصورات العدمية السائدة تونسيا وعربيا .
*الثورة ضاعفت من منسوب المخاوف واعادة صياغة الواقع الكوني .
لطفي عيسى أستاذ التاريخ الثقافي بجامعة تونس
من مواليد مدينة القيروان في الثاني من مارس سنة 1958، تلقى تعلميه الأساسي والاعدادي والثانوي بنفس المدينة، وشده إليها طرازها المعماري الفريد ومخزونها التراثي والتاريخي الكبير. كما انتبه صبيا وشابا يافعا إلى تقاليدها الاحتفالية ذات الطابع الديني الشعبي المشدود إلى التراث الصوفي وأرباب صلاحه. وهو شاغل خصّه لاحقا بالعديد من الدراسات المتخصصة في التاريخ الثقافي المقارن لما وسمه بـ "مغرب المتصوّفة".
كما أن شغفه بمجال الابداع والفنون ومتابعته الحياة الثقافية المسرحية والسينمائية ومطالعاته الروائية العربية والعالمية وغيرها من ضروب الإبداع الفني، كما انتسابه شابا وفي عشرية سبعينيات القرن الماضي إلى جامعتي نوادي السينما والسينمائيين الهواه قد كان له بالغ الأثر على طريقة تعامله مع المعرفة التاريخية التي حاول إخضاع عملية صياغة مختلف مضامينها وتجديد نماذج تحليلها أيضا، من بوابة ردّها إلى شواغل أحالت على التاريخ الثقافي في مختلف مجالاته وأبعاده وتجلياته السياسية والاجتماعية والجوّانية في آن. لذلك يستقيم اعتبار اهتماماته البحثية ومنشوراته الأكاديمية منشدّة إلى تاريخ بلدان المغارب وجنوب غربي المتوسط الاجتماعي والثقافي، وذلك ضمن أمد زمني طويل جسّر المرحلتين الوسيطة والحديثة وحاول مراجعة الحقب الزمنية كما حددتها المدارس التاريخية الغربية بالقطع مع حواجزها الاعتبارية والتعويل منهجيا على تصوّرات عابرة للتخصصات الإنسانية والاجتماعية transdisciplinaires.
أدار لطفي عيسى قسم التاريخ بكلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس. وترأس اللجنة الوطنية للتجديد الجامعي في التاريخ والتراث واللجنة الوطنية للتأهيل والدكتوراه، والجمعية التونسية للدراسات التاريخية. كما انضم إلى لجان الانتداب الجامعي في جميع مستوياته ورتبه وتخصصاته المتصلة بالتاريخ والآثار والتراث والفنون. وترأس لجان العديد من الجوائز التونسية والدولية في الآداب والعلوم الإنسانية والفنون الموسيقية، كما ترأس لسنوات لجنة التبريز في التاريخ. وعهدت له وزارة التعليم العالي بترأس لجان تقييم العديد من هياكل البحث ضمن اختصاصات التاريخ والانثروبولوجيا والدراسات الحضارية.
حصل في الدورة 33 لمعرض تونس الدولي للكتاب على جائزة الطاهر الحداد للدراسات الأدبية والإنسانية عن مؤلفه "أخبار التونسيين مراجعات في مدونات الانتماء والأصول".
يمكن الاطلاع على محتوى مساهماته النقدية في المجالات السياسية والمدنية والثقافية والأدبية والجمالية على صفحات مدونته الرقمية الشخصية.
من أبرز مؤلفاته باللغة العربية:
* أخبار المناقب: في المعجزة والكرامة والتاريخ، سراس للنشر، تونس
* مدخل لدراسة مميزات الذهنيات المغاربية في القرن السابع عشر، سراس للنشر، تونس
* تحقيق كتاب "نور الأرماش في مناقب القشاش"، للمنتصر بن المرابط القفصي، نشر المكتبة العتيقة، تونس. (بالاشتراك)
* السلطة وهاجس الشرعية في الثقافة الإسلامية، دار أمل للنشر، تونس (بالاشتراك)
*مغرب المتصوّفة من القرن 10 إلى القرن 17: الانعكاسات السياسية والحراك الاجتماعي، مركز النشر الجامعي- كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بتونس.
* كتاب السيّر: مقاربات لمدونات المناقب والتراجم والأخبار، دار المعرفة للنشر، تونس.
*بين الذاكرة والتاريخ في التأصيل وتحولات الهوية، منشورات إفريقيا الشرق، الدار البيضاء.
* "تجارب الانتظام الصوفي في تونس"، منشورات مؤسسة مؤمنون بلا حدود ج 2، ضمن مؤلف الحالة الدينية بتونس 2011 – 2015، جماعي، بيروت 2017.
* البعد الإفريقي في السياسة الخارجية التونسية (1956-1986)، نشر المعهد العربي لحقوق الإنسان.
* أخبار التونسيين، مراجعات في سرديات الانتماء والأصول، مسكيلياني للنشر والتوزيع، تونس.
* في تاريخ المغارب المقارن: الأزمة والدولة والانتماءـ مسكيلياني للنشر .
* مسائلة الانتماء من منظور المباحث التاريخية التونسية، منشورات دار كلمة تونس، سلسلة البصمة والمنوال. (بالاشتراك).
* التصوف وتدبير الحياة الروحية تونسيا، نشر دار الجنوب، تونس
وله كذلك عديد المنشورات العلمية باللغة الفرنسية .ألتقينا به وساناه عن قيروان الطفولة والشباب وعن الجامعة التونسية. وعن التاريخ والفلسفة وعلم الاجتماع وعن علاقته بالفنون و تجولنا في رحاب مؤلفاته الغزيرة فكان هذا الحوار :
*أبو جرير :
*أستاذ لطفي عيسى جريدة الشعب ترحب بكم ؟
شكرا جزيلا لجريدة الشعب على هذه الاستضافة، وفائق التقدير لهذا الصرح الصحفي الذي ما فتئ منذ سبعينات القرن الماضي يستمد نسغه الفكري والنضالي من روح الشعب التونسي، مُبرهنا على استقلالية خطه التحريري عن مختلف الحساسيات السياسية، واستبطان القائمين على حظوظه العميق أيضا لدور الاجسام الوسيطة عامة والمنظّمات الوطنية بالخصوص، في إكساب الشعار الأكثر وسما لماضي التونسيين القريب ولحاضرهم أيضا: "شغل حرية كرامة وطنية"، مدلولا نضاليا حقيقيا.
*أنت ابن القيروان لو تعود بك الذاكرة وترسم لنا ما رسخ من مرحلتي الطفولة والشباب؟
الظن عندي أن فعل التذكّر لا يستهدف زمنية بعيّنها، بل يندس عميقا في تفاصيل ما عشناه ماضيا وما نعيشه حاضرا، مما يجعل الذات المفردة مكتظّة بعالم الجماعة، كما يُخضع الزمان والمكان إلى المعالجة الاجتماعية بحيث لا تستقيم ذاكرة الحاضر من دون استحضار أحرف الماضي. في حين أن الحرص على إثمار تلك الذاكرة هو ما يشكل مستقبل أي اجتماع بشري على الحقيقة. وهو ما أبلغ في استجلاء خفاياه وربطه بما سمي بـ "علم اجتماع الذاكرة" موريس هالبفاكس ضمن مؤلفه البديع "الذاكرة الجمعية" الذي حَرِصْتُ على ترجمته إلى العربية وصدر سنة 2022.
لقد قُيّد لي أن أعيش طفولتي وجانب من شبابي أيضا بين زمنيين واحدة تأسيسية تحيل على حدث مفصلي يعيد معمار المدينة ومواضع القداسة والحرمة داخلها والاجيال المتعاقبة من سكّانها انتاجه رمزيا بشكل مستمر. لذلك فليس بعيدا أن يخيّل لك وأنت طفل أنك تستمد من بطولات عقبة بن نافع وتنبهر بعظمة جامعه، وتمرح في رحاب مزار أبي زمعة البلوي، وتفتخر برسالة محمد بن أبي زيد، وبمدونة سحنون بن سعيد، وتندهش لدى سماع كرامات حسن بن خلدون، وأبي القاسم السيوري، وأبي الحسن الوحيشي، وعلي العيوني، وعمر عبادة العياري... بينما يغمرك سور المدينة المهيب وتعدّد مآذنها بطُرزها المعمارية المتدبِّرة بسكينة يعزّ استجلابه خارج هذا الفضاء البديع.
تُحيل الزمنية الثانية على حقيقة انكفاء المدينة وانغلاقها على نفسها وتهيّبها من تنمر فحوصها البعيدة واقصائها عن دائرة النماء بعد تصفية الاستعمار وتأسيس الدولة الوطنية. لذلك ليس غريبا أن يستبطن الطفل القابع فيك مأساتها عميقا، مستذكرا جحافل البدو الذين غزوها منذ واسط القرن الحادي عشر، فأحدثوا انقلابا كاملا على أشكال معاشها، الشيء الذي حدّ كثيرا من قدرتها على إعادة اختراع مناشط حياتها اليومية، وانتهى بساكنتها إلى الاعتقاد خطأ بضرورة إخلاص الحاضر للماضي بالكامل، في حين أن التعافي يقتضي حصول العكس ونقصد طبعا ضرورة مصادقة الماضي على الحاضر.
*القيروان الذاكرة والتاريخ والتأصيل هل للقيروان خصوصية فريدة عن المدن الأخرى؟
لست ممن ينافحون من أجل هكذا تصوّر، فقد اصطبغ تاريخ تونس المعاصر بسردية جامعة ساهم انتشار التعليم في تعميمها، وجعل التونسيين يدركون أن لهم تاريخ مشتركا لا يقتصر على حضور الإسلام، وأن ميراثهم الحضاري والثقافي يشدهم إلى مجالات انتماء متنوعة تختلط ضمنها الأبعد العربية الإسلامية بما سواها متوسطيّا وإفريقيا. وهذا لا يُلغي في تصوّري توفّر حُضّر القيروان انثروبولوجيا على خصوصيات تحيل على مجالات تعيين فريدة تتصل بالمتحف الانثروبولوجي الذي يحتضنهم، وباللهجة والأطعمة واللباس والقيافة، وكذا بكياسة مخصوصة ورهافة في العلاقة بالآداب ومختلف مناشط الفنون والابداع.
*نعلم أنك شغوفا بالإبداع والفنون بأنواعها وعلى اطلاع على المشهد الثقافي الوطني. لو ترسم لنا واقع الثقافة والمثقف الآن.؟
ينبغي الاعتراف بأن حقيقة المشهد الثقافي الكوني قد انقلبت ظهرا على عقب إثر سيطرة الشبكات الافتراضية للتواصل الاجتماعي وتراجع تقاليد القراءة بشكل لافت. كما أن تطوّر الذكاء الاصطناعي يؤذن من ناحيته بثورة جديدة ليس من اليسير التنبؤ بنتائجها على المدى المتوسط والبعيد. بيد أن اللافت أن تلك الثورة قد ضاعفت من منسوب المخاوف وأعادت صياغة الواقع الكوني وقراءة ماضي المجموعات البشرية وفق تصوّرات تتعارض مع سرديات المشاريع الثقافية الرسمية للدول الوطنية، وهي مشاريع غالبا ما يتنافذ ضمنها المعرفي مع السياسي، حتى وإن بدا واضحا للعيان أن تلك الثورة الاتصالية لم يصحبها توجّه نحو صياغة مشروع تضامني كوني على الحقيقة. كما أنها لا تتوفر من جانبها على مؤشرات ملموسة تعلي من إعادة صياغة سجلات القيم والمعايير باتجاه ضمان حدّ معقول من العادلة.
*هل تعتقد بأن الفوراق بين المثقف العضوي والمثقف المشتبك والمثقف المستقيل ومثقف السلطة، لا تزال فاعلة ضمن المشهد الكوني حاضرا؟ وكيف ينظر الاستاذ لطفي عيسى إلى واقع المثقف التونسي ومسؤولياته تجاه مجتمعه.؟
لا مراء في أن الالتزام قيمة اعتبارية لا يمكن تجاهلها أو القفز عليها، لكن علاقة التعبير عن الاحتجاج تبدو حاضرا أكثر التصاقا بصعوبة الاقتناع بضرورة العمل من أجل توسيع دائرة المواطنة في مدلولها الكوني الشامل. الشيء الذي يدعو إلى إعادة التفكير في مناويل البحث في الانسانيات والاجتماعيات والجماليات، وذلك قصد صياغة قراءة دقيقة لما يعتمل من عدم رضا بالواقع وتهيب من انتفاء الشروط الناظمة لدول ما بعد تصفية الاستعمار تونسيا أو عربيا. مع حضور إحساس مؤرق كونيا بأن الأجيال الحالية تعيش على حساب الأجيال القادمة، وهو ما تؤكده العديد من المؤشرات الموضوعية على غرار انهيار أنظمة التغطية الصحية، وجرايات انتهاء الخدمة، وتعاظم عدد المحسوبين على أنظمة التشغيل الهشّ، ومحدودية الثروات، وندرة المياه الصالحة للشرب، وانحسار الأراضي الصالحة للزراعة، والاحتباس الحراري، والمشاكل المترتبة على التلوث، وتعاظم المديونية العمومية، وتضخم مصاريف خدمتها سنة بعد أخرى، وأزمة دولة الرعاية وانهيار النظام الاقتصادي وانحسار التقدم. لذلك ينبغي الحذر من توظيف مختلف تلك المحاذير سياسيا بغرض الترويج لتصورات تبسيطية تتعيّش من تراجع بريق الديمقراطيات، معوّلة على خطاب ديماغوجي يدّعي الصدور عن الشعب، مع اعتبار جميع النخب مأجورة وفاسدة، والدفّع باتجاه اضطرام الأحاسيس وتحريك الوجدان الجمعي المعطوب، دون تشغيل لآليات التحليل الرصين، واللعب على مشاعر الخوف والغضب والنفخ في الأحقاد وتبرير الكراهية، وجميع ما بوسعه أن يُغري الحشود حال استفحال الأزمات وتزايد الاحساس بالضعف والمهانة.
*العلوم السياسة والاجتماعية والتاريخ والفلسفة رباعي ..هل هو في انسجام وما طبيعة الاضافة التي يقدمها لتحليل
الواقع التونسي .؟
لمختلف المعارف التي ذكرت ولغيرها أضا آصرة قوية وإمكانيات تداخل وعبور لم يعد من المعقول تجاهلها أو إنكارها، بيد أن لكل تخصّص معرفي صندوق أدواته التي تحيل على تطور أشكال التراكم المعرفي المتصلة به. فالتاريخ مثلا لا يمكن أن ينتج دلالة من خارج إطار القراءة السياقية ووضع خطابات الفاعلين موضع أزمة والعمل على مراجعتها أو تفكيكها نقديا. في حين أن المعارف المتصلة بالعلوم السياسية تتقصّى من جانبها إعادة قراءة المشهد السياسي وتعقب موازين القوى الدولية والإقليمية والقطرية أو الداخلية، في حين تنتج العلوم الاجتماعية جملة من المفاهيم والمصطلحات قصد التعرّف على ما يسوس الانتظام الاجتماعي على الحقيقة، ويحدّد كيفية تطوره، وتعمل الفلسفة على خلخلة الأفكار السائدة والبديهيات داخل المجتمع وتطوير مستوى الوعي وتحرير الإرادات والكشف عن اشكال هيمنة التصوّرات الأيديولوجية وجميع المعتقدات الرثة التي تعيد انتاج نفسها بسبق إصرار وترصد لا حدّ لهما. لذلك من البديهي القول بأن لحذق هذه المعارف واكتساب ملكاتها دور كبير في تحرير الطاقات وقلب الموازين والتمكين الاجتماعي وتصويب الأفكار وبناء المشاريع المستندة لأدق التصوّرات الفكرية والعلمية، قصد صياغة فارق الآفاق والطموحات.
*الجزء الثاني :
الخميس القادم Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-66658954140894342292021-03-31T11:14:00.001+02:002021-03-31T11:14:26.848+02:00لعنة المواعيد التاريخية المهدورة<p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhCtn1iOBntlUIovty-LMJeI2Oo3yxw9HiclEj3_VgWQjO5SrYQwerfosXlKxCOB3C7aHhI6fw_CW1x0qeAqGW5iwiqbH0P60Whx3VXZK6wcmIFF6FQWEQJ2AUABUzO3nbWyMwZOHfXNgio/s500/%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1%25D8%25A9+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25BA%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2581.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="500" data-original-width="325" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhCtn1iOBntlUIovty-LMJeI2Oo3yxw9HiclEj3_VgWQjO5SrYQwerfosXlKxCOB3C7aHhI6fw_CW1x0qeAqGW5iwiqbH0P60Whx3VXZK6wcmIFF6FQWEQJ2AUABUzO3nbWyMwZOHfXNgio/s320/%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1%25D8%25A9+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25BA%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2581.jpg" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p><p align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: center; unicode-bidi: embed;"><br /></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p> </o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>لا ينبغي لقارئ هذه الأسطر الموضوعة في
حق مؤلَف صلاح الدين البرهومي الموسوم بـ "الدولة الوطنية التونسية وتدبير
التنوع السياسي (الإسلام السياسي في تونس بين 1981 و1992)" تقدير العثور على
مراجعات منحازة لأحد طرفي المنازلة الحاصلة بين الطرفين الدستوري والإسلامي بين
مفصلتين هامتين تحيلان على عشرية 1981 و1992. فقد أخفقت الدولة الوطنية التونسية
خلال تلك العشرية في صياغة مشروع حداثتها السياسية المتدرّجة وضرب موعد حقيقي مع
التاريخ. وهو ما لا ينبغي التعجيل بالحكم عليه والتسليم بخيبة الأمل، قبل مباشرة
قراءة مختلف فصول هذا الكتاب وتدبّر مضامينه المنقلبة على سائد البحوث المنجزة من
قبله، بُغية مزيد فهم تطور الاحتجاج الإسلامي تونسيا، سواء ناصرت تلك البحوث تصوراته
أو ناصبته العداء وتعقّبت سلبياته وسقطاته. ف</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">الانزلاق
في الرجم بالغيب بادعاء تبنيّ هذا البحث سرديّة الإسلام السياسي في تقييم
علاقته ب</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ال</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">نظام
السياسي طول عهدة الرئيسين بورقيبة وابن علي، توجه فاقد لكل سند معرفي.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><b><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">في تجاوز
"المظلومية" والاعتبار بالتنوّع السياسي<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span></b><b><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"> </span></b><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>إن </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">السؤال
الحقيقي الذي يتعين طرحه هو ما الذي أضافه الرصيد الأرشيفي بخصوص سياقات محاكمات
الإسلاميين؟ وهل آن وقت الدراسة الموضوعية الباردة لعلاقة الدستوريين بالإسلاميين
بالمقارنة مع خصوصيات المرحلة الدقيقة التي تعيشها البلاد حاضرا؟ وما جديد المعطيات
التي تضمنها أرشيف تلك المحاكمات حتى نستطيع المسك موضوعيا ومن خلال تجاويف ما
تعرضه علينا تلك التقارير بتصوّر مُباين أو فارق، يجنّب تبني السرديّة الرسمية
القائمة على تكييف الإجراءات الأمر الذي يختزل الاحتجاج السياسي في بعده الجنائي،
في مقابل قراءة الإسلام السياسي التي ركزت على الاستثمار في المظلومية؟ فليس
من الدقيق بالمرة القول بأن الإسلام السياسي ردّ فعل على فشل الدولة الوطنية في
مسيرة التحديث. كما أننا لسنا على تمام اليقين من أن مشروع تلك الدولة قد انتهى
إلى طريق مسدودة، وذلك لأسباب ينبغي أن تُدرس بكثير من المصابرة والأناة. فقد تكون
ثمّة خصوصيّات وسمت مسارات التحديث في مجتمع عربي إسلامي رزح تحت وطأة قرون مديدة
من استبداد ثقيل وإرث استعماريّ مكبّل. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">كما أنه من غير الدقيق
أيضا اعتبار نشأة الإسلام السياسيّ ردّة فعل ضد السياسة التحديثية للدولة
الوطنية، لأن الظاهرة السياسية الإسلامية الموسومة
بـ"الإخوانية" أقدم بكثير من الدولة الوطنيّة، فضلا على أن
مسار زعيمها راشد الغنوشي يؤكّد تأثره بحاكميّة السيد قطب وبالفكر الإسلامي الهندي
في تجسيم الحاكميّة عند أبي الأعلى المودودي. على أنه لو قارنّا بين ما
حصل في تونس وما وقع في مصر من صدام بين جمال عبد الناصر وتنظيم الإخوان
قبل إعادة ترتيب العلاقة بين أنور السادات والإسلامين الأزهري والسياسي،
فإننا سنقر بأن التأثير السلبي للاحتجاج الديني مصريا كان أدهى وأمر بكثير مما
عاينته البلاد التونسية، وأن كبوة مصر بل وانسحاقها الثقافي والاستراتيجي يعود إلى
هذا الضغط المزدوج الدي سلّطه تبادل الشرعية بين الاسلامين التقليدي والسياسي،
وكذا تحالف العسكر والرأسماليّة الليبيراليّة المتوحشّة من جهة، والتوحّش الدينيّ
الذي تقاسمت من خلاله مؤسسة الأزهر و"الإخوان" والحركات الجهاديّة
المواقع، بحيث يبدو<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>أن ما شهدته مصر كان
أخطر بكثير مما جدّ بتونس بموجب التفاوض مع الإسلاميين أيضا وليس بموجب هيمنة
المؤسّسة العسكريّة فحسب. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">فما الذي كان بوسع
هؤلاء تقديمه لتونس حال إدماجهم في الحياة السياسية غير اعتراضهم على المشروع
الحداثي ولو في مظاهره البسيطة والأساسيّة؟ ثم أي فكر تنوري كانوا قادرين على
التبشير به؟ وأي رؤية إصلاحية أو ثورية كان بوسعهم موضوعيا تقديمها من موقع
المنافسة السياسية؟<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">فليس دقيقا الزعم بأن
النهضة قد انخرطت في معركة الحريات والحال أن العديد من الدلائل تثبت تهافت هذا الادعاء،
كما أن حقيقة توفر الإسلام السياسي على تنظيم سري مسلح قد تحولت إلى أمر مقطوع به
بعد الشهادات المؤكدة لذلك منذ اعترافات المنصف بن سالم المورّطة. الشيء الذي
يدعونا إلى التحفظ من مغبة الانخراط في التنويه بمشاركة الإسلام السياسي تونسيا في
معركة الحريات. مع التوجّه إلى مزيد الاشتغال على سرديّة النهضة والبت في
خطابها بكثير من التريث، لأن البناء عليها غير كاف لوحده في فهم موضوع إدارة
الاختلاف وإقرار التنوع تونسيا. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">ومع ذلك فإن تشعّب
السياقات ومنعرجات الصراع السياسي بين الدستوريين والإسلامين تدعو بإلحاح إلى الخروج
عن رفاه الثنائيات البسيطة للتفكير في تدبير ترياق هذا الزمان الحزين وأهله، والتعويل
في ذلك</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> على إشكالية
"تدبير التنوّع السياسي" بوصفها منوال منهجي أو أنموذج لتحليل السياقات
التاريخية الخصوصية التي حفت بمحاكمات الإسلاميين أثناء عشرية ثمانينات القرن الماضي
تونسيا، وهو أمر بليغ الدلالة يسمح بتخطي جميع البديهيات المظلّلة، التي كثيرا ما
ابتسرت حيثيات تلك المواجهة في ارتدادات الصراع المحموم بين المشروع الحداثي
الوطني المناهض لمشروع "الأخونة"، حال انقلابه على ايديولوجيا الإصلاح
والنماء لدولة الاستقلال. لذلك تم التعويل في تحليل مختلف مراحل ذلك الصراع ومزيد
فهم سياقاته السياسية على المنجز النظري لمدرسة فرانكفورت منهجا وفكرا ونقدا. وهي
مدرسة ذات توجه يساري تحليلا وانفتاحا ومرام، حتى وإن ثمنت الليبرالية السياسية
بما هي حقوق وديمقراطية تمثيلية وحرية، ملتقية في ذلك مع الليبرالية الأمريكية
ومنظّريها في الكشف عن توسيع دائرة الحيف وعدم المساواة ودور الدولة في مقاومة
الفوارق الاجتماعية. على أن زاوية النظر التي شغلت بال مؤلف هذه الدراسة قد تمثلت
في محاولة قراءة مختلف التحولات التي عاينها حركة النهضة تونسيا، وتدرّجها من
الجماعة إلى الاتجاه الإسلامي، وجملة التغيرات التي مرت بها سواء في خطابها أو
تنظيمها أو علاقتها بخصومها ومنافسيها. فهذا الجسم السياسي ومهما طوّحت أطروحاته
التي بدت للبعض نشازا يتعيّن مواجهته باعتباره خارج إطار مشروع الدولة الوطنية، قد
ضمن لمناصريه الحضور بقوة على ساحة الفعل السياسي بعد عقود من التعقّب والسجن
والحصار، الشيء الذي أثبت محدودية الخيارات الأمنية والسياسة الردعية والعقابية
وإجراءاتها المجانبة للقانون. كما ضمن له المنجز الدستوري حق النشاط، فضلا عن ضرورة
التأكد من حقيقة حضور تحوّلات طالت قناعات البعض من المحسوبين على نخبه. فقد شدّد
مؤلف هذه الدراسة -وهو على تمام صواب- على أن استعادة ماضي الحركة وتجربتها لا
يعنيان التصديق بشكل آلي على القراءات التي تتعامل مع هذا الجسم السياسي باعتباره
خطرا محدّقا بالبلاد، وذلك تأسيسا لإدارة التنوع والاختلاف، وفق قواعد قانونية
وثقافية تهدف في الأخير إلى تعبئة موارد البلاد البشرية فكرا نضاليا وممارسة
سياسية أيضا.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><b><span lang="AR-TN" style="color: red; font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">مراجعة في مضامين الكتاب: </span></b><span lang="AR-TN" style="color: red; font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>اقتضت الخطة المتبعة من قبل واضع هذه
الدراسة وبعد تقليب النظر في مدونة محاكمات الإسلاميين إلى تقسيم مختلف العروض
المستجلبة إلى قسمين: اتصل أولاهما بردود فعل الدولة الوطنية وايثارها للحلول
الأمنية بعد اختراق الإسلام السياسي العلني والسري للمؤسسات الرسمية وللنسيج
المجتمعي، في حين اهتم القسم الثاني بتعثّر مشروع الدولة الوطنية وصراع الشرعيات
السياسية. بحيث خاض أول الأقسام في طبيعة ردود الفعل الأمنية للدولة الوطنية إزاء
تأسيس حركة الاتجاه الإسلامي والتضييق على الإسلاميين بعد تأسيسهم السري لحركة
إسلامية لها مرجعية دينية وهيكلة محليّة وجهويّة ووطنية وآليات عمل حركية مكّنتها
من النشاط السري بالمؤسسات التربوية والطلابية والشبابية، وذلك في إطار المنافسة
بين الأحزاب السياسية - الحاكمة والمعارضة- من أجل السيطرة على تلك التشكيلات،
فضلا عن إقحام المؤسسات الحاملة للسلاح في عمليات التعبئة، على الرغم من أن تلك
المؤسسات لم تكن لتحتمل الزج بها في مثل تلك السياسية الرعناء غير محسوبة العواقب.
<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">أُفرد
القسم الثاني لدراسة تعثر مشروع الدولة الوطنية وصراع الشرعيات السياسية. وتناول
أزمات الدولة الوطنية ولجوئها إلى التهدئة إزاء منافسيها، وتعدّد مظاهر الأزمة
الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. كما خاض أيضا في تنازع الشرعيات بين حركة
الاتجاه الإسلامي والسلطة القائمة، وهو تنازع وصل إلى حد التشكيك في مؤسسات الدولة
وأهدافها وآليات عملها. وامتد ذلك التنازع ليشمل مجالات تفصيلية أو ترتيبية تحيل
على عدم التوافق بخصوص مواعيد الأعياد الدينية وبرامج التعليم الديني ومحتوى
العروض الثقافية وغيرها من المسائل التي طالها سجال حامي بين الطرفين. وعلى العموم
فقد تمكنت الحركة من فرض خطابها بخصوص التوسّع في التعريب بالجامعات، وفي البرامج
التعليمية الابتدائية والثانوية. وعملت على اعادة الاعتبار للهوية العربية
الإسلامية كقاسم مشترك بين جميع التونسيين، والتصدي لما اعتبرته "غزوا فكريا
وموجات إلحاد مثّلت إيديولوجية الدولة والمعارضة اليسارية"، تلك التي كان لها
تأثير بالغ - بحسب رأي راشد الغنوشي طبعا- في أوساط "نخبة الفكر والسياسة
ومؤسسات المجتمع المدني". ومع ذلك يبدو من الثابت تاريخيا أن الاسلاميين قد
استفادوا من خطاب النخبة اليسارية في الجامعة وخارجها، وساهم ذلك بـقسط وافر في
تطوّر الخطاب الإسلامي من حيث المضامين والتوجّهات وآليات التحليل المعتمدة للبنية
الاقتصادية والاجتماعية المحلية والعالمية، الامر الذي أدى الى تقارب بين
الاطروحات النظرية والفكرية لليساريين والاسلاميين بخصوص قضايا التحرّر والانعتاق
ونضال الطبقات الكادحة. فقد بدا من الواضح اطلاع الطلبة الإسلاميون بالجامعة على
الفكر اليساري وذلك بشكل أكثر وضوح قياسا لمعرفتهم الضحلة بـالتفكير الإسلامي.
لذلك ذهب زعيم الإسلاميين التونسيين التاريخي وفي تقييمه لنشاط الحركة إلى أن
الإعلان عن تأسيسها يعد بمثابة مواصلة لمشروع التحديث الذي انطلق منذ القرن التاسع
عشر وأجهض مع حلول النصف الثاني من ذات القرن، حتى وإن اعترف بـتواصل الصعوبات
النظرية المرتبطة ببطء التطور الفكري والتنظيري للحركة الاسلامية ككل. بحيث خلُصت
الحركة الى ضرورة مراجعة بعض الأفكار التي وردت لدى زعماء الاخوان ومنظريهم على
غرار سيد قطب مثل مفهوم "التميز والانفصال" أو ما عرف بـ "القاعدة
الصلبة في تفكيره"، ومسألة "التكفير"، ملاحظة "وجود فراغ روحي
وضعف فكري" لدى عناصرها برز بالخصوص خلال المحاكمات الأولى. مما يؤشر على
اهمية التفاعل في الساحة العمومية بشكليه السلمي والمتشدّد بين مكونات الطبقة
السياسية المختلفة، ودور ذلك في تطوّر الافكار والمواقف التي تبنتها الحركات
القريبة من الإسلام السياسي. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وعموما
لم تفض المحاكمات الى إضعاف مواقف الحركة وعزلها سياسيا واجتماعيا بقدر ما رسخت حقها
في النشاط السياسي وذلك تزامنا مع حصولها خلال تلك الفترة على مساندة الاحزاب
السياسية المعارضة والمنظمات المهنية والحقوقية التي وقفت ضد المحاكمات والملاحقات
الأمنية دافعة إلى مزيد من التضامن والوحدة بين مختلف مركبات المعارضة في مواجهة
السلطة الحاكمة. لذلك يستقيم الزعم بأن حركة الإسلام السياسي قد دفعت بشكل واعي إلى
الاستفادة من عملية إثمار رمزية لنتائج تجربة نضال الحركة الوطنية التونسية ضد الاستعمار
ودور السجون والمنافي والمحن في تطوير معارضتها للإدارة الاستعمارية. فخطاب قادة
حركة الاتجاه الإسلامي وعلى الرغم من تواصل وفائه لتصورات الفكرية المؤسسة للجماعة
الاسلامية ومن بينها "الغربة الفردية"، و"غربة الإسلام في
البلاد" قد عمد إلى تطعيمها بتصورات جديدة تدور حول حقوق من وسموهم بـ
"المستضعفين" ضد ما نعت بـ "الاحتواء البرجوازي الاستكباري"،
والتمسك بالأصالة ضد "فقاقيع النخب الثقافية المتغربة الطافية على
السطح". كما لاحت مظاهر تأثر الفكر الإسلامي تونسيا بالتصوّرات التي قادت الثورة
الايرانية وبخطاب الاحزاب اليسارية المنحازة الى الفئات الشعبية والطبقات
المسحوقة. فتعدّدت المصطلحات الجديدة التي استعملت في أدبيات الحركة على غرار
"المستكبرين والبرجوازية المحتوية للنخب"، و"الفئات
الاجتماعية"، دون تحديد موقفها الايديولوجي والسياسي بخصوص تلك الفئات وعلاقة
ذلك بتحديث المجتمع. لذلك يعتقد المؤلف بأن ما أورده راشد الغنوشي يستوجب إعادة
النظر في محتواه لا من حيث مصادره الشرعية فحسب، بل ومن حيث مدلوله الاجتماعي،
وتأثيره في علاقة المعارضة السياسية بالسلطة الحاكمة وطبيعة التوازنات بينهما،
وأهمية إدارة الاختلاف والتنوع وتضمين ذلك في دستور البلاد عن طريق سنّ قوانين
واضحة وجليّة، وأساليب دقيقة وثابتة.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">يخلص
مؤلف الدارسة وبعد استعراض العديد من المعطيات التفصيلية التي تحيل على سياقات
العشرية التي استهدفها بالدراسة أن الاحتجاج السياسي قد جاء نتيجة للأزمة الشاملة
التي عرفتها البلاد خلال ثمانينات القرن الماضي وفشل السياسة التنموية التي
اتبعتها السلطة الحاكمة وتوجهاتها الوطنية، مما ضرب في العمق تصوّراتها التحديثية المعلنة
واضطرّها إلى الجنوح مرارا الى التهدئة إزاء خصومها ومعارضيها من السياسيين ومن
بينهم الإسلاميين. غير أن تلك المبادرات السياسية لم يتم تضمينها في دستور البلاد
وبقيت مجرد قرارات واجراءات رئاسية شخصية مرتبطة بظروف استثنائية. لذلك هدّد
الصراع بين الاسلاميين والسلطة الحاكمة أمن البلاد ووصل الاختلاف الى حد التشكيك
في مؤسسات الدولة وقرارتها وإجراءاتها، كما في المشروع السياسي والثقافي للدولة. وفي
المقابل شكّكت السلطة القائمة من جانبها في وطنية المنتمين الى الإسلام السياسي
معتبرة إياهم إرهابيين مجيرّين لأنظمة سياسية خارجية ومصدر تهديد حقيقي للسيادة
الوطنية، مضيفة إلى ذلك تهم خطيرة وتصرفات تدينها الشرائع والقوانين الدولية وفي
مقدمتها جرائم العنصرية والتطرّف. واثبتت تلك التوجّهات المتصلّبة تباين وجهات
النظر بين النظام ومعارضيه، بل وطبيعتها الحدّية، وهو ما أوشك على تهديد الامن
العام وضرب سيادة الدولة.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><b><span lang="AR-TN" style="color: red; font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">في إعادة انتاج المنظومة السياسية القديمة أو لعنة الفرص الضائعة: <o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>اختزالا للقول يمكن التذكير وفق ما
انتهى إليه بحث صلاح الدين البرهومي حول عشرية ثمانينات القرن الماضي بتواصل
اعتبار الانتماء للحزب الحاكم والانخراط في شُعبه الدستورية مقياسا للفرز السياسي
من منظور السلطة الحاكمة خلال عهدتي الرئيسين بورقيبة وابن علي. كما شكّل ذلك
الانتماء أيضا مقياسا للفرز الاجتماعي والثقافي بحق الإسلاميين لاحقا، وترجمته
جملة من المعايير والتدابير من بينها أداء الصلاة الجماعة في المساجد، والتضامن مع
الحركة، والتضحية في سبيلها. بحيث طغى معطى الانتماء على مجمل المعايير والمقاييس
الأخرى، وحكم سياسة كل طرف تجاه المنظمات الوطنية والمهنية والأطر الشبابية
والتربوية، حتى بدا الأمر أشبه بسباق محموم بين الطرفين من أجل السيطرة عليها
وتطويعها لخدمة سياسة كل طرف، وهو ما عرّض كيان الدولة إلى حالة من التطاحن، بل والتسابق
في استغلال المنظمات الوطنية والمؤسسات التربوية والطلابية والمساجد لخدمة أهداف
هدامة غير معلنة. الشيء الذي حال دون فسح المجال لهذه الأطر لخدمة المجتمع دون
تمييز، والحافظ على دورها في تماسك مشروع الدولة الوطنية. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ولم
تعمل المعارضة السياسية التونسية من جانبها على النضال من أجل صون استقلاليه
المنظمات والأطر الاجتماعية المطالبة بتحرير الإعلام ورفع الوصاية على القضاء، بل
انزلقت وعلى عكس ما كان<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>منتظرا، في سياسة
اختراق المؤسسات التربوية والطلابية والثقافية للسيطرة على زخمها التعبوي وتطويعها
لخدمة توجهاتها السياسية، معتبرة ذلك انتصارا على المنظومة القديمة، والحال أنه
دلالة بليغة على لعنة إهدار فرص تحديث المؤسسات المموّلة من خزينة الدولة وتكوين
نُخب جديدة تعكف على إنتاج المعارف والتقنيات وتطوير الحياة المدنيّة والسياسية. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">إن
الفشل في تدبير الاختلاف وإدارته بين الأطراف المتنازعة على السلطة، هو الذي أدى
في النهاية إلى قرارات تعارضت بالكامل مع المصلحة العامة من بينها: تصفية
المعارضين بالقوة المادية عبر توظيف آلية التجنيد العقابي، وتدجين القضاء،
والسيطرة على الإعلام، ومراقبة المنظمات الوطنية والمهنية بشكل لصيق. مما نتج عنه
حرمان المجتمع من خدمات النُخب وتحرير الطاقات وخسارة أجيال من القوى الحيّة
المتحفزة لاحتلال مواقع متقدّمة في خدمة الصالح العام. وهو ما تعارض مع فكرة سيطرة
الدولة الوطنية الحديثة على مجالها، وتعبئة موارده البشرية والاقتصادية والطبيعية
والثقافية من أجل الزيادة في الإنتاج وخلق الثروة وتوسيع دائرة النماء. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ولعل
ما يسترعي الانتباه ضمن صراع النظام القائم مع الإسلاميين هو عدم إثارة القضايا
الاقتصادية والتنموية ضمن الخطاب الرسمي للسلطة ولمعارضيها، بحيث لاح التحديث الذي
تم التسويق له في تونس أقرب إلى تحديث هلامي غير معلن عن مقاصده، لكأنه وَجِلٌ من
ردة فعل المجتمع، مع التهيب من التصريح علنا بحقيقة تأثره وتنسيقه أيضا مع الدول
الغربية سياسيا واقتصاديا وثقافيا. وهو ذات الموقف الذي وجدت فيه المعارضة
الإسلامية نفسها بعد أن أبدت حرجا مبالغ فيه بدورها في الإعلان عن تكيّفها مع
مقاصد الحداثة كما أنتجها الفكر الإنساني غربا، بحيث بقيت عاجزة عن التفاعل بشكل
فارق مع الإرث الحضاري الإسلامي، وذلك نظرا لتباين مستويات المعرفة بين المنتمين لها،
بل وخواء وطابهم مقارنة بقدراتهم على صعيد ممارسة الفعل النضالي الميداني والدعاية
له. </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وهكذا
وقف الإسلاميون والنظام القائم في تونس في ذات المواقع، واتسمت ردود أفعالهم
بالاضطراب والتشكيك والمراوحة، مع الاكتفاء بما تخيّره المصلح خير الدين التونسي
وقَبِلَ به المجتمع من مظاهر التحديث الغربي. ومع ذلك فإن ذات الموقفين يعكسان، كل
بطريقته الخاصة طبعا، محاولة لوضع حد لظاهرة إعادة إنتاج ذات المظاهر السلبية والتحرّر
من جميع التصورات البالية التي ران عليها الزمان، وتلك ميزة إيجابية ثبت بالتحليل
والتقصّي تشوّف مختلف فئات المجتمع التونسي ونخبه الحيّة لبلوغها وصون مكتسباتها
والإبقاء عليها. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ما
الذي حاول صلاح الدين البرهومي أن يشدّد عليه من خلال ربط عروض بحثه بملف محاكمات
الإسلاميين تونسيا وعلاقة ذلك بفشل السلطة القائمة والإسلاميين أيضا في ضرب موعد
حقيقي مع التاريخ؟ لا شيء في اعتقادنا سوى الإيمان بقدرة هذا البلد الصغير حجما
وسكّانا على القطع مع الجمود السياسي والتحوّل بالتدرج إلى تجربة من أبرز تجارب
التصالح بين مقاصد الإسلام والديمقراطية على قاعدة الفصل التام بين الدين والسياسة
قولا وفعلا. فتدبير شؤون المدينة لا يحيل إلا على تطبيق القوانين السائدة، وليس له
أي علاقة بقضايا الاعتقاد حلالا أو حراما. فما من خلاص من ورطة تجسيم شروط
"الانتقال الديمقراطي" تونسيا دون إثمار للمسار الذاتي للحداثة، وهو
مسار انطلق منذ إصلاحات القرن التاسع عشر، مع صياغة مضمون عقلاني لمعادلة الاقرار
بحقيقة تنوّع المجال العمومي وحسن تدبير مركّباته المتباينة فكريّا وسياسيّا./.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"><b>صدر هذا العرض النقدي بالصحيفة اليومية التونسية "المغرب"، بتاريخ الثلاثاء 30 مارس 2021 (ص ص، 8 و9). </b></span></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-size: 24px; line-height: 107%;"><span style="font-family: Traditional Arabic, serif;">https://ar.lemaghreb.tn/%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D8%A9/item/48963-%D8%AA%D8%AF%D8%A8%D9%8A%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%86%D9%88%D8%B9-%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%A7%D8%B3%D9%8A-%D9%88%D9%84%D8%B9%D9%86%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%88%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%AF-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%87%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A9?fbclid=IwAR3LG_HgFpYHH8xFanMQouoVyMtBhgEOYh0T6moTA7G7Y-Osr3HoP2qjrIE</span></span></p>Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-34705548497169424582021-03-01T18:32:00.000+01:002021-03-01T18:32:33.767+01:00بين المعرفي والسياسي: مساءلة الإنتماء من منظور المباحث التاريخية<blockquote style="border: none; margin: 0px 40px 0px 0px; padding: 0px;"><p dir="rtl" style="text-align: center;"> </p></blockquote><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjlpdTEA72z9qoMD_6znTh61Gw7nq9pvmZkM6xMbEBrTjIXY7a9bYL_K39sLYOcMrznpe1Sn2wmzN2KRWApLy5w3r9eoS5EXPE7hTZgMztLzYNJ_AqGuosJqWtvN_0E2DE_9KNGW2VtNldY/s1080/%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1%25D8%25A9+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25BA%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2581+%25D9%2585%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25A1%25D9%2584%25D8%25A9+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2586%25D8%25AA%25D9%2585%25D8%25A7%25D8%25A1.png" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="1080" data-original-width="1080" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjlpdTEA72z9qoMD_6znTh61Gw7nq9pvmZkM6xMbEBrTjIXY7a9bYL_K39sLYOcMrznpe1Sn2wmzN2KRWApLy5w3r9eoS5EXPE7hTZgMztLzYNJ_AqGuosJqWtvN_0E2DE_9KNGW2VtNldY/s320/%25D8%25B5%25D9%2588%25D8%25B1%25D8%25A9+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25BA%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2581+%25D9%2585%25D8%25B3%25D8%25A7%25D8%25A1%25D9%2584%25D8%25A9+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25A7%25D9%2586%25D8%25AA%25D9%2585%25D8%25A7%25D8%25A1.png" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;"> </p><p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><b><i><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;">
</span></span></i></b><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">لا يجافي هذا التأليف الجماعي الذي أنجزته
أيادي متعددة التصوّرات التي فرضتها سياقات ما بعد</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> سنة</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"> 2011 تونسيا، وهي
سياقات أعلت</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">من القيمة الاعتبارية</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">
</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">-وبشكل غير منتظر- للمعرفة التاريخية التخصصية وللنضال
من أجل الحريات الأكاديمية في آن. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">كما أن الأبحاث المتخصّصة
التي أفردت للبتّ في مدلول السرد باعتباره قرين للثقافة وفق ما بينته حفريات "رولان
بارت" اللغوية، قد حسمت في حقيقة "وجود[ه] ببساطة شأنه شأن الحياة ذاتها، وأنه
عابر للتاريخ والثقافات. لذلك يستقيم أن نعد حضور السرد إجابة عن التساؤل حول كيفية
ترجمة المعرفة إلى حكاية، وصوغ التجربة الإنسانية في شكل يمكن تمثّله في بُنى المعنى"<a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Collection%20Trace%20et%20Paradigme/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%8C%20%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn1" name="_ftnref1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[1]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>، حتى
وإن تجسّم ذلك في أنماط متعددة استخدمتها مختلف الثقافات لإضفاء معنًى على تجاربها
المنقضية. لذلك يمثّل اللجوء إلى السرد شاغلا قارا وشفرة عابرة للخطابات </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Metacode</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>، تسمح بنقل رسائل قادرة على اختراق جميع الثقافات.
<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">ولئن عمد كبار العارفين
بمهنة التاريخ، على غرار "توكفيل" و"بوركهارت" و"هويزنجا"
و"بروديل"، إلى تحاشي الوقوع في السرد باعتباره نقيض للتاريخ، فإنَّ مرد
ذلك متصل بالتمييز "بين خطابٍ تاريخيٍ يَسْرُد، وخطاب يفرض الطابع السردي،
بين خطاب يطلّ على العالم ويبلّغ عنه، وخطاب يتكلّف كي يجعل العالم يتكلّم عن نفسه
على غرار ما يحدثه الحكّي أو القصّ</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>.<a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Collection%20Trace%20et%20Paradigme/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%8C%20%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn2" name="_ftnref2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></a></span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">ومهما يكن من أمر هذا
الجدل الثري الذي أحالت عليها التعريفات الخاصة بمعنى السرد أو الرواية، فقد اقتضت
مساءلة موضوع الانتماء من منظور المعارف التاريخية التونسية، رده إلى جملة من الاشكاليات
والأبعاد المعرفيّة، التي </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">خضع
جميعها إلى مراجعة الصياغة والتشذيب لغة ودلالة، حتى يستجيب مضمونها لمقتضيات
الإشكالية الجامعة لهذا التأليف، تلك التي اقترحها من تولى الاشراف على جمع مختلف
تلك المساهمات، وقدّم لها وركّب مختلف استنتاجاتها الختامية، عاملا على ضبط
مضامينها المدرجة ضمن فهرسة محتويات هذا التأليف<b>.</b> وقد </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">احتفظنا
من بينها، لاعتبارات منهجيّة بحتة اتصلت بطبيعة المساهمات، والشواغل المخصوصة لمن
ركّبوها أو أسسوا لمنطقها الداخلي أيضا، بخمس محطات متواشجة خاضت تباعا في: <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>"رهانات الانتماء في المباحث التاريخية
الاستعمارية"، وتضمن ذلك عرضان متكاملان حررتهما باحثتان، واحدة يحيل تخصّصها
الضيق على تاريخ مقاطعة أفريقيا القديم وتحليل النقائش الرومانية، في حين اتصل تخصّص
الباحثة الثانية في التاريخ الحديث لتونس في ضوء تمثيلها الخرائطي خلال القرنين
الماضيين. فقد قاربت "ثريا بالكاهية" نقديا رحلة استكشافية فرنسية
استهدفت البلاد التونسية ونشرت في أواخر القرن التاسع عشر، وذلك ضمن مساهمة حملت
عنوان: "</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> بين الرهانات
السياسية والاستلاء على هوية تونسية ما قبل إسلامية: مروية سبيبة في كتاب
"رحلة إلى تونس" لــ "روني كانيا" و"هنري صلادان"".
بحيث استجلت التحاليل المقترحة ثلاثة محاور هي: طبيعة المهمّة الاستكشافية لـ
"كانيا" و"صلادان"، فواقعة سبيبة من منظور القراءة الإيديولوجية
الاستعمارية، قبل التفرّغ لتوضيح كيفية انخراط تلك المروية تحديدا في محاولات
الاستحواذ على ما نعتته صاحبة هذا الاسهام الافتتاحي بـ "الهوية ما قبل
الإسلامية للبلاد التونسية". <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وبالتوازي
مع ذلك تولّت "هدى بعير" وبطريقة لا تخلو من توارد للخواطر والأفكار، وضمن
مساهمة حملت عنوان: "التجديد الكرتوغرافيّ في القرن التاسع عشر: أيّ مكان
لتونس؟ البتّ في ثلاثة محاور متضامنة هي: إدارة مشاريع رسم الخرائط ونصيب تونس من
ذلك، فأشكال التواصل بين المستكشفين والمناطق المشمولة بالمسح التوبوغرافي ورسم
الخرائط، قبل أن تتفرّغ للحديث عن صناعة الخرائط واستخداماتها السياسية. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تعرض
</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">الفصل الثاني من هذا التأليف الجماعي إلى ما نعتناه
بـ "خطاب الانتماء في الأدبيات التاريخية للوطنيين التونسيين"، واتصل
ذلك تحديدا بمساهمة أمّنتها "لمياء عبيدي" باعتبارها باحثة متخصّصة في علاقة
العائلات العالـِمة بالتحوّلات العميقة التي طالت الحياة الفكرية والثقافية تونسيا.
لذلك اقترحت علينا ومن وجهة نظر اختصاصها الدقيق الحفر في تقاطيع شخصية "عبد
العزيز الثعالبي المؤرخ"، </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وعلاقة
ذلك بما سمـّته بـ "السرديات الممكنة للانتماء والأصول. بحيث تضمنت عروضها
لحظتين: خُصصت الأولى لعلاقة "الراوي ببناء المروية أو السردية التاريخية"،
في حين فكّك المحور المكمّل علاقة تلك السردية بما أسمته نفس الباحثة بـ
"النكهة" أو المهجة التي حدّدت ما سمته بـ "وصاية المشرق" على
المغرب، وذلك من خلال تتبع طريقة تركيب عبد العزيز الثعالبي للقراءة التاريخية التي
اقترحها علينا ضمن عدد من مؤلفته بوصفه مثقّفا مسلما ومناضلا وطنيا في ذات الوقت. </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">استأثر البعد الثالث
بفصل مُفرد حمل عنوان "مساءلة الانتماء من منظور الدراسات التاريخية
الموريسكية"، أمّن تحريره حسام الدين شاشية، وهو باحث متخصّص في الدراسات الموريسكية
خلال الفترة الحديثة، اشتغل بطريقة طريفة ومجدّدة على أشكال المثاقفة بين ضفتي البحر
الأبيض المتوسط وتاريخ تهجير الموريسكين وتوطينهم بالبلاد التونسية، لذلك حمل
مقترحه التاريخي عنوان: "</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">
الموريسكيون في تونس: إعادة قراءة لروايات الانتماء"، و</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">راوح
التخطيط بين مساءلة النصوص الإخبارية المحلّية والنصوص التي وضعتها النخب
الأندلسية الوافدة بخصوص الحرج الذي عاينته سيرورة إدماج الموريسكيين والتصديق على
اتصالهم الوثيق بما يجمع مختلف الشرائح الاجتماعية المحسوبة على "التونسة"
والتونسيين.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">اتصلت
عروض الفصل الرابع، وهو فصل حمل عنوان "</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">قلق
الهوية في مؤلفات الرحالة التونسيين"، بمراجعة أثّثها "عادل النفاتي"،
وهو باحث متخصّص في علاقة أدب الرحلة العربي بتحوّلات المشاهد الجغرافية الثقافية
أوروبيا، سلطت الضوء على رحلتي "محمد السنوسي" و"سليمان الحرايري"،
وأسند لها الباحث عنوان: "</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">سؤال
الانتماء ومدلول الهوية التونسية زمن الاصطدام بالغيرية الأوروبية"، عامدا
إلى التمييز بين ما نعته بـ"الهويّة الناجزة في عروض محمد السنوسي"، وبين
علاقة "فتاوى سليمان الحرايري بحاجة المسلمين إلى الانفتاح على الغير". <span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">ولئن لم يـَخْلُصْ
المبحث الخامس والأخير بالكامل للبتّ في التاريخ التونسي مُؤْثِرًا التعرّض لما
وسمناه بـ "صناعة التواريخ في ضوء التنافذ بين القراءتين المعرفية والسياسية"،
وذلك من بوابة التاريخ المقارن بين العروض التركيبية في التواريخ الجامعة التونسية
ورصيفتها المغربية، فإن مقصدنا من تأثيثه بتلك الطريقة هو مواصلة البتّ في علاقة
الكتابة التاريخية الأكاديمية تونسيا ومغربيا بما قد تستقيم تسميته بالحكايات
التاريخية المؤسسة لهذين الشعبين الخارجين ومع حلول خمسينات القرن الماضي عن
الهيمنة الأجنبية، والتساؤل بخصوص المناهج المعتمدة من قبل المختصين في كتابة
التاريخ بكلا البلدين في صياغة العروض التأليفية التي غطت مختلف الأزمنة
الاعتبارية، من عصور ما قبل التاريخ إلى تاريخ الزمن الراهن، وذلك من منظور المنافسة
القائمة بين صيت المعرفة العالمة وسلطة الزعامة السياسية، حول طبيعة الدور الموكول
لكلهما في التصديق على "السردية الوطنية" أو / و الرسمية وبناء
استعاراتها، وأشكال تبادلهما للشرعية من خلال التقريب بين متنافر التصوّرات. فقد
تمثل الهدف من إتمام ذلك في الكشف عن حقيقة التنافذ بين ما هو سياسي وما هو معرفي في
عملية التركيب، وهو أمر سبق وأن أثرناه وفق تصوّرات مغايرة ضمن مؤلفات جماعية وأخرى
شخصية نشرناها بالتتابع منذ سنة 2014<a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Collection%20Trace%20et%20Paradigme/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%8C%20%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn3" name="_ftnref3" style="mso-footnote-id: ftn3;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[3]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">لذلك حملت المساهمة الأخير
ضمن هذا المؤلف الجماعي، </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">الذي
مكّننا من خوض تجربة تقاسم التصوّرات والأدوار مع زملائنا الحاليين وطلبتنا وطلبة
غيرنا القدامى، بخصوص وجهات نظرهم لمسألة لانتماء في ضوء انتسابهم الأكاديمي للمعرفة
التاريخية، </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">عنوان: "إشكالية التركيب في تواريخ
المغارب الجامعة". وتضمن ذلك ثلاث محطات كبرى راجعت تباعا تاريخ المغارب
القديم بين المحلي والوافد، وسلّطت الضوء على تواريخ المغارب الإسلامية التي وجدت
صعوبة جمة في الانسلاخ عن هيمنة المشرق، قبل توضيح كيفية تركيب تواريخ المغارب
الجامعة لمشاريع الإصلاح وأشكال انغماس مختلف السرديات المقترحة في مأزق تبرير عدم
توصّل الفاعلين السياسيين إلى استكمال بناء أسس الدولة الحديثة. <o:p></o:p></span></p>
<p align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: center; unicode-bidi: embed;"><br /></p>
<div style="mso-element: footnote-list;"><!--[if !supportFootnotes]--><br clear="all" />
<hr align="left" size="1" width="33%" />
<!--[endif]-->
<div id="ftn1" style="mso-element: footnote;">
<p class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Collection%20Trace%20et%20Paradigme/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%8C%20%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref1" name="_ftn1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[1]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: Calibri;"><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Roland Barthes, "Introduction to the Structural Analysis of
Narratives," in: <i>Image, Music, Text</i>, Stephen Heath (trans.) (New
York: Hill<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">and Wang, 1977), p. 79.</span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span> </span><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></p>
</div>
<div id="ftn2" style="mso-element: footnote;">
<p class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: right; unicode-bidi: embed;"><a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Collection%20Trace%20et%20Paradigme/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%8C%20%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref2" name="_ftn2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: Calibri;"><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 14.0pt; mso-bidi-language: AR-TN;">للتوسع أكثر في هذا الموضوع يمكن الإفادة من مقال وايت
(هايدن)، "قيمة السردية في تمثيل الواقع"، ترجمة ثائر ديب، مجلة <b>أُسطور
للدراسات التاريخية</b>، عدد 11، كانون الثاني/ يناير 2020. ص ص، 177 – 196.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
</div>
<div id="ftn3" style="mso-element: footnote;">
<p class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Collection%20Trace%20et%20Paradigme/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%8C%20%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%A1%D9%84%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%85%D9%86%20%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%88%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%AD%D8%AB%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref3" name="_ftn3" style="mso-footnote-id: ftn3;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[3]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: Calibri;"><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Aïssa (Lotfi), (Sous la direction de), <i>Être tunisien, opinions
croisées</i>, éd., Nirvana, Tunis 2014. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 14.0pt; mso-bidi-language: AR-TN;">عيسى (لطفي)، <b>بين
الذاكرة والتاريخ، في التأصيل وتحولات الهوية</b>، إفريقيا الشرق للنشر، الدار
البيضاء 2015. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 14.0pt; mso-bidi-language: AR-TN;">عيسى (لطفي)، <b>أخبار
التونسيين، مراجعات في سرديات الانتماء والأصول</b>، مسكيلياني للنشر، تونس
2019.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
</div>
</div>Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-4911569388032431292021-02-09T12:03:00.000+01:002021-02-09T12:03:19.706+01:00"سنوات الرمل" لعدنان المنصر بين منجز المؤرخ وتأملات الفاعل السياسي <blockquote style="border: none; margin: 0px 40px 0px 0px; padding: 0px;"><p dir="rtl" style="text-align: justify;"> </p></blockquote><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEirqZdJvhFWVPyUSSjyHLlV_K-5gGEYfdBUvjzQRMZ5JW3eY3-OSSV-8bpzAIpkNZ-ZfeVZ_z752EFwm3IZftaT_Qj0hyaDzlNnfKbJrNUwQg5ueM9QgUKIbx4shxqgxX23PxGY04x6ddQl/s900/%25D8%25B3%25D9%2586%25D9%2588%25D8%25A7%25D8%25AA+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B1%25D9%2585%25D9%2584.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="505" data-original-width="900" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEirqZdJvhFWVPyUSSjyHLlV_K-5gGEYfdBUvjzQRMZ5JW3eY3-OSSV-8bpzAIpkNZ-ZfeVZ_z752EFwm3IZftaT_Qj0hyaDzlNnfKbJrNUwQg5ueM9QgUKIbx4shxqgxX23PxGY04x6ddQl/s320/%25D8%25B3%25D9%2586%25D9%2588%25D8%25A7%25D8%25AA+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B1%25D9%2585%25D9%2584.jpg" width="320" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: center; unicode-bidi: embed;"><span dir="RTL"></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p> </o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>لم يحصل أن التقت بعدنان المنصر بعد
اغتيال شكري بلعيد الذي نُحي الذكرى الثامنة لاغتياله الغادر في السادس من شهر فيفري
سنة 2013. لكنه أصرّ وفي بداية السنة الجديدة على الاتصال بي للإعراب عن ابتهاجه
بقيمة المنجز الذي حمله كتاب "أخبار التونسيين..." الصادر في غضون سنة
2019 بعد أن قُيّد له الاطلاع على محتواه. على أن يجمعني به منذ أيام لقاء ودّي
أهداني خلاله مشكورا نسخة من قطافه الجديد، وهو أثر صاغ ضمنه جملة من الخواطر أو
التأملات السياسية المفيدة بخصوص محصلة مباشرته لإدارة الديوان الرئاسي في الفترة
المتراوحة بين 2011 و2014. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">اختار
عدنان المنصر لتأملاته عنوانا لا يخلو من إيماء أو من تضمين لمنسوب الحيرة التي
انتابته ولا تزال بخصوص طبيعة القراءة التي ينبغي على مؤرخ الزمن الراهن وكذا الناشط
المساهم في صناعة القرار السياسي أن يقترحها بخصوص ما حملته تلك المرحلة الحساسة
من وقائع مفصلية. فـ "سنوات الرمل..." طباق لفظي يحيل على "سنوات
الجمر" وهو عنوان شريط سينمائي أنجزه الأخضر حامينة وحاز على السعفة الذهبية
لمهرجان كان الذائع الصيت. كما يحيل أمر تلك الاستعارة على ألة قيس الزمن الرملية </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">Sablier</span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">
</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span lang="AR-TN">أو رصيفتها المائية </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">clepsydre </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span lang="AR-TN">تعبيرا على فكرة محورية تحيل
على ما نعته المؤلف، بعد تحليل وتفكيك للوقائع وفي غواية دالة، بـحالة "التسرّب"
قاصدا بذلك انفراط عقد الثورة الذي اغتالته حسّا ومعنى -وبدم بارد- أشكال معقّدة هدفها
إعادة انتاج منظومة الاستبداد والتظليل على ذلك بالتعويل على بريق الانتقال
الديمقراطي، ذاك الذي استحكمت المعادلات المحافظة على مضامينه ولوّنت مختلف تمظهراته.
<o:p></o:p></span></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">من
دواعي الانصاف أن نعترف لصاحب هذا الكتاب في البدء بقيمة منجزه باعتباره شهادة مهمّة
ترسم بصدق مدركاته أو تمثله الشخصي لما عاشه باعتباره فاعل سياسي وصانع قرار احتل
مع غيره الصف الأمامي في متابعة ما عاينته تلك الفترة من أحداث سياسية مهمّة
ومفصلية في تاريخ تونس، سواء قبل موعد حصول أول انتخابات ديمقراطية تونسيا، أو بعد
ذلك (الانتساب إلى حزب المؤتمر من أجل الديمقراطية، وأمانة حزب حراك المواطنين
العامة، وعضوية الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة، والاستشارة لدى الرئاسة
المنبثقة عن المجلس التأسيسي والنُطق باسمها، والاشراف على الديوان الرئاسي،
وإدارة حملة المرشح للانتخابات الرئاسية المنصف المروزقي في دورتيها الأولى
والحاسمة).<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">كثافة
التجربة السياسية وحصولها في سياق محدود زمنيا اتسم بالتسارع الجنوني لنسق
الاحداث، هو ما أضفى على هذه الشهادة أهمية مضاعفة، باعتبارها محاولة لتملي تلك
المرحلة العصيبة من موقعي المؤرخ المختصّ في تاريخ تونس المعاصر والفاعل الذي خاض
تجربة النضال السياسي وشارك في صناعة القرار.<span style="mso-spacerun: yes;">
</span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">جاء
في الكتاب: <o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تضمنت
عروض الكتاب الذي ورد في أكثر من مائتي صفحة، وبالإضافة إلى التقديم والفصل الختامي
الذي حمل عنوان "أسئلة الأمس أسئلة اليوم"، أربعة فصول تعرّضت تباعا لما
وسمه المؤلف بـ: "السرديات المتصارعة"، و"ورقصة النخب"،
و"الدولة المغلقة"، و"مآزق...أنفاق بلا نوافذ".<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فقد
بتّ التقديم في محدودية الفعل الثوري تونسيا بوصفه مجافيا للدولة، معتبرا أن هذه
الأخيرة لم تبرح الأفق الذي أحدثت من أجله، وأن "مسارها الهجين" قد
تراوح حاضرا "بين المحافظة على التوازنات الاقتصادية والاجتماعية القديمة
والتعايش مع مقتضيات الحرية، قصد تسويق نفس السياسات". وهو ما يفسر في تقديره
دائما عملية الدوران في الفراغ طوال العشرية المنقضية، مع الامعان في السطو على ما
مثّلته الثورة من طموح لتحقيق العدل والكرامة والحرية. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">أما
بخصوص الأفق المنهجي لهذا العرض فقد سارع المؤلف بالتنويه إلى أن موضوعه قد "نشأ
في ضميره كرغبة في الفهم" واقتراح منهج لذلك، تحدوه "مسافة مزدوجة"
تحيل على الوقائع وتأمل التجربة الشخصية، قصد رؤية الأشياء بأكبر قدر من الوضوح، ضمانا
لاتساق مقترحه التركيبي. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">يقّر
عدنان المنصر منذ البداية بأن الجميع قد أخطأ الطريق منهمكا في ما أسماه بعملية
"بناء في الرمل"، لذلك بدت الثورة غربية عن التونسيين والديمقراطية أيضا،
مضيفا أن معالجته ليست توثيقية أو أدبية ذاتية، بل خليط من "التفكّر في
التجربة وفي المرحلة"، في ضوء ما بوسع مرآة الاشتغال بالعلوم الإنسانية أن
تعكسه.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">"من
لا يعرف الحكاية لا يملك أرض الحكاية" <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ليس
بنا أي حاجة للدخول في مساجلة مع المؤلِف بخصوص مختلف ما تصدى لصياغته من مضامين،
غير أننا لن نكتف مع ذلك بإنجاز تغطية شاملة لها من شأنها أن تدفع إلى الاقبال على
اقتنائه، وهو ما لا نترفّع عن اتمامه. غير أن ما نبتغي التركيز عليه بشكل تفضيلي
هو مناقشة بعض التصوّرات الطريفة واللافتة التي لا يمكن ألاّ تحرك فضول المؤرخ
فينا. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فقد
عقد المؤلِف فصلا كاملا لما نعته بـ "السرديات المتصارعة" (37 صفحة)،
وهو ما شكّل من منظورنا الشخصي نوع من المصادرة الفاقدة لما يسندها ضمن أشكال
صياغة ما تمّ الاتفاق على اعتباره "سردية رسمية". هذه الحقيقة لم يكن
الكاتب - وهو العارف بتجربة الدولة الوطنية - ذاهلا عنها، فقد بادر بالإشارة إلى
مختلف المحاولات التي دفعت باتجاه ما سمي بـ "إعادة كتابة التاريخ"،
سواء بعد سنة 1987 أو مع حلول سنة 2012. وهو توجّه اعتبر بوضوح أنه لا يخرج عن
إطار التهويم الذي أوشك على تحويل سردية الثورة إلى "مجرد شعوذة"، لا
يرجى منها معرفيّا أي طائل. لذلك فإن المطلوب هو الكفّ عن استدعاء "المظلومية"
بالتعويل على لبوس "العمالة"، من جانب، أو تشغيل آليات التخويف والدعوة
إلى مزيد الانغلاق تحصينا للمكتسبات من محترفي الدعاوى الحاقدة "غدرا وخيانة
وتآمرا". هذا الاصطفاف له ما يبرره تاريخيا في النظرة الدونية لسكان الحواضر
والسواحل لأهل البداوة والنجعة، وذلك منذ خروج الفواطم والزحف الهلالي على إفريقية،
وهو ما يؤصّل لحقيقة "التوجس" بين المتبنين للسردية الرسمية والمحترزين عليها،
مع ندرة المحاولات الرامية لإنجاز مراجعات شجاعة بخصوصها، تسمح بفتح قنوات التنافذ
بينها والترفّع عن جميع دواعي تحويلها إلى رقعة تصويب أو التحشيد باسمها. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">يقرّ
المؤلِف وهو على تمام الصواب أن تدمير أي سردية وإحلال أخرى مكانها يحتاج إلى
قراءة متجانسة، لا يمكن أن تنبني على تصريحات متهافتة على شاكلة تلك التي صدرت عن
رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة، حتى وإن اتخذ مسافة أمان من "غضبة المؤرخين"
تجاه حملات الـ "تجني على التاريخ بعامة والسردية الوطنية بخاصة". لأن
في ذلك تناقض مع دور المؤرخ باعتباره "مثوّر للسرديات وكاشف لعاهاتها".
وحتى وإن أستنكر المؤلِف بهذا الصدد الانزلاق باتجاه وسم الغاضبين بـ "حوقة
ناكري الاستقلال"، فإنه قد حذّرهم من السقوط في حديّة مقابلة باللجوء إلى تحويل
ما أسموه بـ "السردية الوطنية" إلى "عقيدة أو إلى نوع من الإيمان
الذي لا يجب أن يقترب من حدوده أحد"، وخاصة بعد أن سارع المنتصرون في
انتخابات 2014 إلى إعادة تسمية جانب من "شارع ثورة 14 جانفي" بـ
"شارع بورقيبة"، وإعادة تماثيله حيث مواقعها، كما التبرؤ من فترة حكم
الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي والسعي إلى إعادة "رسكلة" المحسوبين
على حزب التجمّع، وجميعها تصرفات لا تزيد إلا في تعطيل صياغة حكاية جديدة تسمح
بامتلاك أرض الحكاية وإعطاء مضمون واقعي للتدرّب على المواطنة وصياغة عمودها الفِقَري.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">"دولة
مغلقة" أم عدم قدرة على اختراع مشروع مجتمعي بديل؟ <o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">عقد
عدنان المنصر فصلين للاستعراض جملة من التصوّرات بخصوص أشكال تجدّد النخب السياسية
تونسيا (43 صفحة) ومعضلة ما وسمه بـ "انغلاق الدولة بعد انتخابات أكتوبر 2011
(41 صفحة)، مبيّنا أن العنصر المحفّز في تجدّد النخب هو "المفاصل الزمنية
الكبرى"، سواء بالنسبة لانتقال السلطة من أيادي المماليك إلى الأعيان الموالين
للإدارة الاستعمارية، فمناضلي الحركة الوطنية المحسوبين على الخط البورقيبي من
متعلمي جهات الساحل التونسي لاحقا، وصولا إلى نخب السلطة المنبثقة عن تبدّل المشهد
السياسي في غضون سنة 2011. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ولئن
أقر المؤلِف بأن أمر ذلك لا يستقيم غالبا إلا من داخل الجهاز الحاكم، فإن حقيقة
ذلك لم تتعارض مع الحضور الدائم لما سمّاه بـ "نُخب الظل"، تلك التي
تكون في حالة تحفّز دائم بغرض الإطاحة بالمنظومة التي همشتها. على أن يتمثل
القانون الناظم للعبة السياسية تونسيا في قدرة الدولة على إعادة انتاج نفسها كلما
طالتها عوامل التفكّك، وذلك على غرار ما أثبتته انتفاضة 1864 أو ثورة 2011 أيضا في
صراعهما الـمُعلن ضد المنظومة القديمة أو ما أسماه بـ "الطبقة السياسية"
الموصومة بـ "العجز والفساد والفشل". وهي حقيقة توسّع المؤلِف في
تحليلها من خلال توضيح علاقة المنظومة القديمة ممثّلة في الرئيسين فؤاد المبزع والباجي
قائد السبسي بزعامات المعارضة النقدية ذات النفس اليساري، قاصدا بذلك "الحزب الديمقراطي
التقدمي" و"حزب المسار" في البداية، ثم النقابيين فالإسلاميين
لاحقا، وذلك عبر تشغيل آليات ما أسماه بـ "بتبادل الهواجس والطموحات" أو
"تبادل الشرعيات وتنافذها" من منظورنا الشخصي. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ومهما
يكن من أمر فقد بدت لنا عروض المؤلِف بهذا الصدد متأثرة بالتاريخ السياسي من زاوية
إعادة تملّك مكتسبات التاريخ الاجتماعي للنخب المثقفة، وفقا لما أفاضت في تحليله
منهجيا مباحث "بيار بورديو </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">Pierre
Bourdieu</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> <span lang="AR-TN">"، غير أن تعريف الحراك الاجتماعي وتعقّب مسار إدماج المثقفين
داخل أجهزة الدولة قد عفا عن العديد من المفاهيم الإجرائية التي أقحمتها تلك
المدرسة على غرار "إعادة الإنتاج </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">reproduction</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"
و"التمايز الاجتماعي </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">différenciation
sociale</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"
و"العادة </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">habitus</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" و"الرأسمال الرمزي </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">capital symbolique</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" و"العنف الرمزي </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">violence symbolique</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>". فقد تبيّن منذ أواخر ثمانينات القرن الماضي وطوال مرحلة
التسعينات تركّز البحث في الثقافة التاريخية على مفاهيم جديدة تحيل على "الوساطة"،
و"الانتقال"، و"كيفية التلقي" </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">Médiation, transition et transmission </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>، وهي مجالات لوّنت تيارا كاملا في كتابة
التاريخ لدى أغلب المختصين في قراءة التحولات السياسية للقرن العشرين وتوسّع
الحديث عن "الثقافة التاريخية" بعد إخراجها عن مجال العلوم السياسية ومواءمتها
مع خصوصيات البحوث التاريخية. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فأي
خطب هو ذاك الذي حمل الضالعين في تفسير القوانين وأبرز الوسطاء السياسيين (بما في
ذلك "البرجوازي الصغير "عدنان المنصر) على مجاراة ما نعته بـ
"العقل الدستوري" التونسي، ذاك الذي فضّل على الدوام فضّ نزاعاته وحل
أزماته بـ "طريقة تجارية، أي بمنطق لا غالب ولا مغلوب"؟ هذه السجيّة أو
الطبيعة الثانية للتونسيين هي ما يكشف مرة أخرى على الشفرة الـمُغلقة للتعويذة المتلبّسة
بـ "السردية الوطنية"، وهي التي تحيل أيضا على الثالوث الحاسم الذي أغلق
على الحقيقة "قوس الثورة"، المتكوّن فيما نزعم من "الاستقرار
والمرونة والتشعّب". فقد تم الاتفاق على تقاسم منافع السلطة بين الدستوريين
والإسلاميين ودخلت كبريات منظمات المجتمع المدني على الخطّ معتّمة على حقيقة إرجاء
مسألة التداول السلمي إلى أجل غير مسمّى. الشيء الذي أفادت منه الدولة وإدارتها
المترنحة والمتورّطة بشكل مخزي في تشغيل الآليات المشعبة والشبكات الغامضة لنوع من
"التحيّل المشروع"، وذلك بالتوازي مع عدم اكتمال مشروع تمدين الدولة
الوطنية الأخرس </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">l’inachèvement
de sa sécularité muette </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span lang="AR-TN">، </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وهي حقيقة ماثلة أبلت السردية الوطنية بلاء حاسما في
التغطية على كارثيتها. <b><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></b></span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تعابير
سعيدة وأخرى مجافية لها <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">اصطفى
المؤلف وضمن الفصل الرابع من كتابه (38 صفحة) واقعة حصلت له شخصيا مع أحد بؤساء
دواخل ولاية القصرين قصد التدليل على انفراط كل أمال في احترام "أحلام الناس
[التي] لا [ينبغي أن] يُنسَّب منها شيء" تجنّبا للانزلاق في الإهمال واحتفاظا
بما يكفي من شحنة "النزوع الرومنسي للثورة" والسقوط تبعا في "غواية
السلطة" بالانصياع لمنطق العادة الذي ينظم الحقل السياسي ويفصله عن الحقل
الاجتماعي ويقرب الفاعلين السياسيين تبعا لذلك من مطحنة "ساعة الرمل". فقد
تم الاغضاء عن مفردة الثورة لصالح عبارة الانتقال الديمقراطي، قبل أن يتم السقوط
بالكامل في الشعبويّة السياسية والضجر من النخب ومن الديمقراطية في آن، مع ابتسار
الثقافة السياسة في الثنائيات المتضادة: تقدميين/ رجعيين / لائكيين/ مؤمنين، والنفخ
في سعير التخويف قصد مزيد الاستقطاب والتحشيد، فضلا عن رسوخ الاعتقاد بأن جميع
أشكال التحيّل ليست سوى مظهرا من مظاهر الشخصية التونسية. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">جميع
ما سقناه وغيره ينم عن فهم دقيق ومعمّق لما حصل بين 2011 و2014 لو لم يتم النزوع
ببقية العروض نحو نوع من المصادرات الصادمة أو الجمل المتنمرة بالغيرية السياسية
"</span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">expressions malheureuses et
phrases assassines</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"،
هدفها التورية على سقطات الفريق الرئاسي زمن عهدة الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي
أو الإشادة بمنجزاته. من ذلك مثلا: <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpFirst" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 0cm; margin-right: 46.35pt; margin-top: 0cm; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt; unicode-bidi: embed;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Traditional Arabic";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">التشكيك من إمكانية قبول الاسلاميين الاعتراف بمسؤوليتهم
الأخلاقية في اغتيالات سنة 2013 وقبولهم التكتيكي للحوار مع خصومهم من أجل انقاذ
البلاد من الوقوع في شرك الاقتتال فحسب. </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpMiddle" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 0cm; margin-right: 46.35pt; margin-top: 0cm; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt; unicode-bidi: embed;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Traditional Arabic";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">اعتبار ما حصل من حوار بين الخصوم برعاية منظمات المجتمع
المدني عملية إخراج لاتفاق سياسي مسبق تقاسم بموجبه حزبا النهضة والنداء الحكم على
قاعدة عودة المنظومة القديمة وتشريك الإسلاميين. الأمر الذي أزرى بمراجعة السردية
وتوسيع قاعدة تبني مضامين التحديث والديمقراطية ومكافحة الشبكات الغامضة للتحيّل
ومحاسبة الضالعين فيها طوال العهد السابق. مع التوجّه بشكل مدروس وضمن حقلي
التعيين السياسي الدستوري والإسلامي نحو الاحتفاظ بالأشكال القديمة لحسم الصراعات،
من دون التعرّف بشكل واضح على الطرف الغالب في مقابل الشق المغلوب. </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpMiddle" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 0cm; margin-right: 46.35pt; margin-top: 0cm; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt; unicode-bidi: embed;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Traditional Arabic";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">انعدام أي ثقة في الخصوم السياسيين الإسلاميين أولئك الذين
تعاملوا مع الثورة باعتبارها "فرصة للسيطرة على المشهد"، مع رفض تقديم
أدنى تنازل كلما كانوا في موقع القوة، واندفاعهم حال التراجع سياسيا نحو نوع من "إعادة
الانتشار" الذي سمح لهم على المدى المنظور بالسيطرة بشكل أفضل على دواليب
الدولة. لذلك لم تلعب الأفكار دورا محوريا في توجهات زعاماتهم إلا من أجل التحشيد،
على أن يتم ركنها بمجرد النجاح في ذلك.</span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpLast" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 0cm; margin-right: 46.35pt; margin-top: 0cm; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt; unicode-bidi: embed;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Traditional Arabic";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">استحواذ النهضة على الطاقة المحتدمة للثورة وعلى العقلانية
الباردة للدولة معا. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ومع
ذلك فإن مختلف هذه التحفظات لم تحل بين المؤلِف وبين التفطّن إلى أن "الورطة"
الحقيقة لما بعد سنة 2011 قد تمثلت ولا تزال في قدرة التونسيين على اختراع مشروع
مجتمعي جديد تلتقي حوله إراداتهم على شاكلة ما حصل بعد تصفيّة الاستعمار الفرنسي،
وهي مهمّة محورية ينبغي على نخب النضال السياسي كما على الفكرين التصدي لها. فما
حصل مع بالغ الأسف لم يتمثل في فشل المستبدين في التحوّل إلى ديمقراطيين، بل في عبور
الديمقراطيين النهر للالتحاق بضفة جلاديهم، وذلك في انسجام تام مع نموذج الثقافة
السياسية المهيمنة. لذلك فإن ما تعيشه البلاد في جميع شتاءاتها الحارة ومنذ عشرية
كاملة ينم عن فشل ذريع في إكساب الفعل السياسي مضمونا اقتصاديا واجتماعيا. فـ
"الناس لا يرفضون الاستبداد إذا ما توفّر على مضمون اجتماعي، غير أنهم لا
يقبلون بالديمقراطية إذا ما تبين عجزها عن تلبية حاجياتهم الاجتماعية."./. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-54678393923930295962021-01-26T14:39:00.000+01:002021-01-26T14:39:38.114+01:00محمد الهادي الشريف: أي جذور متوسطية لتاريخ تونس؟<p style="text-align: right;"> </p><p style="text-align: right;"><br /></p><p style="text-align: right;"><br /></p><p style="text-align: right;"><br /></p><p style="text-align: center;"><br /></p><p style="text-align: right;"><br /></p><p style="text-align: right;"><br /></p><p style="text-align: right;"><br /></p><p style="text-align: right;"><br /></p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZxuN7FIV2yperM9dgmeKzFpUt8DBfbz5_pTDbLux86-ycNCUkLfckdVu3btzALn2_OyBKfcBGsNGmcY2DjC2_9vVw4GQaVjys8Sn9UUU6SiAbkdi1R5ATWFZZ2NU6YEd5OlyMTUyBMYFB/s300/Hammadi.png" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="300" data-original-width="216" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjZxuN7FIV2yperM9dgmeKzFpUt8DBfbz5_pTDbLux86-ycNCUkLfckdVu3btzALn2_OyBKfcBGsNGmcY2DjC2_9vVw4GQaVjys8Sn9UUU6SiAbkdi1R5ATWFZZ2NU6YEd5OlyMTUyBMYFB/s0/Hammadi.png" /></a></div><br /><p style="text-align: center;"><br /></p><p style="text-align: right;"></p><p align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: center; unicode-bidi: embed;"><br /></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p> </o:p></span></p>
<p align="right" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: left; unicode-bidi: embed;"><br /></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p> </o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">رحل
أستاذ الجميع "سي حمادي الشريف" من عالم الشهادة والناس إلى عالم أفضل.
لذلك أود توديعا لروحه العطوفة الزكية أن أعيد التقليب في هذه الخواطر التي وضعتها
بحقه، والتي لا تشكل سوى قراءة تكريم تعكس مدى التواصل بين أجيال الجامعين الذين
تداولوا على التدريس والتأطير بالجامعة التونسية، وتؤكد الحرص على تدعيم مكاسبها
وتأصيل توجهاتها البحثية الطموحة، توثيقا للصلات التقليدية بين جيل المؤسسين -
والأستاذ الشريف "أستاذ الجميع" كما يحلو لكل من صادفه حظ التتلمذ على
يده تسميته، من أبرزهم وأجلهم عِلْمًا ومكانة في قلوب الأجيال التي عرفته أستاذا
باحثا ومؤطرا مُلهِما، وكذا غيرهم ممن نهل من بحوثه القيمة الغزيرة دون أن تسمح له
الظروف بالتعرّف عليه شخصيا. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">قد
تبدو هذه المهمة سهلة نسبيا، فأنا واحد من جمّ غفير من المدينين لـفقيد الجامعة
التونسية وكبير مؤرخيها بالتدريس والتأطير على مدى زمني طويل قارب الأربع عشريات،
وهي مدة تبدو كافية للتعرف عن قرب عن الباحث والمؤطِر وربما على الإنسان أيضا. غير
أن دواعي الإنصاف تقتضي عدم الانسياق وراء هذا الزعم، لذلك فإن ما يمكن أن أعرب
عنه في مثل هذا المقام لن يتجاوز الانطباعات التي لن تخلو بالضرورة من الانحياز بل
ومن الذاتية أيضا.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">كنت
طالبا استعد</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">لإنهاء آخر سنوات الأستاذية بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بتونس في مستهل
الثمانينات، وكان "سي حمادي" قادما لتوّه من رحلته الثانية لفرنسا وقضاء
مدة للتدريس بدار المعلمين العليا بعد تجربة مديدة في البحوث توّجت بمناقشة أطروحة
فارقة في البحث التاريخي التونسي اتصل موضوعها بعلاقة الدولة بالمجتمع على أيام
مؤسس الدولة الحسينية حسين بن علي تركي (1705 - 1740) ونشر خلالها عزيز المقالات
في العديد من الدوريات التاريخية المحكمة وفي مقدمتها مجلة "الحوليات"
الفرنسية الذائعة الصيت. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">عرفته
مدرسا قديرا مثل أبناء جيلي من طلبة قسم التاريخ، كما صادفني حظ التدرّب على البحث
العلمي الدقيق على يده بشكل غير منتظر وذلك لـمّا أصرّ على إدماجي كمتربص ضمن مشروع
بحث هام أشرف على إدارته. وتمثّل طموح ذلك المشروع في إنجاز مباحث تاريخية وأنثروبولوجية
مصدرها أرشيف ضخم احتوى بالأساس على مدوّنة سجلات وعقود الأوقاف أو
"الأحباس" بعد تصفيتها سنة 1957. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">لست
على يقين وبحكم المسافة التي تفصلنني عن تلك الفترة البعيدة حاضرا وظهور نتائج
أبحاث الفريق خلال تسعينات القرن الماضي، أنني كنت مطّلعا على تفاصيل تلك التجربة
المعرفية التي ساهمت من موقعي المتواضع مع غيري من الطلبة والمبتدئين والباحثين من
ذوي التجربة في تذليل البعض من صعوباتها والتحضير لخطواتها الأولية، وحتى وإن لم
أستطع مواكبتها حتى النهاية فإن ما خرجت به من جلسات التدرّب على العمل المطولة
التي جمعتني بـالأستاذ الشريف قد مكنني من استكشاف معرفته الواسعة بتفاصيل مهنة
المؤرخ، فضلا عن العديد من الجوانب الإنسانية التي فاقت جميع ما كنت أتوقّعه، الشيء
الذي كان كافيا لربط مصيري نهائيا بمجال البحث التاريخي. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وحال
العودة إلى الجامعة لأستكمل دروس المرحلة الثالثة بعد بضع سنوات من الانقطاع
للتدريس عاودت الاتصال بـ"سي حمادي"، متابعا الدروس التي كان يلقيها على
طلبة مناظرة التبريز، وتلك مناسبة خبرت من خلالها بشكل تفصيلي سعة توجهاته البحثية
والينابيع العلمية التي نهل منها والمدارس التاريخية والنماذج المنهجية المتعدّدة
التي حاول بشكل قصدي دفعنا باعتبارنا طلبة ثم باحثين ناشئين إلى الاطلاع عليها
بشكل دقيق، قبل اختبارها ضمن مجالات بحوثنا الشخصية لاحقا. يدرك جلّ الذين أموا
دروس الأستاذ الشريف أنه بالإضافة إلى القيمة المعرفية لمضمون محاضراته وسهولة
جانبه تعاملا وكريم سلوك وسجايا، توجهاته المعرفية وأُفقه السياسي بوصفه مثقّف
عارف بما يدور من حوله أيضا. فالأستاذ محمد الهادي الشريف قارئ حصيف لصنوف متعدّدة
وألوان من المعارف تشمل تخصصات عدة وآفاقا زمنية وأعراض جغرافية متباعدة وأجناس
علمية وأدبية أيضا لا تقف عند تخصصه الدقيق. فبدايات معرفتي بالأنثروبولوجيا
التاريخية مثلا، وكذا توسع قراءاتي للبحوث الجامعية المتخصّصة بما اصطلح على
تسميته بـ "الدراسات العثمانية </span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Etudes ottomanes</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"، وكذا أمهات البحوث التاريخية المتصلة
بالمجالين الأوروبي والمتوسطي أيضا، كانت بتوجيهه. وهناك أسماء عديدة لمؤرخين
أتراك أو غربيين يكتبون بغير اللغة الفرنسية كان له فضل التركيز على إسهاماتها
العلمية في الجامعة التونسية. على غرار "هارولد جيب" و"الكاي سونار</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"
و"حوري أسلاموغلي</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">و"لطفي
بركان</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"
و"إمانويل فالرشتين" وإفانس بريتشارد و"كليفورد غيرتس</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"
و" وإرنست كلنير" وغيرهم كثير. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">مِثْلُ
هذا التكوين المتنوع هو الذي سهّل في اعتقادي على عدد من أبناء جيلي ممن كان لهم
حظ التتلمذ والتأطير على يد الأستاذ الشريف أن يغامروا بتوجيه بحوثهم الأكاديمية
نحو مسالك أو مواضيع لم تكن مقصودة من قبل غيرهم. وهي مواضيع أعتقد أن لمواكبتهم
لدروسه ومعرفتهم بشخصه أيضا، دور لا يمكن أن ينكر في تحديدها. غير أن هذا الاعتراف
بالدور الذي لعبه أستاذ جامعي من طينته وعلو كعبه وقدرته الفائقة على تحريك سواكن
المعرفة والبحث التاريخيين، لا يلغي حضور الاختلاف معه وحتى الجدل الحامي أحيانا
بينه وبين طلبته ممن اختاروا ائتمانه على مشاريع بحوثهم الجامعية. وهناك مؤشرات
بليغة على حقيقة هذا الاختلاف يمكن لأي قارئ متفحّص أن يرصدها ضمن أبحاث منشورة
أنجزت من قبل عدد من طلبة الأستاذ الشريف تحوّل بعضها بالتقادم إلى عناوين معروفة في
تفكيك التاريخ السياسي وتوضيح علاقة ذلك بتعدد الانتماءات، وكذا التدقيق في التاريخ
الاجتماعي والاقتصادي الحديث للبلاد التونسية والتاريخ الاجتماعي المقارن لمجال
المغارب أيضا. بحيث لم يعمل من تولى الإشراف عليها مطلقا على مصادرة توجهاتها أو
الحدّ من الطموحات الواقعية لمنجزيها. ولنا في أعمال دقّقت في السياسة المجالية
وفي تاريخ المِلْكية أو في مواضيع تعرضت مجهريا للواقع الاجتماعي للفئات المهمّشة،
وكذا الأمر بالنسبة للتوجهات التي حاولت اختراق الحاجز الاعتباري للحقب الزمنية ومدّ
جسور بين التاريخ الوسيط والحديث بغية الكشف عن البنيات الناظمة للظواهر الدينية والاجتماعية
والثقافية المحورية بالدواخل المغاربية، فضلا عن البحوث التي واصلت تعقّب سياسة الدولة
المخزنية الحاكمة تجاه مختلف أشكال الممانعة الاجتماعية، دلالة بليغة على سعة أفق
المؤطر وقدرته على استيعاب مختلف التوجهات والتلاؤم مع الاختيارات المنهجية
المتباينة التي عولت عليها مختلف البحوث التي تم إنجازها بعد سنوات من العمل
والجهد المضنيين والممتعين في آن.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">والظن
بعد جميع هذا، أن مسيرة الأستاذ محمد الهادي الشريف المعرفية الطويلة والسخيّة قد
تمحورت حول إشكاليتين: ركّزت أولهما على أعادة تعريف تاريخ البلاد التونسية من حيث
ربط هويتها بالبحر واتصال معيش سكانها ومتخيلهم الجمعي أيضا بالمتوسط. أما ثاني
تلك الإشكاليات فقد اتخذت أفقا سياسيا لا يخلو من حالة قلق دائم والتزام أخلاقي
يتصل بما وسم بـ"تاريخ الحركة الوطنية". فبخصوص الإشكالية الأولى لا
مراء في تأثر مختلف البحوث المنجزة بتوجهات مدرسة الحوليات الفرنسية. فمعظم
الأبحاث المنشورة للأستاذ الشريف حول تاريخ تونس الحديث تكشف بسهولة عن مدى
التأثير المنهجي الذي أحدثته الدراسات التاريخية المخصّصة للمتوسط من قبل رواد تلك
المدرسة على غرار "هنري بيران " مؤلف كتاب "محمد وشرلمان"
و"فرناند بروديل</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" الذي
لم يفلت من تأثير "بيران" منتهيا إلى تحويل مجال المتوسط إلى شخصية
تاريخية ذات هوية سردية مستقلة. فعلى غرار هؤلاء المؤرخين وغيرهم
كـ"بيار فيلار"<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>"وجورج
دوبي</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" و"وبيار
شوني</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" وعند
السواحل الجنوبية لـلمتوسط<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>نزعم أن للبحر
حضورا محوريا في شخصية محمد الهادي الشريف الذي تكتنف شخصه تماما مثل
"ميسترال " و"فالري</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"
و"كامو" وغيرهم ممن فتنتهم زرقة السماء ووهج الشمس وعافية الماء، نوازع
أو هواجس خاصة، حولت آثارهم المكتوبة إلى عمل إبداعي بالمعنى العميق للكلمة. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">اكتهال
الرؤية واكتمال المعنى حدّده ثالوث السماء والشمس والماء الذي تحوّل بالتقادم إلى
معيارا لذات الفرد ولتاريخ مختلف الشعوب المطلّة على البحيرة المتوسطية أيضا. هذا
السخاء العارم وهذه "السعادة القلقة" التي توحي بميتافيزيقا تقف على
مسافة متساوية من التشوّف إلى مطلق الفضيلة والجمال والاعتقاد في خالص الكد
والعمل، هي تعبير غير مكتمل لفلسفة المكان. فالمتوسط مثل ما شدّد على ذلك
"جون جييونو " في تأملاته حول هذه البحيرة " لا يفصل بل يوحّد،
فارضا على جميع الشعوب التي عاشت وتلك التي تعيش في كنفه نفس الإيماءات، لذلك لم تنتظم
المبادلات على سطح هذه البحيرة رغما عنها بل بفضل وجودها. وهب فرضا أننا وضعنا
قارة بأكملها مكانها، فإننا سنتفطّن أن لا شيء كان ليَعْبُر من اليونان إلى بلاد
العرب، ولا شيء من بلاد العرب إلى إسبانيا، ولا شيء من المشرق إلى "البروفانس"
ولا شيء من روما إلى تونس. فمنذ آلاف السنين "كان تبادل القتل والحب أيضا
أمران شائعان ومألوفان بين ضفتيه". من أرض العبور المفضّلة للمواريث الثقافية
المشتركة نشأ نسق متوسطي خاص انخرطت ضمنه مجمل الرؤى متقاطعة حينا ومتباعدة أحيانا
أخرى. بحوث "الأستاذ الشريف" حول تاريخ تونس الحديث شكلت - من منظورنا
الخاص - وفي جوهرها زيارة مختلفة ومتجدّدة لتاريخ المتوسط من منظور الضفة
المقابلة، أي من منظور الفقراء الذين كلما حلموا باكتمال إنساني ما، اتجهت أنظارهم
صوب البحيرة المتوسطية، فـ"متوسط الفقراء" الذي تعكس "نوستالجيا
الاستشراق" فطرته السعيدة لا ينبغي أن ينسينا عذابات سكانه وحرمانهم وغضبهم
المكتوم وليد قرون مديدة من الاستبداد والجور. وإذا كان لبحوث الأستاذ الشريف حول
تاريخ تونس من معاني تُستجلى فمقصدها الأساسي فيما يخصّنا هو ما ذكرت قبل أي شيء
سواه.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">بقي
أن نحبّر كلمتين بخصوص الهاجس البحثي الثاني الذي اختار الأستاذ الشريف أن يخصّص
له جانبا من مسيرته والمتعلق بـ"تاريخ الحركة الوطنية". لا يمكن هنا أن
نفصل بين السياق التاريخي والمسيرة الخاصة للأفراد حتى وإن زعم علم آخر من كبار
أعلام الجامعة التونسية في أول أجزاء الثلاثية التي خط بها السيرة المحمدية تأسيا
بفلسفة التاريخ عند هيغل أن: عظماء الأفراد لا يخضعون إلى السياق بقدر ما ينشئوه. لا
يمكن هنا أيضا أن نفصل سياق البحث عن مسيرة الباحث، فبعد حصول البلاد عن استقلالها
وحتى نهاية الخمسينات تقريبا ناضل الأستاذ الشريف في صفوف حزب الدستور، مفضّلا مع
نهاية الخمسينات أن يضع بينه وبين النضال الحزبي مسافة أمان كافية فقد الانكباب
على البحث العلمي المحكّم، دون أن يرفض الحوار والإسهام في إعادة صياغة التاريخ
السياسي "الوطني" من زاوية المسؤولية النقدية للخبير العلمي أولا،
وللمواطن في مقام ثاني. مكّن هذا التوجه شيخ المؤرخين التونسيين المتخصصين في
التاريخين الحديث والمعاصر من أن يلزم الاستقلالية وأن يتفادى الانحياز والتورّط
الإيديولوجي، ليُبلي بلاء لا حدّ له في مجاهدة دواعي النفعية العاجلة المبنية عن
المحاباة وتشغيل آليات الخدمة المهينة والتملق السافر. وهذا لا يعني عدم حضور
نوازع ذاتية وحتى إعجاب مضمر بشخصيات وطنية كبيرة عرفها الأستاذ الشريف عن قرب
وأجهد نفسه فيما أعلم في تكوين متن مصدري مكتمل حولها، دون أن يحزم أمره مع بالغ
الأسف لإعادة صياغة مساراتها بخبرة العالم المؤرخ والمناضل المدني والسياسي أيضا. وهو
ما حققه عدد من من كبار المؤرخين المغاربة والأوروبيين المحسوبين على جيله مثل "عبد
الله العروي" و"جاك لوغوف" و"بيار شوني" و"برتولومي
بنصار" و"فرنسوى لوبران" و"هشام جعيط" وغيرهم من مباحث فارقة
ساهمت في توسيع دائرة المعرفة التاريخية والبحث الرصين والتأمل الخلاق أيضا. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span lang="AR-TN" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تلك
بعض الذكريات التي وددنا اقتسامها مع واسع القراء بخصوص مسيرة حافلة خصّصاها
فقيدنا الجليل لخالص البذل وسخي العطاء، ف</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%;">ليخلد
"سي حمادي" لراحته الأبدية بعد بلاء ذوي العزم وتواضع العلماء الأجلاء
في أمن وسكينة وسلام</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>.</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> <span lang="AR-TN"><o:p></o:p></span></span></p><p class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;"><span dir="LTR" style="font-family: "Traditional Arabic",serif; font-size: 18.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><b>صدرت هذه التحية لروح الأستاذ محمد الهادي الشريف بصحيفة المغرب بتاريخ الثلاثاء26 جانفي ،2021 </b></span></p><p></p>Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-53118518395922444202020-12-21T19:24:00.000+01:002020-12-21T19:24:33.200+01:00La Tunisie post 2011 : une transition entachée de populisme exacerbé<p> </p><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><p><br /></p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgH-yf-AhX9l86-8NKBZMONyjBVWc8TC1hbyE5SIB4SJ1QSIQcnGm1q9l_UKxz5fEBgCw4YvwCWLvMU45uFdGiRniJd0NFvYqY1O2JncYrbp6225y-RZskpH1MBI3qNfhha8ihkV8AJC1fp/s1575/couverture+RTSP+n%25C2%25B04+Populisme.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="1575" data-original-width="975" height="470" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgH-yf-AhX9l86-8NKBZMONyjBVWc8TC1hbyE5SIB4SJ1QSIQcnGm1q9l_UKxz5fEBgCw4YvwCWLvMU45uFdGiRniJd0NFvYqY1O2JncYrbp6225y-RZskpH1MBI3qNfhha8ihkV8AJC1fp/w297-h470/couverture+RTSP+n%25C2%25B04+Populisme.jpg" width="297" /></a></div><br /><p style="text-align: center;"><br /></p><p><br /></p><p></p><p align="center" class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: center;"><br /></p>
<p align="center" class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: center;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><o:p> </o:p></span></b></p>
<p align="center" class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: center;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><o:p> </o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">Abstract <o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>Rarement revendiqué par des personnes ou
des organisations, le populisme est attribué à d’autres, souvent dans un sens rabaissant
et péjoratif. C’est toujours en stigmatisant son élite intellectuelle, ses
minorités confessionnelles et politiques, qu’une société verse dans le
populisme. On se propose, pour mieux comprendre ce qui s’est passé en Tunisie après
2011, de mettre en évidence le rapport entre l’éclatement de l’espace public et
l’apparition du populisme traduisant durant les années transition une
incapacité évidente à gérer rationnellement les différences. Le retour sur la
définition de l’espace ne permet pas de cerner sa réalité en dehors des sociétés
occidentales bourgeoises, dont les individus ont intériorisé leur statut de
citoyen, qui leur défend de penser prioritairement à leurs sous-encrages
familiaux ou locaux. Par ailleurs la difficulté, de définir le sens que
requière l’idée d’intérêt général aussi bien dans les sociétés occidentales qu’ailleurs
indique que le rationalisme, tout seul est incapable aujourd’hui d’expliquer ce
que nous vivons. Les émotions, les peurs, les angoisses, les appréhensions et
les représentations dystopiques prennent une place considérable dans
l’explication des changements qui sont en train de refaçonner l’espace public
et d’impliquer un glissement impromptu dans des comportements excessifs que
nous ne dédaignerons pas de qualifier de populistes. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;"><o:p> </o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Mots
clés : <o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Contexte
Transitionnel – Espaces publics – Cadres imaginaires sociopolitiques - Populisme
– Mémoire collective – Rationalisme – Progrès - Mondialisation. <o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;"><o:p> </o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">1
-<a name="_Hlk43124996"> L’attention accordée aux pratiques politiques
qualifiées de populistes remonte aux philosophes grecs anciens (Platon, Aristote,
pseudo-Xénophon, Démosthène …). Les rapports très étroits entre démocratie
grecque et populisme ont été mis à l’évidence et sévèrement critiqué par
Aristophane, qui révélé la propension de la démocratie à engendrer des comportements
démagogiques. Une telle affirmation ne peut constituer qu’un élément révélateur
des avatars de la si jeune démocratie tunisienne. Au fait, la longue histoire
de la démocratie nous rappelle, comme l’a si bien expliqué l’historien Houcine
Jaïdi (2019), que « le populisme est un ver installé dans le fruit ».
Et que « si le mal n’est pas toujours visible, c’est qu’il peut avoir des
visages multiples, une virulence variable et des phases d’hibernation imposées
par des antidotes efficaces ». <o:p></o:p></a></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="mso-bookmark: _Hlk43124996;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">2 - Le populisme est un label </span></span><a name="_Hlk43124979"></a><span style="mso-bookmark: _Hlk43124979;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">rarement
revendiqué par des personnes ou des organisations</span></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">.
Il est souvent <a name="_Hlk43125027">attribué à d’autres, avec une connotation
négative.</a> C’est une idéologie qui considère que la société se divise en
deux camps homogènes et antagonistes « le peuple pur » contre
« l’élite corrompue » et qui soutient que la politique devrait être
l’expression de la volonté générale du peuple. <a name="_Hlk43125089">C’est
toujours en stigmatisant son élite intellectuelle, ses minorités
confessionnelles et politiques ainsi que ses groupes d’intérêt, en considérant qu’ils
ont trahi leurs concitoyens, qu’une société verse, subrepticement et sans en
être forcément consciente, dans le populisme </a>(Cas Mudde and Cristóbal Rovira
Kaltwasser, 2017).<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">3
– Et même si nous pouvons ramener historiquement de telles représentations surdimensionnant
le pouvoir du peuple à des temps mémoriels rappelant certains paradigmes politique
de l’islam matriciel<a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftn1" name="_ftnref1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[1]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>
L’histoire du populisme tel que nous le connaissons aujourd’hui ne peut
remonter au-delà des années quatre-vingt du XIX<sup>e</sup> siècle où un tel
néologisme fut utilisé à l’origine pour condamner les pratiques démagogiques et
opportunistes des opposants au pouvoir. Mais les recherches récentes en
sciences politiques ont élargi le champ lexical, mettant en sourdine l’évocation
des classes populaires dans le discours des partis politiques, pour ne parler
que du comportement populiste des milieux sociaux populaires, appartenant aux
courants d’extrême droite qui magnifient le peuple et surdimensionnent ses
représentations. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">4
- Dans la Tunisie post 2011, la notion de peule pose un grand problème
d’identification. En fait, de quel peuple parle-t-on lorsque nous lui attribuons,
exclusivement, l’avènement du fait révolutionnaire ? S’agit-il du
syndicaliste de base, du haut commis de l’État ou de l’universitaire apeuré à
l’idée de sortir de sa zone de confort. Du militant politique toutes obédiences
et générations confondues ou du « bourguibiste » relooké et
réhabilité ? De l’islamiste versait dans l’opposition politique contre le
pouvoir en place ou du barbu salafiste s’invitant d’une manière impromptue dans
l’espace public ? Tous font partie du peuple et revendiquent, avec
insistance, le droit exclusif de le représenter<a name="_Hlk42948149"> (</a><a name="_Hlk41141793"><span style="mso-bookmark: _Hlk42948149;">Hichem Abdessamad, </span></a><span style="mso-bookmark: _Hlk42948149;">2012). </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">Une
rupture révolutionnaire annoncée : <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span dir="RTL" lang="AR-SA"><o:p></o:p></span></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>5 - Au commencement fut « la révolution
du jasmin » initiée par un peuple de citoyens modérés qui ne pouvaient
tolérer, davantage, un régime népotique et dictatorial<a name="_Hlk42948183"> (Hélé
Béji, 2011)</a>. Mais après les élections d’octobre 2011, le même peuple fut
représenté par les cellules en hibernation des islamistes, conglomérat hétéroclite
regroupant salafistes radicaux, réformistes à la turque et prosélytes d’un
autre temps, revendiquant, dans la cacophonie générale, leur hypothétique participation
à une telle rupture historique. La conséquence de ce cheminement fut la
victoire du peuple des croyants, rétablissant son identité musulmane, par trop,
bafouée par une modernité laïcisée et autoproclamée. Frappée de myopie
chronique la gauche tunisienne campera, pour sa part, sur ses positions d’antan
et stigmatisa, comme à l’accoutumé, les effets indésirables d’une contre-révolution
prédatrice<a name="_Hlk42948218"> </a></span><span style="mso-bookmark: _Hlk42948218;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">(Ines Mahmoud, 2012)</span></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">.</span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;"><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">6
- De quoi s’agit-il en fait ? Probablement et comme l’a si bien formulé Hichem
Abdessamad d’une mutation de la contestation verbale vers un grognement non maitrisé
des ventres vides. Le cogito étant, immanquablement, de trouver réponse à l’horizon
socio-économique du trend ou rupture révolutionnaire, en empêchant la prolifération
des visions essentialistes du mot peuple et en se gardant de le transformer,
catastrophiquement, en un populisme exacerbé. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">7
- <a name="_Hlk43125192">Pour comprendre ce qui s’est passé dans la Tunisie
post 2011, on se propose de faire un retour sur la définition donnée à l’espace
public par le sociologue allemand Jürgen Habermas, comme étant « <i>l’ensemble
des personnes privés qui font appel à la raison publique pour discuter des
affaires de la société</i> » </a><a name="_Hlk42948267"><span style="mso-bookmark: _Hlk43125192;">(Jürgen Habermas, 1988)</span></a><span style="mso-bookmark: _Hlk43125192;">. Une telle définition, dont l’encrage social
se réfère aux sociétés occidentales bourgeoises, pose, en dehors de ses espaces
originels, deux problèmes dont le premier est celui des spécificités de
l’individu. Les personnes égales, qui ont les mêmes devoirs et les mêmes droits
et qui participent à la vie politique, intériorisent parfaitement leur statut
de citoyen, qui leur défend (du moins théoriquement) de penser prioritairement
à leurs sous encrages familiaux ou locaux. Une telle posture ne peut,
aucunement, être celle des sociétés arabes après les changements survenus
depuis quelques années</span><a name="_Hlk42948307"> (Mohamed Kerrou, 2019)</a>.
<a name="_Hlk43140688">Le second problème est celui de la difficulté, même dans
les sociétés démocratiques, de définir le sens que requiert l’idée d’intérêt
général ? Habermas a été d’ailleurs, très critiqué sur ce point puisqu’il
est resté fidèle à ses convictions rationalistes et à son appartenance à
l’école de Francfort et aux traditions marxistes</a><a name="_Hlk42948345"><span style="mso-bookmark: _Hlk43140688;"> (Jean-Marc Durand-Gasselin, 2012)</span></a><span style="mso-bookmark: _Hlk43140688;">. <o:p></o:p></span></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="mso-bookmark: _Hlk43140688;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">8 – Ainsi le rationalisme, tout seul,
parait incapable aujourd’hui d’expliquer ce que nous sommes en train de vivre.
Les émotions, les peurs, les angoisses, les appréhensions et les représentations,
prennent une place considérable dans l’explication des changements qui sont en train
de refaçonner l’espace public</span></span><a name="_Hlk42948382"></a><span style="mso-bookmark: _Hlk42948382;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;"> (Cornelius Castoriadis<i> </i>1975<i>
</i>et 2008)</span></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">. Le populisme, n’étant pas en dehors d’une
telle configuration, il s’immisce, avec insistance, dans ce topo incommensurablement
complexe, traduisant, bien souvent, notre incapacité d’appréhender la situation
ou de simuler ses grandes mutations. Une telle vérité nous ordonne dans un
premier temps de faire un retour averti sur le profond changement survenu sur le
paysage sociopolitique qui est le nôtre et déterminer le rôle joué par l’imaginaire
dans la complexité de sa construction. Un tel bouleversement de perspective ne
peut être compris en dehors d’une grille de lecture permettant d’arrimer le
contexte local à sa matrice mondiale secoué par une crise sans précédent depuis
la chute de l’empire soviétique. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">Le
populisme en chantier : Espaces publics et cadres imaginaires sociopolitiques
<o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">9
- Au-delà de ces observations préliminaires traduisant les limites méthodologiques
et paradigmatiques d’une telle rupture, la société tunisienne post 2011 se
caractérise par la multiplicité des espaces publics. Au fait, trois espaces au
moins, paraissent s’accommoder à une analyse, révélant les caractéristiques du
paysage civil et politique tunisien. Il s’agit, dans le cas tunisien, d’une
part, des défenseurs du nationalisme dépositaire du réformisme historique, engagé
depuis le XIX<sup>e</sup> siècle, et qui se décline, généralement, sous forme d’une
nébuleuse hétérogène regroupant progressistes de gauche comme de droite. D’autre
part, des islamistes conservateurs, dont la légitimité historique est souvent
associée à leur opposition à l’autoritarisme outrancier de l’Etat national, se
déclinent, dans le contexte spécifique de la Tunisie post 2011, en plusieurs factions
composées d’islamistes, de traditionalistes de droite, de salafistes conservateurs
défendant, sous plusieurs bannières, les valeurs égalitaristes d’un prétendu
islam matriciel ainsi que l’impératif d’un utopique retour au califat. Le
dernier espace est balisé par un droit de-l’homéisme populo-formaliste propulsé,
d’une manière inattendue et comme pour mettre à nu la fracture sociale, au-devant
de la scène politique, surtout après le véritable plébiscite du nouveau
président Kaïs Saïd aux dernières élections.<span style="mso-spacerun: yes;">
</span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">10
– De tels espaces ne s’opposent point, malgré les apparences, à engager des
formes particulières de dialogue dont les joutes oratoires creuses et improductives,
si fréquentes sous la coupole de l’Assemblée des représentants du peuple, traduisent
un nivellement constant par le bas et consacrent une dégénérescence verbale de
bas étage. Mais si on dépasse les apparences, si l’on accepte, tant soit peu, d’observer
les dessous de la partie émergée de l’iceberg, de tels échanges, fracassants et
tonitruants, donnent à voir les points d’accords et de désaccords, les
taquineries mutuelles, la capacité à accepter l’adversité, les émotions, voir
parfois des comportements étonnamment fusionnels ! Ce qui implique que le
rationnel est incapable d’expliquer, à lui seul, de tels agissements, traduisant
la complexité de la situation et permettant à l’affect et aux émotions de mieux
éclairer un tableau par trop confus. <a name="_Hlk42948425">(E. Savaresse, B.
Anderson, 1996).<o:p></o:p></a></span></p>
<span style="mso-bookmark: _Hlk42948425;"></span>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">11
- Il est indéniable que, ni le rationalisme ni le déterminisme, ne sont
aujourd’hui capables à eux seuls, et comme ce fut le cas jadis, d’expliquer ce
qui se passe autour de nous. L’histoire du temps présent nous invite à penser
que « <i>nous vivons une crise au sens plein du terme et qu’aucun retour
en arrière n’est possible »</i>. Nous nous enlisons en effet, dans une
crise globalisée et globalisante <a name="_Hlk42948473">(Michel Serres, 2009)</a>
qui frappe avec insistance les nantis comme les démunis. Le <i>présentisme</i>
(<a name="_Hlk42948527">François Hartog,</a> 2016) qui découle d’une telle situation,
ne donne guère au passé, comme ce fut le cas au cours des deux derniers
siècles, la possibilité d’éclairer le présent ou de croire à un possible progrès
futur de l’humanité.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">12
- Le tournant culturaliste qu’avait pris le métier d’historien, à la fin du
siècle dernier (<a name="_Hlk42948569">Philippe Poirrier, 20</a>08), nous a
ouvert les yeux sur les nouveaux champs de recherche consacrés à l’histoire du
sensible <a name="_Hlk42948614">(Jean Corbin, 2017), aux représentations culturelles
des milieux sociaux (Roger Chartier, 2012), ainsi qu’à la primauté de la
culture dans la construction des discours et dans la transformation des
pratiques politiques (Jean François Sirinelli, 2014). <o:p></o:p></a></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="mso-bookmark: _Hlk42948614;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">13 - En outre, la mise à contribution
des paradigmes sociologiques, s’intéressant aux faits mémoriaux comme construction
sociale, développés depuis l’entre-deux-guerres par Maurice Halbwachs (2009), a
permis d’engager un véritable débat dans le champ des sciences de l’homme et de
la société autour des stratégies des acteurs sociaux pour reconfigurer la mémoire
(Pierre Nora, 1992).<o:p></o:p></span></span></p>
<span style="mso-bookmark: _Hlk42948614;"></span>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">14
- Une telle dynamique, non dénuée d’instrumentalisation politique, risque, à
terme, d’ôter à la mémoire nationale tunisienne le rôle mobilisateur qui a toujours
fonctionné à la manière d’un hiatus capable d’aplanir les différences et de renforcer
l’unité de la communauté imaginée, comme il peut aussi la rendre,
progressivement, incapable d'exprimer l’identité commune du peuple ou de la
Nation tunisienne (Lotfi Aïssa, 2019). Et c’est au débat engagé autour du rôle
joué par les imaginaires sociaux dans l’élaboration des mécanismes de
résistance ou de préservation, lancé initialement par<a name="_Hlk42948773"> Cornelius
Castoriadis</a><a name="_Hlk41309221"><span style="mso-bookmark: _Hlk42948773;"> (2008</span></a><span style="mso-bookmark: _Hlk42948773;">)</span>, de faciliter l’éclosion d’un tournant
dans la recherche historique, s’occupant davantage du rôle joué par les émotions
dans l’élaboration de la contingence historique et la construction des discours
annoncés par ses sources appropriées. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">15
- Ce n’est aucunement une forme de résurgence du modèle inhérent aux sociétés traditionnelles.
Se donnant à voir à travers l’idée organique de société / communauté initié par
les travaux de Tonnies<a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftn2" name="_ftnref2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>.
Il s’agit là d’un phénomène inédit qui donne à réfléchir sur d’autres
dimensions qui sont en rapport direct avec les émotions et les sensibilités.
Cette situation est celle aussi du monde de l’information et des institutions où
le débat n’occulte aucunement les divergences exprimées d’une manière
implicite ou explicite.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">16
- Un dernier aspect, au demeurant complémentaire, pouvant contribuer à mieux
apprécier les transformations actuelles de la société tunisienne, est celui de
la forte implication de l’imaginaire social et politique. En effet, nous risquerons
de porter un regard partial sur ce qui s’est passé en Tunisie, si nous ne
faisons pas intervenir dans nos explications l’influence des dimensions imaginaires.
L’instant révolutionnaire s’est exprimé dans la réalité d’une manière imprévue ;
le soulèvement populaire et les émeutes déclenchées dans plusieurs régions de
la Tunisie n’ont pas été préparés en avance. On est incapable de comprendre ce
qui s’est passé exactement sans se référer au paradigme de l’imaginaire, permettant
aux individus de résister collectivement, en intégrant dans leur appartenance à
une nation souveraine, toutes les autres références traditionnelles (région,
tribu, ethnie, famille…etc.) <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">17
- L’espace public tunisien institutionnalisé comporte un certain nombre de
cadres imaginaires. L’un d’eux est représenté par ceux qui ont gagné les deux élections
du 23 octobre 2011 et du 6 octobre 2019, défendant un imaginaire dont la
principale référence est l’identité musulmane dans laquelle l’idée de la
communauté ou <i>oumma </i>s’emboite avec celle de la patrie et où le fait de
servir la chose publique ne peut se comprendre en dehors de l’espace
référentiel arabo-musulman (Lotfi Aïssa 2015). Mués dans des partis politiques
sécularisés (pour les dernières élections législatives le parti <i>Ennahdha </i>et
la Coalition de la dignité ou <i>Iitilaf</i> al-<i>Karama</i>), se sont
autoproclamés détenteurs exclusifs d’une pseudo légitimité révolutionnaire forgée,
pour les premiers, après leur participation à la promulgation de la nouvelle
constitution et, pour leurs alliés ou acolytes, par leur appartenance ou collaboration
étroite avec les tristement célébrissime <i>Ligues de défense de la Révolution.</i><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">18
- Les multiples travers dus à leur incapacité à exercer le pouvoir ne semblent nullement
leur indiquer un salutaire changement de cap, même s’ils se sont aperçus que la
voie n’était pas totalement libre devant eux pour réaliser leur rêve d’imposer
à la société tunisienne en bon élève des islamistes turcs le diktat libéro-conservateur.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">19
- L’opposition insignifiante des nationalistes et leurs résultats franchement
humiliants aux premières élections libres d’octobre 2011 les ont réduits - en
tout cas dans l’imaginaire triomphal des islamistes - aux gens du « zéro
virgule ». Et même s’ils ont su équilibrer la donne en organisant la
résistance et en gagnant les élections de 2014 après la fondation d’une mouvance
politique gérée en front électoral et appelée <i>Nidaa Tounès</i>, <i>Appel de
la Tunisie</i>, dont l’encrage identitaire s’est doublé d’une volonté tenace à
ressusciter l’image du leader nationaliste et du fondateur de Etat national
indépendant Habib Bourguiba et de revendiquer, à travers une compagne de
communication sans précédent, l’appartenance à son héritage. Mais l’implosion
d’une telle configuration concomitante à l’arrivée de son leader Béji Caid Sebssi
au pouvoir en dit long sur les avatars de la transition démocratique en
Tunisie.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">20
- Ces deux partenaires politiques, islamistes et nationalistes, ont réussi à
réaliser ce que le sociologue tunisien <a name="_Hlk42948813">Abdelkader Zghal</a>
avait qualifié de « compromis historique » (Kerrou, 2017), se donnant
à voir à travers les articles de la constitution de janvier 2014. Et que le juriste
tunisien Iyadh Ben Achour avait qualifié de son coté de « compromis entre
Etat séculier et Etat théocratique »<a name="_Hlk42949096"> (Iyadh Ben Achour,
2014)</a>. Ce compromis doit être compris comme un bricolage reflétant un équilibre
inédit nous ramenant à l’exercice du pouvoir par le parti islamiste <i>Ennahdha</i>
qui, au-delà de sa suprématie politique, n’a toujours pas réussi à s’imposer à
la société tunisienne, ni culturellement ni encore moins idéologiquement<a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftn3" name="_ftnref3" style="mso-footnote-id: ftn3;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[3]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">21
– Mais quoi qu’en disent ses détracteurs, l’imaginaire nationaliste a su garder
une primauté sur l’administration, compte tenu du manque de cadres qualifiés
appartenant aux islamistes qui n’ont pas suffisamment d’expérience pratique en
matière de gestion des affaires de l’Etat. Cela étant, il serait inconséquent
de ne pas insister sur le fait qu’un tel bricolage ou compromis, n’aurait
probablement pas vu le jour en dehors de la<a name="_Hlk42851396"> multitude d’espaces
publics ainsi que des cadres imaginaires sociaux-politiques</a>.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">22
- L’idée de compromis n’étant nullement dénuée de fragilité, les deux
imaginaires évoqués (nationaliste et islamiste) restent élitistes et ne
couvrent, dans la réalité sociologique tunisienne actuelle, qu’une frange
infime de la société. Les milieux populaires, pour éviter d’évoquer les deux
notions de peuple ou de masse, regroupent ce que Michel de Certeau a appelé
« les citoyens ordinaires » (Michel de Certeau, 1990). Leurs attentes
sont loin d’embrasser la question des libertés individuelles ou celle de la liberté
de conscience puisqu’ils réfutent solennellement leurs inscriptions dans de
tels registres, pour défendre prioritairement leur appartenance à la communauté
musulmane. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">23
- Ce que ces gens attendent, par-dessus tout, c’est une amélioration concrète et
substantielle de leurs conditions de vie, c’est-à-dire de pouvoir vivre correctement
et subvenir à leurs multiples besoins<a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftn4" name="_ftnref4" style="mso-footnote-id: ftn4;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[4]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>.
Polémiquer autour des articles de la constitution, du code électoral, du régime
politique en devenir ou de la parité des hommes et des femmes en héritage suscite
moins leur intérêt. Et c’est peut-être là où se situe le talon d’Achille des hommes
de loi qui représentent les initiateurs attitrés du troisième espace public de la
Tunisie post 2011.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">24
- Juristes et droit-de-l’hommises n’arrivent pas, en effet, à saisir la
meilleure façon de traiter ce qui se passe dans la Tunisie profonde où les
habitants ne défendent pas, dans les faits, l’application de la loi et
préfèrent vivre de l’argent de la contrebande et du commerce parallèle. Les
réseaux occultes sont partout, jouant, constamment, à contourner toutes les
restrictions mises à l’œuvre par le législateur. C’est comme si le Tunisien a
profondément intériorisé durant sa longue histoire une véritable phobie envers l’autorité
de l’Etat, qualifié de <i>Makhzen </i>puis de <i>Hakim</i>. Cette attitude a
constamment poussé le magistrat en sa qualité de garant du droit à développer
une « conscience triste » devant l’incapacité des représentants de
l’exécutif à donner une suite heureuse à ses sentences<a name="_Hlk42949156"> (Jacques
Berque, 1978). <o:p></o:p></a></span></p>
<span style="mso-bookmark: _Hlk42949156;"></span>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">25
- C’est aux incivilités de prendre les devants ; le langage des Tunisiens a
toujours été épissé, avec une propension astronomique à se targuer d’obscénités
s’introduisant bien trop souvent dans leur parler de tous les jours, depuis le décideur
jusqu’au commun des gouvernés. Au lieu de parler de société civile, les
juristes gagneraient énormément à orienter le débat vers toutes les formes
d’incivilités commises au quotidien. La société tunisienne paraît, aujourd’hui,
désarticulée à tel point que les gens semblent regretter le temps qu’ils ont sacrifié
jadis à assumer leur responsabilité ! C’est comme si l’événement révolutionnaire
avait donné naissance à une société incivile où les gens ne respectent pas les
codes de la vie commune, celui de la route comme celui de s’acquitter de leurs obligations
fiscales. Pire encore, ils paressent bien disposés à se dérober à leur responsabilité
et ne se gênent guère d’offenser gratuitement autrui, sachant que personne ne
pourrait avoir l’idée de les rappeler à l’ordre et mettre un terme à leurs
comportements disproportionnés. (Mouhamed Karrou, 2018). <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">26
- Les réseaux sociaux, qui envahissent l’espace médiatique tunisien, rapportent
quotidiennement des faits insolites sur des comportement névrotiques qu’on ne
pouvait imaginer quelques années auparavant. Les trois espaces publics ne
peuvent prétendre se soumettre aux mêmes imaginaires. Certes, il y a eu entente
ou compromis entre les deux imaginaires islamiste et nationaliste, mais
l’histoire précoloniale porte encore les stigmates de l’abrogation en 1864 de
la constitution de 1861. Un tel détour par l’histoire devrait alerter la vigilance
des Tunisiens quant à une éventuelle mise en sourdine de la constitution ou la
promulgation d’une refonte systématique de ses articles.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">27
- Là aussi un rappel raisonné des caractéristiques fondamentales du populisme telles
qu’élaborées par Edward Shils<a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftn5" name="_ftnref5" style="mso-footnote-id: ftn5;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[5]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>
et Isaiah Berlin<a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftn6" name="_ftnref6" style="mso-footnote-id: ftn6;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[6]</span></span><!--[endif]--></span></span></a> pourrait
se révéler d’un intérêt incontestable pour mieux apprécier les déchirements générés
par le contexte post 2011 en Tunisie et ailleurs dans le monde aussi. Ainsi, on
pourrait s’interroger à grand profit sur la véracité de la présence d’une idée
organique de la société tunisienne similaire à celle de la communauté ? Du
degré de confiance qu’accorde le commun des tunisiens à la société par apport à
l’Etat ? De l’intention de reconstruire l’harmonie perdu du peuple avec l’ordre
naturel ? De la convection à parler au nom de la majorité ? De l’orientation
vers une représentation nostalgique de certaines valeurs ? Et de la tendance
à se manifester dans des contextes sociaux dans lesquels des processus sont en
cours de modernisation ? <span style="mso-spacerun: yes;"> </span>Ce qui
nous ramène à effectuer un retour sur le contexte spécifique de la construction
de l’Etat et de l’émergence d’une identité nationale tunisienne en devenir, dont
Bourguiba s’est toujours targué en réussissant à métamorphoser « une
poussière d’individu en un peuple de citoyen ». <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">Du
local au global et vice-versa ou le populisme en tache d’huile <o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">28
- En fait, ce qui s’est passé en Tunisie ne se rapporte pas forcement aux spécificités
du contexte local. Sa portée ou son échelle nous édifie sur les conséquences
d’une globalisation dont le rythme d’évolution fut qualifié par Habermas de « discontinuité
aléatoire ». En suivant bien le phénomène des soulèvements et des émeutes
déclenchés depuis 30 ou 40 ans et qui ont connu une accélération au cours des
dix dernières années un peu partout dans le monde, on se rend à l’évidence que
les mécanismes sont strictement les mêmes. Souvent c’est à la suite qu’une
bavure policière se soldant par le décès d’un manifestant, que la mèche est
allumée, (l’immolation par le feu de Mohamed Bouazizi en Tunisie et, récemment,
l’interpellation musclé causant la mort par strangulation de Georges Floyd aux
USA) qui va mettre le feu à la poudrière. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">29
- Ce qu’il faut retenir de tout cela, c’est avant toute autre chose,
l’imaginaire du soulèvement qui va ordonner en se déclenchant une rupture
aléatoire dans un trend ou dans un parcours, que personne ne pouvait prétendre
décrypter à l’avance. Ainsi, le phénomène des soulèvements qui a une portée
mondialisée représente un élément essentiel dans l’explication de ce qui est en
train de se reproduire un peu partout dans le monde. De telles secousses ont
complètement renversé le cours de l’histoire, toute intervention ne peut que
raviver l’ampleur de l’incendie. Et c’est exactement ce que les régimes en
place n’ont pas pu entrevoir.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">30
- Ces discontinuités aléatoires ne se sont pas arrêtées aux soulèvements ;
elles touchent aussi le processus transitionnel, même si les choses ne se
présentent toujours pas de la même façon. Les gouvernements qui se sont suivis
depuis les élections de 2014, s’ouvrant pour la première fois en Tunisie sur une
ère de stabilité et réalisant un précédent historique traduisant dans le fait
l’alternance démocratique, ne sont porteurs d’aucun horizon, depuis les chefs
du gouvernement qui ne viennent pas des partis qui ont gagné les élections
jusqu’aux ministres nommés presque exclusivement pour former une majorité
parlementairetrès vite mise en difficulté. Ce qui nous incite à nous poser des
questions quant à la réalité des changements qui ont véritablement touché
la vie politique tunisienne (Mohamed Kerrou, 2015). <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">31
- Les Tunisie post 2011 est certes sortie définitivement des explications qui
prévalaient jadis, toutes basées sur une interprétation cartésienne influencée
par une attitude marxisante. Le paradigme de discontinuité aléatoire ne nous a
pas permis seulement de décrire ce qui s’est passé en Tunisie. Sa
généralisation nous invite à accorder plus d’importance à la pluralité des
lectures, à la pluralité des opinons et à leur ouverture. D’où l’intérêt de
sortir des explications qui ne permettent pas de s’ouvrir sur la pluralité des
espaces publics.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">32
- La démocratie participative paraît, après une décennie de crise profonde et
l’avènement impromptu de la pandémie du Covid-19, dans l’incapacité d’ordonner
la vie<span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> </span>politique. Ces défenseurs ont beaucoup de mal à juguler
les travers causés par la mondialisation galopante, la délocalisation des industries,
la précarité du marché de travail, l’économie parallèle, les réseaux occultes
et l’importance grandissante des groupes d’influence ou lobbys ne trouvant pas de
difficulté à imposer leur façon de faire aux décideurs politiques et à phagocyter
l’intégrité des Etats (<a name="_Hlk42949335">Hakim Ben Hamouda</a>, 2020).<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">33
– Aujourd’hui, le monde paraît en phase de donner naissance à une nouvelle
carte avec de nouveaux acteurs géostratégiques, comme si l’empire du monde
libre vit ses ultimes soubresauts, laissant la porte ouverte à l’offensive d’un
empire du milieu aux pratiques autoritaires affichées et une vision numérique chaotique
utilisant la cyber révolution pour une mise à pas des individus. Le monde interconnecté
de naguère ne propose hélas aucune prise en charge des difficultés inhérentes à
la modernité et parait incapable de traduire dans la réalité son engagement
ferme pour construire un futur solidaire de l’humanité (Edgar Morin). <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">34
Une telle évolution a contribué à saper la confiance des électeurs dans les
mécanismes de la démocratie participative et dans la prise en charge par les
acteurs politiques de la complexité des problèmes vécus au quotidien. C’est la
raison pour laquelle ils paressent complètement déconnectés de la scène
politique pour se voir remplacer -nivellement par le bas oblige - par les
représentants des courants politiques inféodés aux pratiques populistes, jouant
la carte de la trahison des élites afin de pouvoir gagner la sympathie des
activistes ancrés à l’extrême droite et s’aventurant ainsi à semer la haine et
à amplifier les conséquences désastreuses de la fracture sociale, ce que nous pouvons
d’ores et déjà constater en scrutant les thèmes récurent et les plus en vogue dans
l’écriture romanesque et la création artistique traduisant toutes les formes de
peurs ou de dystopies engendrées par la précarité du monde de travail et l’hypothétique
équilibre des conditions de vie sur une planète par trop meurtrie. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">35
– Il est donc indéniable que la question à laquelle on devrait trouver une
réponse ne peut tourner qu’autour de la capacité des sociétés démocratiques à
juguler les effets négatifs de la crise. La transition tunisienne est en passe,
croyons-nous, de traverser une zone de grande turbulence, même si les espoirs portés
par le plébiscite présidentiel et la composition dans la souffrance d’un gouvernement
socio-centriste, paraissent plaider pour une nouvelle donne politique. Mais
cette évolution restera, somme toute, tributaire d’un remaniement de la
constitution et un<span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> </span>changement du code électoral,
auxquels personne n’est réellement et objectivement préparé.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">36
- C’est qu’en Tunisie l’exercice de la politique n’a pas suffisamment muri pour
engendrer de nouvelles forces traduisant, dans les faits et dans les actes, la
diversité des espaces publics et à même d’arrêter définitivement la
reproduction des clivages d’antan. La preuve, s’il en faut, nous la retrouvons dans
l’ineptie caractérisée de l’ARP (Assemblée des Représentants du Peuple) dont le
président ne dédaigne guère d’afficher sa sympathie pour un « erdoganisme »
excessif, autoritaire et populiste, célébrant la supériorité de l’Islam modéré
dit démocratique, digne héritier d’un âge d’or d’un Islam conquérant. Alors
qu’en réalité, la dérive totalitaire de l’Etat turc est intimement liée à
l’étendue exponentielle du populisme sur le plan planétaire.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">37
Pour tracer à grands traits une parallèle de la dérive de la démocratie à la
dictature,<a name="_Hlk42949394"></a> nous gagnerions assurément pour la situation
controversée qui est la nôtre, à lister certaines étapes suivies par le président
turc Erdogan pour passer d’une personnalité insignifiante à un tyran monstrueux
balayant sur son chemin les valeurs de toute une société (Ece Temelkuran, 2019).
Une telle transformation pourrait se décliner pour le paysage politique tunisien
actuel, si nous accordons foi aux analyses les plus pertinentes (<a name="_Hlk42949452">Mohamed-Salah Omri, 2020)</a>, selon le scénario suivant :<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpFirst" style="margin-left: 46.35pt; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="LTR"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Instaurer un courant
rassemblant ceux qui prétendent représenter les damnés du système (Mouvement du
Peuple des Citoyens, Mouvement du Peuple Veut, Coalition <i>al-Karama </i>en
plus d’<i>Ennahdha </i>pourvoyeur d’un tel courant). <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpMiddle" style="margin-left: 46.35pt; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="LTR"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Culpabiliser la
pensée libre et mobiliser la masse des ouailles autour de concepts
mystificateurs comme « les orphelins de la France », « zéro
virgule », « où est le pétrole ? », « la gauche
sectaire » … etc. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpMiddle" style="margin-left: 46.35pt; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="LTR"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Présenter ses
opinions d’une manière violente et comme étant l’expression d’une volonté
populaire (<i>achaab yourid</i>) quintessence de la vérité absolue.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpMiddle" style="margin-left: 46.35pt; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="LTR"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Noyauter les institutions
judiciaires et exécutives pour les rendre malléables. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpMiddle" style="margin-left: 46.35pt; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="LTR"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Façonner un
citoyen spécifique pour faire de lui un pseudo-héros croyant détenir la vérité
tout en prétendant être le vrai Tunisien, le révolutionnaire authentique et l’héritier
patenté du mouvement réformateur. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoListParagraphCxSpLast" style="margin-left: 46.35pt; mso-add-space: auto; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt;"><!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-fareast-font-family: "Times New Roman";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="LTR"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Stigmatiser l’UGTT
et la prendre pour le creuset des disfonctionnements, tout en refusant de
donner la moindre importance à la critique des contradicteurs. Et ce pour
pouvoir bâtir une nation autour de l’idée d’un chef suprême et soutirer le pays
de la main des intellectuels, traqués comme les responsables de la décadence
« <i>Nakbetna fi nokhbetna </i>» (notre catastrophe réside dans notre
élite intellectuelle).<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">38
- Une différence entre les deux tableaux turc et tunisien doit, tout de même,
être relevé. La démarche est accaparée, en Turquie, par le président Erdogan et
son parti politique, alors qu’elle est dispersée en Tunisie entres plusieurs
entités, toutes issues de l’Islam politique et du populisme de droite profitant
d’une société disloquée entre un parlement rivalisant de populisme avec la
présidence de la république et un gouvernement obligé à valser entre les deux
pour faire capoter toute triangulation. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">39
- Les circonstances exceptionnelles inhérentes à la pandémie ont fini par
accorder, temporairement, au chef du gouvernement les pleins pouvoirs afin
qu’il puisse faire face à la propagation de l’épidémie. Mais une telle
délégation exprime aussi un aveu d’échec qui en dit long sur le degré
d’irresponsabilité des élus traumatisés de devoir assumer dans les actes leurs
choix politiques. C’est aussi un indice patent de l’incapacité du législateur à
gérer rationnellement la complexité des différences.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">40
– Faisant écho à une telle situation et dans un registre complémentaire, la Présidence
de la République n’a eu de cesse, depuis l’élection de Kaïs Said, de marteler avec
insistance son attachement à la volonté du peuple, comme si elle s’apprêtait à hâter
les mécontentements et dresser « le bon peuple » contre ses détracteurs.
Démarche tout aussi populiste que celle d’une grande partie des élus de l’ARP
préparant le terrain pour la dissolution de l’Assemblée des Représentants du
Peuple et le passage à un référendum flanqué d’une aussi nécessaire que
salutaire réforme constitutionnelle. L’insuffisance législative implique à
terme une modification de la constitution qui se fera, au dire du président de
la république, à temps. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">41
– Kaïs Said reste fidèle en tout cela à sa stratégie populiste annoncée
tapageusement depuis son élection en octobre dernier. Le concept mobilisateur
de « souveraineté populaire » est une condition nécessaire pour la radicalisation
souhaitée. Sachant que la construction du peuple et le clivage entre vrai et
faux peuple sont des éléments essentiels de la stratégie populiste jouant sur
l'affect et manipulant les émotions.<span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> </span>Ce qui permet de
"cultiver la rage et de susciter la colère pour maîtriser la foule/la
masse". (Pierre Rosanvallon 2020)<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">42
- En somme, la révolution tunisienne a commencé dans le Centre-Ouest de la
Tunisie (dans les gouvernorats de Kasserine et de Sidi Bouzid) pour pérégriner,
avec plus ou moins d’ampleur et de réussite, entre l’Egypte, la Syrie, l’Algérie,
le Maroc, la Lybie le royaume du Bahreïn, Israël, la Chine et les Etats-Unis d’Amérique,
d’où sa portée résolument globalisée. Cela étant, il ne faut surtout pas perdre
de vue qu’il s’agit là d’un cycle qui n’est qu’a ses premiers balbutiements et
qu’il est fort probable que cela puisse s’étendre sur des décennies. L’historien
anglais, <a name="_Hlk42949654">Eric</a><a name="_Hlk43207792"><span style="mso-bookmark: _Hlk42949654;"> Hobsbawm</span></a> avait considéré que le
vingtième siècle a pris fin en 1989 après la chute du mur de Berlin. Il est donc
fort probable que le vingt-et-unième siècle a commencé tôt dans le temps et que
la révolution tunisienne a représenté, probablement, l’un des événements
marquants de son histoire. (Éric J. Hobsbawm 1999)<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">43
- Un tel retournement de situation qui continue à avoir une portée planétaire
est certes annonciateur d’une nouvelle donne, même si on ne peut escamoter le
fait que ses soubresauts d’indignation sont en train de se dérouler dans un
contexte régional et international particulier. Ce contexte imprégné de
populisme exacerbé et dont l’attachement aux conservatismes et à l’aveuglement donne
froid au dos, rappelle curieusement, à tous ceux qui acceptent un tant soit peu
de dépasser les effets de vitrine, la monté des idées fascistes et des
idéologies belliqueuses qui marquèrent, désastreusement, la première moitié du
siècle précédent.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span> <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">44
- Pour conclure, nous n’insisterons jamais assez sur une bien probable « transition
conservatrice » de la Tunisie post 2011. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span>Les multiples facettes que nous avons essayé
de décrire, pour rendre compte de la complexité de la réalité politique imprégnant
notre présent et probablement notre futur aussi, (bâtardise d’une rupture révolutionnaire,
populisme local en chantier et populisme global en tâche d’huile) plaident toutes
pour une urgente mise en place d’une gestion rationnelle de la diversité des espaces
publics. La place donnée aux affects ainsi que l’exacerbation sous-jacente des
pratiques, que nous n’avons pas dédaigné de qualifier de populistes et qui paraissent
damer le pion à un apprentissage serein des formes d’alternance au pouvoir, nous
laissent résolument perplexe quant à l’éclosion d’un brand démocratique de
facture endogène, qui serait le digne héritier d’un processus réformiste tunisien
engagé, certes d’en-haut et d’une manière autoritaire, depuis deux siècles. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><o:p> </o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><o:p> </o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">Bibliographie générale<o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Hichem
Abdessamad, 2012, « Le peuple et ses masques », article publié dans le
n° 2 de la Revue électronique <i>Nachaz</i>. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Lotfi
Aïssa, 2015, <i>Entre mémoire et histoire</i>, (ar) Casablanca, Ed., Afrique
Orient.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Lotfi
Aïssa 2019, <i>Chroniques des tunisiens : Retour critique sur les récits évoquant
les appartenanceset les origines</i>, (ar) Ed., Meskiliani<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Iyadh
Ben Achour, 2014, « Le compromis historique entre « Etat civil » et
religion dans le néo-constitutionnalisme arabe post-révolutionnaire », <i>Le
blog de Yadh Ben Achour,</i> dimanche 7 septembre.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><a name="_Hlk53665723"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Éric J. Hobsbawm 1999</span></a><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">,
L'âge des extrêmes : le court vingtième siècle, 1914-1991. Bruxelles, complexe.
<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Hélé
Béji 2011, « Saint Bouazizi », paru dans le <i>nouvelobs.com</i>
livraison du 9 janvier 2011.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Hakim
Ben Hamouda, 2020 « Crise du coronavirus, populisme et avenir de la démocratie ».
Article en langue arabe paru dans le quotidien <i>Al-Maghrib</i>, livraison du
dimanche 26 avril.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Jacque
Berque, 1978, <i>L’intérieur du Maghreb</i>. Paris, Gallimard. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Roger
Chartier, 2012, « Portrait Roger Chartier : Traces, pratiques de
l’écrit, pratiques de l’histoire », <i>Circé. Histoires, Cultures
& Sociétés</i>, n<sup>o</sup> 1. Portrait réalisé par Moniati
Abdou Chakour et Pauline Thiberville.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>Michel De Certeau, 1990, <i>L’invention du
quotidien. 1. Arts de faire</i>. Paris, Editions Gallimard. Folio essais.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><b><o:p></o:p></b></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Jean
Corbin avec Jean-Jacques Courtine et Georges Vigarello 2016 - 2017, <i>Histoire
des émotions</i> <i>de l’Antiquité à nos jours</i>, Paris, Seuil, en 3 volumes.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Cornelius
Castoriadis, 2008,<i> L’imaginaire comme tel</i>. Ed., Paris, Arnaud Tomès<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Jean-Marc Durand-Gasselin,
2012, <i>L'École de Francfort</i>, Paris, Gallimard.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Habermas
(Jürgen), 1988, <i>L'espace public. Archéologie de la publicité comme dimension
constitutive de la société bourgeoise</i>, Paris, Payot.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Maurice
Halbwachs, 2009, <i>Mémoire collective</i>, texte établi et annoté, Paris, Albin
Michel, <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">François
Hartog, 2016, <i>Croire en l’Histoire, </i>Paris, Editons Flammarion.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Eric-John
Hobsbawm 1999, <i>L’âge des extrêmes : Le court vingtième siècle 1914 -
1991, </i>Edition Complexe collection Bibliothèque complexe. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Houcine
Jaïda, « Le populisme un élément structurel de la démocratie, depuis…25
siècles », article paru dans la revue <i>Leaders</i>, livraison du 19 / 10
/ 2019. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Mohamed
Kerrou, 2015, Entretien en langue arabe avec Lotfi Aïssa et Chokri Mabkhout,
« Nous nous acheminons vers une situation que nous pouvons qualifier de
pré-politique », dans la Revue <i>Al-fikr al-Jadid</i>, n°2. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><a name="_Hlk43208694"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Mohamed Kerrou (sous la direction), 2017, <i>Abdelkader
Zghal, l’homme des questions</i> Tunis, Editions Cérès.<o:p></o:p></span></a></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="mso-bookmark: _Hlk43208694;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Mohamed Kerrou</span></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">,
2018,<i> L’autre révolution</i>, Editions Cérès, Tunis. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Ines
Mahmoud 2012, Tunisia’s Next Revolution, dans la revue électronique <i>Jacobin</i>,
numéro du mois de mars.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Cas
Mudde and Cristóbal Rovira Kaltwasser, 2017, </span><i><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-font-family: Arial;">Populism: A very short introduction</span></i><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-font-family: Arial;">. Oxford, Oxford UniversityPress. Traduction en langue française publiée
aux Editions de L’Aube, La Tour-d’Aigues en 2018 sous le titre : <i>Brève
introduction au populisme</i>. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-font-family: Arial;">Pierre Nora (sous la direction), 1992, <i>Les lieux
de Mémoire</i>, Paris Editions Gallimard en 3 tomes. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-font-family: Arial;">Philippe Poirrier 2008, <i>L’histoire cultuelle un
« tournant mondial » dans l’historiographie</i>, Éditions
Universitaires de Dijon.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-font-family: Arial;">Mohamed-Salah Omri, 2020, « La Tunisie et les
filets du populisme autoritaire<i> »</i>, article paru en langue arabe
dans le quotidien <i>al-Maghrib</i>, puis traduit par Koutheir Bouallegue et publier
dans la revue électronique et citoyenne <i>Nawat, </i>livraison du mercredi 13
mai.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><a name="_Hlk43124913"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-font-family: Arial;">Pierre Rosanvallon, 2020</span></a><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-font-family: Arial;">, <i>Le siècle du populisme. Histoire, théorie,
critique, </i>Paris Ed., du Seuil. <i><o:p></o:p></i></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">E.
Savaresse (note critique), 1996, « L’imaginaire national. Réflexion sur l’origine
et l’essor du nationalisme », dans <i>Revue des Sciences Sociales du
politique</i>, p. 198-202. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Michel
Serres, 2009, <i>Temps des crises</i>, Editions le Pommier. <o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Jean
François Sirinelli, 2014, <i>Le siècle des bouleversements, de 1914 à nos
jours,</i> Paris, PUF, "Une histoire personnelle de la France".<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Ece
Temelkuran, 2019, <i>Comment perdre un pays, de la démocratie à la dictature en
sept étapes</i>. Paris, Stock, Collection Essais.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;"><o:p> </o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><b><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">Notice
biographique <o:p></o:p></span></b></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Agrégé
d’histoire et docteur d'État ès lettres. Lotfi Aïssa est, enseignant à la fshst
depuis 1989, est professeur d'histoire moderne à l’université de Tunis depuis
2009, membre du Comité tunisien d'évaluation des recherches scientifiques au MES,
président de la Commission Nationale Sectorielle d'Histoire, de la Commission du
Doctorat et de l’Habilitation universitaire et du Jury National d’Agrégation d’histoire
à la fshst.<o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Directeur
du département d'histoire dans la même faculté entre 2005 et 2008, il a dirigé<span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> </span>en 2009 l’école doctorale « Structures, systèmes,
modèles et pratiques en lettres et en sciences humaines et sociales » Il est
aussi membre des comités scientifiques de plusieurs revues spécialisées en
sciences humaines, sociales et politiques (Revue Tunisienne des Sciences
Sociales, Cahiers de Tunisie et Revue Tunisienne de science Politique). Par
ailleurs, il est lauréat en 2019 du prix Tahar Haddad pour les recherches
en humanités, décerné à l’occasion du 35<sup>e</sup> édition de la
Foire internationale du livre de Tunis. Ses travaux de recherche portent sur
l'histoire de la sainteté ainsi que sur l’histoire culturelle maghrébine
comparée, à l’époque moderne et contemporaine.<span style="mso-spacerun: yes;">
</span><o:p></o:p></span></p>
<p class="MsoNormal" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><o:p> </o:p></span></p>
<div style="mso-element: footnote-list;"><!--[if !supportFootnotes]--><br clear="all" />
<hr align="left" size="1" width="33%" />
<!--[endif]-->
<div id="ftn1" style="mso-element: footnote;">
<p class="MsoFootnoteText" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftnref1" name="_ftn1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[1]</span></span><!--[endif]--></span></span></a><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="font-family: "Times New Roman",serif;">L’appel
au peuple des pauvres à l’action politique impliquant un certain acheminement
perçu comme juste et méritant est éminemment présent depuis l’aube de la pensée
politique islamique. Dans plusieurs de ses écrits le juriste Iyadh Ben Achour passe
par un rappel historique des <i>Ghifariya</i> se référant au compagnon du
prophète Abu Dharr al-Ghifari qui prônait que seuls les pauvres, abandonnant bien
et richesse, gagneraient le droit au paradis. De telles allégations finnisèrent
par provoquer de graves troubles sociaux au cours du règne du troisième calife ‘Uthman,
le poussant à exiler ce célébrissime compagnon du prophète loin de Médine.</span>
<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></p>
</div>
<div id="ftn2" style="mso-element: footnote;">
<p class="MsoFootnoteText" style="margin-left: 1.0cm;"><a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftnref2" name="_ftn2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></a><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="font-family: "Times New Roman",serif;">Ferdinand
Tönnies (1855 – 1936) sociologue et philosophe allemand auteur de <i>Communauté
et société</i> paru en 1887 et réédité en 1912. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span></p>
</div>
<div id="ftn3" style="mso-element: footnote;">
<p class="MsoFootnoteText" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftnref3" name="_ftn3" style="mso-footnote-id: ftn3;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[3]</span></span><!--[endif]--></span></span></a><span style="font-family: "Times New Roman",serif;"> C’est toujours A. Zghal en chevronné
sociologue de l’espace maghrébin qui a forgé le concept de
« sécularisation muette » de la Tunisie au cours des deux époques
moderne et contemporaine.</span><span style="color: #0070c0;"><o:p></o:p></span></p>
</div>
<div id="ftn4" style="mso-element: footnote;">
<p class="MsoFootnoteText" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftnref4" name="_ftn4" style="mso-footnote-id: ftn4;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[4]</span></span><!--[endif]--></span></span></a><span style="font-family: "Times New Roman",serif;"> Avoir un logement décent et un
niveau de vie qui ouvre l’accès de leur progéniture à une bonne éducation.<o:p></o:p></span></p>
</div>
<div id="ftn5" style="mso-element: footnote;">
<p class="MsoFootnoteText" style="margin-left: 1.0cm; text-align: justify;"><a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftnref5" name="_ftn5" style="mso-footnote-id: ftn5;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[5]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>
<span style="font-family: "Times New Roman",serif;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>Edward Shils (1910 – 1995), sociologie influant
et professeur à l’université de Chicago, ses travaux ont porté sur le rôle des
intellectuels et leurs rapports au pouvoir et aux politiques publiques. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span></p>
</div>
<div id="ftn6" style="mso-element: footnote;">
<p class="MsoFootnoteText" style="margin-left: 1.0cm;"><a href="file:///C:/Users/asus/Desktop/Sp%C3%A9cial%20populisme/La%20Tunisie%20post%202011%20une%20transition%20entach%C3%A9e%20de%20populisme%20primlaire(3).doc#_ftnref6" name="_ftn6" style="mso-footnote-id: ftn6;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US;">[6]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>
<span style="font-family: "Times New Roman",serif;">Isaiah Berlin (1909 - 1997)
philosophe politique et historien des idées sociales et politique en Occident.</span>
<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></p>
</div>
</div><br /><p></p>Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-67026558099922934732020-11-02T17:59:00.008+01:002020-11-02T18:03:00.171+01:00وقفة مع لطفي عيسى (صدرت بالصحيفة الرقمية العربي الجديد 2 نوفمبر 2020)<p dir="rtl" style="text-align: right;"> </p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjaFUaNXRoidlP3yyfFgKhEVVj7R08UooZpmKy_E-PGY45Neo7Oo4OpSmp041c2vAUZV8wq7BovOXB2pYysFrT32ZNhd4WyBuax1KDIUaDyzqI45NkG4Op7BwUp2zDF3uNFBgV04hXscotS/s800/%25D9%2584.+%25D8%25B9%25D9%258A%25D8%25B3%25D9%2589.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="450" data-original-width="800" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjaFUaNXRoidlP3yyfFgKhEVVj7R08UooZpmKy_E-PGY45Neo7Oo4OpSmp041c2vAUZV8wq7BovOXB2pYysFrT32ZNhd4WyBuax1KDIUaDyzqI45NkG4Op7BwUp2zDF3uNFBgV04hXscotS/s320/%25D9%2584.+%25D8%25B9%25D9%258A%25D8%25B3%25D9%2589.jpg" width="320" /></a></div><br /><p dir="rtl" style="text-align: center;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: right;"><br /></p><p dir="rtl" style="text-align: justify;"><br /></p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><em style="box-sizing: border-box;">تقف هذه الزاوية مع مبدع عربي في أسئلة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "حرصتُ ألّا أجدّف ضمن الاتجاهات السائدة وهي تتكئ على الثنائيات السطحية في صياغة تصوّراتها"، يقول المؤرّخ التونسي في حديثه إلى "العربي الجديد"</em>.</p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">■ ما الذي يشغلك هذه الأيام؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />- أتابع مثل بقية الناس حالة الهلع التي انتابت العالم جراء استشراء الوباء المستجد، والتأثير الكارثي لذلك على اقتصاديات <a href="https://www.alaraby.co.uk/%22%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%AA%D8%B0%D9%83%D8%B1-%D8%A3%D8%AD%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%83%22-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B1%D9%81%D8%A9-%22%D9%85%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%83%22-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D9%85%D9%8A%D8%A9" style="background-color: transparent; border-bottom: 2px solid; border-left-color: rgb(165, 66, 37) !important; border-right-color: rgb(165, 66, 37) !important; border-top-color: rgb(165, 66, 37) !important; box-sizing: border-box; color: #21303e; outline: 0px; text-decoration-line: none !important;">جميع البلدان</a>. كما أسبر هيمنة أشكال الذكاء الافتراضي وتدبير الحياة اليومية عن بُعد، وتغدية المخاوف المتّصلة بمشاكل المحيط وعجز النظام الصحي عن مجابهة الجائحة، وتعاظم سطوة التشدّد الديني والتصوّرات اليمينية المحافظة، وتفاقُم الانخراط الجمعي في مساوئ الديستوبيا وجميع الرؤى القيامية.</p><div class="field field--name-dynamic-block-fieldnode-ads-content-middle-desktop field--type-ds field--label-hidden field__item" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 30px; margin-top: 30px; max-width: 100%; position: relative; text-align: justify;"></div><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 25px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">■ ما هو آخر عمل صدر لك؟ وما هو عملك القادم؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />- أنتظر صدور كتاب جديد يحمل عنوان "مساءلة الانتماء من منظور المباحث التاريخية التونسية"، ستنشره دار "كلمة" بتونس، وذلك ضمن سلسلة جديدة أديرها، وتحمل عنوان "البصمة والمنوال". أمّا قادم مؤلّفاتي فيتمثّل في الانتهاء من ترجمة كتاب "الذاكرة الجمعية" لعالم الاجتماع الفرنسي موريس هالفاكس، إلى <a href="https://www.alaraby.co.uk/%22%D9%83%D9%8A%D9%81-%D8%AA%D8%AA%D8%B0%D9%83%D8%B1-%D8%A3%D8%AD%D9%84%D8%A7%D9%85%D9%83%22-%D9%81%D9%8A-%D8%BA%D8%B1%D9%81%D8%A9-%22%D9%85%D9%88%D8%B2%D8%A7%D9%8A%D9%8A%D9%83%22-%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%82%D9%85%D9%8A%D8%A9" style="background-color: transparent; border-bottom: 2px solid; border-left-color: rgb(165, 66, 37) !important; border-right-color: rgb(165, 66, 37) !important; border-top-color: rgb(165, 66, 37) !important; box-sizing: border-box; color: #21303e; outline: 0px; text-decoration-line: none !important;">لغة الضاد</a>، وهو مشروع في لمساته الأخيرة.</p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">■ هل أنت راض عن إنتاجك ولماذا؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />- هذه مسألة نسبية، فأنا أبذل ما في وسعي لتطوير عروضي الفكرية، وأبحاثي المعرفية، ومختلف المشاريع التي أنا بصدد تحويلها من مستوى الفكرة التي تعتمل في داخلي إلى موقع التجسيد أو الفعل الملموس. على أنَّ ردود فعل المتابعين لمختلف الأعمال التي تحيل على منجزي المتواضع تدلّ على توفّر حد معقول من <a href="https://www.alaraby.co.uk/%D8%AE%D9%88%D8%A7%D9%83%D9%8A%D9%86-%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%88%D9%8A%D8%A7-%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA-%D9%84%D9%84%D8%B6%D9%88%D8%A1-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D8%A8%D8%A7%D9%86%D9%8A-2" style="background-color: transparent; border-bottom: 2px solid; border-left-color: rgb(165, 66, 37) !important; border-right-color: rgb(165, 66, 37) !important; border-top-color: rgb(165, 66, 37) !important; box-sizing: border-box; color: #21303e; outline: 0px; text-decoration-line: none !important;">الرضا والاهتمام</a>، بل والشغف في بعض المواضع، مع منسوب مبهج من الفضول لدى شرائح متنوّعة من المتعلّمين والمحسوبين على النُّخب المتابعة لما يصدر في اللغة العربية بالخصوص؛ حيث يغلب على الإنتاج في لغتنا الإنشاء مقارنة بصناعة الدلالة، لا سيما وأنّ ما أنجزتُه ضمن حقل الإنسانيات والاجتماعيات يبدو للكثير من المطّلعين على محتوياته متشعّباً ولا يجدّف في الاتجاهات السائدة في اتكائها المفضوح على الثنائيات السطحية في صياغة تصوّراتها الفكرية والمعرفية، وحتى الإبداعية أيضاً. </p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أيّ مسار كنت ستختار؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />- لا أعتقد أن فضولي سيبتعد كثيراً عن الانشغال بالكتابة والبحث والإبداع الفني، بصرف النظر عن مجال اشتغالي المعرفي ضمن حقل الإنسانيات أو ضمن مجالات أُخرى جمالية. كما لا أنكر أنّ مجال النضال المدني والفعل السياسي وصناعة المحتويات وإعادة اختراع اليومي من خلال توسيع نطاق المدركات الجمعية، والتأثير في الرأي العام والإسهام في صياغة الانتقال وتشبيك الوساطات، أمور تستهويني جميعها، ولها قدرٌ غير قليل من الإثارة في أعماق شخصيتي. </p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />- أريد لمن أحسب على عالمهم وأتّصل - ذائقةً وانتماءً - بثقافتهم أن ينخرطوا من دون تشنّج مغال في نبض العالم، وذلك بعد إنجاز المراجعات الضرورية الصعبة، ومن أوكدها الانصراف للعمل الجاد والكريم، واستبطان أخلاق الأحرار، وإعادة بناء الثقة مع مختلف الغيريات الثقافية والحضارية المساوية لنا، أو التي جاوزتنا بسنوات ضوئية كونياً. </p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">■ شخصية من الماضي تود لقاءها، ولماذا هي بالذات؟ </span><br style="box-sizing: border-box;" />- هناك العديد من الشخصيات التي وددت لو قُيّض لي الاحتكاك بها ومعرفتها عن قرب، حتى وإن تراءى لي أن فضولي الخرافي وانفتاحي على أزمنة مديدة بحكم نبشي في الغيرتين الزمنية والمكانية، قد دفعني جميعها إلى الحفر في جوانب متعددة تتصل بمسارات حياة من عاصرتهم أو من سبق مرورهم وجودي بقرون. لكن المؤكَّد أنني اصطدمتُ صبيّاً بجماليات الصورة السينمائية، فقد قُدر لي التردّد على القاعات لمتابعة عروضها مبكّراً، ومنذ سنوات الطفولة الأولى. لذلك فإن إعادة تركيب الأزمنة والأمكنة بشكل مرئي بغرض الإجابة عن أسئلة الحاضر دون سواها، تصرُّفٌ حرّك مشاعر الدهشة لدي، وشكل واقداً تعالَق بشكل عميق مع مساري الشخصي، مطوّراً قدراتي التخيليّة الذاتية. ولأنني أحببت السينما فقد تأثرت كثيراً بمنجز آباء الواقعية في سينما المؤلّف ومن نحا منحاهم وسار على خُطى إبداعاتهم شرقاً وغرباً. فقد أذهلتني مثلاً القراءة الجمالية غير المسبوقة لـ فيليني، إلى حدّ عقد العزم على متابعة الدراسات العليا في مجال الإخراج السينمائي. غير أن سياقات مساري الدراسي والوسط الذي نشأتُ فيه شاءت غير ذلك وحوّلتني إلى الاشتغال بالإنسانيات عبر مرافقة مسارات عفا عنها الزمان واحتفظت بها الذاكرة الانتقائية لجامعي الأخبار والحوليات وكتّاب التراجم، وهي لو ندري مادة يمكن من خلالها صناعة معرفة أدق بذواتنا أشد مضاء وفاعلية من تلك التي نعتقد أن مخالطة من يتقاسمون معنا الأيام والأعمال كفيلة وحدها بالمسك بتعقيداتها وتفاصيلها المربكة والعصيّة عن أفهامنا في أحايين كثيرة. </p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">■ صديق يخطر على بالك أو كتاب تعود إليه دائماً؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />- أستطيع دون مكذوب ادعاء أنني قارئ نهم يتوفّر على قدر كبير من المصابرة والمتابعة والدقيقة. وهو أمر أتقاسمه مع عدد غير قليل ممّن أعرف سعة اطلاعهم ومقدار فضولهم أيضاً. غير أنني مع بالغ الأسف لم أرافق طوال مساري أناساً كثيرين. كما أني لم أشعر صدقاً بالحاجة الملحّة لمثل هذا الطقس المفعم بالوديّة والإصرار على تطوير دائرة المخالطة قصد الاستفادة وتقاسم الخبرات والمصالح أيضاً. وهذه واحدة من سمات شخصيتي في طبيعتها الخجولة والانطوائية، وهو ما لم أشعر بالحاجة لمراجعته أو تقويمه. غير أن جميع ذلك لا يعني أنني لم أحظ ببعض الاهتمام، بل وحتى إعجاب الكثير ممن تقاطع مساري الأُسري والاجتماعي والمهني معهم. غير أنّ انصرافي إلى العزلة والقراءة منذ سنوات الشبيبة الأولى، وحتى قبل ذلك في ما أعتقد، هو الذي طوّر مخيّلتي وحدّد جوانب من شخصيتي الافتراقية القلقة، في سذاجتها الإرادية واستعصاء جماليتها النزقة أيضاً عن فهم العديد ممن اقتربتُ منهم أو اقتربوا منّي. فقد كان لي اطّلاع مُبكر على الإنتاج الفكري وعلى بعض الجوانب المتّصلة بالفلسفات الغربية والشرقية، سبق بكثير مطالعتي للأعمال الأدبية وتذوّق الشعر والروايات العالمية والأدب الكلاسيكي وكتب التراث العربي الإسلامي أيضاً. أمّا ضمن تخصّصي المعرفي الضيق فأشير إلى أثرين أعتبر أنهما قلبا مجرى إدراكي الشخصي لحرفة المؤرّخ، وأقصد تحديداً كتاب "حرب البيلوبوناز" لمؤرّخ أثينا توقديدس، و"خريف العصور الوسطى" للمؤرّخ الهولندي يوهان فيزنغا. أمّا بخصوص مصادر التراث العربي الإسلامي فإنني لم أقرأ صدقاً مؤلّفا أروع من "عثمانية" الجاحظ.</p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">■ ماذا تقرأ الآن؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />- أنهيتُ في استعجال مفعَم باللذة قراءة رواية المهندس الجزائري عبد الوهاب عيساوي "الديوان الاسبرطي". كما قرأتُ بنفس النهم رواية لا تقلّ عنها إثارةً كتبها الصحافي البرتغالي رودريغاش دوس سنتوس، عنوانها "الصيغة الرياضية المشفّرة لله".</p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">■ ماذا تسمع الآن وهل تقترح علينا تجربة غنائية أو موسيقية يمكننا أن نشاركك سماعها؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />- أطرب كثيراً لألحان بليغ حمدي وعمر خيرت ومحمد عبد الوهاب التي وسمت بشكل لافت عصرها وتُواصل بريقها لعشريات مديدة. كما أحب كثيراً محاكاة الموسيقى الكلاسيكية في إعادة توزيع أغاني التراث وحتى عروض المنوّعات ذات الزخم الشعبي في موسيقى الشعوب، وكذا الموسيقى الإثنية والموسيقى الروحية في ضروبها وألوانها المتعدّدة. كما أنني غير منقطع عما يُسمّى حاضراً فنَّ الشوارع والموسيقى البديلة ضمن أعمال بعض المجموعات وتجارب العديد من الفنّانين على غرار مجموعة "اتجاه إجباري" المصرية، والأعمال الفنية لعازفة الأكورديون يسرى الهواري، وعازفة العود كاميليا جبران، والفنانة المغربية نبيلة معن، وغيرهم.</p><p class="selectionShareable" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #151f34; font-family: NassimArabic-Rg; font-size: 21px; letter-spacing: 0.2px; margin-bottom: 25px; margin-top: 0px; overflow-wrap: break-word; text-align: justify;"><br style="box-sizing: border-box;" /><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">بطاقة</span> <br style="box-sizing: border-box;" />مؤرّخ تونسي من مواليد 1958 بالقيروان. أستاذ التاريخ الثقافي بجامعة تونس. تدور اهتماماته البحثية ومنشوراته الأكاديمية حول التاريخ المقارن للمجالَين المغاربي وضفّتَي المتوسّط طوال الفترة الحديثة والمعاصرة. من أبرز أعماله: "أخبار المناقب: في المعجزة والكرامة والتاريخ" (1993)، و"مميزات الذهنيات المغاربية في القرن السابع عشر" (1994)، و"مغرب المتصوّفة من القرن 10 إلى القرن 17: الانعكاسات السياسية والحراك الاجتماعي" (2005)، و"كتاب السيَر: مقاربات لمدونات المناقب والتراجم والأخبار" (2007)، و"بين الذاكرة والتاريخ" (2015)، و"أخبار التونسيين" (2018). كما أشرف على مؤلّفات جماعية من بينها: "الأنثروبولوجيا التاريخية: المساهمات، والمكاسب، والآفاق"، و"تمثلات المجال بالمغارب وما سواها"، و"في التونسة: وجهات نظر متقاطعة".</p>Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-19189712751948082092020-09-13T14:56:00.000+02:002020-09-13T14:56:14.544+02:00صناعة المعرفة التاريخية العربية: سياقات بناء الدلالة وأشكال تأويل الـمُتَمَثَّل (مراجعة صادرة بمجلة أُسطور عدد 12/ 2020 )<div style="text-align: justify;"> </div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div class="separator" style="clear: both; text-align: center;"><a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXbrcW61HcZhuR24xGCHsPH6qrfADzqhrthdwHNqcl8_hhfr7_wnibN0fgDOkOC42NzoSlpn7wJpV8No9gJjct6qXI53c18R0H1uwHXN2RabBHS6ti6a-Ic2QejnZFCAWnhS6_2CGZ8lHj/s580/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D8%25A7%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AE+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25B1%25D8%25A8%25D9%258A+%25D9%2588%25D8%25AA%25D8%25A7%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AE+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25B1%25D8%25A8.png" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="400" data-original-width="580" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgXbrcW61HcZhuR24xGCHsPH6qrfADzqhrthdwHNqcl8_hhfr7_wnibN0fgDOkOC42NzoSlpn7wJpV8No9gJjct6qXI53c18R0H1uwHXN2RabBHS6ti6a-Ic2QejnZFCAWnhS6_2CGZ8lHj/s320/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D8%25A7%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AE+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25B1%25D8%25A8%25D9%258A+%25D9%2588%25D8%25AA%25D8%25A7%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AE+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25B1%25D8%25A8.png" width="320" /></a></div><br /><div style="text-align: center;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"><br /></div><div style="text-align: justify;"> صدر عن المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسية بالدوحة في شهر أبريل 2017 مؤلف
جماعي حمل عنوان "<b>التاريخ العربي </b></div><div style="text-align: justify;"><b> وتاريخ العرب كيف كتب؟ وكيف يكتب؟ الاجابات الممكنة</b>" متضمّنا عروضا استهلالية في 20 صفحة خُصصت للورقة الخلفية لفعاليات المؤتمر
السنوي للدراسات التاريخية المنعقد ببيروت خلال شهر مارس من سنة 2016. كما اشتملت
أيضا على تمهيد من وضع منسق أعمال المؤتمر وجيه الكوثراني حمل عنوان "التأريخ
العربي: بين التاريخ الشامل والتاريخ الجزئي"، وافتتاحية بقلم المؤرخ خالد زيادة
عرضت بشكل تركيبي مختصر إلى جملة من الملاحظات بخصوص "استخدم الوثائق في كتابة
التاريخ العربي". شكلت مختلف تلك العناصر إطارا سانحا لتبويب شواغل ما لا يقل عن 32
إسهاما منهجيا وتاريخيا نُوقشت محتوياتها ضمن أشغال المؤتمر المشار إليه، قبل أن
تصاغ نهائيّا لتتخذ موقعها ضمن مكوّنات هذا الأثر الجامع. فقد آثر منسق المؤتمر
ومعدّ أعماله للنشر تقسيم مختلف العروض التي شغلت مجلدا واحدا احتوى على 1056 صفحة
(شغل فهرسه العام 39 صفحة)، إلى ثلاثة أقسام: حمل أولاها عنوان: "كتابة التاريخ
العربي حقلا وتحقيبا ومنظورا"، جامعا ما لا يقل عن عشر مساهمات امتدت عروضها
المعرفية على 315 صفحة. في حين شغلت مساهمات القسم الثاني الثمانية، تلك التي حملت
عنوان: "مسائل واتجاهات في التواريخ الوطنية" 270 صفحة، وتوزّعت مساهمات القسم
الثالث والأخير الذي تضمن 384 صفحة وحمل عنوان "التاريخ المقارن ومسائل من حقل
الذاكرة والتاريخ"، على شاغلين اثنين: اتصل أولاهما بالتاريخ المقارن جامعا 5
مساهمات، بينما خُصّص الثاني لعلاقة الذاكرة بالتاريخ أو لما قد تستقيم تسميته أيضا
بــ "أشكال تأويل الـمُتمثَّل تاريخيا"، مشتملا على 9 مساهمات أو عروض. استهلالات:
ناقشت الورقة الخلفية للمؤتمر مجمل الهواجس التي قادت المنظمين أو المشرفين على
انعقاده، تعلّق جميعها بمسار بناء المعرفة وانتاج الدلالة التاريخية طوال الفترة
المعاصرة عربيا. واتصل ذلك تحديدا بأهمية التراكم مشرقا ومغربا، وحقيقة حضور عوائق
معرفيّة في البحث التاريخي شملت قراءة السياقات الزمنية أو بناء الحقب التاريخية
وتحديد المجالات أو الأطر المكانية والموضوعات والمصادر والمنهجيات ومناويل أو/
ونماذج البحث المتّبعة، وجميعها مطبّات يحسن التفكير مليّا في أيسر السبل الكفيلة
لتجاوزها. فليس من المنطقي في شيء الاصرار على مواصلة محاكاة التقسيم الكلاسيكي
الأوروبي بعد تزايد الدعوات إلى إعادة النظر في توجهاته الإثنو – مركزية المعلنة
كونيا. كما أنه ليس من المنتج للدلالة أيضا تواصل اللبس المقصود في صياغة التاريخ
العربي بالتعويل على مفاهيم الأمة العربية أو/ والإسلامية تساوقا مع ما انجزته
مدرسة الاستشراق في ما ركّبته مؤلفات "بروكلمان" و"حوراني" وغيرهما، تحاشيا للوقوع
في الإسقاط أو "الأناكرونية" حال تركيب التواريخ العربية/ الإسلامية الشاملة أو
المونوغرافيات الاقليمية الكبرى (الشام، والجزيرة والمغرب)، وكذا الأمر بخصوص صعوبة
إدراج تاريخ العرب ضمن التواريخ العالمية المقارنة كما جسّمتها كتابات "توينبي"
و"بيران" و"بروديل" و"ميكال"، وغيرهم، وصاغته أيام ازدهار الحضارة العربية
الإسلامية في الفترة الفاصلة بين القرنين التاسع والرابع عشر الميلادي، كتابات
اليعقوبي والطبري والمسعودي والشهرستاني ومسكويه. على أن العروض التي طالت التواريخ
القطرية أو الوطنية قد تأثّرت هي الأخرى بالمسارات المتعثّرة للدول الناسلة عن
تصفية الاستعمار، حيث وُضِعت أساسا بغرض التنشئة المدنية وصياغة مشاريع الدول
الوطنية بشكل شابه التلفيق وانتابه اللبس والترميق، بحيث لم يوفّق عامة في تقديم
إجابات دقيقة حول المواضيع المتعلّقة بالحدود وتعدّد الانتماءات والعلاقة بتواريخ
ما قبل الإسلام، وكذا بجميع الأساطير المكوّنة للوعي الوطني. وهي حقيقة طفت على
السطح حال تسليط الأجيال الجديدة من المؤرخين العرب الأضواء على موضوعات غير مبذولة
صُنّفت لوقت قريب في خانة المسكوت عنه، تحيل على أيام الأفراد وأعمالهم كما على
خصوصياتهم الدينية والإثنيّة والثقافية. واصل المؤرخ وجيه كوثراني ضمن عروضه
التمهيدية تفكيك مأزق الكتابة التاريخية العربية المعاصرة بين الشمولية والجزئية،
وهو ما ألجأ الباحثين الذي قاربوا ذلك التاريخ من الخارج إلى استعمال مصطلحات خاصة
تحيل على "تاريخ الشعوب العربية/ الإسلامية"، تلك التي ساهمت جغرافية اللغة
والثقافة في صهرها أو بناء تجانسها ضمن "مجتمع معنوي". وهو ما جسّمته بشكل ملموس
تنقلات الجماعات الإثنية الكبرى والنخب التجارية والدينية أو الفكرية بين المشرق
والمغرب، وحاول المؤرخ العراقي عبد العزيز الدوري الاستدلال على وجوده ضمن مؤلفه
"التكوين التاريخي للأمة العربية". غير أن مثل هذا الجهد التاريخي المعوّل على
المنظور التركيبي المنخرط في تقديم سرديات تاريخية كبرى، لم تتم الاستجابة له
بالشكل المؤمّل ضمن مختلف إسهامات واضعي هذا التأليف، أولئك الذين آثروا الخوض في
رصيفتها القطرية أو الوطنية وعَفَوْ بالرمّة عمّا نعته واضع هذه العروض التمهيدية
بـ "التاريخ التركيبي أو التوليفي الشامل للأقاليم الواسعة (الجزيرة، والشام، ووادي
النيل، والمغرب) تواصلا/ أو نقدا مع ما سبق لعبد الله العروي في بداية سبعينيات
القرن الماضي إنجازه ضمن موجزه التركيبي المقارن والبديع أيضا حول "تاريخ المغارب".
والظن بعد هذا أن ما لقاه محور التأريخ للفرد والأسئلة المتصلة بعلاقة الذاكرة
بالتاريخ كما التركيز على تاريخ الأقليات وتاريخ المهمّشين وفقا لمعالجات توسّلت
بتداخل التخصّصات بل وبعبورها أحيانا، مُندرِج كما قد بات بيّنا في محاولة لتجاوز
هنات الـمُنجز، توقّيا من الكلفة الباهظة للتردّد في الانخراط معرفيّا ضمن ما
اصطُلح على تسميته كونيّا بـ"المنعرج التاريخي الثقافي". ولاعتبارات تتصل بمحورية
العلاقة التي يتعيّن أن تربط المعرفة التاريخية بمختلف مدوناتها، فضّل منسق المؤتمر
والمشرف على التأليف إدراج إسهام خالد زيادة ضمن العروض الاستهلالية وذلك باعتبار
تلازم محتواه مع ما تضمنته الورقة الخلفية والعروض التمهيدية، فضلا عن تأكيده على
ضرورة توسيع الاطلاع على الوثائق الأرشيفية والتعويل عليها في بناء الفرضيات
التاريخية بخصوص التواريخ العربية. وهو أمر سبق لدراسات المستشرقين المنجزة في
الغرض التفطّن له ("سيديو" و"لوبون" و"بروكلمان"). فقد تواصل التعويل على ما تضمنته
الوثائق القنصلية وسجلات المحاكم الشرعية في دراسة مجتمعات العرب واقتصادياتها على
شاكلة ما هو ماثل ضمن أبحاث "أندري ريمون" وغيره من المؤرخين العرب لاحقا، تجاوزا
للعروض المكتفية بمعالجة كتب الأخبار والوقائع السياسية والعسكرية، وتوسّعا في
استقراء المسائل المتّصلة بتطوّر الأسعار والغلاء وحركات الاحتجاج الاجتماعي وغيرها
من السياقات الدالة على الانتقال من الواقع التقليدي والتطلّع إلى الاندماج في زمن
الحداثة عربيا. وهي طريق أسهمت مدرسة الحوليات الفرنسية إثر الحرب الكونية الثانية
في رسم معالمها، ينبغي على المؤرخ العربي الاعتبار بها إذا ما رام تخطّي مختلف
السرديات العربية التي لا تزال منشدّة إلى تصوّرات إيديولوجية ضمنية أو معلنة.
صناعة التواريخ العربية بين الكونية والمحليّة: ليس من الهين في شيء الاقدام على
توظيف جملة من الإضاءات المختلفة بخصوص طبيعة العلاقة التي تربط التحوّلات
المتسارعة التي طالت ولا تزال المعرفة التاريخية كونيا بمختلف الأشكال التي خضعت
لها منذ القرن الماضي صناعة التواريخ العربية ضمن مؤسسات بحث عربية أو أجنبية. فقد
جمع من أقام على تنسيق عروض هذا الكتاب ما لا يقل عن عشرة مساهمات عرضت علينا - وفق
تصوّرات منهجية متباينة- جملة من المسائل يحسن اختزالا للدلالة تصنيف مضامينها
نقديا وفق محورين كبيرين: واحد حاول تقليب النظر في إشكالية كتابة التاريخ العربي
من منظور التاريخ العالمي بالتعويل على نماذج من التواريخ الجامعة أو الكونية،
مثلما تعرّضت إلى ذلك مباحث أحمد الشبول، وأحمد أبو شوك، وإبراهيم القادري بوتشيش،
ومحمد مرَقْطن، وعمار السمر، ومحمد الأزهر الغربي، في حين فضّلت بقية النصوص
المتّصلة بهذا القسم الافتتاحي الحفر في ذات الموضوع بالتعويل على عينات مصدرية أو
أمثلة حصريّة محدّدة على غرار ما تولّت انجازه إسهامات محمد عز الدين وعبد الرحمان
شمس الدين وأنور زناتي وأمل غزال. فقد تم استدعاء مدونات المسعودي وابن خلدون
بوصفها عروض مُمثِّلة لحدود تطوّر المعرفة التاريخية عربيا طوال الفترة الوسيطة
المتأخرة، قصد ردّها إلى منهجيات حديثة تحيل على سياقات تشكّل الحضارات الإنسانية
في مؤلفات "بروديل" و"ماكنيل" و"شبنغلر" وتطبيقاتها في تصوّرات "برنارد لويس"
الاستشراقية و"هنتغتون" الايديولوجية حول "صراع الحضارات"، أو ضمن تلك الواردة لدى
المحتفظين عكسيا بفكرة حوارها. كما أن التطرّق إلى مختلف الصعوبات التي حالت دون
الاتفاق حول أمثل السبل لتركيب وقائع التاريخ العربي زمانيا، قد أعادت فتح ملف
كونية الكتابة التاريخية إلى المربع الأول، ودفعت إلى البحث عن أمثل السبل الـمؤدية
إلى إدراج تلك السردية التاريخية ضمن امتداداتها الكونية المتضمّنة للحقب الثلاثة
(قديم ووسيط وحديث) أو أزمنة بروديل الثلاثة (الأمد الطويل أو زمن البنى، والزمن
الدوري أو الاجتماعي، وزمن الوقائع أو الحوادث السياسية السريعة)، وكذا الأمر
بالنسبة لعروض مدرسة الاستشراق في مؤلفات "ديورانت"، و"هدجسون"، و"شلومو ديف
غويتن"، توقيّا من التوجّهات العكسية الداعية إلى "أسلمة" تلك التواريخ وفقا
للتصوّرات التي حملتها مؤلفات "قطب"، و"إلياس"، و"أشرف"، و"الصدر" و"خليل"، ودعما
لتوجهات أبستمولوجيا الحقب الواردة ضمن عروض "أركون" و"العروي" أساسا. ويجد هذا
التمثّل نقلة نوعيّة لمضامينه ضمن التصوّرات الداعية إلى تجاوز الحقب السياسية
المتداول وردّ معرفة التواريخ العربية إلى أفق يعوّل على مقاربة الحقب الثقافية،
تلك التي تفسّر الظواهر الكبرى انطلاقا من التحولات المعرفية لا السياسية، مُعتبرة
بالرجّة التي عاشها المجال العربي بوصفها تمهيدا لنهضة عربية ثانية مكمّلة لما تم
انجازه خلال القرن التاسع عشر. فقد حملت الحقبة الكونية الجديدة في تاريخ البشرية
تحوّلات عميقة تحت تأثير الثورة الرقمية التي أنتجت فعلا بشريا جديدا بعد أن نجحت
في تهجين الهويات دينيّا ولغويّا وقوميّا وجنسيّا. وأنهى "الزمن السيبراني" بالرمة
عالما قديما، ليتحوّل الكون إلى خلق جديد يحتاج معه المؤرخ إلى تطوير أدوات عمله
تلاؤما مع إكراهات "الحاضرية"، واستشرافا لما يخبئه المستقبل للبشرية بالتعويل على
استقراء البحوث الميدانية أو الافتراضية ذات الصلة بالدينامية المتعاظمة لشبكات
التواصل الاجتماعي. ولعل للاعتبارات المتصلة بحقيقة ظهور أولى الحضارات القديمة
بالعالم العربي (سومر، وبابل، وأشور ببلاد الرافدين، والفراعنة بمصر، وأبيلا،
وأوغاريت، الكنعانيين، والأرمية بالشام، ودلمون، ومجان بالجزيرة وعمان، وسبئية،
وقتبانية، ومعينية، وحميرية، غرب الجزيرة، وكندة ولحيان وتيماء والأنباط والحضر أو
تدمر شمال الجزيرة وأطرافها، واللوبيين والأمازيغ بمجال المغارب) آصرة وثيقة بضرورة
تجديد التفكير في منهجية كتابة تواريخها والتساؤل عن مدى توفّر أمة العرب على هوية
تخصّها. غير أن الاعتراف بقلة النجابة وتواضع المراكمة وهيمنة المنجز الأثري الغربي
بتصوّريه الدنيوي الاستعماري والديني التوراتي، يدعواننا حاضرا إلى الانخراط بثبات
في ما ساهمت الاكتشافات الأثرية والنقيشية خلال العقود الثلاثة المنقضية، ونقصد
نقوش الجزيرة العربية وكتاباتها كالرقم الأشوري والبابلي، وكذا المصادر السريانية
والأكادية والأوغاريتية والسبئية في انجازه، تخطّيا للصورة التاريخية القاصرة أو
النمطية التي وفّرتها مصادر التراث العربي الإسلامي حول تاريخ جزيرة العرب القديم
وحضاراتها. وهو في تقديرنا ذات الهدف الذي عملت على تحقيقه المساهمتين المتبقيتين
ضمن هذا الشاغل وقد تم تخصيصهما لتقييم التجارب الرسمية في كتابة التاريخ العربي
وتوضيح مدى انخراط تلك الكتابة تحديدا في انتاج معرفة دقيقة وأصيلة أيضا حول تاريخ
العرب الاقتصادي. فلئن تمّت الاشادة بالجهد المبذول من قبل المساهمين في التجارب
الرسمية بكل من سوريا (تلك التي لم يتم استكمال أبحاثها) ومنجز المنظمة العربية
للتربية والثقافة والعلوم بعد صدور أجزاء "الكتاب المرجع لتاريخ الأمة العربية"
السبع، تساوقا مع تعدّد الاكراهات التي عاشها واضعوها، فإن محصّلتها تشي باستحالة
بلوغها للأهداف المعلنة من وراء انجازها ومثلما شدّدت على ذلك تقييمات المؤرخة
الألمانية "أولريكه فرايتاغ" ضمن مؤلفها الموسوم بـ"الاستوغرافيا السورية
1920-1990: بين المقاربة العلمية وهيمنة الإيديولوجيا". كما أن التساؤل عن الحيّز
الذي شغله التاريخ الاقتصادي صلب المعرفة التاريخية العربية ومدى مشاركة مؤرخيها في
توخّي مختلف مقارباته قصد مزيد فهم الحقب أو المراحل التاريخية المختلفة التي مرت
بها البلاد العربية، مسألة حَرِيّة بالتدبر، ثبت بالحجة والبرهان تواضع باع المعرفة
التاريخية العربية في إتمامها. ويعود ذلك وفقا لما تم اقراره للمشاكل المتصلة بفتح
الأرشيفات أمام الباحثين أو انعدام وجودها بالكامل، فضلا عن زُهد الثقافة العربية
في الاعتبار بقيمة المادي والانقطاع عن التفكير في الاقتصاد السياسي الذي تبلور منذ
عصر النهضة أوروبيا، بل واعتباره تصرّف "مكروه" "أو "غير مندوب"، مع عجز الحركات
الإسلامية حاضرا عن بلورة فكر اقتصادي إسلامي وإخفاق حركات التحرّر عربيا في عرض
بديل اقتصادي وتواضع سياساتها في الغرض إذا ما قارناها بالتركيز المشطّ على
التواريخ السياسية المشوبة بتوجهات إيديولوجية غير خافية. ومهما يكن من أمر فإن
عروض بقيّة المساهمات المحسوبة على نفس القسم قد آلت على نفسها التثبّت بشكل تفصيلي
أو جزئي فيما قدّرته العروض التي كنّا بصددها حول أشكال انخراط كتابة التواريخ
العربية وتطوّر مناهجها ضمن التصوّرات الناظمة لصناعة التواريخ الكونية. فقد بيّن
الإسهام المنجزة بخصوص طبيعة المنهجية التي احتذاها "كمال الصليبي" ضمن مختلف عروض
مؤلَفِه "التوراة جاءت من جزيرة العرب" مثلا، اعتماد الباحث على الجغرافيا
التاريخية للتوراة وكذا لأسماء الأماكن بغرض البرهنة على أن مجال شبه الجزيرة
(الحجاز واليمن) لا بلاد الشام ومصر، هو الذي عاين وقوع مختلف الحوادث المؤسِسة
للرسالة الكونية للديانات التوحيدية. لذلك احتاجت المنهجية المتّبعة من قِبَلِه وفي
المقام الأول إلى معرفة جيّدة باللغة العبريّة الساكنة أو القديمة الخالية من
الحركات الصوتية، تلك التي مثّلت العربية مرجعا في دراستها بوصفها اللغة السامية
الحيّة حاضرا، مع الاعتبار في جميع ذلك باختلاف التصويت وتحوّل الحروف في استكشاف
معاني مختلف الأماكن الواردة في الكتاب المقدس بوصفه حكاية للخلق قُدّت من لغات
سامية تقع بين العبريّة والعربية والسريانية والأرمية القديمة، وخضعت عملية تفكيك
شفرتها إلى تقنيات الاستبدال والتعريب والترجمة. وتبدو محصلة التدقيق في طبيعة
الإسهام الذي يوفره الحفر في مدونات النوازل مغربا ودور التنظيم الشبكي في تعزيز
قدرات المقاومة والانتشار على كامل المجال العربي لدى الأقليات المذهبية الإباضية،
عناوين فرعية لجملة من التطبيقات التقنية والمنهجية العاملة على استدرار معين
مدوّنات مخصوصة ساهمت ولا ريب في توسيع أفق الدراسات التاريخية العربية وخاصة
الاقتصادية والاجتماعية منها، سامحة بتغيير أفق التركيز المشطّ حول المشرق
والاعتراف لمجالات المغارب والصحاري الطرفية بأهمية مُنجَزِها في صياغة سرديّة
عربية تُؤثر نهج التشبيك، مُقرّبة في حق الإباضية بين عمان وزنجبار والمشرق والمغرب
سواء على أيام النهضة العربية والاصلاح الإسلامي أو الوحدة العربية بعد تصفية
الاستعمار. فتركيب مرويّة الترابط التاريخي العربي لا ينبغي أن تُبتسر في اللغة
والثقافة والدين، بل يتعيّن أن تطرح على نفسها مهمة صياغة جغرافيا عربية جديدة.
ويستدعي استكشاف مختلف هذه الزمنيات المتصلة بصياغة السردية التاريخية العربية وفي
عملية "عود على بدء تبحث في الزمن الضائع" غلق حلقة علاقة كتابة التاريخ العربي
بصناعة التاريخ الكوني عبر التوقّف عند عمق تحولات زمانيات ما بعد التسلطية
العسكرية مصريا وفكّ شفرة علاقتها بثنائي التاريخ والذاكرة وفقا لما جسّمته
التصورات التي صاغها "بندكت أندرسن" ضمن مؤلفه "الجماعات المتخيّلة تأملات في أصل
القومية وانتشارها". لذلك تم اللجوء إلى توضيح الأدوار التي عادت لما وُسم
بالـ"خبرة التزامنية"، و"التمثّل"، و"عجلة الإنتاج"، في صياغة الانتماءات القومية
والكشف تبعا لذلك عن فشل الدولة المصريّة في "إنتاج الزمن اليومي" ودوران شرعيتها
زمن حكم مبارك ضمن خطاب ممجوج حول النماء، مع الدفع نحو الانخراط في دوامة
الـ"تذكّر الباعث على النسيان Remembrance"، وتعمّد تغيير الحقائق أو تذكّرها بشكل
منقوص ومغلوط. وهي حقيقة مُفزعة كشفت الثورة عن كارثيتها بمجرد فتح الأرشيفات
السرية والاطلاع على وثائق الحروب العربية الاسرائيلية والتبصّر تبعا بزيف الخطاب
الرسمي، مع إشراع الباب أمام زمنية محرجة أرّقت مضاجع الفاعلين السياسيين والمدنيين
بعد أن ثبت تورط جميعهم بشكل أو بآخر في التصديق على ممارسات مُخزية وذلك تحت غطاء
بناء مشاريع الدول الوطنية عربيا وتحصينها. "الخروج إلى النهار": كتابة السردية
الوطنية ومأزق التوظيف السياسي توزعت العروض التي تضمنها هذا القسم جغرافيا على
مجالين كبيرين، اتصل أولاهما بعينات من التواريخ الوطنية لبلدان المشرق العربي
(فلسطين، ومصر، والأردن، والعراق)، بينما خصّ الثاني تواريخ بلدان المغارب (تونس،
والمغرب الأقصى، وموريتانيا). فقد كشفت مساهمة نهى خلف المحسوبة على أول المجالين
وبالاستناد على مذكرات الصحفي الفلسطيني عيسى العيسي (1878 - 1950) والتعويل على
المقاربة التاريخية المجهرية، عن جوانب غير مبذولة من تاريخ فلسطين امتزج داخلها
الذاتي بالموضوعي والتبس ضمنها الماضي بالحاضر. بحيث منح وقوع التحليل المجهري عند
نقطة الالتقاء بين الزمان والمكان، فرصة سانحة لملء شواغر التاريخ الفلسطيني وخاصة
ذلك الذي يمتد منه من العهد العثماني إلى تأسيس ركائز الكيان الصهيوني، مرورا
بالحكم العثماني والثورة العربية الكبرى. فقد بيّنت المعالجة التاريخية المجهرية
لمحتوى مذكرات "العيسي" مسايرة العثمانيين للحركة الصهيونية ودعمهم للإقطاعين في
سطوهم على أراضي الفلاحين دون حق قبل التفريط فيها بالبيع للمهاجرين الصهاينة. كما
أثبتت تعاون الحركة الصهيونية مع الأنظمة العربية إبان الثورة العربية، ووعي الجيل
الأول من الفاعلين السياسيين بوجود فروق بين التيارات الصهيونية أيام الانتداب
البريطاني، وتضرّر الفلاحين بسبب خطّة التقسيم التي دفعتهم لتشكيل النواة الصلبة
للمقاومة، ومناصبة المحافظين من كبار الملاك -وباعتبار الغياب التام للبرجوازية-
العداء لهم. وتنهض مختلف هذه الحدوس المجدّدة وغيرها حُجّة على أن الاهتمام بالمكان
والذاكرة والجماعة والثقافة والهوية مُعتبر في الكشف عن المنافسات والصراعات
الـمُعلنة أو المكتومة بين مختلف الفاعلين التاريخين، وذلك قصد مزيد فهم الأسباب
التي تقف ولا تزال وراء إخفاق فعل المقاومة فلسطينيا. عرضت مساهمة "نجلاء مكاوي" من
جانبها إلى التحوّلات التي طالت التأريخ لمصر الحديثة والمعاصرة "اتجاها ونظرية
ومنهجا وقيادة"، وذلك منذ أن تحوّلت الجامعة المصرية ومع حلول سنة 1925 من طابعها
الأهلي إلى طابع حكومي. فقد تساءلت الباحثة عن مستويات التحوّل أو الانتقال في
صياغة المعرفة التاريخية وبناء التراكم المعرفي منذ الالتزام بمحوريّة دور الفرد في
صياغة الفعل التاريخي إلى علاقة نفس تلك الصناعة بفعل الجماعة توافقا مع التفسير
المادي للتاريخ في تصورات مؤرخي اليسار المتأثرين بالنظرية الماركسية، فالاستجابة
لمقتضيات الهوية في مراجعات الباحثين الإسلاميين وتفسيراتهم. وهدفت تلك السيرورة
إلى توضيح دور المؤرخ في التحولات الفكرية والخصوصيات السياقية التي شكّلت نبراسا
لبحوثه الأكاديمية، مع تحديد طبيعة الأدوار التي عادت له في توظيف معارفه قصد خدمة
أهداف ثقافية وسياسية متباينة، وكذا حقيقة دفعه باتجاه التأسيس لبروز مدارس في
الكتابة التاريخية مصريا. حيث تُقرّ الباحثة أن الاشتغال على فعل القادة والعظماء
بوصفهم محركين للتطوّر التاريخي المصري، أو الاشتغال على سياقات بناء مختلف الأنظمة
السياسية الحاكمة كما التبصّر بروافع ومسارات تاريخ الحركة الوطنية وطبيعة
التطوّرات التي عاينتها بنية الذات التاريخية، قد أضحى مثار شكّ بعد الرجّة العنيفة
التي أحدثتها وقائع بداية سنة 2011 الفارقة. وهي أحداث دفعت بالأجيال الجديدة إلى
مناوئة توجّهات السلطة المستبدة وفي وصايتها على مختلف شرائح المجتمع من تزوير
للذاكرة الحيّة وتعمّد محو سجلات الثورة وصورها وأحداثها والتعتيم على مختلف
الملابسات التي سبقتها وحدّدت حصولها على الحقيقة، لكأن الإصرار على استدعاء الخطاب
القومي والدفع نحو إعادة إنتاج مقومات زمن التسلّط والاقصاء قد حفّز تشوّف الأجيال
الجديدة بل وإصرارها على التحرّر من ذلك الإرث، والدعوة المعلنة إلى القطع مع
مخلفاته الكارثية من خلال إعادة قراءة معافاة من جميع نوازع التضليل والتلفيق
لتاريخ مصر الحديث والمعاصر. وتكشف بقية المساهمات الخاصة بالمجال المشرقي تلك التي
عادت مهمة خطّها وبخصوص علاقة الأردن بالتاريخ الوطني إلى "مهند مبيضين"، وفيما
يتصل بالسياقات المتحوّلة للكتابة التاريخية ومناهجها بالعراق إلى "نصير كعيبي"، عن
اتسام المعرفة التاريخية بحالة من الاستمرارية المفتعلة أو الركود المخاتل أردنيا،
يبدو التوجّس من فتح ملفات سياسية مُحرجة للأسرة الهاشمية الحاكمة وللأطراف القريبة
منها باعثا أساسيا عليه، حتى وإن ثبت انخراط فعل تركيب تلك التواريخ في ظلال
القضيّة العربية أو حول إشكالية تكوّن الشخصية الأردنية وإعلاء دور الحركة الوطنية،
مع تفرّع تلك الكتابة على أربع مؤسسات متضامنة هي الجامعات واللجان الوطنية ومراكز
البحوث والدراسات والعروض التاريخية المستقلة، تلك التي غلب عليها نفس أدبي
واجتماعي غير خافي. على أن محصلة ما تراكم من بحوث في التاريخ السياسي تبعث على
الاعتقاد في قلة نجابة المؤرخين (مع حضور استثناءات) في مبارحة المواقع المباحة
رسميا وتشكيل خلفيّة فلسفية أو فكرية تنمّ عن حضور اختيارات مستقلة، فضلا عن
التعامل النقدي مع تاريخ الحركة الوطنية أو البحث في تاريخ الكوارث والجوع والسجون
والأمراض وغيرها من الإشكاليات المتفرّعة عن المقاربات المحسوبة على مختلف تيارات
الكتابة التاريخية المحدثة أو المجدِّدة. ولا يخرج مسعى المبحث المخصص لعرض سياقات
الكتابة التاريخية العراقية ومقارباتها المنهجية عن ذات الإطار، محاولا إعادة تقويم
الصورة النمطية المتمثلة داخليا في تحولات الأيديولوجية الرسمية المهيمنة على
المسار الجمعي، وباعتبار تأثير التحوّلات التي اعترت نمط الانتاج المهيمن، على
تصريف الشأن الاقتصادي عراقيا على توجهات انتاج المعرفة التاريخية. في حين اتصل
الأمر خارجيا بتعدد الحواضن التكوينية والمنهجية الغربية للآباء المؤسسين لتلك
المعرفة. لذلك يصبح من غير الدقيق بالمرة وفي غياب التراكم المعرفي وانعدام
المجايلة والتداول المبني على الجدارة والتأهيل الأكاديمي الحديث عن وجود مدرسة
تاريخية بمواصفاتها المهنية ووظائفها التنظيرية والتأصيلية بهذا البلد، حتى وإن
عاينت الكتابة حضور عدة "أنماط راسخة"، على غرار ما وسمه المؤلف بـ "النمط الوطني
المحلي"، و"النمط الماركسي"، و"أنماط متحوّلة" على شاكلة ما وسمه أيضا بـ"الكتابة
التاريخية القومية الإسلامية"، و"التاريخ الوطني" و"تاريخ الطائفة" و"نمط الكتابة
الاقتصادية القومية"، تابع جميعها "سيرة الأمة ودورها في التاريخ" مُتعقّبا دور
أبرز الفاعلين التاريخيين عبر تركيب مساراتهم الحياتية على الشاكلة التي هو ماثل
بها ضمن مؤلَف عبد العزيز الدوري، "التكوين التاريخي للأمة العربية: دراسة في
الهوية والوعي". شكلت الأربع مساهمات المتّصلة بمجال المغارب (المغرب وتونس
وموريتانيا) رجع صدى لذات الإشكالية المخصّصة لمختلف القراءات التي دقّقت في طبيعة
الشواغل الواسمة لسرديات الدول الوطنية وأشكال تركيب الروايات المؤسسة لمشاريعها
المدنيّة والتنموية. فقد عرض عبد الرحيم بنحادة لمختلف أجيال منتجي المعرفة
التاريخية (3 أجيال) وللمجالات البحثية التي اشتغلوا عليها كالتحقيق،
والمونوغرافيا، والتاريخ العلائقي مع المشرق وأوروبا وإفريقيا، فضلا عن مساءلة
الغيريات، والاشتغال على تاريخ الزمن الراهن، وصياغة العروض التركيبية، مع التعرّض
إلى مختلف أُطر النشر الجامعي ومؤسساته وطبيعة العوائق التي تعترضه مغربا. وانتهت
محصلة أبحاثه إلى الاعتبار بأن تمكّن المؤرخين المغاربة من الانفراد بقرابة ثلث
انتاج المعرفة في حقلي الإنسانيات والاجتماعيات مغربا، لا ينبغي أن تحجب عن انظارنا
اتسام التراكم المعرفي التاريخي بالهشاشة، مع انعدام القدرة على تجديد الأجيال بشكل
يضمن الجودة والصدقية المأمولة وتراجع الإنتاج المعرفي بل وانحصاره منذ عشريتين. في
حين عوّل محمد حبيدة في تواصل مع ما كنّا بصدده، على المضمون الغائم لمفهوم "ما قبل
الكولونيالي" للتساؤل بخصوص وظائف التقسيم الزمني الاعتباري ومختلف الإمكانيات
المتاحة لتناوله انطلاقا من مختلف البنى الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، بُغية
موائمته مع مقتضيات الزمن الطويل وتطبيقاته كونيا. بحيث عكس مقترحه رغبة في مراجعة
استخدامات الزمن التاريخي المشدود للمفهوم "ما قبل الاستعمار"، سواء لدى المؤرخين
أو عند المشتغلين على المعارف الاجتماعية ومساءلة مختلف تلك العروض في ضوء ما وسمه
بـ "اتجاهات الإستوغرافيا راهنا". لينتهي وبعد استيفاء تحليل مختلف محاور مساهمته
التي عرضت تباعا لمختلف تطبيقات الزمن ما قبل الكولونيالي ورصد استعمالاته في
استقراء تاريخ المغارب وأنثروبولوجيا مجتمعاته، وإلى أشكال توظيف الأمد الطويل من
خلال الانحياز الكليّ إلى ضرورة التجسير بين العصور الوسطى ورصيفتها الحديثة قصد
مزيد فهم واقع الضفة الجنوبية الغربية للمتوسط عامة والمغرب الأقصى تحديدا وذلك حتى
انتصاب الاستعمار الفرنسي بالجزائر سنة 1830، تأكيدا على مع ما نقله "فرناند
بروديل" عن "إدمون فارال" من أن: "الخوف من التاريخ العريض هو ما يغتال ذلك التاريخ
على الحقيقة". وحتى وإن كان لفاطمة بن سليمان حال طرحها لما وسمته بـ"سياقات مسألة
الدولة في الاستوغرافيا التونسية الحديثة ومقارباتها" رأي مكمّل بهذا الخصوص، فإن
اتكائها على المقاربات المنهجية المنشدّة إلى ما وسمته بـ "الدراسات الثانوية" (أو
مشغل التابع) وكذا على "الدراسات ما بعد الاستعمارية" في مقاربات المختصّين في
الدراسات العثمانية، هو ما مكّنها من التفطّن إلى النقلة التي طالت المعالجة
التاريخية لموضوع الدولة وأشكال مقاربتها لمسائل الهوية والمواطنة والديمقراطية
والتنمية تونسيا. فقد عاينت دراسة تلك المسألة وعلى إثر تصفية الاستعمار انتقالا
جوهريا في النظرة والتأويل، بحيث أمكن المرور من اعتبار الدولة من قبل الجيل الأول
من المؤرخين التونسيين كيانا ناجزا ومصدرا لكل فعل أو تحوّل مفترض، إلى إدراج مختلف
مبادراتها ضمن الشبكة المتشعّبة للفاعلين التاريخيين، وفق المحصّلة التي انتهت
إليها مختلف التصوّرات التي أقرتها مراجعات عدد من ممثلي الأجيال اللاحقة ومباحثهم.
أدرجت الباحثة تقيمها المعرفي ومراجعاتها المنهجية لمجل التوجهات المستجلبة ضمن أفق
توقف عند سياقات القراءة في ما أسمته بـ"أركيولوجيا الدولة الوطنية التونسية" لدى
الجيل الأول "المهووس" بما نعتته بـ"هاجس الدولة" بوصفها منظومة عنف وهيمنة ونتاج
لحداثة مستوردة وولادة لدولة سلالية محليّة، فـانبعاث لـ"أمة" مستقلة بذاتها من رحم
دولة الخلافة أو الإمبراطورية العثمانية. لتنتهي وفي محور مقابل إلى إدراج النقلة
المعرفية الحادثة ضمن تحوّلات التاريخ الاجتماعي الذي عالج تاريخ الدولة من الداخل
ونوّع المناهج وغير سلّم المقاربات عاملا على ردّ كل قراءة لواقع بناء الدولة
التونسية إلى "سقف" لا يفصلها عن حقيقة ارتباط تاريخها الحديث ومجمل ديناميته
بوضعيتها القانونية بوصفها إيالة تابعة للإمبراطورية/ أو وللخلافة العثمانية. وهو
ذات المنحى الذي جذفت باتجاهه عكسيّا مختلف دراسات عبد الجليل التميمي وعمّقته
لاحقا مراجعات أسماء معلى وليلى بليلي، لتفكّك بنيته الداخلية، الأبحاث المنجزة
بخصوص الأدوار التي عادت لمختلف الفاعلين داخل الجهاز الحاكم من أعوان مركزيين
ومحليين، ومماليك، وزوجات ومحظيات/ أو ومحظيين وقريبات وغيرهم. وذلك في انتظار
توسيع أفق ذلك التوجّه عبر مقارنته بما عاينه نشوء الدولة ببقية الولايات العربية
زمن الحضور العثماني. بيد أن ما انتهى إليه إسهام حماه الله ولد السالم من
استنتاجات بخصوص ما أسماه بـ "أزمة التاريخ الوطني في موريتانيا"، يعيدنا وبطريقته
الخاصة إلى المربع الأول المتصل بتكالب مؤسسات ما قبل الدولة القبلية والمناطقية/
أو والجهوية على جميع ما هو سواها، تكريسا للـ"هوية الوطنية القلقة" الناتجة عن
أزمة مشروع الدولة وأزمة كتابة تاريخها ومراكمة المعارف الموضوعية والمحكّمة
بخصوصها في آن. والحقيقة أن مثل هذا المرض الطفولي الذي شاب المعرفة التاريخية لم
يقتصر على التجربة المشار إليها، بل شمل جميع السرديات الموضوعة بشأن نشوء الدولة
وتشكّل الذات الوطنية إفريقيا أو بمجال المغارب، بحيث كاد ابن خلدون أن يصير موضع
نزاع "عقاري" بين مختلف بلدانه. تقصّى العرض منجز المباحث المتصلة بمختلف حقب
التاريخ الوطني الموريتاني وتوقف عند مصادره العربية والمحليّة ومدارسه المعاصرة
وعوائق كتابته وفي مقدمتها إرث السوسيولوجيا الاستعمارية الفرنسية وأشكال إنجاز
المقررات المدرسية والأعمال التركيبية والأطروحات الجامعية وتلفيق المرويات
السياسية الأيديولوجية وصعوبة صياغة الهوية الجمعية وضبط الحدود الترابية وسلطان
القبيلة، فضلا عن حساسية المسألة الثقافية حول التعريب وزنوجية من نعتهم هيرودوت
بـ"أصحاب الوجوه المحروقة" ومعضلة التاريخ المحلي وغيرها من المحبطات والمعوّقات.
وهو ما يشي عامة بإخفاق مشروع الدولة الوطنية وضعف مؤسساته الحادثة إزاء سيطرة
التواريخ القبلية والأسرية، الأمر الذي يدعو إلى المسارعة بتجديد معايير الثقافة
الوطنية تأسيسا للوعي التاريخي العقلاني والانشغال بالموضوعات التاريخية الحقيقة
تشوّفا لبناء تاريخ وطني "يسمح بالتوازن بين الخصوصيّة والكونية، والقطرية
والقومية". ومهما يكن من أمر، فإن العروض التاريخية المتصلة بتشكّل تجارب الانتقال
نحو توطين المفردات الترابية الحديثة ثم الوطنية بعد تصفية الاستعمار، وعلى أهمية
التفاصيل التي وفرتها والتنويعات التي اختبرتها على صعيد السياقات التاريخية، تبقى
في حاجة إلى التعرّف تفصيليا على بقية التجارب العربية التي خصّت الكيانات السياسية
الـمُحدثة ببلاد اليمن وشبه جزيرة العرب والخليج العربي وكذا بقية البلدان العربية
الأخرى (سوريا، ولبنان، وليبيا، والجزائر)، وهي تجارب يساهم التعرّف على ما طالها
من تحولات بل ومقارنتها ببعضها البعض في تعيير الظواهر المختبرة بطريقة تُنصف تنوّع
السياقات التاريخية وتأرجّح مسيرة التحديث عربيا بين تقديم التوجّهات المدنية
الحديثة أو شدّ تجارب المركزة الترابية والسياسية إلى تصوّرات محافظة عروبية الهوى
أو سلفية التوّجه. واقع المراكمة المعرفية في التواريخ المقارنة عربيا أو "القريب
الفقير": لم تعدم العروض المدرجة ضمن الأثر الجماعي الذي نحن بصدد استعراض محتوياته
نقديا، توقّفا عند إشكالية المراكمة في التواريخ المقارنة عربيا، وذلك من خلال
تخصيص خمس مساهمات تولّى صياغتها كل من "سامر عكاش" و"عز الدين جسوس" و"طارق مداني"
و"صالح علواني" وفقيد المؤرخين العرب "محمد الطاهر المنصوري"، بغرض الوقوف عند
إمكانيات تطوريها وتحديد البعض من مراجعاتها الفارقة أيضا. فقد خاضت تلك العروض
تباعا في الاشكاليات الجديدة التي يطرحها التأريخ عربيا للعلوم، توافقا مع النقلة
التي عاينتها أشكال تقليب تلك المسألة لدى المؤرخين الغربيين العارفين بها. كما
قيّمت وفي ثلاثة عروض متضامنة معرفيا محصّلة التأريخ لمجال "الغرب الإسلامي" أو/
و"إفريقيا الشمالية" وأشكال استلهام القراءة الخلدونية في صياغة تاريخ تلك المنطقة،
ماضيا وحاضرا. كما تناولت بالتقييم تطوّر البحوث حول تاريخ الأندلس وموقع ذلك ضمن
المراكمة المعرفية عربيّا وغربيّا، محاولة الالماع وضمن آخر مساهماتها لمضمون
الاشتغال ومن بوابة المعجمية اللغوية على صورة البيزنطيين في المدونة التراثية
والحضارية العربية. فلئن تبيّن بالحجة والدليل تجاوز الدوافع التي كانت وراء
الاشتغال بتاريخ العلوم عربيا تلك التي تمثّلت في الرد على تجاهل الرواية الغربية
لإسهامات العرب العلمية والإبداعية، فإن إدراك الغرب لهنات تلك القراءة بل واعترافه
بالتقصير وتغييره للمناهج المعتمدة من خلال التشديد على الدور المهم الذي عاد إليهم
في تطور العلوم، هو ما يفرض اليوم تجاوز القراءة النمطية التي لا يتعدى أفقها موقع
المناكفة أو السجال التقليدي، قصد كتابة رواية جديدة لتاريخ العلوم تخلو من الردود
الانطباعية ومن كل نزعة استعلائية غربية لازمت تلك العروض وثبت حضورها ضمن مركّبات
المنجز العلمي الغربي للقرنين الثامن عشر والتاسع عشر. لاسيما وقد وثّقت العروض
التاريخية الغربية بالحجة والدليل دور الشعوب الشرقية في تطوير المعارف بشكل عام
والارتقاء بالرياضيات والفلك في حق الشعوب العربية الإسلامية بشكل مخصوص، علما أن
"توثيق المعلومة العلمية شيء وطرائق توظيفها في كتابة تاريخ العلوم شيء آخر".
وتتمثل المفارقة بهذا الصدد في أن مقاومة تهميش دور العرب ضمن المنجز العلمي الكوني
قد انجرّ عنه عكسيا تطويق ذلك الدور بل وابتساره في الحقبة الوسيطة دون ما سواها.
لذلك فإن مؤرخي العلوم العرب مدعوون حاضرا إلى قراءة مرحلة ما بعد "كوبرنيكوس"
عربيا بعين المقارنة قصد تحديد إحداثيات موقع العرب الفكري المتغيّر في مسيرة
التطوّر العلمي وبناء رواية عربية توضّح الأسباب الحقيقة التي حفّزت وبعد النقلة
التي أفضى إليها اكتشاف موقع الأرض ضمن المجموعة الشمسية لتحقيق ثورة فكرية وعلمية
غربا، بينما قُبل نفس ذلك الحدث الجلل بلامبالاة تامة داخل المجال الثقافي العربي
الإسلامي. مع الحرص على تفادي الوقوع في التبريرات الانطباعية التي لا تخدم سوى
القراءة النرجسية الغربية وكذا النظرة السلفية الرافضة لفكرة الثورة العلمية
الغربية والتشديد في مقابل ذلك على مدلول "الاقتناء" لا "الاستعارة" ذاك الذي أسعف
العرب على أيام ازدهارهم في نقل المعارف عن الحضارات السابقة وتملّكها وحرية
التصرّف فيها وذلك بغضّ النظر عن هوية صانعيها. وهو ما أكدت عليه وبطريقتها الخاصة
العروض التي بتّت في طبيعة الصورة التي عرضتها اللغة العربية للبيزنطيين طوال
الفترة الوسيطة، وهي عروض شدّدت وبشكل بليغ ومنتج للدلالة أيضا على انتقال اللغة
اليونانية في القاموس العربي وانصهارها ضمنه كما لو أنها قد نسلت عنه. والطريف بهذا
الصدد أن البحث عن بدائل أو عن مطابقات، تقريبا للواقع البيزنطي من ذهنية العربي أو
تعريبا ودمجا لمصطلحاته بشكل مباشر في اللغة العربية، قد توازى مع انتشار جاليات
رومية بالمجال الإسلامي ووجود علاقات متأصّلة بين الطرفين أحالت عليها وفّرة
المصطلحات والمفردات اليونانية ضمن القاموس اللغوي العربي، سواء فيما يتعلّق
بالتسميات العامة أو بالمؤسسات السياسية كالإدارة المركزية والامبراطورية والمؤسسات
العسكرية وأسماء الأعلام والمصطلحات الدينية والمالية، توسيعا للاطلاع وتأصيلا لقيم
الفضول، تشوّفا لمزيد التعرّف على الغيريات المسيحيّة كالروم أو بني الأصفر، عملا
بمأثور العرب من أن: "من تعلّم لغة قوم أمن شرّهم". ابتغت المساهمات المخصّصة للخوض
في مناهج المقاربات التاريخية الموضوعة في واقع مجال المغارب والأندلس، التدقيق في
محصلتها من بوابة تأثّر من خاضوا بشأنها بالاستشراق الغربي زمن الحضور الاستعماري،
وتوضيح مستويات تحرّر عروضها من تلك النظرة القاصرة عبر معاينة التطورات التي طالت
مقارباتها ومراجعاتها لمختلف الحقب التاريخية وخاصة الإسلامية من بينها. وتم
التعويل في ذلك على العديد من المدونات المصدرية الموضوعة في اللغة العربية، وهي
مدونات طالت شتى ضروب المعرفة الدينية العالمة بمختلف أجناسها، ثبت بالبحث والتقصّي
العزوف عن استدرار مضامينها من قبل غيرهم من الدارسين الغربيين، بل وقلة نجابتهم في
معالجتها معرفيّا من أجل تطوير نظرتهم وتوسيع أفق مراجعاتهم التاريخية بخصوص تواريخ
ذلك المجال. وهو أمر يثير كثيرا من الاستغراب لا سيما وأن التحّجج بالنقص في امتلاك
اللغة العربية لا يتعارض بالضرورة مع الحرص على الاطلاع على تلك الجهود بل
والاستفادة من مستوى مراكمتها، دفعا نحو مزيد تطوير حركة الأفكار وتجويد المحصّلة
العلمية بين ضفتي المتوسط وكذا ما جاوز تلك الضفتين جغرافيا. وهو عين ما أوردته
المراجعات الموضوعة في حق البحوث المنجزة منذ تصفية الاستعمار حول تاريخ المغارب
والتدقيق في حقيقة تذيّلها للمقاربات الغربية التي تنازعتها توجّهات استشراقية غير
خافية، مع عدم انعدام القدرة على تجاوز المنزلقات الإيديولوجية للسرديات الوطنية.
(وهو تقييم غير منزوع من الحدّية بل ومُجانب للدّقة في مواضع عدة منه). على أن تكمن
سياقات التجاوز أو الخلاص وفقا لنفس تلك المراجعات، في استعادة قراءة المدونة
الخلدونية (المقدمة، والعبر، والرحلة، وشفاء السائل) بتوجيهها نحو ما أكدت عليه
مدرسة الحوليات وخاصة ضمن العروض المنهجية التي وضعها "مارك بوك" حول محورية
التعويل على تغيير المقاييس الزمنية ومراجعة واقع الهياكل الطبيعية والثقافية
والاجتماعية قبل التفرّغ للتدقيق في زمن الأحداث حال اغتنائه بالمفردات الفارقة
لفلسفة التاريخ، وجميعها تصوّرات بدت لنا هي أيضا وعلى طرافتها متعسّفة على الأزمنة
التاريخية، ودافعة نحو تأويل ذلك المتن العميق الذي راجع أسس المعرفة التاريخية
كونيا، باتجاه دفعه إلى قول ما لم يفكر واضعه نفسه في قوله مطلقا. ويبدو الأمر
متشابها تماما إذا ما استقرأنا واقع الدراسات المخصّصة لتاريخ الأندلس تلك المساحة
المشتركة حضاريا بين الغرب والشرق والتي عانت طويلا من حالة إعلاء مرضي حول ماضيها
بتحويله إلى ما يشبه الأسطورة التي أرزت بتاريخه ونقلت سرديته الجامعة إلى مجال
ملتبس أعلى من فعل الذاكرة والمتمثّل على ما سواهما. وهو ما يشي بطريقته الخاصة
بعدم خلو المحصلة العلمية التاريخية المتّصلة بمسار البحوث الموضوعة في تاريخ
الأندلس شرقا وغربا بكثير من التهافت، سواء تعلّق ذلك بتحديد المفاهيم ومراجعتها
(إسبانا المسلمة، والأندلس، والاسترداد، والاستبداد الشرقي، ومأزق الأصول)، أو فيما
يتصل بالقطع مع فكرة "الفردوس" الضائع وإثارة إشكاليات بديلة تضع حدّا لردود الفعل
الانطباعية المشوِّهة للحقائق ليصبح البحث في تاريخ الأندلس "مُعتبر لذاته لا لما
يراد له أن يكون". لا سيما وقد خَطَتْ المعرفة التاريخية في ماضي إسبانيا الأندلسي
وبعد انقشاع سحب الدكتاتورية حال وفاة "فرانكو" سنة 1975 خطوات هامة باتجاه
المكاشفة والمصالحة مع الذات، توافقا مع ضرورات الانفتاح وتأصيلا للتعدّد الثقافي
وبناء الديمقراطية. بات واضحا أن مختلف الاسهامات التي خُصصت للتاريخ المقارن قد
استهدفت وبشكل مركّز غيريات أو آخريات مفارقة لا تنتسب لنفس المجال الحضاري أو نفس
الأعراض الجغرافية. وأنها لم تطرح على نفسها منهجيا معالجة الموافقات والاختلافات
من موقع التناسب الافقي لا العمودي، لكأن الانتساب إلى ذات المجال الاعتباري
السياسي أو الثقافي والحضاري يُعفي من تمثّل الفوارق داخل مختلف مركبات المجال
العربي الواحد، قصد تدبّر خصوصيات سياقاتها وعرض مساراتها الخاصة على محكّ القراءة
المقارنة. أشكال تأويل الـمُتمثَّل في التواريخ العربية: جمعت العروض المخصصة لهذا
البعد الختامي المشتغل على تأويل المتمثَّل تاريخيا 9 مساهمات، يستقيم ردّها إلى
مجموعتين متكاملتين، حاولت أولاها معالجة متونها التي تحيل على المروية الأسطورية
(يحيى بولحية) وطبقات الصحابة الأوائل (محمد حمزة) والسِّيَرِ التأسيسية (عبد الله
علي إبراهيم) أو الشعبية (عمرو عبد العزيز عمر وعبد العزيز لبيب) من خلال تأويل
مضامينها وسياقات انتاجها باعتباره محاولة لإعادة تركيب الخبر التاريخي إلى مجال
التمثلات الذهنية تلك التي تحيل على الاندساس العميق للذاكرة في تلافيف متصوّر
الأفراد كما الجماعات حول شخصياتهم التاريخية وحقيقة انتماءاتهم أو أصولهم. في حين
اشتغلت بقية المساهمات بتقييم علاقة الذاكرة بالتاريخ وأشكال كتابة تاريخ التمثلات
ضمن ما راكمته التجارب المغربية (عبد العزيز الطاهري) والجزائرية (مسعود ديلمي)
والسودانية (محاسن عبد الجليل)، على أن يتم غلق دفتي الكتاب بتعيير المستوى العلمي
للإنتاج المعرفي في الأنثروبولوجيا التاريخية بالتفحّص المجهري للمواضيع المطروقة
من قبل المؤرخين والباحثين الجامعين المنشور ضمن أعداد مجلة "إنسانيات" الجزائرية
(عبد الواحد المكني). فقد استفاد حضور الذاكرة ضمن كتابات المؤرخين المغاربة من
السياقات الخصوصية لفتح باب الحريات السياسية والاجتماعية وانجاز العدالة
الانتقالية من قبل هيئة الانصاف والمصالحة منذ بداية القرن الحالي، فضلا عن تزايد
الطلب الاجتماعي على هذا النوع من التواريخ وخاصة فيما يتصل بالماضيين القريب
(الاستعمار) والراهن (الاستقلال) دون غيرهما من المراحل التاريخية السابقة الأمر
الذي يدعو إلى تأصيل مثل تلك المعالجة وتطوير تغطيتها لبقية الحقب التاريخية من
خلال مساءلة "الإستوغرافيا التقليدية والاستعمارية والوطنية وتقييم ما ركمته البحوث
الأكاديمية للجامعيين وعلاقة ذلك بتاريخ الزمن الراهن في علاقة الشاهد بالمؤرخ"،
حتى تتبين لنا الفواصل بين التمثلات الانفعالية والانطباعية والاسطورية الانتقائية
للذاكرة قياسا لمحاولات عقلنة الماضي ونقده من قبل الكتابة التاريخية. ولا يختلف
الأمر كثيرا فيما يخص تقييم العلاقة الملتبسة للمعرفة التاريخية حول الجزائر
بإشكالية إحياء الذاكرة وعدم خلو منجزها من شبهة التحيّل بل والتدليس، سواء خلال
مرحلة الاستعمار الطويلة أو ضمن مُنجز المؤسسات الجامعية بعد ظهور دولة الاستقلال،
فضلا عن مختلف محاولات التسلّط على التاريخ وتوجيهه إيديولوجيا، قبل أن تنفرج
الأوضاع نحو مزيد من الانفتاح وصون الحريات الأكاديمية ومراجعة منجز الباحثين
الجزائريين أو/ ومن سواهم حول تاريخ الجزائر نقديا منذ تسعينات القرن الماضي.
وتأسيسا على جميع ذلك تمت إثارة محصلة ما وُسم بـ "منعطف الأنثروبولوجيا التاريخية"
داخل مجال المغرب وانتقال الكتابة التاريخية من مضامينها "الساخنة" التي تحيل على
"المقاومة والثورات وحركات التحرر"، إلى مضامينها "الباردة" التي تحيل على "الأنساق
والذهنيات أكثر من الشخصيات والمنعطفات والحوادث". فقد تمحورت عملية التقييم على
القراءة في "المنعطف الانثروبولوجي" والتعرض إلى أرشيفاته ومناويله / بارديغماته
بخصوص إشكاليات التصوّف (وهي مجالات تم الاعراض عن ذكر من توجّهوا نحو مقاربتها
بشكل مقارن)، وكذا العائلة والأوبئة والجوائح والمجاعات، وعلاقة ذلك بالتغذية
النباتية. في حين استهدف التحليل الموضعي تقييم المضامين المدرجة ضمن مجلة
"إنسانيات" الجزائرية الصادرة بانتظام منذ أواخر تسعينات القرن الماضي (1997)،
والمكّملة لنظيراتها الواردة ضمن أعداد مجلتي "إيبلا" التونسية (1937) و"هيسبيرس"
المغربية (1927). مع سحب مختلف الاستنتاجات الخاصة بمجال المغارب على ما عاينته
المجالات المشرقية قصد الدفع نحو تطوير ذلك المنعطف الحاسم باتجاه مزيد تطوير
الأبحاث المتّصلة بـ"الحقب التاريخية والمقارنة وعلاقة المحلي بالمركزي والقطري
بالقومي...وتجديد أمثولات البحث بتكثيف مسائلة المألوف منه أو الثابت". وليس بعيدا
أن يمثّل تعهّد مسألة "التاريخ المطموس" بالتوضيح باعتباره دعوة صريحة إلى الحجب
والتشويه والمحوّ، محاولة طريفة وجد جريئة في مزيد تأصيل المراجعات المنجزة حول
تاريخ الجنون وتاريخ الرق وعلاقات ما بعده في اتصال جميعها بالمتمثَّل والإنكار
والإهمال الاجتماعي والطمس وارتسام "التابو"، بل وعصيانه على الفسخ والتجاوز، وأصرة
ذلك بتاريخ الجنسانية والنوع الاجتماعي وإعادة الادماج، تفكيكا لعلاقات النبذ
والتهميش والإقصاء وتوسيعا لمجال الحفريات في "أركيولوجيا" المعرفة التاريخية من
بوابة جمع وثائق تاريخ المطموس سودانيا وفتح سجلاته وتدبّر محتوى المذكرات والرسائل
الخاصة والمقابلات الشفهية والبحوث الميدانية واستدرار مضامينها ومساءلتها بخصوص
معاني الطمس وعلاقتها بالتاريخ وبتاريخ الجنون والرق (خلف البحار، وداخل الديار،
وتوقيعا على الجسد، واسم مصير)، حتى تتبيّن لنا حقيقة تماهيه مع التاريخ ذاتيا
واجتماعيا، اندساسه في الذاكرة ضمن منطوق المدونة الشفوية ومسرحة الخبر وتكثيفه
وتعقيده بطريقة يحتاج معها المؤرخ إلى "تجديد أدواته واجتراح جديدها" "تذليلا
لتحديات بناء المعرفة التاريخية". لكن ما الحدود الفاصلة بين الأسطورة والتاريخ
وكيف يمكن الاستفادة من الخبر الميثولوجي في صياغة المعطى التاريخي؟ وما الحدود
الفاصلة بين الدرسين غربا وفق ما أوضحته أبحاث كل من " كلود ليفي شراوس" البنيوية
و"إدغار موران" المعرفيّة و"موريس هالفاكس" الـمُفردة للذاكرة الجمعية؟ ثم ما
السبيل إلى توظيف المناهج الجديدة (الأنثروبولوجيا تحديدا) في قراءتها؟ وما مسوّغات
عرض الميثولوجيا الأندلسية (أسطورة بيت الحكمة) ورصيفتها التحديثية المتصلة بـ
"الأماتيرواسو" يابانيا، اقتناصا للّحظات الإيجابية المؤسِّسة لفعل التنمية حال
إعادة قراءة التاريخ وتجنّب مختلف الألغام المندسّة عميقا في ذاكرتنا الجماعية. ذاك
ما قامت عليه بقية الدراسات التي أُفردت تباعا لسير الصحابة الأوائل، أو تلك التي
تم تخصيصها لقراءة الـمُتَمَثَّل في ثنايا السير والمرويات الشعبية المتصلة بـ
"فتوح مصر (قصة البهنسا)" وبـ "التغريبة الهلالية" باعتبارهما وقائع مشحونة ملحميا،
والجدل الذي أثارتاه والمتصل بتشكيل صورة بعدية للعصور الإسلامية، وكذا كيفية
تركيبها لثابت معاييرها وقيمها من خلال تطهير الاخلاق الجمعية من المقاصد السياسية،
فضلا عن معالجة مُفخخ النصوص حول المجموعات العرقية والطرفية (ذات الأصول المزدوجة
الواقعة بين العروبة والافريقانية)، والقدرة على فضّ النزاع بوصفه "طقس ثقافي"
و"حادث تاريخي"، يُتيح كتابة "تاريخ آخر" والدخول إليه من بوابة "الشهادات الهامشية
المارقة عن القراءات المركزية المحتفلة بعالم الجماعة بأقاصيصه العجيبة وجنون شعراء
سِيَرِهِ". لا مراء في حضور تنوّع شمل منجز المؤرخين العرب، ومكّن حال تشكّل الدُول
الوطنية وتصفية الاستعمار من صياغة مضامين عالمة قطعت مع أفق الهواية أو التبحّر
الكلاسيكي في كتابة التواريخ، حتى وإن بدا منجزها عامة متأثرا بالمناهج المعتمدة من
قبل المدارس الغربية. فقد بيّنت العروض الواردة ضمن هذا المؤلف الجامع لأعمال مؤتمر
بيروت المنعقد سنة 2016 حول أشكال "كتابة التاريخ العربي وتاريخ العرب". وهو أثر
توزّع منجزه على أربعة محاور أو مضامين اتصلت تباعا بشواغل سياقية تعيد التفكير في
الحقب الاعتبارية للتاريخ الغربي وتقرأ في مدى انخراط المعرفة التاريخية العربية في
التصوّرات الكونية الملازمة لصناعة الأخبار، كما تبُتّ في صعوبات تحرّر تلك المعارف
في مضامينها الوطنية من هيمنة السردية الرسمية المنحازة سياسيا لمشاريع الدول
الوطنية، أو تلك الـمُنقطعة عن تلك السرديات الـمُتكئة على تصوّرات وحدويّة عربية
أو سلفية إسلامية معلنة أو مبطنة وخفيّة. على أن تحيل بقية الشواغل المرصودة وضمن
تقييم مساهمات ذلك الكتاب الجامع لمنجز الكتابة التاريخية العربية على مدى رسوخ
التواريخ المقارنة الأفقية بين البلدان العربية، وكذا الاشتغال بالجوانب الأثرية
والتراثية والانثروبو-تاريخية في مقاربة العلاقة الرابطة بين الذاكرة والتاريخ.
وجميعها تقييمات أو مراجعات مفيدة يحسُن بالقائمين على المعرفة التاريخية عربيا أو
المحسوبين عليها، الاستفادة منها قصد تنويع مناهج الكتابة التاريخية وتطوير
مناويلها والتفكير - وعلى غرار ما أنجزته مدرسة الحوليات على أيام آبائها المؤسسين-
في طرح سؤال التاريخ المقارن العربي، تساوقا مع ما راكمه منجزها أوروبيا منذ صدور
مقال "مارك بلوك" التوجيهي في الغرض في غضون الثلث الأول من القرن الماضي.</div>Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-85024098035622274212020-07-27T14:21:00.005+02:002020-07-27T14:21:58.596+02:00لعنة الشعبويات <div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhk3IZNzWq3vxJnIp6U5IioNXEH7T5xp8eY9n1IneqTfUv00rWGuJeYyULpubZUXp4bPSoND7uDfO_mPRLNlUbaFcMIs7i8mgtzEGgDLetplXbqh7j9mOUiLacdAZKQo6JWBSCSJvMu5-v_/s1600/%25D8%25B4%25D8%25B9%25D8%25A8%25D9%2588%25D9%258A%25D8%25A9.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="1285" data-original-width="1600" height="256" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhk3IZNzWq3vxJnIp6U5IioNXEH7T5xp8eY9n1IneqTfUv00rWGuJeYyULpubZUXp4bPSoND7uDfO_mPRLNlUbaFcMIs7i8mgtzEGgDLetplXbqh7j9mOUiLacdAZKQo6JWBSCSJvMu5-v_/s320/%25D8%25B4%25D8%25B9%25D8%25A8%25D9%2588%25D9%258A%25D8%25A9.jpg" width="320" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
يحيل مفهوم الشعبوية غربا على ثمانينات القرن التاسع عشر، فقد وظفت تلك اللفظة في الأصل بغرض إدانة الممارسات الديماغوجية والانتهازية للمعارضة السياسية، غير أن تقدم البحوث العاملة على تفكيك تلك الظاهرة هو ما ساهم حاضرا في توسيع المجال المعجمي لتلك اللفظة من خلال الاغضاء عن ذكر الفئات الشعبية ضمن الخطاب السياسي للأحزاب، والتركيز في المقابل على ما يتسم به سلوك الأوساط الاجتماعية الشعبية وخاصة المحسوبة من بينها على تيارات اليمين المتطرّف من رعونة مغالية في تقديس الشعب وتضخيم مجمل التمثلات التي تحيل عليه.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
ومهما يكن من أمر مختلف التطورات التاريخية التي تحيل على تعريف الشعبوية فإنه يستحيل أن يحصل اعتراف الأفراد كما المجموعات المنظّمة سياسيا بالصدور عن مثل هذا الفكر التبسيطي المتسم بالغلو، بل غالبا ما يتم نسب ذلك استنقاصا للمنافسين أو الأعداء السياسيين الذين يعمدون إلى تقسيم المجتمع إلى فريقين متناحرين، يحمل كل واحد منهما تجانسه الخاص: «الشعب الموسوم بالنقاء الخالص» من ناحية، في مقابل «النخبة المجبولة على الفاسد»، العاملة على إلغاء كل دور لإرادة الشعب ضمن الممارسة السياسية. تلك هي القاعدة التي ينتظم وفقا لقوانينها انزلاق الاغلبية في التشهير بنُخبها المثقفة وملاحقة أقلياتها العرقية والدينية والسياسية، والاندفاع بتلك الصورة من دون واعي منها بالضرورة نحو السقوط فيما قد تستقيم تسميته بلعنة الشعبويات.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
يجزم كل متابع للفضاء العمومي التونسي حاضرا توفره على جملة من الأطر المتخيلة تحيل على أولئك الذين فازوا بانتخابات 2011 و2019 رافعين شعار الهوية الإسلامية الذي تندمج ضمنه فكرة الأمة ضمن فكرة الوطن ولا يمكن أن نتعقل ضمنه مسألة خدمة الصالح العام خارج التصورات الاعتبارية التي تحيل على أولوية الاحتكام إلى مقومات الفكر العربي الإسلامي، لذلك فإن حضور هذا المتخيل الجمعي ضمن آليات اشتغال الأحزاب السياسية المدنية على غرار حركة النهضة وائتلاف الكرامة تونسيا يعبّر عن نفسه من خلال ادعاء الصدور بشكل اقصائي عن شرعية ثورية متوهّمة، اتصلت في حق «شعب النهضة» بمساهمتهم الفعالة في تحرير دستور 2014، بينما شكّلها في حق حلفائهم الانتماء لـ «روابط حماية الثورة» أو معاضدة أنشطتهم المنفلتة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
والبين أن الأخطاء المتعددة التي وقع فيها هؤلاء والتي كشفت عن قلة نجابتهم في ممارسة السلطة وتصريف الشأن العام لم تدفعهم إلى الاتعاظ وتغيير المسار، حتى وإن ثبت لديهم وباعتبار جميعهم مناصرين للإسلام التركي بأن الطريق لم تكن سالكة أمامهم حتى يحققوا حلمهم في فرض تصوراتهم اليمنية المحافظة على مختلف شرائح المجتمع التونسي. والأكيد بعد هذا أن ما يحصل في تونس غير منفصل بالمرة عمّا يجري في العالم. فقد ثبت بالتقصي الميداني أن التحركات الاجتماعية التي عاينتها البلاد منذ قرابة العشرية قد احتكمت إلى آليات متشابهة سواء في ما يحيل على مخزونها الاحتجاجي أو في كيفية مجابهتها من قبل الدوائر الأمنية سواء تم ذلك بالبلدان العربية أو عاينته دول أخرى على غرار ما شهدته الولايات المتحدة في غضون ربيع 2020.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
ما ينبغي الاحتفاظ به قبل سواه أن ما قد تستقيم تسميته بـ «متخيل الاحتجاج» الذي سيدفع حال اندلاع شرارته الأولى إلى حصول قطيعة غير منتظرة في مسار طويل، لا يمكن لأي طرف ادعاء فكّ شفرته مسبقا. فقد مكنت هذه الهزات القوية التي عرفها العالم من قلب مسار التعبير عن السخط كونيا، كما أثبت من جانب آخر أن ردود الفعل الأمنية ذات الطابع التقليدي لم يعد بوسعها وخارج إطار التفاوض التعاقدي الخروج بأي طائل حيال مثل تلك الطفرات، حتى وإن توصلت الشرعية القائمة إلى الحد من ضراوتها وقتيا.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
لذلك ليس بعيدا في اعتقادنا أن تشكل مرحلة الانتقال التي نعيشها حاضرا ارتدادات متصلة بهبّة 2011 فتعدّد المحطات الانتخابية (2011 و2014 و2019) لم يفض إلى تجاوز الطابع الانتقالي برسم أفق حقيقي لزمن الدخول في الاستقرار السياسي والتداول السلمي على السلطة. فقد عاينت البلاد تعاقبا للحكومات الحزبية والتكنوقراطية مع تحول سريع في الأغلبية البرلمانية نتج عما نُعت تونسيا بـ «السياحة الحزبية»، مما يبعث على التساؤل بخصوص حقيقة التحولات التي طالت الحياة السياسية تونسيا. بحيث بدت الديمقراطية التشاركية وبعد عشرية كاملة من الأزمة العميقة والانتشار المفاجئ للجائحة الوبائية، غير قادرة على تدبير الصالح العام. ويجد المدافعين عنها صعوبة جمة في مجابهة المطبّات الناجمة عن تسارع نسق العولمة وكارثية إعادة تركيز المؤسسات الصناعية العابرة للأوطان وتضخم مكانة مجموعات الضغط والنفوذ التي لم تعد تجد أدنى صعوبة في فرض أشكال تعاملها على صانعي القرار السياسي وطنيا، فضلا عن سعيها الدؤوب إلى توريط مؤسسات الدولة في شرك مخططتها.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
وعموما يبدو العالم على وشك رسم خريطة جديدة للنفوذ يحكمها فاعلون جيو استراتيجيين جدد، لكأن إمبراطورية العالم الحر تعيش أخر ردود فعلها مُشرعة الباب أمام السياسة الهجومية لإمبراطورية الوسط القديمة بممارساتها العلنية المتسلّطة وتكتيكاتها الرقمية الكارثية التي وظفت الثورة الاتصالية قصد مزيد الهيمنة على الأفراد بعد سلبهم من كل حرية حقيقية. فالاتصال الشبكي للعالم لا يضع في اعتباره راهنا مجابهة الصعوبات الناجمة عن سرعة نسق التحديث بل يبدو غير معني تماما بالسعي بشكل واضح لبناء مستقبل متضامن للإنسانية جمعاء.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
وليس بعيدا أن يكون هذا الانتقال هو المتسبب الرئيسي في تقلّص منسوب ثقة الناخبين في مختلف آليات الديمقراطية التشاركية وقدرة الفاعلين السياسيين أيا كانت توجهاتهم الفكرية على مجابهة تشعّب المشاكل التي تنطوي عليها الحياة اليومية للناس. لذلك فضل هؤلاء الانسحاب من الساحة السياسية فتمّ استبدالهم تدريجيا وباعتبار قانون التسوية إلى أسفل من قبل ممثلي التيارات السياسية المنضوية تحت لواء الحركات ذات المرجعيات اليمنية، دينية كانت أو مدنية، والممارسات المنخرطة في الشعبوية المشهّرة بزعمها طبعا بخيانة النخب وجميع نوازع الحقد والكراهية، تلك التي عمقت بشكل غير مسبوق حقيقة الكسر الاجتماعي الذي نعيشه والذي أضحت حقيقته ماثلة كونيا ضمن الأعمال الروائية أو الابداعية التي تحيل مضامينها عن تعاظم أشكال الهلع وديستوبيا العوز، مع الشك في إعادة توازن ظروف الحياة فوق كوكب تم الافراط في استغلاله وتدمير مقدراته بشكل كارثي.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
وهكذا فإن السؤال الذي ينبغي علينا الإجابة عنه هو -البت- في ما مدى قدرة المجتمعات الديمقراطية على مجابهة النتائج السلبية للأزمة؟ وحقيقة مرور مرحلة الانتقال تونسيا بظروف عويصة جدّ متقلبة، ليس للنجاح في انجاز الانتخابات الرئاسية والتشريعية وتعاقب الحكومات أيضا أي قدرة على الحد من تبعاتها. فالبيّن أن انخرام التوازنات ضمن المشهد السياسي وانعدام استقراره بالكامل يدعوننا إلى مراجعة فصول الدستور والمجلة الانتخابية، وهو توجّه يبدو أن مختلف الأطراف غير مهيئة واقعيا للبتّ بشكل معلن في تفاصيله. فليس هناك في تونس ما يثبت بلوغ الفاعلين السياسيين درجة من النضج تأهّلهم بشكل غير قابل للنكوص إلى إنجاز نقلة في تدبير حقيقة تنوع الفضاء العمومي والكفّ عن إعادة انتاج صراعات المراحل التاريخية السابقة تلك التي تعطي انطباعا موهوما بقدرة العائدين من الزمن البنفسجي على مقاومة تغوّل «التنظيم الاخواني» في انتظار عودة الدرّ إلى مكمنه.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
ولعل ما يؤكد هذه الحقيقة حالة العطالة التامة التي يعيشها مجلس نواب الشعب، الذي لم ير رئيسه أي غضاضة في إعلان مساعفته التامة للسياسة التسلطية المتّبعة من قبل رجب طيب أردوغان زعيم الإسلاميين الأتراك، ومغالاته في الاعلاء من شأن ما وسمه بـ «الإسلام الديمقراطي» باعتباره الوريث الأمثل لعصر التوسع أو الانتشار الإسلامي، والحال أن انزلاق النظام التركي في دواعي التسلط غير منفصل في تقديرنا عن الانتشار غير المسبوق للتصوّرات الشعبوية كونيا.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
بحيث لا يعترينا أدنى شكّ في حضور توازي مربك بين ما هو بصدد التشكّل ضمن الفضاء العمومي للبلدين، حتى وإن ساهم تشعّب السياقات تونسيا في إكساب الواقع المحلي حققته الخاصة. فقد سبق للبحوث أن بيّنت حضور تلازم بين المسارين، مع اختزاله في جملة من العناصر التي تحيل تحديدا على تشكيل تيار رافد للغضب الشعبي يدعي تمثيل جميع من طالهم الاقصاء («حركة شعب المواطنين» و»حركة الشعب يريد» و»ائتلاف الكرامة»...)، وتأثيم التفكير الحرّ، مع التعبير عن الآراء بشكل فوقي متسلط باعتبارها الصدى الأمثل لإرادة الشعب أو الروح الحقيقة المطلقة لديه، وبناء مواطنة مغشوشة يتهيأ للفرد ضمنها بأنه بطل يمسك بالحقيقة ويمثل أنموذجا للتونسي الثوري الوريث الشرعي لحركة الإصلاح، هذا بصرف النظر عن مناهضة العمل النقابي ورد مسؤولية أزمة الأوضاع بالبلاد أو «نكبتها» إلى نخبتها المتعالية على مطالب الشعب المشروعة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
وحتى وإن أثبتت السياقات حضور اختلافات بين الواقعين التركي المتمركز حول زعامة أردوغان، والتونسي الذي توزعت السلطة ضمنه بين أطراف متعدّدة يحيل معظمها على الإسلام السياسي والتيارات الشعبوية اليمينية، مع تعاظم ردود الفعل المتشنجة بين رئاسة الجمهورية ومجلس النواب الأمر الذي زاد في تعقيد دور الحكومة، تلك التي فشل رئيسها في إجهاض مختلف محاولات الدفع به قدما لكي يشكل الضلع المتبقي لهذا الثلاثي المبتور.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
ويتمثل صدى هذه الوضعية في توجه رئاسة الجمهورية ومنذ انتخاب قيس سعيد إلى التأكيد على التمسك بإرادة الشعب والدفع باتجاه تحويل عدم رضاء الغاضبين نحو الأعداء السياسيين، وهو أسلوب ينم من جانبه عن دفع مُضمر باتجاه التسريع بحل مجلس نواب الشعب والمرور إلى استفتاء حول الإصلاح الدستوري وتحوير المجلة الانتخابية، لا تساويه موضوعيا سوى التصرفات العصابية المحمولة على النواب المؤتمنين على السلطة التشريعية. بحيث بقي قيس سعيد وفيا للاستراتيجية التي أعلن عنها منذ انتخابه في نهاية السنة الفارطة، وهي استراتيجية تتمحور نحو التعبئة السياسية حول «سيادة الشعب»، مما ينهض حجة على تعريف السيادة لديه بوصفها التعبير الأمثل عن الواقفين في صفّ الخير في مقابل من جاهروهم بالعداء، دغدغة للمشاعر وتغدية السخط وتحريكا للغضب وتحكّما في الجماهير.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
وهكذا فإن الحقيقة الواحدة القابلة للتحليل تونسيا، هي تواصل التحوّلات في شكل حلقات متضامنة لا تخلو من امتدادات إقليمية وكونية، وهي تحوّلات قد تحتاج إلى عشريات مديدة من الزمن، بحيث يستقيم واعتبارا لسرعة انقضاء القرن الماضي أن نعتبر ما حصل ببلادنا حدثا سابقا لما سيعرفه الإقليم في عضون السنوات اللاحقة، وذلك ضمن سياق كوني مشوب بكثير من الانعزالية ونوازع المحافظة وتلبد الأفاق وتأجج المخاوف الدافعة نحو التطبيع مع العنف وتحريك الصراعات الإقليمية التي تلقي بضلالها العكرة على واقع الأزمة السياسية تونسيا وعربيا.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div class="itemFullText" dir="rtl" style="box-sizing: border-box; line-height: 25px; margin-bottom: 30px; text-align: justify;">
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px; text-align: justify;">
<span style="color: red;">جريدة المغرب 27 - 7 - 2020</span></div>
</div>
<div class="itemCustom" style="background-color: white; border-bottom: 1px solid rgb(225, 225, 225); border-top: 1px solid rgb(225, 225, 225); box-sizing: border-box; color: #333333; font-family: "Droid Arabic Kufi"; font-size: 13px; margin-bottom: 29px; overflow: hidden;">
</div>
<div class="clr" style="-webkit-text-stroke-width: 0px; background-color: white; border: none; box-sizing: border-box; clear: both; color: #333333; display: block; float: none; font-family: "Droid Arabic Kufi"; font-size: 13px; font-style: normal; font-variant-caps: normal; font-variant-ligatures: normal; font-weight: 400; height: 0px; letter-spacing: normal; line-height: 0; margin: 0px; orphans: 2; padding: 0px; text-align: start; text-decoration-color: initial; text-decoration-style: initial; text-indent: 0px; text-transform: none; white-space: normal; widows: 2; word-spacing: 0px;">
</div>
</div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-87969416550078237522020-05-12T13:35:00.001+02:002020-05-12T13:35:25.097+02:00حوار مع لطفي عيسى عن تاريخ الجوائح والكوارث في البلاد التونسية<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<h1 class="Culture title-headline-post" data-title="حوار مع المؤرخ لطفي عيسى عن الجوائح والكوارث في البلاد التونسية" itemprop="Headline name" style="box-sizing: border-box; color: #c12d45; font-family: HelveticaNeueLTW20-Bold; font-size: 25px; font-weight: 500; line-height: 1.4; margin-bottom: 0.5rem; margin-top: 0px; text-align: right;">
<br /></h1>
<div class="postbox__text-meta pb-10" style="box-sizing: border-box; color: #666666; font-family: HelveticaNeueLTW20-Bold; font-size: 16px; padding-bottom: 10px; text-align: right;">
<ul class="col-12 pr-0" style="box-sizing: border-box; flex: 0 0 100%; line-height: 1; margin: 0px; max-width: 100%; min-height: 1px; padding-bottom: 0px; padding-left: 15px; padding-right: 0px !important; padding-top: 0px; position: relative; width: 681.325px;">
<li style="box-sizing: border-box; display: inline-block; font-size: 12px; list-style: none; margin-right: 10px; text-transform: uppercase;"><div itemprop="author" itemscope="" itemtype="https://schema.org/Person" style="box-sizing: border-box;">
<br /></div>
</li>
</ul>
</div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgnr_o0Q0TeqkXz8bWohBxiKjLys-L5bo3yV75HnZ_qgGyaUgcACK8jscVkhVGVJ5xbTVZzyrjkq2bn21-BN_a8v4vGzpN-2ZV1_vIzJ9lDTOIGPQafp6nX0oZ5_h0pAVdOW6VVOziUuKnA/s1600/news.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="292" data-original-width="560" height="166" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgnr_o0Q0TeqkXz8bWohBxiKjLys-L5bo3yV75HnZ_qgGyaUgcACK8jscVkhVGVJ5xbTVZzyrjkq2bn21-BN_a8v4vGzpN-2ZV1_vIzJ9lDTOIGPQafp6nX0oZ5_h0pAVdOW6VVOziUuKnA/s320/news.jpg" width="320" /></a></div>
<div class="post-thumb mb-25 lazy" style="box-sizing: border-box; color: #666666; font-family: HelveticaNeueLTW20-Bold; font-size: 16px; margin-bottom: 25px; position: relative; text-align: center;">
<br /></div>
<div class="post-content" style="box-sizing: border-box; color: #666666; font-family: HelveticaNeueLTW20-Bold; font-size: 16px; text-align: right;">
<div id="articlebody" itemprop="articleBody" style="box-sizing: border-box;">
<div class="telegram-container" dir="rtl" style="box-sizing: border-box; margin: 20px; padding: 25px;">
<div class="telegram-content" style="background-color: white; border: 1px solid rgb(0, 132, 255); box-sizing: border-box; color: #333333; font-size: 18px; line-height: 28px; padding: 20px;">
<span style="box-sizing: border-box; color: #807e7e; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 15px;"><span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;"><br /></span></span></div>
</div>
<div style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 15px;">
</div>
<div style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 15px;">
د. لطفي عيسى من أبرز أساتذة التاريخ الثقافي بالجامعة التونسية. وقد له صدرت العديد من البحوث والدراسات التاريخية في اللغتين العربية والفرنسية من بينها: "أخبار المناقب..."، ومميزات الذهنيات المغاربية..."، و"السلطة وهاجس الشرعية في الثقافة الإسلامية" (بالاشتراك)، و"مغرب المتصوفة" (في طبعتين)، و"كتاب السِّيَرِ..."، و"بين الذاكرة والتاريخ..."، و"في التَوْنَسَةِ"، و"أخبار التونسيين"... وغيرها من المؤلفات الأخرى.<br style="box-sizing: border-box;" />كما نشرت له دراسات، وكتب جماعية، ومقالات علمية، وعروض نقدية، ووجهات نظر مواطنية، وحوارات مكتوبة ومرئية، ومقالات فكرية، بالعديد من الدوريات العلميّة والثقافية والصحف والمجلات التونسية والأجنبية. كما قدّم العديد من المحاضرات بدعوة من جامعات أجنبية. وإلى ذلك يساهم منذ سنة 2011 في تأثيث مدوّنة رقمية تُعنى بتاريخ المغارب الثقافي وبواقعه الراهن السياسي والفكري والفني. عن الجوائح والكوارث كان لنا مع د. لطفي عيسى هذا الحوار:</div>
<div style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 15px;">
سألت د. لطفي عيسى: عرفت البلاد التونسية العديد من الجوائح خصوصا خلال القرن التاسع عشر. وقد اقترنت تلك الجوائح بأزمات اقتصادية وسياسية واجتماعية ... كيف كان ذلك؟<br style="box-sizing: border-box;" />فأجب قائلا :هذا صحيح تماما، فقد شهد تاريخ البلاد التونسية عدة جوائح خضع معظمها إلى تلازم الأوبئة مع المساغب والحروب، وهو ما نخل معظم الفئات الاجتماعية والعُمرية، وحال دون حصول نُقلة ديمغرافية تسمح بالخروج من واقع الهياكل الديمغرافية الطبيعية، وذلك حتى موعد حضور إدارة الحماية الفرنسية وإنفاذ الإجراءات الصحية التحفظية قبل إنجاز أول إحصاء للسكان منذ قرن أو يزيد، في حدود سنة 1922.<br style="box-sizing: border-box;" />فقد عاين القرن التاسع عشر ما لا يقل عن أربع جوائح صحية متعاقبة، تلتها مجاعة صادمة بقي صداها المرعب قائما في الذاكرة الجماعية للتونسيين حتى زماننا الراهن. وانطلق ذلك بـ "الوباء الكبير" لسنة 1784م، فطاعون الريح الأصفر (أو الكوليرا) الوافد من الحجاز سنة 1849م، ثم طواعين سنتي 1856م و1867م ومجاعته القاتلة والفاحشة"...<br style="box-sizing: border-box;" />ويواصل د. لطفي عيسى حديثه قائلا :غير أنه يمكن العودة بتاريخ الأوبئة تونسيا إلى حملة لويس التاسع الصليبية على تونس سنة 1270م، وطاعون سنة 1348م الأسود أو الأسمر، الذي تلته لاحقا موجتان وبائتان في حدود سنة 1468م وخلال سنة 1494م. ليعيد الوباء الكرة مجدّدا سنة 1573م وسنة 1592م، وتعرف بقية الفترة الحديثة عدة أزمات صحيّة طوال القرن السابع عشر على غرار: "وباء بوريشة" سنة 1605م و"وباء أبو الغيث القشاش" سنة 1622م. فأوبئة سنوات 1642م و1643م و1650م و1663م و1676م و1689م و1701م و1705م، قبل أن تعاين البلاد هدنة وبائية امتدت على معظم القرن الثامن عشر، لم يقطعها سواء "الوباء الكبير" بداية من سنة 1784. وهو وباء معضل عاين ثلاث موجات حصلت ثانيها سنة 1794م وثالثتها سنة 1800م.<br style="box-sizing: border-box;" />ولم تمر مختلف هذه الأزمات دون صراعات سياسية حادة نجمت عنها اضطرابات كبيرة بين مختلف الفاعلين السياسيين والاجتماعيين أيضا. كما احتدت خلالها تأثيرات عسكر الأتراك بالجزائر السلبية على واقع التونسيين الصعب، حتى التصق بمخيلتهم الشعبية أن كل ما يفد من التخوم الغربية للبلاد لا يمكن إلا أن ينتهي بدمارها: "إلي يجي من الغرب ما يفرّح قلب". فقد تعاقبت على البلاد التونسية الأزمات السياسية والاجتماعية بين سنوات 1591 و1614و 1628 و1675 و1702 و 1728– 1756 و1814 و1835 و1864 وغيرها كثير...</div>
<div style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 15px;">
<span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">وكان سؤالي الثاني للدكتور لطفي عيسى هو:<br style="box-sizing: border-box;" />كيف كانت مواقف رجال الدين منها؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />فأجاب: لم تخرج مواقف رجال الدين عن نظرة التسليم بالقضاء مصداقا لما جاء في الحديث النبوي "إن هذا الوباء رجس أهلك الله به بعض الأمم وقد بقي في الأرض منه شيء يجيء أحيانا ويذهب أحيانا...من مات به فهو شهيد مآله الجنة شريطة أن يكون مُسلما". كما نهى المشرع عن الهروب منه فقد "صحّ النهي عن الخروج من البلد الذي وقع فيه الطاعون...[لذلك] فالأولى فيه التسليم وامتثال ما أمر به النبي". لأن المرء "لا يُصبه إلا ما كتب الله له". وبما أن الطاعون قد عدّ مرضا من الأمراض فالدعاء والتضرع إلى الله كفيل برفعه.<br style="box-sizing: border-box;" />وبالمقابل عاين الأطباء القدامى أعراض الوباء، معتبرين أن من أسبابه "فساد جوهر الهواء الذي هو مادة الروح ومَدَدِه". كما وصفوا بشكل دقيق مختلف أعراضه وأشكال تطوّرها، غير أنهم لم يميّزوا بشكل دقيق بين "الطاعون" و"الريح الأصفر" أو الكوليرا، تلك التي استبدت بجوائح القرن التاسع عشر تونسيا.<br style="box-sizing: border-box;" />ومهما يكن من أمر فإن الجدل حول أشكال الوقاية أو التحوّط من المرض قد أخذ وتيرة عالية منذ بداية القرن السابع عشر، حيث احتلت مسألة العزل الصحي وحجر الوافدين الأجانب ومراكب نقل الحجيج موقعا بارزا ضمن ما تناقلته المصادر التاريخية وكُتب الفقه أو "النوازل" وآداب التصوف والمناقب أيضا، وذلك في أنظار صدور أوامر البايات الحسينيين لاحقا بالالتزام بالحجر أو "الكرنتينة"، وحرق أمتعة موتى الوباء وكسوة بيوت ضحاياه، وغسل الغرباء بالمقابر، وسجن المرضى بمخازن الفخاريين أو "القلالين" بمدينة تونس"...</div>
<div style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 15px;">
<span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">أما عن الطرق التداوي عن الأوبئة فيقول د. لطفي عيسى :</span><br style="box-sizing: border-box;" />تمّ التعويل في التداوي على "القيء والحجامة واستنشاق بخار النباتات الفائحة". ولما "اشتد الخطب بالناس، ونزل بفقراء اليهود، وفرّ القريب من قريبه، أحضر لهم [الباي] القشلة (أي الثكنة)، ونقل إليها المرضى وأجرى عليهم الجرايات وتطوّع لمداواتهم الأطباء" مثل الإسباني "مصكرو" والقرنيين (نسبة إلى ليوفون الإيطالية) "يونس فايس" و"مُنياييني". كما شمل الوباء سنة 1867م العسكر، وخاصة "محلة زروق"، وهي فرقة عسكرية وجبائية عقابية وَلَغَتْ بإفراط لا حدود له بجهات الساحل التونسي. و"اشتد الخوف والذعر بأهل هذه الإيالة، التي "ابتلاها الله [وفقا لما حملته شهادة مؤلف الإتحاف ابن أبي الضياف] بالخوف والجوع ونقص في الأموال والأنفس والثمرات وبشّر الصابرين".<br style="box-sizing: border-box;" />فقد عاينت سنة 1867 المكناة ضمن كتاب الأخبار بـ "السنة الشهباء" حلول جحافل "العربان" المحسوبين على قبائل الدواخل وعروشها بالحاضرة تونس، فغصّت بهم الشوارع، وتفرّقوا على المزابل يلتقطون الحشيش (أي الأعشاب)"، فتكدّر عيش أهل المدينة و"حنّت لهم قلوب الوافدين من النصارى وأكثروا من الصدقة عليهم". و"هجم البرد عليهم وهم حفاة عراة حتى قيل لهم: "الله يعرّي من عرّاكم"، و"فشا فيهم الموت بالطرقات وتعفنت البلاد". وجاء أمر الباي بنقلهم إلى ما بقي من خرائب قصور ضاحية المحمدية قرب تونس.<br style="box-sizing: border-box;" />"ومات [وفق ما نقله صاحب الإتحاف دائما] نصف أهل الإيالة بل ثلثاها، جوعا وعفنا، حتى عجزت الناس عن مواراة الموتى، فصاروا يجعلونهم في مطامير خزن الحبوب لفراغها، دون ما أكلته الوحوش والكلاب"...</div>
<div style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 15px;">
<span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">سألت د. لطفي عيسى:<br style="box-sizing: border-box;" />ما هي أهم الدروس التي استخلصت من تلك الجوائح، فقال :</span><br style="box-sizing: border-box;" />ليس هناك ما يدل على اتسام تصرّفات الحكام ورعاياهم بحضور اتعاض حقيقي ممّا شهدته البلاد طوال تاريخها من الإحن أو الشدائد، إذا ما استثنينا طبعا الإجراءات التي رافقت مراحل حكم بايات الإصلاح الثلاثة (أحمد، ومْحَمد، والصادق)، وخاصة الدور المحوري الذي عاد للنخبة الإصلاحية بقيادة خير الدين التونسي (1820 – 1890). كما العمل الرائد الذي عاد للمجلس البلدي بتونس و"ضبطيته" في عضون ستينات القرن التاسع عشر.<br style="box-sizing: border-box;" />غير أن ما أقررناه لا يعني غياب التحفظ بالكامل، فقد كشفت المصادر وفي أجناسها المتعدّدة عن حضور وعي حقيقي بضرورة الالتزام بالتباعد الاجتماعي والحجر الصحي وخاصة لدى أعيان البلاد ونُخبها، بينما اتسمت تصرفات غيرهم على الغالب بالتقصير واللامبالاة بالمرض والإصرار على نقل العدوى، كما لا نزال نعاني تبعاته غير المسؤولة راهنا"..</div>
<div style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 15px;">
<span style="box-sizing: border-box; font-weight: bolder;">وكان سؤالي الأخير للدكتور لطفي عيسى هو :<br style="box-sizing: border-box;" />تعيش تونس أوضاعا صعبة على مدى عشر سنوات الماضي، حتى أنه يخيل لنا أن التاريخ معطل أو هو يعود إلى الوراء...كيف ترى إلى ذلك؟</span><br style="box-sizing: border-box;" />فأجاب: أنا من أولئك الذين يعتقدون أننا نعيش فرصة تاريخية ورطتنا فيه منذ عشرية أو تكاد وقائع سنة 2011 وما قبلها أيضا. وهو ما يقتضي بالضرورة تعهّد الحكاية الجماعية بالمراجعة واكسابها مضامين منسجمة مع النقلة التي استعصى علينا انجازها. فالمضمون السياسي للمرْوية الجماعية للتونسيين متّصل بمنجز الدولة البورقيبية أساسا، وهو منجز يُعلي من قيمة التدبير العقلاني للشأن العمومي إدارة، وجباية، وجيشا جمهوريا، وتقسيما إداريا، مع التمسك بتجميع الإرادات حول مشروع وطني موحد يحرّر الطاقات، وذلك ضمن تصوّر يلتزم باحترام المعايير والقيم الناظمة للذهنيات، تلك التي خضعت ولا تزال إلى علاقة عمودية بالشأن الروحي. في حين أن حاجيات المرحلة الجديدة المتصلة أساسا بضمان الحريات ومن أوكدها الحريات الفردية، تفترض رفع تحدي عويص من الصعب، حتى لا نقول من المستحيل رفعه، بالتعويل على نفس تلك المعادلة التي انتهى الفصل فيها ولم تعد قابلة لإعادة الإنتاج بشكل مستمر، بعد أن وصلت موضوعيا إلى حدود إيجابياتها. وهو ما يتعين الاعتراف به صدا لكل هروب إلى الأمام. فقوة الشعوب تكمن في تعويلها على فكرة نخبوية (بمعنى فكرة ملهِمة) يتمّ لاعتبارات متشعبة تبنيها من قبل قاعدة واسعة من الناس. لذلك ينبغي علينا التفطن لجميع أشكال النكوص أو الارتداد باتجاه إعادة انتاج مضامين "الحداثة التونسية" المعوّلة على فكرة "الأصالة والتفتّح"، وهي مضامين تحوّلت بالتقادم إلى ما يشبه الإيديولوجيا السائدة للدولة الوطنية. فكلّ قراءة لتاريخنا البعيد أو القريب يتعيّن أن تصرف همتها للكشف عن تاريخ التونسيين، لا مواصلة الحديث عن تاريخ تونس. وهذا من شأنه أن يفتح أمامنا إمكانية التقييم المبني على قاعدة المسافة بين ما جدّ ماضيا وما نحن بصدد عيشه حاضرا.<br style="box-sizing: border-box;" />فكلّ حديث عن الفرد يقتضي موضوعيا أن نشتغل ومن وجهة نظر منهجية، على جملة من الأبعاد المتضامنة. أولها: ربط ردود الأفعال بعقلنة التدبير وعدم الاسراف في تحويل الفاعلين التاريخيين إلى أبطال خارقين أو تأثيمهم وتخوينهم على العكس من ذلك، واعتبارهم مصدرا لكل شرور العالم. هذا النوع من التقييمات بوسعه أن يفتح بصيرتنا على حقيقة لا تبدو ماثلة للعيان حاضرا، مؤيدها أنّ كلّ بطولة بالمعنى الذي حدّدناه بوسعها أن تنزع، - وهذا مُثبت علميا- إلى التعبير عن نفسها بطريقة مرضيّة. ومعنى ذلك أن كلّ ما يوضع في خانة البطولي لا يمكن أن يفهم إذا لم نُدرك أنه متفاعل بالضرورة أخذا وعطاء مع رصيفه المَرَضِي.<br style="box-sizing: border-box;" />فبورقيبة مثلا لم يكن بطلا لمسيرة التحرير وبناء الدولة فحسب، بل كان أيضا إنسانا اضطرته هشاشته إلى اقتراف أخطاء فادحة. على غرار التسلّط، وتقزيم من أحاطوا به، واعتبارهم غير أكفاء. وذات الأمر قد يحيل عليه منجز البشير خريف، الذي صاغ مرْويتنا الجماعية من نافذة الابداع الأدبي، سردا وحكاية وشعبا وأمّة، وهو ما شفت عنه بطريقتها الخاصة رواية "بلاره"، باعتبارها نصا سرديا استعاد من خلاله من وسم بـ "أب الرواية التونسية" واقع البلاد أثناء القرن السادس عشر، أي إبّان أو قُبيل الحضور العثماني، حتى يمكّن التونسيين من تمثّل فكرة الخلاص من الهيمنة الإسبانية حال حضور العثمانيين. وهي فكرة توازي فكرة تخليص بورقيبة للتونسيين ثم بنائه لمشروع الدولة الوطنية على أنقاض دولة الاستعمار الفرنسية.<br style="box-sizing: border-box;" />جميعنا يعلم أنّ رواية " بلارة " قد استعصت على قلم البشير خريف فلم يتسن له إكمالها، تماما كما استعصى استيفاء بناء الدولة الوطنية على فكر بورقيبة الحيّ، الذي انقلب بعد الدفع نحو تعيينه في أواسط السبعينات رئيسا مدى الحياة إلى مشروع وصل إلى حدود إيجابيياته كما أسلفنا ذكر ذلك. ولم يعد قادرا على إنتاج الدلالة عبر توليد مضامين ترقّي جديدة، تنطلق بشكل نخبوي ثمّ لا تفتأ أن تتحوّل لاحقا وباعتماد أدوات الاتصال وبيداغوجية الخطاب السياسي إلى مُقتسم جمعي.<br style="box-sizing: border-box;" />الجانب الثالث من هذه الأبعاد المتضامنة هو توضيح مدلول الخصوصية، في ضوء هيمنة تسليع السرديات الوطنية الجماعية خدمة لاكتساح مضامين الليبرالية المعولمة؟ فمن المفيد في تصوري الشخصي أن تتوفر قراءة السردية الجديدة والمتجدّدة لواقع التونسيين على معطيات تثبت أنّ فكر الجماعة قد اعترف نهائيا بحقّ الأفراد كما الأقليات في تأكيد اختلافها مع جميع المحسوبين على ذات المرْويّة، ليس على صعيد الحريات الشخصية الضيقة فحسب، بل وعلى صعيد بقية مجالات التعيين الاجتماعية بمختلف مستوياتها. وعليه فإن المسألة مُتصلة في الأخير وبشكل بسيط بإعادة بناء الثقة بين الأفراد على قاعدة احترام الاختلاف والحاجة للتعايش أولا ثم العيش أو الاجتماع بذكاء.<br style="box-sizing: border-box;" />غير أن ما يسوس علاقاتنا كتونسيين حاضرا هو سيطرة ردود الفعل الوجدانية على جميع ما سواها، بينما علّمنا التاريخ أنّ الشعوب التي تورّطت في الخروج عن السائد أو الانقلاب عليه ثوريا قد اُضطرّت إلى إعلاء ملكة العقل والمراكمة والتحصيل ونبذ ما يعيق هذا التوجه قولا وفعلا. ولا ينبغي أن نعتقد ببالغ السذاجة أنّ مثل هذا المسار لا يحتاج إلاّ إلى أطر ذهنية مفصولة عن الواقع المعيش. ففرنسا الثورة مثلا خاضت حروبا مريرة لتفهم في النهاية أنّ قدر انتقالها إلى دولة متقدمة (إلى حدود القرن 19 ميلادي %90 من الفرنسيين كانوا مزارعين وفرنسا لم تتخط حتى ذلك التاريخ موقع الدولة الريفية) مشروطٌ بامتدادها على حساب من هم أقلّ منها تطوّرا. وهذا ما أدّى في النهاية إلى وقوع أغلب بلدان شمال إفريقيا (أو مجال المغارب كما نسميه حاضرا) تحت نير الاستعمار الفرنسي. وهو نفس الحدث الذي نقل ذات هذه الشعوب من الزمن الأسطوري إلى الزمن الرياضي أو زمن الرزنامة. ولم يكن هذا الحدث منفصلا عن التحولات التي طالت المشهد التونسي حضريّا كان أو ريفيا بعد النجاح في تقليم أظفار البداوة. فمنجز "التهدئة" الفرنسية هو الذي أخرجنا من الزمن السرمدي، مُشكلا رجّة أو "صحوة" أو "صدمة" حداثة. وهذا أمر جابهه ما نسميه بالمجال العربي الإسلامي منذ أن وضعت فيالق الجند الفرنسي أقدامها بمرفأ الإسكندرية وانطلق نابليون بونابرت في حملته على مصر. لأن الذي دفع بونابرت إلى القيام بحملته تلك، وهي حملة سيتمّ استتباعها بحملتين أخريين واحدة استهدفت المجال اليوناني وأخرى طالت المجال الجزائري ومن ثمّ المجال المغاربي، قد اندرج بالكامل في نطاق ضرورة إجاد حلّ لـ"ورطة" الثورة من خلال التعويل على بناء قوة من خارج فرنسا وليس من داخلها، استندت على مُقدرات شعوب لازالت عندها تعيش ضمن تصوّر دائري لزمانها ولمرْويّاتها الجماعية أيضا، بينما بدا واضحا أنّ فرنسا الثورة قد بدأت تفكر من خارج الصندوق كما يقال حيث أضحت محتاجة إلى فضاءات حيوية لبناء مشروع حداثتها خارج إطار أوروبا التي لم يعد بالإمكان التوسع على حساب أُممها.<br style="box-sizing: border-box;" />فجميع القيم المثلى حتى وإن حلّقت عاليا، على غرار مسألة الحريات الفردية، لابدّ لها من تمثّل دقيق أو عملي على مستوى الواقع المعيش. أي أنّ ما هو بطولي في كلّ ثورة بمقدوره أن يفضي إلى نتيجة تنقلب بمقتضاها نفس تلك القيمة إلى انزياح يشابه ذاك الذي جعل فرنسا تتوجّه وبعد إنجاز ثورتها إلى تبرير الاستعمار باعتباره ضرورة ومهمة حضارية سامية، فَهِمَتْهَا النخب التركية بالمدلول الخلدوني مستعملة لتعريفها لفظة "عمران"، بينما ترجم المصري رافع الطهطاوي مصطلح" حضارة " بمعنى "التمدين". فمن فرنسا إلى تركيا إلى مصر هناك إدراك مختلف لكلمة واحد. فكل من هذه المصطلحات له دلالته الخاصة. فالاستعمار يصبح "مهمة حضارية"، والتنظيمات العثمانية تصبح "عمران"، ومشروع محمد علي باشا بمصر يحيل في فكر المتنورين المُتبنين للـ "تمدين" أو "التمدّن"..<br style="box-sizing: border-box;" />فكيف سيكون بوسع التونسيين الخروج ممّا "ورطوا" أنفسهم في إنجازه سنة 2011، والتفكير جدّيا في الطريق التي يتعيّن أن يسلكوها حتى يتعهدّوا عملية التفكير والتبصر بمُنجز الدولة الوطنية التونسية من نافذة الانتساب قولا وفعلا إلى الأمم الراقية؟</div>
<div style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 15px;">
</div>
</div>
</div>
<div class="content__tags mt-30" style="box-sizing: border-box; color: #666666; font-family: HelveticaNeueLTW20-Bold; font-size: 16px; margin-top: 30px; text-align: right;">
<span style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; font-weight: 600; margin-right: 5px;">كلمات مفتاحية :</span><span class="content__tags-list" style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; font-weight: 600; margin-right: 5px;"><a href="https://elaph.com/search/?q=%D8%AC%D9%88%D8%A7%D8%A6%D8%AD" style="border: 1px solid rgb(233, 233, 233); box-sizing: border-box; color: #444444; display: inline-block; font-size: 12px; margin-bottom: 5px; margin-right: 5px; outline: medium; padding: 8px 15px; text-decoration-line: none; text-transform: capitalize; transition: all 0.3s ease-out 0s;">جوائح</a></span></div>
<div class="author-meta mt-60" style="border: 1px solid rgb(238, 238, 238); box-sizing: border-box; color: #666666; font-family: HelveticaNeueLTW20-Bold; font-size: 16px; margin-top: 60px; padding: 30px; text-align: right;">
<div class="media flex-column flex-md-row" style="align-items: flex-start; box-sizing: border-box; display: flex; flex-direction: row !important;">
<div class="media-left" style="box-sizing: border-box; width: 150px;">
<a href="https://elaph.com/author/hassouna-almousbahi.html" style="box-sizing: border-box; display: inline-block; outline: medium; text-decoration-line: none; transition: all 0.3s ease-out 0s;"><img alt="حسونة المصباحي" src="https://e1.elaphjournal.com//resources/images/NewMedia/2019/07/week4/04f7d58190985e4d1139d4d77c1b4df5.jpg" style="border-radius: 50%; border-style: none; box-sizing: border-box; height: 60px; margin-right: 10px; max-width: 100%; transition: all 0.3s ease-out 0s; vertical-align: middle; width: 60px;" /></a></div>
<div class="media-body" style="box-sizing: border-box; flex: 1 1 0%; padding-left: 18px;">
<span class="media-heading" style="box-sizing: border-box;"><a href="https://elaph.com/author/hassouna-almousbahi.html" style="box-sizing: border-box; color: #444444; display: inline-block; font-size: 18px; font-weight: 600; margin-bottom: 3px; outline: medium; text-decoration-line: none; transition: all 0.3s ease-out 0s;">حسونة المصباحي</a></span><div style="box-sizing: border-box; font-size: 14px; line-height: 26px; margin-bottom: 10px;">
حسونة المصباحي -كاتب وصحافي تونسي. أقام في المانيا من سنة 1986 إلى سنة 2004 وكتب في أ هم صحفها ومجلاتها. له عشر روايات، وأربع مجموعات قصصية . نال العديد من الجوائز الأدبية بينها جائزة محمد زفزاف للرواية العربية. ترجمت البعض من أعماله إلى الانجليزية والألمانية والفرنسية. من أعماله الأخرى: كتاب التيه (أدب رحلة) - يوميات ميونيح - يوميات الحمامات- رحلة في عالم بورقيبة- رسائل إلى أ صدقاء بعيدين. له العديد من الترجمات من بينها: أصوات مراكش لالياس كانيتي - مختارات من الشعر العالمي - رسائل ريلكه إلى صديقة من البندقية - مسارات فلسفية (عن الحداثة وما بعد الحداثة) - نصوص للاشيء لصموئيل بيكت ..</div>
</div>
</div>
</div>
</div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-36645596658797764792020-04-20T13:37:00.000+02:002020-04-20T13:37:06.630+02:00الفيلسوف الإيطالي ايمانويل كوتشيا: حُرّا ، فوضويّا ، لامرئيّا ، بلا انتماء ، يملك الفيروس قوّة تحويل كلّ الكائنات الحيّة (ترجمة كمال الهلالي - الصحافة اليوم) <div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzUxYKbVYHdkcb1f7ayYAaDt0lS5G0V5T5EXd-CB6dhASZv9cIZolj2bdq-yRWplZEP54Q3i-wTtfCAErMq6_-bEg-Fze84hyphenhyphen762qYK1PPQ1evR4pJ17TJv4oNc3axjpxBLo2wMY2ueHy0/s1600/m%25C3%25A9tamorphose.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="499" data-original-width="308" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjzUxYKbVYHdkcb1f7ayYAaDt0lS5G0V5T5EXd-CB6dhASZv9cIZolj2bdq-yRWplZEP54Q3i-wTtfCAErMq6_-bEg-Fze84hyphenhyphen762qYK1PPQ1evR4pJ17TJv4oNc3axjpxBLo2wMY2ueHy0/s320/m%25C3%25A9tamorphose.jpg" width="197" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
في إطار الملف الذي خصّصته "مجلة فلسفة " الفرنسية لكوفيد 19 وحاورت فيه علماء وفلاسفة حول الجائحة التي تعصف بعالمنا الان، أدلى الفيلسوف الإيطالي ايمانويل كوتشا بدلوه ، وقدّم مقاربة مختلفة تذكّرنا بحقائق نتغاضى عنها: الحياة بأشكالها الألف امتداد واحد ولسنا وحدنا، نحن البشر، من يملك "مزيّة " التدمير. فيروس كوفيد 19 ، الضئيل والحقير يستطيع أن يشلّ الحياة ويوقف الحضارة. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
****في كتابك الأخير" تحولات"، تقولون أنّ كل الكائنات الحيّة تتحدّر من نفس الحياة التي تتحوّل باستمرار. هل هذا ما نختبره كلّنا الآن للأسف مع الوباء ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
-الصفحتان الأخيرتان من "تحولات"- المكتوبتان قبل الجائحة الحالية- مخصّصتان للفيروسات. أطرح فيهما فكرة أنّ الفيروس هو الشاكلة التي يوجد بها المستقبل في الحاضر. الفيروس، في الواقع، هو قوّة محضة للتحول الذي يسري من حياة إلى أخرى دون أن تكتفي بحدود الجسد. حرّا، فوضويّا ، لامرئيّا بالكاد، بلا انتماء فردي ، يملك الفيروس قوّة تحويل كلّ الكائنات الحيّة ويتيح لها أن تتحقّق في شكلها الفريد. تذكّروا أن قسما من ميراثنا الجيني ADN ، في حدود 8/ دون ريب، مصدرها فيروسي. الفيروسات قوّة تجديد، تغيير، تحويل، ولها قدرة محتملة على الابتكار الذي لعب دورا أساسيا في النشوء والارتقاء الطبيعيين l’evolution . الفيروسات شاهد على أنّنا في إرثنا الجيني شتاتٌ فريد جدّا bricolages multispécifiques . كتب جيل دولوز في كتابه mille plateaux ( بالإشتراك مع فيلكس غاتري، منشورات مينوي ،1980 ) يقول: </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
« nous faisons rhizome avec nos virus, ou plutôt nos virus nous font faire rhizome avec d’autres bêtes ». </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
من هذا المنظور يبدو المستقبل، كمرض للهوية وسرطان للحاضر: يجبر كلّ الكائنات الحيّة على التحوّل. يجب أن نمرض، أن نستسلم للعدوى، وأن ننتهي إلى الموت، كي نتيح للحياة أن تتبع مسارها وللمستقبل ان يُولد. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
** هذه الشاكلة في النظر إلى الأشياء تبدو مربكة وغير مُطمئنة ... </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
- قوة التغيير التي تملكها الفيروسات تثير فينا دون شكّ شيئا من الخوف في الوقت الذي يشرع فيه كوفيد 19 في تغيير عالمنا بعمق. سيتمّ تجاوز الأزمة الوبائية في النهاية، ولكنّ بروز هذا الوباء بدّل دون رجعة طرائقنا في العيش، الحقائق الاجتماعية، التوازنات الجيوسياسية. الخوف الذي نشعر به اليوم نتج في قسم كبير منه ممّا اختبرناه من أنّ الكائن الحيّ الأصغر قادر على شلّ الحضارة الإنسانية الأفضل تجهيزا من الناحية التقنية. هذه القدرة على التبديل لكائن لا مرئي، ينتج عنها كما أعتقد، التشكيك في نرجسية مجتمعاتنا. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
** ماذا تقصد ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
-لا أعني فقط النرجسية التي تجعل من الإنسان سيدا على الطبيعة، بل أيضا النرجسية التي تنتهي بنا إلى نسبة، قوة تدميرية خارقة للتوازنات الطبيعية خاصة، إلى الإنسان. لا نزال نعتبر أنفسنا كائنات مميّزة، مختلفة، استثنائية، بما في ذلك تدبّرنا للأضرار التي نتسبّب بها للكائنات الحيّة الأخرى. ومع ذلك، فإنّ هذه القدرة التدميرية، تماما مثل القدرة على الإنشاء génération، مُوزّعة بشكل عادل على كلّ كائن حيّ . الانسان ليس الكائن المُميّز الذي يبدّل من الطبيعة. بإمكان أية بكتيريا، أيّ فيروس، أيّة حشرة أن تضرّ العالم ضررا كبيرا. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
*** هل يجب أن تدفعنا الجائحة الحاليّة إلى تغيير فكرتنا عن الطبيعة ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
-تواصل الإيكولوجيا المعاصرة في التغذّي من مخيال تبدو فيه الأرض بيتا للحياة. هذه الفكرة مُضمرة في كلمتي ايكولوجيا ونظام ايكولوجي: فـ oikos، في الاغريقية، تعني المنزل، المجال الخاص المرتب بعناية ( la sphère domestique bien organisée ) . في الحقيقة، ليست الطبيعة مملكة للتوازن الدائم، حيث يستقرّ الكلّ في مكانه. الطبيعة فضاءٌ للابتكار الدائم للكائنات الحية الجديدة التي تأتي لتزعج توازنها. كلّ الكائنات تهاجر، كلّ الكائنات تحتلّ منازل الآخرين. هذه هي الحياة، في العمق. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
*** بالإضافة إلى الخوف من الفيروس، هل يكشف الجو السائد الان بالنسبة لك عن خوف من الموت ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
-بالتأكيد. من الطبيعي ان نخاف من الموت وأن نكافح ضدّه في إطار الممكن. ومن الطبيعي أن نتخذ اجراءات لحماية المجموعة وخاصة أعضاءها الأكثر هشاشة. ولكن فيما وراء الأزمة التي نمرّ بها، تميل مجتمعاتنا إلى التغاضي عن الموت وإلى النظر إلى الحياة الفردية كمطلق. في حين أنّ الحياة التي نحياها لا تبدأ بولادتنا: إنّها حياة أمّنا التي تواصلت فينا وستتواصل في ابنائنا. نحن من نفْس الجسد، نفْس النفس، نفْس ذرات أمهاتنا اللواتي حضنّنا طيلة تسعة أشهر. الحياة تعبُر من جسد إلى آخر، من نوع إلى آخر، من مملكة إلى أخرى من خلال الولادة، الغذاء وبالأخصّ الموت. لذلك وبسبب أننا نقتسم (بشر، آكل النمل الحُرشفي، نبات، فُقاع، فيروس...) نفس الحياة ذاته فإنّنا معرّضون للموت: فقط لأنّ الحياة التي أحوزها بقدرتها أن تصبح حياة شخص آخر فمن الممكن أن افقدها. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
*** هل الموت نهاية للحياة ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
-لا، الموت تحوّلٌ لنفس الحياة التي تسري وتتّخذ باستمرار أشكالا أخرى. حين نموت، نُورث هذه الحياة إلى كائنات أخرى. الإعتقاد بأنّ الحياة التي تعتمل فينا تتوقّف مع موت أجسادنا هي نتيجة للاعلاء من ذواتنا fétichisation de notre moi - للفكرة التي تقول أنّ كلّ واحد فينا يملك حياة أصيلة، تخصّه وحده. يجب التحرّر من هذا الفهم. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
*** هذه المقاربة تحرّرنا ولكنها تزعجنا، أليس كذلك ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
- الحياة ذاتها مربكة وغامضة. كلّ حياة هي إمكان للخلق، للابتكار: كلّ حياة قادرة على فرض نظام جديد، منظور جديد، شاكلة جديدة في الوجود. ولكنّ هذا الانفتاح على المجهول يستدعي معه دائما جانبا مظلما ومدمّرا. يكفي أن نفكّر في واقعة التغذّي الأولية: حياتنا قائمة بالكامل على جثث الأحياء. جسدنا مقبرة لعدد هائل من الكائنات الأخرى. و نحن أيضا سنُلتهم من كائنات أخرى(....). </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
***يجب التخلي إذا عن الفكرة التقليدية عن تراتبية الأنواع ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
بالطبع.نحن نعتبر، بطريقة عفوية، أنّ الحيوان أرقى من النبات، وأنّ النبات أرقى من البكتيريا، وهكذا دواليك. مع ذلك، أشكال الحياة الصغرى ليست أشكال الحياة التي تحتوي أقلّ عناصر او الأكثر بدائية. لا يوجد كائن حيّ واحد حافظ على الشكل الذي كان له منذ ملايين السنوات. كلّ كائن حيّ يملك، من خلفه، قصّة سحيقة تضمّه والكائنات الأخرى. تطوّر الفيروسات، مثلا، ذو صلة بتطور الكائنات الحية الأخرى، لأنّها " تتغذّى" من أجزاء من الADN. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
*** ماهي خاصيّة نمط وجود الفيروسات ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
أولا، يدور حولها نقاش لن يُحسم باعتقادي أبدا: هل الفيروسات كائنات حيّة؟ هذا النقاش النظري، كما أراه ، لايعدو أن يكون إلاّ سؤالا أسيء طرحه. يوجد دائما الجماد non-vivant في الحي. نحن والتراب من نفس المادة: نملك بنية جُزيئيّة structure moléculaireبها نسبة ما من المعدن. هناك كتاب جميل جدّا لتوماس هيمس يقترح علينا فيه أن نتحدث عن " ما تحت الحياة" infra-vies عوضا عن الجماد non-vivants. تُختزل الفيروسات تقريبا في الADN أو الARN ، باختصار في مواد جينية. هي لا تملك بنية خلوية، قلبا، ميتندوريات mitochondries إلخ.. وهو أمر يدعو إلى العجب، لأنّ الخلية تمْثل غالبا كوحدة أساسية مشتركة بين كلّ الكائنات الحية. حتّى البكتيريا تملك بنية خلوية، رغم كونها أوّلية. مهما كان الأمر، تحتاج الفيروسات، لإعادة إنتاج نفسها، إلى الاعتماد على بُنى بيولوجية أوسع: إنّها " تُقرصن " خلايا الأجساد الأخرى وتنقل إليها أوامر جينية جديدة كي تتكاثر. </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
****هل يجب أن نقبل بأنّ الفيروسات تشكّل جزءا من الكائنات المتعدّدة التي تسكننا ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
نحن جميعا أجساد تنقل كميات هائلة من البكتيريا، الفيروسات، الفقاع، ومن كائنات من غير الإنسان. ثمة 100 مليار من البكتيريا تترواح بين 500 و1000 نوع، اختارت أن تسكن فينا. ذلك يشكل أكثر من عشرة أضعاف الخلايا التي يتشكل منها جذعنا. باختصار، لسنا كائنا حيّا واحدا، بل تجمّع سكّاني، حديقة حيوان متنقلة نوعا ما، زريبة حيوان. وإذا ما تعمقنا أكثر، ثمة كائنات لا انسانية متعدّدة – بدءا من الفيروسات- ساهمت في تشكيل جسم الإنسان، شكله وبنيته. بذلك، فإنّ ميتندوري mitochondries خلايانا، التي تنتج الطاقة، هي نتيجة لاندماج البكتيريا فينا. هذه البديهيات العلمية يجب ان تنتهي بنا إلى التشكيك بالفرد باعتباره جوهرا، وبفكرة أنّ كلّ كيان منكفئ على ذاته ومنغلق على العالم وعلى الغيريّة. ولكن يجب أن نقطع أيضا مع النظر إلى الأنواع باعتبارها جواهرا substantialisation des espèces . </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
*** ماذا تريد أن تقول ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
في تمشّ مُضاد للعلم، خلقنا هاوية بين مختلف الأنواع. لم نستوعب بالكامل حدْس دروين الذي لم يكن يودّ القول: "" الإنسان منحدر من الرئيسيات primates "، بل: " لا يوجد نوع نقيّ ، الكائنات جميعا هي خليط عجيب، صنع بديع chimère ، شتاتٌ bricolage ، كشكول من الهويات الجينيّة متكونة من الأنواع الأخرى التي سبقته". خُلقنا من بعضنا البعض، نحمل معنا العلامة على وفرة الأشكال التي عبرتها الحياة قبل ان تنشأ الشكل الإنساني. انظروا إلى جسد الإنسان: أغلب ملامحه المورفولوجية مثل الأنف أو العيون ليست إنسانية تخصيصا. حياتنا بالكاد إنسانية. نحن، الأحياء، خلاصة نفس الحياة التي جاءت من مكان آخر والمتبدّلة قليلا. حياة بدأت قبلنا بكثير. كلّ نوع يشبه الفراشة بالنسبة لنوع آخر والشرنقة المستعدّة للتحوّل إلى أنواع أخرى بلا عدّ. الحجة الحاسمة على ذلك، من وجهة نظر كيمائية، تكمن في أنّنا نتقاسم نفس الآلة الجينيّة – ADN وARN . </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
*** لكي نختم ، ماذا تنصحون بقراءته في أزمنة الحظر هذه ؟ </div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
هناك نصّ بديع لأدولف ليوبولد " أوديسه " [1942, <a href="https://www.audubon.org/magazine/may-june-1942/from-archives-aldo-leopolds-odyssey">lien en anglais</a>], يروي فيه قصة الحياة من منظور ذرّة تعبر أشكالا مختلفة من الحياة. هذه القراءة تسمح لنا بإدراك أنّ كلّ ما يحيط بنا يقتسم معنا ذات النفس وذات الحياة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div class="MsoNormal" dir="rtl" style="margin: 0cm 25.45pt 10pt -35.45pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div style="text-align: justify;">
<br /></div>
</div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-41152528843078975472020-04-07T11:06:00.000+02:002020-04-07T14:38:31.765+02:00 «في زمن الكورونا ما ليس بالوسع تحاشيه يتوجّب على العاقل مؤالفته وتوقّيه»<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj1Kg7kY1QR7dCQMuCYXFqU2Ghc-jKJBP-QAlEjSNJzpX-cpw1ym9BOkEslw5UF6iknfYanHTrFJDmoJsyPWLzYMoeyLXgTpaeT2yUQjqpdZfl2S9pRkr4hsEAUxraLnMFdEK7u_XZ-61F4/s1600/bavette.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="794" data-original-width="1120" height="226" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj1Kg7kY1QR7dCQMuCYXFqU2Ghc-jKJBP-QAlEjSNJzpX-cpw1ym9BOkEslw5UF6iknfYanHTrFJDmoJsyPWLzYMoeyLXgTpaeT2yUQjqpdZfl2S9pRkr4hsEAUxraLnMFdEK7u_XZ-61F4/s320/bavette.jpg" width="320" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div style="text-align: justify;">
<span style="background-color: white; color: #3366ff; font-family: "tahoma"; font-size: 10px; font-weight: bold;">المؤرخ لطفي عيسى لــ « الصحافة اليوم» : 7 / 4 / 2020</span></div>
<div style="text-align: justify;">
<span style="font-family: "tahoma"; font-size: 14px;"><br /></span></div>
<br />
<center style="text-align: justify;">
«في زمن الكورونا ما ليس بالوسع تحاشيه يتوجّب على العاقل مؤالفته وتوقّيه»</center>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div style="text-align: justify;">
<span style="font-family: "tahoma"; font-size: 14px;"><br /></span></div>
<span class="title-news-single" style="background-color: white; font-family: "tahoma"; font-size: 14px; line-height: 34px; padding: 5px 0px 10px;"></span><br />
<div style="text-align: right;">
<span class="title-news-single" style="background-color: white; font-family: "tahoma"; font-size: 14px; line-height: 34px; padding: 5px 0px 10px;"><br /></span></div>
<span class="title-news-single" style="background-color: white; font-family: "tahoma"; font-size: 14px; line-height: 34px; padding: 5px 0px 10px;">
</span><span style="background-color: white; font-family: "tahoma"; font-size: 14px;"></span>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
أمام تعدّد الاراء والحوارات التي يقدّم فيها مثقفّو الشمال رؤيتهم لجائحة كورونا التي تعصف بعالمنا ، في عبور جارح وعادل للثقافات والمجتمعات ، كان لابدّ من مساءلة العقل التونسي عمّا يحدث ، كي نتدبّره تدبيرا جميلا . هنا حوار مع المؤرخ لطفي عيسى :</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
<br /></div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
1/ كيف ترى ما يحدث؟ طبيعة تُدافع عن نفسها؟</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
شكلّت معضلة حماية المحيط وجه من وجوه العولمة القبيح، ولم تفلح المؤتمرات المنعقدة منذ بداية التسعينات (ريو دي جنيرو 1992) حول الحدّ من انبعاث الغازات الملوثة والسّامة، من وضع حد للتسابق بين العالم الحرّ والقوى الآسيوية الناهضة وفي مقدمتها الصين بؤرة انتشار وباء السارس كوفيد 2 المستجد. غير أنّ ما قد ينبغي التشديد عليه في تقديري، هو ضرورة القطع مع القراءة الجمالية الحالمة أو الرومنطيقية الجديدة بخصوص ثقافة حماية المحيط، لأنّ المطلوب في الواقع هو إعادة الاعتبار لمدلول الصمود résilienceومجابهة الكارثة الحقيقية التي حلّت بالأدميين من موقع التواضع واحترام التوازنات الحيوية والحفاظ على التنوّع البيئي والانخراط فيه دفاعا عن بقاء الحياة على كوكب الأرض والاعتراف بتحمّل تبعات التسابق في إجهاد الطبيعة بل وإفنائها برُمّتها من وراء حجاب. فلئن كان العالم القديم في حالة احتضار وشيكة، فإنّ بديله أو مـُحدثه يُبطئ في الظهور. فمن نافدة شعاع الضوء العتم ينبجس سوء تقدير البشرية وهوْل وحشيتها.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
2/ ما الأثر الذي يتركه فيروس كوفيد19 وهو يعبُر الثقافات والمجتمعات؟</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
<br /></div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
يبدو أننا نتّجه نحو توزيع جديد للخارطة الكونية مع ظهور فاعلين جيو إستراتيجيين جدد، وذلك بمجرّد انقشاع غيوم هذا الوباء القاتل. فعندما نلاحظ مدى اتساع رقعة انتشار الوباء بالولايات المتحدة ونقرأ في تصريحات رئيسها الرعناء، ندرك أنّ شيئا ما هو بصدد الحصول، وأن إمبراطورية العالم الحرّ تعيش أسوء لحظاتها. فهل يمثّل ذلك بداية نهايتها، أم أنّ المسألة لا تتجاوز الكبوة الوقتية التي لا يشكّل ضمنها التعثر أو السقوط سوى فرصة جديدة للوقوف؟ لا يبدو الوضع مطمئنا في ظل تراجع النمو وانقطاع محركات الاقتصاد الليبيرالي بالكامل. كما أنّ انهيار سردية الاتحاد الأوروبي بعد تعدّد القرائن الدالة على تصرفات مختلف مركباته وفاعليه السياسيين المتطرّفة والـمُخجلة في آن لا يمكن موضوعيا إلا أن يدفع إلى الاعتقاد في النهاية الوشيكة لذلك الصرح على غرار ما عاشه المعسكر الشرقي خلال القرن الماضي.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
وفي جانب مقابل تبرهن السياسة الهجومية المعلنة المنتهجة من قبل الصين الشعبية أو امبراطورية الوسط القديمة ومنطقة البريكس، والمنافسة التي تضعها وجها لوجه إزاء الولايات المتحدة، على قدرة أوسع في حسن التدبير وتشبيك العلاقات الاقتصادية والاستثمارية آسيويا، وشرق أوسطيا، وأوروبيا، وإفريقيا. فقد تمكّنت الصين من بناء شراكات مع لا يقل عن 120 دولة أو كيان سياسي، وبالتالي فقد بات بوسعها رفع تحدي تجاوز الأزمة بأضرار أخف، قياسا لتلك التي ستواجه في المدى القريب جميع اقتصاديات العالم الحرّ.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
3/ أيّة براديغمات ( قيم ، رؤى للعالم ) ستسقط؟ أيّة براديغمات ستنهض؟</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
يعتبر «أدغار مورن» في الحوار الأخير الذي أجرته معه مجلة «لو نوفل أبسرفاتور» الفرنسية، أنه على الرغم من قدرة العولمة على التشبيك وصياغة الترابط، فإنها قد كشفت عن فقدانها التام للتضامن. فالعولمة لم تُبْد نجابة حقيقية في بناء التفاهم بين الأمم أو الشعوب.بل أدّى شططها إلى الوقوع في أزمات مالية واندلاع حروب طاقية ومشاكل بيئية وانخرام للاقتصاديات المنظمة لفائدة القطاعات الاقتصادية الموازية وشبكات التهريب الغامضة والخطيرة وتيارات اليمين المتطرف الداعية إلى الانطواء والأنانية المُغذية لأبشع المخاوف. لذلك فمن المحتمل منطقيا أن تندفع الإنسانية نحو بناء سياقات مفارقة للتضامن تعيد الاعتبار لـ «قيم الاستعمال» على حساب «منطق التملّك»، محافظة على الخدمات المشتركة وبناء الرفاه بجعل اقتسامه ممكنا لا الاستئثار به أو احتكار منافعه، مع بناء الاكتفاء الذاتي وإعادة توطين الأنشطة الحيوية والشروع في تعاون دولي عفوي لمجابهة هذا النوع من الكوارث الصحية والبيئية المهيأة موضوعيا للتجدّد بأشكال مريعة على المدى القريب والمتوسط. فما يحصل في العالم اليوم يحثّ على تدبير الهلع ومقاربة الحجر الطوعي باعتباره فرصة حقيقية لمحاسبة النفس وتأمّل الوجود وتقدير مجالات الممكن قياسا لطلب المستحيل، مع الكفّ عن توسيع مجالات الافراط المؤذي في الاستهلاك، وبناء علاقة جديدة بالزمن الجوّاني المحفّز لمشاعر الحب والصداقة وجمالية الحضور الجذلى أو شاعريتها.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
4/ كيف ترى الحال في تونس في التعاطي مع الفيروس؟</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
يتعيّن في اعتقادي مجابهة حقيقة «ورطة» ما بعد سنة 2011 (بمعنى النقلة التي استعصى عليها القطع مع القديم واستحثاث ولادة الجديد أو المُحْدث)، وهو أمر كان لنا فرصة التفصيل في البعض من جوانبه ضمن حوارنا السابق( صدر الحوار بجريدة الصحافة بتاريخ 22/06/2019 تحت عنوان : التونسيون أبطالٌ مرضى...). فقد تم تأليف العديد من البحوث الهامة حول مسألة الانتقال وظروفه وملابساته وتأويلاته، واستتباع ذلك بأشكال تدعو إلى تعديل عقارب الساعة وفهم الثقافة السياسة بشكل مفارق يضع في اعتباره شروط الوساطة والانتقال وضمان المرور الجيّد والفهم الدقيق للخبرات والمعارف في صدارة اهتماماتنا.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
غير أنّ ما نعيشه اليوم وبعد مرور قرابة العشر سنوات على حصول تلك النقلة الفارقة في تاريخ تونس وفي بناء مواطنتها الغضّة، يدعونا إلى استعادة تضامننا الوطني من بوابة نبذ الانغلاق والأنانيّة والاعتبار بمصيرنا المشترك مع الإنسانية قاطبة في تدبّر معضلات تدهور المحيط، والافراط في التسلّح، والتهاون مع أشكال الاقتصاد غير المنظّم الذي يوشك أن يلغي تكافئ الفرص وبناء شروط العدالة الاجتماعية، مع العمل على تفادي جميع أشكال السقوط في التصوّرات الوطنيّة الراديكالية اليعقوبية منها أو الدّينيّة.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
فإذا لم تنقلب الإنسانية على مخاوفها القاتلة بالتعويل على تصرفات مخزية تحيل على انهيار النظام الدولي على غرار ما نعاينه من خلال عمليات القرصنة المفضوحة على شحنات المعدّات الصحية والأدوية وتجريم حركة تنقّل الأفراد والأفكار والسلع وتُصغي حقيقة لناقوس الخطر، فإنّ الأزمة لا يمكن لها إلا أن تتفاقم بشكل مُهلك للجنس البشري بأكمله.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
<br /></div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
5/ يملك التونسيين في تاريخهم وفي مخيالهم الجمعي تجارب مع الأوبئة التي مرّت بهم. كيف تمّ التعاطي معها وهل أنتجت سلوكات ومواقف معيّنة (النظر إليها ربّما كامتحان وكمحنة؟)؟</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
<br /></div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
هذا صحيح نسبيا، غير أنّ جميع ما عرفناه سابقا لا يخرج عن الأنماط المعروفة في انتشار الأوبئة وتزامنها أو تعاقبها مع الجوائح والمجاعات والحروب وفقا للشروط التي كشفت عنها الديمغرافيا التاريخية باعتبارها معرفة قائمة بذاتها نسلت عن المعالجة العمودية للمعطيات الرقمية أو سلاسل الأرشيفات الخورية( من خُوري : رجل الدين ) غربا، والضريبية ضمن المجالات الخارجة عن ذلك النطاق الجغرافي أو الحضاري. كما أنّ العلاقة بالتوقيّ من الأمراض الوبائية مثل الطاعون، والجذام، والزُهري، والصفراء أو الكوليرا، بالتعويل على الحجر الصحي ومختلف أشكال ما وُسم حاضرا بالتباعد الاجتماعي، قد عاينت من جانبها سِجَالَات حامية بين العقل الديني والعقل العلمي. وهي سجالات حضرت بكثافة ضمن أمهات المصادر والمخطوطات الفقهية أو «النوازلية» تونسيا، تماما مثل الجدل الذي قام منذ بداية القرن السابع عشر حول ظواهر مستجدّة اتصلت بـ»شرب الدخان» واستهلاك القهوة وارتياد المبغى أو الحانة، وانتشار الممارسات الجنسية المثلية وغيرها من السلوكات التي أدانها العقل الديني أخلاقيا، بل وأوغل أحيانا في الانتقام من المقبلين عليها اجتماعيا.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
6/ بأيّة ذهنية، نحاربُ الفيروس (تونس أو المسلمون أو العالم الحرّ...)؟</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
ينبغي ألاّ نعوّل في مثل هذا المقام إلاّ على أنفسنا. فـ»الحاجة سيّدة الاختراعات» كما يقال. ولعل فيما نعيشه راهنا فرصة متجدّدة - بعد ورطة 2011- لمراجعة حسابتنا المغلوطة وبناء مجتمع التدبير العقلاني في مقابل مجتمع الحسيّة الـمُفرطة والارتجال المضحك والاعتداد بالتهاون والكسل الذهني بوصف جميعها «رياضة وطنية» أو «طبيعة ثانية». فالبيّن أن ضوابط جديدة هي بصدد التشكل كونيّا يقوم مدلولها بالأساس على الانضباط واحترام القوانين والتصرّف وفق تدبير مُحكم وواقعي، مع الالتزام أخلاقيا بقيم التضامن والكدّ والفضول المعرفي واحترام الطبيعة والحفاظ على المحيط.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
7/ كيف ترى تجربة الخوف وتجربة الموت في زمان الكورونا ؟</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
نحن في مفترق جديد لما سمي بـ»زمن الألفية» وهو زمن تتجدّد خلاله مزاعم قرب طي بساط الكون والاعلاء من قيم الاستقامة في انتظار قيام الساعة. ألم تغذي مخاوفنا إبان الانتخابات الأخيرة استحضارنا لـ»مهدي» أوكلنا له رئاسة الدولة مع تجديد «البيعة» للتشكيلات المتمسّكة في شعبويتها البدائية بالعقل الديني. الشيء الذي يدفع إلى التفكير جديّا في الكيفية المثلى لتدبير الخوف لا لتغذيته في «زمن جنون الكورونا» مثلما تشفّ عن ذلك معارك الطحين والتسجيل ضمن قواعد معلومات الـمِنَحِ وطوابير استخلاصها بمختلف جهات ربوعنا. فالخوف من النهاية المحتومة مسألة وجودية بامتياز تندرج في صلب المعركة من أجل تواصل الحياة. لذلك ليس من المجدي في شيء انكار تلك الحقيقة أو القفز عليها.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
كما أنّ العلاقة بالمقدس تمثل وفقا لما أثبتته دراسات علم الأديان المقارن ضمن مؤلفات «موس»، و»إلياد»، و»ديبرون» و»باستيد» و»جيرار» و»فياتمو» وغيرهم ركيزة من ركائز الحياة لا مرحلة من مراحلها. إنما مقصد الحياة أو الوجود هو تعبئة الطاقة إيجابا وتوجيه الارادات نحو صياغة مدلول واقعي للتكافل المتضامن تطويعا للوجود في مقاومة حتمية الموت والعدم.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
8/ ماذا عن القيم؟</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
قد يتمثّل أهم درس تلقته الإنسانية عبر تحمّلها للتبعات المزرية بحرياتها ضمن واقع الوباء الذي نعيش، في الالتفات إلى القيمة السامقة لـ «سعادة الشأن اليومي»، وفق ما عرضه «ميشال دي صرتو» في مؤلفه الـمُلهِم حقا «اختراع اليومي». ففك عزلة الأفراد وبناء الثقة والتقارب والإحساس بالتواد وصناعة الفرح المبطل للنكد والتعاسة والسقوط في العدمية والإحباط، هي مربط الفرس في توجيه الثورة المعلوماتية حاضرا، والحؤول دون قدرتها الرهيبة على استغراق الافراد افتراضيا ثم سقوطهم في حبال الهشاشة النفسية والانطواء ومجابهة غول الانعزال والتعصب الديني والعنصرية العرقية.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
9/ فلسفيّا ماذا يحدث؟</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
أعتقد أن أبلغ تعبير فلسفي بخصوص ما يعيشه العالم حاضرا هو ذاك الذي نستحضره من خلال متابعة الأدب الروائي. وهو ضرب من المقاربة بالحدس بوسعه وبكثير من المسافة، أو «بحكمة اللايقين»، وفقا لعبارة الروائي التشيكي «ميلان كونديرا» الرائعة، أن يندسّ عميقا في سمْك عوالم بني البشر النفسية والجوانية.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
ففي كتاب «الضحك والنسيان» كما في اقتباس «بازوليني» لـ»ديكامرون» بوكاتشو»، نلاحظ حضور كثير من الخفة المُسلية والحكيمة في آن. إذ كلما نزل خطْب جليل بالإنسانية يدفع بها إلى الاستياء والضجر وارتفاع منسوب الرعب، فإنّ من يتمكنون من تجاوز تلك الأوضاع هم بالأساس من لم ينتابهم الجزع المُميت ولم يتخلوا مطلقا وبالرغب من تحوّطهم عن قدرتهم على المزاح، «فما ليس بالوسع تحاشيه يتوجّب على العاقل مؤالفته وتوقيّه». فلا الشقاء بالقدر المسلط ولا السعادة أيضا، وما قدرتنا على تجاوز الإحن( الشدائد ) إلا في صمودنا ومغالبتنا، تماما مثل من تعوّد الملاحة ضد قوة التيار طلبا لحياة تفرض نفسها بالرغم عن القسوة والشدائد. ففتح الأبواب قصد الهروب من داهم الأخطار يستوجب في أحيان كثيرة منتهى الشجاعة، غير أنّ تجاوز عتبة تلك الأبواب ومواصلة الطريق بهمّة وجلد يحتاج إلى بطولة في البلاء والصمود على الحقيقة./.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: right;">
الأبواب ومواصلة الطريق بهمّة وجلد يحتاج إلى بطولة في البلاء والصمود على الحقيقة./.</div>
<div style="background-color: white; font-family: Arial, Helvetica, sans-serif; font-size: 16px; text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br style="background-color: white; font-family: tahoma; font-size: 14px; text-align: start;" /></div>
<div align="left" class="news-author-single" style="background-color: white; color: #3366ff; font-family: "simplified arabic"; font-size: 11px; font-style: italic; font-weight: bold;">
<div style="font-size: 16px;">
حوار: كمال الهلالي</div>
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
</div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-75232325075222241232020-04-04T16:14:00.000+02:002020-04-04T16:14:05.207+02:00الأثر العفوي للكتابة: ارتسامات دونتها ليلى بن صالح <div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh-l7-HgpSHuAg1nG7l3M4iqty8g8MPqQ3wXxSc2zGVxrnIJbzInS6OAHgzpWvpme1Rq_OO4BA4lpsCCkNG41_vVQrT3Sdro0aU3t0xUaerIOyUMv3x8ULRNXB4thu_N47DfKKqRzfoIAmW/s1600/IMG-20200219-WA0003.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="540" data-original-width="960" height="180" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh-l7-HgpSHuAg1nG7l3M4iqty8g8MPqQ3wXxSc2zGVxrnIJbzInS6OAHgzpWvpme1Rq_OO4BA4lpsCCkNG41_vVQrT3Sdro0aU3t0xUaerIOyUMv3x8ULRNXB4thu_N47DfKKqRzfoIAmW/s320/IMG-20200219-WA0003.jpg" width="320" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="background-color: white; border: 0px; direction: rtl; font-family: Nassim; font-size: 22px; font-stretch: inherit; font-variant-east-asian: inherit; font-variant-numeric: inherit; line-height: 34px !important; padding: 0px 0px 8px; text-align: justify; vertical-align: baseline;">
<em style="border: 0px; font-family: inherit; font-size: inherit; font-stretch: inherit; font-variant: inherit; font-weight: inherit; line-height: inherit; margin: 0px; padding: 0px; text-align: right; vertical-align: baseline;">تلقي هذه الزاوية الضوء على موقع إلكتروني لمبدع عربي في محاولة لقراءة انشغالاته من خلال فضاء استحدثته التكنولوجيا وبات أشبه ببطاقة هوية للكتّاب.</em></div>
<div style="background-color: white; border: 0px; direction: rtl; font-family: Nassim; font-size: 22px; font-stretch: inherit; font-variant-east-asian: inherit; font-variant-numeric: inherit; line-height: 34px !important; padding: 0px 0px 8px; text-align: justify; vertical-align: baseline;">
<br />ظاهرياً، يبدو الكتاب الأخير ("أخبار التونسيين: مراجعات في سرديات الانتماء والأصول"، (منشورات مسكلياني، 2019) لـ <span style="border: 0px; color: blue; direction: rtl; display: block; font-family: inherit; font-stretch: inherit; font-style: inherit; font-variant: inherit; font-weight: inherit; line-height: 34px !important; margin: 0px; padding: 0px 0px 8px; vertical-align: baseline;"><span style="border: 0px; color: blue; direction: rtl; display: block; font-family: inherit; font-size: inherit; font-stretch: inherit; font-style: inherit; font-variant: inherit; font-weight: inherit; line-height: 34px !important; margin: 0px; padding: 0px 0px 8px; text-align: justify; text-decoration-line: none; vertical-align: baseline;"><a href="https://www.alaraby.co.uk/books/2015/11/23/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%81%D8%A7%D8%AA%D8%A9-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9" style="border: 0px; font: inherit; margin: 0px; padding: 0px; text-align: right; text-decoration-line: none; vertical-align: baseline;" target="_blank">لطفي عيسى</a>(1958)، بعيداً بعض الشيء عن الانشغالات التي عُرف بها <a href="https://www.alaraby.co.uk/culture/2016/2/21/%D8%A8%D9%8A%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%B0%D8%A7%D9%83%D8%B1%D8%A9-%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE-%D9%85%D8%A7-%D9%83%D8%A7%D9%86-%D9%8A%D9%85%D9%83%D9%86-%D8%A3%D9%86-%D9%8A%D8%AD%D8%B5%D9%84" style="border: 0px; font: inherit; margin: 0px; padding: 0px; text-align: right; text-decoration-line: none; vertical-align: baseline;" target="_blank">المؤرّخ التونسي</a><span style="font-family: inherit; font-size: inherit; font-style: inherit; font-variant-caps: inherit; font-variant-ligatures: inherit; font-weight: inherit;">، إذ انكبّ عمله الأخير على دراسة عناصر من الهوية الجماعية التي تؤثّر في الحاضر التونسي.</span></span></span></div>
<div style="background-color: white; border: 0px; direction: rtl; font-family: Nassim; font-size: 22px; font-stretch: inherit; font-variant-east-asian: inherit; font-variant-numeric: inherit; line-height: 34px !important; padding: 0px 0px 8px; text-align: justify; vertical-align: baseline;">
وقبل ذلك اشتهرت له <span style="border: 0px; color: blue; direction: rtl; display: block; font-family: inherit; font-stretch: inherit; font-style: inherit; font-variant: inherit; font-weight: inherit; line-height: 34px !important; margin: 0px; padding: 0px 0px 8px; vertical-align: baseline;"><span style="border: 0px; color: blue; direction: rtl; display: block; font-family: inherit; font-size: inherit; font-stretch: inherit; font-style: inherit; font-variant: inherit; font-weight: inherit; line-height: 34px !important; margin: 0px; padding: 0px 0px 8px; text-align: justify; text-decoration-line: none; vertical-align: baseline;"><a href="https://www.alaraby.co.uk/culture/2017/4/5/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%83%D8%B1-%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%81%D8%B1%D9%8A%D9%82%D9%8A-%D9%85%D8%B5%D8%A7%D8%AF%D8%B1-%D8%B0%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8%A9-%D9%84%D9%84%D8%A3%D9%85%D9%84" style="border: 0px; font: inherit; margin: 0px; padding: 0px; text-align: right; text-decoration-line: none; vertical-align: baseline;" target="_blank">أعمال </a>متقاربة الثيمات، أبرزها: "أخبار المناقب: في المعجزة والكرامة والتاريخ" (1993)، و"مميزات الذهنيات المغاربية في القرن السابع عشر" (1994)، و"مغرب المتصوّفة من القرن 10 إلى القرن 17" (2005)، و"كتاب السير: مقاربات لمدونات المناقب والتراجم والأخبار" (2007).</span></span></div>
<div style="background-color: white; border: 0px; direction: rtl; font-family: Nassim; font-size: 22px; font-stretch: inherit; font-variant-east-asian: inherit; font-variant-numeric: inherit; line-height: 34px !important; padding: 0px 0px 8px; text-align: justify; vertical-align: baseline;">
في مدوّنة بعنوان "Griffonnages" (يمكن ترجمتها بالأثر العفوي للكتابة، وهي تسمية قريبة من عنوان كتاب جينيت المذكور آنفاً)، يجمع المؤرّخ التونسي منذ 2011 كلّ ما يحيط بمساره المعرفي من قراءات في كتبه وحوارات معه ومقالات يكتبها من حين إلى آخر في الصحف التونسية والعربية، وبذلك كأنه يطبّق أدوات المؤرّخ على نفسه بمواظبة قلّما نجدها لدى الباحثين في العالم العربي، وقبل ذلك يقترح على قرّائه إطاراً جامعاً يتيح لهم ولوجاً أسهل إلى عوالمه وانشغالاته.قد نجد حلقة رابطة بين الانشغاليْن في كتاب لعيسى بعنوان "بين الذاكرة والتاريخ" صدر في 2014، وبدا فيه أنه بصدد شحذ أدوات معرفية ونظرية جديدة لمقاربة إشكاليات مختلفة عمّا تصدّت له مؤلّفاته السابقة، ويمكن أن نتخذ طريقاً آخر حين نعتمد أحد المفاهيم الخمسة، التي اقترحها المنظّر الأدبي الفرنسي جيرار جينيت (1930 - 2018)، وهو يدرس في كتابه المرجعي "طروس" (1982)، أشكال العلاقات التي تعقدها النصوص في ما بينها، وإذا كان أشهر هذه المفاهيم ما يعرف بالتناص intertextualité، فإن جينيت ينظّر لعلاقة يسميها بـparatextualité أو النصوص الحافّة، وهي مجموعة الخطابات التي تحيط بالنص دون أن تصبح جزءاً منه، مثل الأعمال الأخرى للمؤلف، أو المقالات النقدية والصحافية حول كتاب ما.</div>
<div style="background-color: white; border: 0px; direction: rtl; font-family: Nassim; font-size: 22px; font-stretch: inherit; font-variant-east-asian: inherit; font-variant-numeric: inherit; line-height: 34px !important; padding: 0px 0px 8px; text-align: justify; vertical-align: baseline;">
تُخبرنا مدوّنة لطفي عيسى بأن مبحثه أشمل مما تبدو عليه قائمة مؤلفاته، حيث ينشغل بالتاريخ الثقافي، وهذا الفرع من حقل البحث التاريخي يتّخذ محامل كثيرة مادة له، وبذلك يُمكّننا من أن نُبعد أي تناقض قد يذهب إليه من يكتفي بقراءة مؤلّفاته، فيشعر بقطيعة مفاجئة بين أعمال ما قبل 2014 وما بعدها.</div>
<div style="background-color: white; border: 0px; direction: rtl; font-family: Nassim; font-size: 22px; font-stretch: inherit; font-variant-east-asian: inherit; font-variant-numeric: inherit; line-height: 34px !important; padding: 0px 0px 8px; text-align: justify; vertical-align: baseline;">
لكن المدوّنة تتيح ما هو أوسع، حيث لا تضيء فقط أنشطة المؤرّخ بل تفتح على اهتمامات أخرى كثيرة له، منها انشغالاته السياسية كمواطن متورّط في الشأن العام أو اهتماماته بالفكر الأفريقي. وإلى ذلك، نقف على اهتمامات له ضمن دوائر معرفية أخرى، مثل الأنثروبولوجيا أو قراءاته في الأدب، وكلّ ذلك مما لا تتيحه الكتب، ولعلنا نفهم بعضاً من أدوار هذه التقنيات الحديثة في ثقافة ما. بذلك لم يجعل عيسى من Griffonnages مدوّنة بالمعنى المعروف، فهو لا يستخدمها لكتابة آرائه، بل جعلها مرآة عاكسة لأنشطته في المجال العلمي وفي الحياة العامة.</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<a href="https://www.alaraby.co.uk/culture/2020/3/26/%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89">https://www.alaraby.co.uk/culture/2020/3/26/%D8%B2%D9%8A%D8%A7%D8%B1%D8%A9-%D9%85%D9%88%D9%82%D8%B9-%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A-%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89</a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
</div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-63656386014286265812020-03-10T13:11:00.003+01:002020-03-10T13:11:23.578+01:00 قراءة لمياء عبيدي في كتاب «أخبار التونسيين» للطفي عيسى<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh_caEvBFLo73wR5NtQm6eNZQ-hAV5TaoCj7H3QXToxEDRKfwnRzD8ahKlA2hwqS2lxA0TAhLW61saNSHXp1FmxZW4xxiPvCtvtLjEsDYMXvOFi_l33ZGLufiZVW6Hu_jYfm_2sPBpE3piA/s1600/%25D8%25A3%25D8%25AE%25D8%25A8%25D8%25A7%25D8%25B1+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D9%2588%25D9%2586%25D8%25B3%25D9%258A%25D9%258A%25D9%2586.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="960" data-original-width="720" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEh_caEvBFLo73wR5NtQm6eNZQ-hAV5TaoCj7H3QXToxEDRKfwnRzD8ahKlA2hwqS2lxA0TAhLW61saNSHXp1FmxZW4xxiPvCtvtLjEsDYMXvOFi_l33ZGLufiZVW6Hu_jYfm_2sPBpE3piA/s320/%25D8%25A3%25D8%25AE%25D8%25A8%25D8%25A7%25D8%25B1+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D9%2588%25D9%2586%25D8%25B3%25D9%258A%25D9%258A%25D9%2586.jpg" width="240" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="itemHeader" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #333333; font-family: "Droid Arabic Kufi"; font-size: 13px;">
<h1 class="itemTitle" dir="rtl" style="box-sizing: border-box; color: #119c39; cursor: pointer; font-size: 24px; font-weight: normal; line-height: 31px; margin: 0px 0px 10px; padding: 0px; text-align: right;">
<br /></h1>
</div>
<div class="itemNaviTop" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #333333; font-family: "Droid Arabic Kufi"; font-size: 13px; margin-bottom: 10px;">
<dl class="article-info" style="box-sizing: border-box; margin: 0px;"> <dd class="item-caption" style="box-sizing: border-box; color: #999999; display: inline-block; font-size: 11.05px; line-height: 1.42857; margin: 0px 0px 0px 10px; white-space: nowrap;"></dd></dl>
</div>
<div class="itemIntroText" dir="rtl" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #333333; font-family: "Droid Arabic Kufi"; line-height: 25px; padding: 0px; text-align: right;">
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<br style="box-sizing: border-box;" /><span style="font-size: large;"> مثل مؤلف «أخبار التونسيين: مراجعات في سرديات الانتماء والأصول» مغامرة خاضها لطفي عيسى من بوابة المؤرخ المنفتح </span><span style="font-size: large; text-align: justify;">على حقول معرفية ليست لها صلة عضوية بمهنته وتخصصه الأصلي لذلك مثلت إعادة زيارته لمتون أدبية مسألة جوهرية تنم عن رغبة في مراجعة المفاهيم الإجرائية والمدونات المصدرية التي يشتغل عليها المؤرخ، فهي محاولة لتجاوز المأزق المعرفي الذي تعيشه العلوم الإنسانية والاجتماعية بصفة عامة بما فيها «علم التاريخ». فقد حاول من خلال هذا المؤلف اقتحام مجال «ابستمولوجيا المعرفة التاريخية وفلسفتها».</span></div>
</div>
<div class="itemFullText" dir="rtl" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #333333; font-family: "Droid Arabic Kufi"; line-height: 25px; margin-bottom: 30px; text-align: justify;">
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<span style="font-size: large;">ورد هذا الكتاب في 350 صفحة قسّمت لأربعة فصول مع مقدمة وخاتمة بالإضافة إلى الاستعانة بمنتقيات بيبليوغرافية، وقد ختم كل فصل بقسم طريف كان عبارة على منتقيات مصدرية جاءت على سبيل المرافقة والحاشية والاستطلاع والإهداء.<br style="box-sizing: border-box;" />قدّمت لنا هذه الفصول أزمنة مختلفة للتونسيين تحيل على أصولهم وانتماءاتهم فكانت الانطلاقة بالبحث في «الأساطير المؤسسة» عبر العودة للخرافات الشعبية التي تحيل على «زمن الحكاية» وهو زمن موغل في التاريخ وفي القدم، لينتقل المؤلف وفي مرحلة ثانية لـ«زمن المجال» قصد توسيع أبعاد الانتماء والانتساب عبر ربط تاريخ التونسيين وأخبارهم بمجالات ثبت تأثير تاريخها في صناعة مختلفة انتماءاتهم.</span></div>
<span style="font-size: large;">عبّر الزمن الثالث عن انقلاب النظرة إلى الخبر تونسيا من خلال ربطه بفضول الشعوب الراغبة في الانعتاق والتقدم وتجسد ذلك من خلال ما وسم بـ «زمن الرزنامة»، وكان الزمن الرابع أكثر التصاقا بالذات وبالوجدان.<br style="box-sizing: border-box;" />تتبع الفصل الأول أو «الزمن الأول» أخبار التونسيين والشخصية التونسية ومثّل فرصة للعودة للأساطير المؤسسة من خلال مساءلة رصيد تراثي بقي ولمدة طويلة محل تهيب من المؤرخين لما ينطوي عليه من خصوصيات وهو «الحكايات» و»الأمثال الشعبية». وفي هذا الإطار اعتمد «لطفي عيسى» على مؤلف «سالم ونيس» «الحكاية الخرافية والشعبية» والذي تضمن ما يزيد عن 130 خرافة تونسية.<br style="box-sizing: border-box;" />تقترن أهمية هذه المدونة التي عمل «لطفي عيسى» على مساءلتها بثلاث نقاط: علاقتها بالزمن، علاقتها باللغة، والمضمون أو المباحث.<br style="box-sizing: border-box;" />تحيل الحكايات والأمثال الشعبية على أزمنة بعيدة لذلك تم اعتبارها من النصوص المؤسسة لشخصية التونسيين فهي «نتاجا لحكمة الأجداد» و»بصمات ثقافية احتفظت بها ذاكرة جماعية حية»وثّقت للذاكرة المشتركة وكشفت مواطن الشخصية الجماعية فهي تحيل على الانتماء والانتساب.<br style="box-sizing: border-box;" />تبقى إذن علاقة هذه النصوص بأزمنة غابرة بعيدة غير محددة في كثير من الأحيان من النقاط التي أهلت حضورها المستمر داخل ظرفيات مختلفة، فهي تحيل على الشخصية التونسية وعمق انغراسها في زمن بعيد سرمدي أحيانا وزمن تاريخي أحيانا أخرى من خلال إدراج بعض الأحداث التاريخية الواقعية.<br style="box-sizing: border-box;" />إذا كانت الحكايات والأمثال الشعبية قد عادت بأخبار التونسيين إلى أزمنة بعيدة أو «أزمنة خرافية ذات أفق عجائبي»فإنها نجحت وفي نفس الوقت في الولوج إلى «روح التونسي» التي تجسدت في لهجته، فاللهجة المحلية عنصر يؤشر على ما وسمه لطفي عيسى بـ génome culturel du tunisien المحدد في تشكيل الشخصية الجماعية و«الواسم للشخصية التونسية».</span><div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<span style="font-size: large;">ساهمت الخصوصيات البلاغية لهذه النصوص والتي تجسدت في انفتاح استعاراتها على دلالات مختلفة في توطينها من جديد وبأشكال وخلال ظرفيات مختلفة فهي معين لا ينضب.<br style="box-sizing: border-box;" />وعمل لطفي عيسى على إبراز أهمية «الحكايات والأمثال الشعبية»وقدرتها على تجسيد مستويات من ماضي التونسيين فبالإضافة إلى نقل أخبار أعرضت عنها عادة المصادر الكلاسيكية من قبيل المدونات الأرشيفية أو الأدبية، فقد نجحت هذه المدونات في»استعادة المشاهد المتصلة بحياة سكان البوادي والأرياف في مختلف أنشطتهم وأشغالهم وتربيتهم فضلا عن أفراحهم وأترحهم وغيرها من الأعمال التي طبعت أنظمة ودوران مسار حياتهم اليومية»، وقد نجحت هذه الخرافات وحسب ما أورده لنا «لطفي عيسى» في نقل تمثل التونسيين العميق لخصوصيات الوسط الذي عاشوا داخله، دون أن ننسى عرضها للقيم والطباع التي حكمت حياة التونسيين من قبيل الطمع والجشع وسوء التدبير وفرط الغيرة وقلة المروءة، والمكر، والحيلة، والشجاعة...<br style="box-sizing: border-box;" />لم تقتصر هذه المستويات على مجال دون أخر بل إن الحكايات شملت مختلف جهات البلاد التونسية أريافها سهولها وجبالها وأهلها سواء منهم من انتسب إلى سكان الحواضر أو أهل البوادي والقرى.<br style="box-sizing: border-box;" />وما أكسب كل هذه المستويات طرافة عملية تسييجها النظري فقد عمل «لطفي عيسى» على محاورة المقاربات الأجنبية التي سيجت نظريا وبشكل مكثف هذا القسم وذلك من خلال الإلحاح على تقديم جملة من المقاربات النظرية والتي شكلت 10 صفحات من جملة الفصل.<br style="box-sizing: border-box;" />جاء الفصل الثاني من الكتاب ليقدم «الزمن الثاني» أو ما وسمه «لطفي عيسى» بـ»زمن المجال» وقد مثل فرصة لتوسيع أبعاد الانتماء أو الانتساب عبر ربط تاريخ التونسيين وأخبارهم بتواريخ مجالات ثبت تأثيرها في صناعة مختلف انتماءاتهم.</span></div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<span style="font-size: large;">وقد تم الاعتماد داخل هذا القسم على «كتلة الأخبار» التي استعرضها «البشير صفر» ضمن مصنفه «مفتاح التاريخ» والذي مثل مجموع الدروس التي ألقاها على مسامع طلبة الجمعية الخلدونية بين 1897 – 1908.<br style="box-sizing: border-box;" />تحيل هذه الأخبار على تاريخ ممالك الشرق طوال العصور القديمة وتاريخ الإغريق وحضاراتهم بالإضافة إلى تاريخ الإمبراطورية الرومانية ومراحل توسع قرطاج وحروبها...تعّبر كتلة الأخبار هذه على وعي «البشير صفر» بضرورة توسيع مجال انتماء التونسيين.<br style="box-sizing: border-box;" />عمل «لطفي عيسى في قسم أول من هذا الفصل على نقل التفاصيل التي ميزت المسار الفردي «للبشير صفر» والتي تؤشر على هذا الوعي.<br style="box-sizing: border-box;" />وقد احتفت التفاصيل التي تهم الجانب التحصيلي للبشير صفر بالتأكيد على انفتاحه على العالم الخارجي وعلى الآخر فنحن أمام تلميذ من خريجي المدرسة الصادقية توجه إلى فرنسا حيث واصل تحصيله الجامعي وتابع محاضرات جامعة السوربون.<br style="box-sizing: border-box;" />قدم «لطفي عيسى» الإطار العام الذي شكل هذا الوعي والذي تميز بتجذر الحركة الإصلاحية التي ميزت النصف الثاني من القرن 19 وذلك من خلال صدور جريدة «الحاضرة»التي تضمنت مقالات «للبشير صفر»عرّف فيها بالنظم السياسية والاجتماعية المحدثة وحاول الإحاطة بالأوضاع التاريخية والجغرافية لبلدان أوروبا، وفي نفس هذا الإطار تم إنشاء «الجمعية الخلدونية»التي أثثت العديد من الدروس في مادتي التاريخ والجغرافيا.<br style="box-sizing: border-box;" />وتتأتى أهمية أثر «البشير صفر» ووفق التصور الذي قدّمه لنا «لطفي عيسى»، من محاولته إدراج تاريخ التونسيين ضمن منهج ساير العروض التاريخية المحدثة غربا وذلك بتوسيع الانتماءات الجماعية وبإدراج تاريخ البلاد التونسية القديم ضمن تاريخها العام مع وصل كتلة الأخبار بتاريخ ممالك العرب ودول الخلافة الإسلامية.<br style="box-sizing: border-box;" />فقد سعى «البشير صفر» وحسب ما نقله لنا «لطفي عيسى» لتوطين مجالات الانتماء الحيوية للتونسيين ضمن كتلة تلك الأخبار المستجلبة، وتم ذلك وفي مرحلة أولى عبر ما وسمه»لطفي عيسى» بــ«مصالحة التونسيين» مع تاريخهم القديم (بعد أن كان يتحدث عن صعوبة استيعاب التونسيين لتاريخهم القديم) ومحاولة مد جسور متينة مع تاريخ الحضارات التي تعاقبت على البلاد قبل نجاح العرب المسلمين في أسلمتها.<br style="box-sizing: border-box;" />اعتبر لطفي عيسى بأن الغاية من توجه «البشير صفر» هي إثارة اهتمام النخب التقليدية بالتاريخ القديم ودفعها بالتدرج إلى إنجاز مصالحة مع تلك التواريخ فمن المستحيل مواصلة الإقرار بالقدرة على فهم تاريخ البلاد التونسية بمعزل عما عاشته قبل الانتشار الإسلامي وهو ما اعتبره توجه محدث حتى وإن عثرنا ضمن ما خلفه النيفر من آثار ما يندرج ضمن نفس التصور تقريبا.<br style="box-sizing: border-box;" />ويقوم هذا التوجه وضمن نفس التصور، على عدم الاقتصار على مقاربة تاريخ البلاد بالاستناد إلى رؤية تركن إلى النوازع الإسلامية المركزية والانفتاح بالتالي على الأدوار التي لعبتها مختلف الحضارات السابقة لانتشار الإسلام والمسلمين. وهو ما سعي إليه «البشير صفر» من خلال الإقرار بالأصول الشرقية لسكان البلاد و»النزوع نحو ربط تاريخهم القديم بتشغيل آليات صهر العناصر الوافدة على البلاد أو دمجها فينيقية كانت أو رومانية أو وندالية أو رومية بيزنطية أو بالتعويل على العكس من ذلك على تشغيل آليات المقاومة كلما ازداد الشعور بتفسخ مقومات شخصيتهم المحلية».<br style="box-sizing: border-box;" />فقد اهتم «البشير صفر» وفق رؤية الكاتب بتاريخ قرطاج (أسطورة تأسيس قرطاج منجزها الحضاري – مدنية قرطاج – التوسع القرطاجي – الصراع القرطاجي الروماني) الحضور الروماني (سعي حكام روما إلى إحياء قرطاج من جديد – ضربهم لحركات الممانعة التي قادها زعماء الممالك البربرية – تقديم ترتيب أوضاع المستعمرة الإفريقية– تراجع سلطة الإمبراطورية...)</span></div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<span style="font-size: large;">عمل إذن «البشير صفر» على ربط مختلف أطوار ووقائع مرحلة ما قبل الحضور الإسلامي بتاريخ البلاد التونسية وهو ما اعتبره»لطفي عيسى» نوع من الإنصاف تطلعت النخب التونسية إلى تحقيقه من خلال «تقديم نفسها على أنها أمة مناضلة من أجل استعادة سيادتها على وطنها المسلوب والإحاطة بمجمل تاريخه بما في ذلك ما اتصل منه بتاريخ ما قبل انتشار المسلمين».<br style="box-sizing: border-box;" />ولم تشمل عملية توسيع الانتماءات المصالحة مع التاريخ القديم فقط، بل اتصلت كذلك بما عبر عنه «لطفي عيسى» بـالانفتاح على» الغيرية الأليفة» و»الغيريات الغريبة».<br style="box-sizing: border-box;" />وقد جاءت «الغيرية الأليفة» لتحيل على انتساب التونسيين لـ»إمبراطورية إسلامية عالم» عبر مساءلة مادة تاريخية متنوعة وغزيرة (تاريخ العرب – ظهور الإسلام – تعاقب دوله – تأزم أوضاع الخلافة العثمانية- تواريخ العرب البائدة والعاربة والمستعربة ...) استجلب «البشير صفر» لتغطية 35 قرنا المشكلة للتاريخ القديم أخبار العديد من المجموعات العرقية وتواريخ المجالات الواقعة تحت تأثير الحضارة العربية الإسلامية منذ تأسيس دولة النبي بيثرب حتى إلغاء الخلافة العثمانية.<br style="box-sizing: border-box;" />تمثل كل هذه العروض التي قدّمها «البشير صفر» امتدادا طبيعيا لتاريخ الإسلام وهي تحيل على الأواصر العميقة التي ربطت تاريخ الشرق بـ»ضمير التونسيين الجمعي» فقد تتبع الكيانات السياسية التي تقاطعت تواريخها مع تاريخ «إفريقية» بهدف تسهيل عملية إعادة تمثل التونسيين لإشكالية الانتساب بما يساعد على تخفيف شعورهم القوي بالدونية الناتجة عن «هامشيتهم المجالية» حسب التصور الذي قدمه «لطفي عيسى».</span></div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<span style="font-size: large;">جاءت «الغيرية الغريبة» لتحيل على فضاءات جغرافية مغايرة تماما لمجالات «الغيرية الألفية»، فقد تشكلت من «تاريخ الأجوار الأوروبيين» (فرنسا – المجال الإيطالي – الأمة الإنجليزية).<br style="box-sizing: border-box;" />وقد شكلت كل هذه المستويات ما وسمه «لطفي عيسى» بـ»جغرافية انتماءات التونسيين الجماعية» التي انفتحت على غيريات جغرافية وزمنية مختلفة، والتي دلت على القدرة الواسعة «لـلبشير صفر» على تركيب الأخبار والاعتراف بالتالي بالمشترك الحضاري الإنساني كان القصد منه تخطي التركيز المرضي على محور حضاري واحد وبناء مصالحة مع كل الغيريات وهو ما عبر عنه لطفي عيسى بـ«التعافي من جميع مظاهر الانطواء».<br style="box-sizing: border-box;" />جاء الفصل الثالث من الكتاب ليقدم لنا ما وسمه لطفي عيسى بـ«زمن الرزنامة» أو «زمن الاستطلاع وحب المعرفة الجذلى» وذلك عبر التعويل على أشكال مستحدثة من المعارف والآداب من قبيل منجز «محمد بن الخوجة» المتمثل خاصة في «الرزنامة التونسية» وموسوعة «زين العابدين السنوسي» حول تاريخ الأدب التونسي والتي لم يصلنا منها سوى الجانب المخصص لتراجم أدباء النصف الأول من القرن العشرين ومختارات من أعمالهم الفنية.<br style="box-sizing: border-box;" />مثل القسم الأول من هذا الفصل محاولة لتركيب المسار الفردي لكل من محمد بن الخوجة وزين العابدين السنوسي اللذان اعتبراهما لطفي عيسى «مساران متوازيان» لكن ما جمع بينهما هو انفتاحهما على معارف جديدة وهو ما يعني إمكانية تقصي «انسلاخ مضامينها المحدثة من أكناف المعارف القديمة».<br style="box-sizing: border-box;" />حاول «لطفي عيسى» تجاوز التقييمات الصادرة بشأن سيرة «محمد بن الخوجة» ومنجزه المعرفي والتي تأرجحت بين الاعتراف بالمكانة والحظوة والاحتراز الضمني أو المعلن بدعوى انحيازه لصف الإدارة الفرنسية الحامية، فقد سعت العديد من المقاربات إلى تشويه صورة «محمد بن الخوجة» ولم تكترث بمنجزه المعرفي فتم فصله بالكامل على الحراك الفكري والسياسي حيث لم يتم إدراجه ضمن زمرة مؤرخي مرحلة النضال الوطني.<br style="box-sizing: border-box;" />فقد أكد الكاتب وفي نفس الإطار على توفر المسار الفردي لمحمد بن الخوجة على نوع من التناقض بين الانخراط في الحياة السياسية وأداء الواجب المهني من جهة والمساهمة في صياغة خطاب تاريخي توفر على نزعة تأصيلية للاستعارات المرسخة لشعور انتماء التونسيين إلى وطن يخصهم. فقد ساهمت مختلف أبحاثه التاريخية في تبسيط المعرفة بالتاريخ الوطني.<br style="box-sizing: border-box;" />عمل «لطفي عيسى» على التأكيد على نجاح نموذج «محمد بن الخوجة» في إحداث توجهات توافقية بين مساره المهني ومساره المعرفي الذي جسد من خلاله اعتقاده العميق في الانتماء إلى وطن يخصه.<br style="box-sizing: border-box;" />حاول من خلال المسار الفردي لمحمد بن الخوجة تتبع نشوء الشعور الوطني والدور الذي لعبته «النخب المزدوجة اللسان والمدمجة من قبل الإدارة الاستعمارية في تقريب المبادئ الوطنية الجديدة في الأجيال الشابة التي انخرطت في النضال من أجل التحرّر من ربقة الاستعمار والدفاع عن ذاتيتها أو خصوصياتها الوطنية»<br style="box-sizing: border-box;" />فقد ساهمت متانة تكوين «محمد بن الخوجة» المزدوجة في اتخاذه لموقع الوسيط البارع في التعريف بأخبار التونسيين وخصوصيات ذاكراتهم الجماعية وتراثهم الطريف ومختلف البصمات المتصلة بحضارتهم العريقة، وهو ما ساهم في ترسيخ الوعي بالانتماء إلى أمة منغرسة في التاريخ تطمح إلى إثبات ذاتيتها والخروج من واقع الوصاية الذي تردت فيه.<br style="box-sizing: border-box;" />مثلت أعداد «الرزنامة التونسية»الصادرة بين 1900 –1916، المتن الذي اشتغل عليه «لطفي عيسى» بشكل مكثف داخل هذا الفصل الثالث. فقد شكلت «الرزنامة» أداة توعوية غير مسبوقة يمكن من خلالها «الكف عن رد القضايا المطروحة إلى أزمنة دائرية مقدسة والاعتراف نهائيا بسيطرة زمنية جديدة تحيل على «زمن الرزنامة» فقد تضمنت معارف فلكية وأدبية وتاريخية وعلمية وفنية وإدارية وسياسية واشهارية وجاءت لضبط التواريخ وكذلك للتعريف بالمؤسسات السياسية القديمة والمحدثة من قبل الإدارة الاستعمارية،فضلا عما تم تضمينه داخلها من عروض ذات طبيعة تثقيفية.<br style="box-sizing: border-box;" />وساهم القسم الفلكي وفق التصور الذي صاغه «لطفي عيسى» في توضيح مواعيد السنوات الموافقة لحلول الأعوام الهجرية وتقريب الظواهر الفلكية الثابتة والمتحولة والتقويمات المختلفة المتصلة بجل الأمم والحضارات والديانات المعروفة من قبل القراء، وهو ما يؤشر على وعي «محمد بن الخوجة» «بفائدة ضبط الزمن وتحديده ضمن سياق قرن تسارعت ضمنه التقلبات وتعددت الابتكارات والاختراعات والاكتشافات وصار التقويم ضمنه من أوكد ضرورات الحياة العصرية،بحيث احتفت به جميع الشعوب»ويدل ما عرضته الرزنامة على أن النخب التونسية اقتنعت بضرورة عقلنة الإجراءات واعتماد أشكال جديدة في تقييم الأوضاع السائدة.</span></div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<span style="font-size: large;">تتبع القسم الثاني من الفصل الثالث المنجز الأدبي التونسي والسردية التي قدمتها لنا مدونة «زين العابدين السنوسي» «الأدب التونسي في القرن 14» (الهجري/ 20م) ويندرج هذا التوجه وفقا لتصور «لطفي عيسى»دائما في إطار انفتاح المعرفة التاريخية على الجوانب المتصلة بتاريخ الأفكار واختبار مدى تأثير ذلك على الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية، والاهتمام بالتالي بتاريخ الثقافة التونسية حال انبعاث الروح الوطنية.<br style="box-sizing: border-box;" />فقد عمل الباحث في مرحلة أولى على التعريف بـ»زين العابدين بالسنوسي» الذي اهتم بإنشاء الصحف بالإضافة إلى قدرته على تقريب أساليب النهضة الفكرية العصرية من التراث الإسلامي، فالأدب بالنسبة للسنوسي «لا يعول على بليغ الألفاظ» فقط بل ضرورة توضيح السياقات التي حفت بفعل الكتابة والجوانب التي استهوت المؤلف والتحولات الأدبية التي طالت المغرب وتونس، وهو ما تلقفه «لطفي عيسى» واعتبره مادة تدل على نضج فكرة البحث التاريخي.<br style="box-sizing: border-box;" />استنجد «لطفي عيسى» ببحث لشكري مبخوت حول «قصة الأدب العربي» لإبراز طرافة ما قدمه «السنوسي». فقد أقر المؤلف بأنه استعان بهذه الدراسة بكثير من التصرف قصد الاستدلال على فكرة مفادها أن «سردية أدب النهضة لم تصدر عن تجدد الإنتاج الفكري والأدبي ضمن منطق التطور الفكري بل تقعدت على النتائج التي جنتها الثقافة الغربية والتعايش الحاصل بين القديم والجديد، تعايش بقايا عقليات ما قبل النهضة وإرهاصات الجديد»فقد تحول الغرب بحداثته العلمية والتكنولوجية والاقتصادية والإبداعية إلى مرجعية مطلوبة للقيام بأدب عربي مناسب للوضعية الجديدة.<br style="box-sizing: border-box;" />اعتبر لطفي عيسى بأن هذه النتائج التي تبنها «شكري المبخوت» يمكن مسايرتها ضمن الخطة المعتمدة من قبل «زين العابدين السنوسي» واعتبر مدونة السنوسي عرض تطبيقي لها.<br style="box-sizing: border-box;" />أما بالنسبة للفصل الرابع من الكتاب فقد مثل فرصة لتتبع «الذاكرة المفقودة للتونسيين» وتقديم مراجعات حول شخصيتهم وهو ما عبر عنه «لطفي عيسى» بـ»زمان الذات أو زمان الوجدان» بالاعتماد على أدبيات تقدم لنا تصورا ذاتيا ووجدانيا عن الزمن.<br style="box-sizing: border-box;" />اعتمد «لطفي عيسى» على مصنف «محمد عثمان الحشايشي» «العادات والتقاليد التونسية» والذي تضمن جملة من المعطيات التي أحالت على مضمون الثقافة المادية ومختلف المعارف والقيم والمعايير التي طبعت تصرفات التونسيين. بالإضافة إلى تتبع جملة من مقالات «الأب اندري ديمارسمان» والتي استعرضت أسس نظرية للشخصية التونسية.<br style="box-sizing: border-box;" />ما ميز هذا الفصل الأخير هو الانطلاق بتقديم «مراجعات محسوبة على العلوم الإنسانية وعروض بيداغوجية حاولت التعريف بمقومات تلك الشخصية. في الوقت الذي تمثل فيه هذه المراجعات قراءة ما بعدية لما ورد داخل المدونة المصدرية النموذجية التي اتخذها لطفي عيسى كعينة للبحث وهو ما يحيل على ضرورة البحث عن رابط بين هذه وتلك ومدى الاستفادة منهما.<br style="box-sizing: border-box;" />رصد لنا «لطفي عيسى» مدونة»الحشايشي»و»ديمارسمان» اللذان عملا من خلالها على تعقب نسق حياة التونسيين اليومية،محاولا التوغل عميقا في سمك شخصيتهم على صعيد التاريخ كالموروث المادي والثقافي.<br style="box-sizing: border-box;" />وقد أنبنى التصور الذي صاغه المؤلف وفي مرحلة أولى على تتبع الثقل الذي شكلته العادة والتقليد ضمن ذهنيات التونسيين ودور ذلك في تحديد ثوابت الشخصية التونسية التي تحيل على المعيش المشترك بين التونسيين وضرورة استكشاف الخصوصيات الثقافية المتصلة بالمعتقدات والقيم والإيديولوجيات المهيمنة والفنون والملكات في بعديها اليدوي والتقني والنظري والفكري.</span></div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<span style="font-size: large;">تتبع «لطفي عيسى»من خلال كتاب الحشايشي العناصر المحددة للانتساب تونسيا والتدقيق في مدلولها على جميع مستويات المعاش اليومي وما تفرضه من ترتيبات في مستوى التعامل والمواضعات السلوكية والأخلاقية والتعبدية والطقوسية وعاداتهم في التنشئة والتحصيل. بالإضافة إلى عرض أعمال التونسيين وأيامهم (أسباب المعاش والصنائع وعادات الأيام وطقوسها وأسعار المواد وأسواقها)وجرد مختلف صنائع التونسيين وحرفهم.<br style="box-sizing: border-box;" />وأكد «لطفي عيسى» على انزلاق آراء الحشايشي نحو اجترار السائد والتزامه حدوده، مع تهيب صارخ من كل جديد أو خروج عن العرف أو تهاون بالتقاليد والعادات.<br style="box-sizing: border-box;" />جاءت قراءة «لطفي عيسى» لمقالات «الأب أندري ديمارسمان» حول الشخصية التونسية لتحيل عمّا اعتبره «تأملات في ثوابت الشخصية التونسية وتحولاتها» وليتم إدراجها ضمن هذا الزمن الثالث «زمن الوجدان والذات». عبرت هذه التأملات عن الذات في حين عبرت قراءة «الحشايشي» عن الوجدان والإشكالية التي طرحت داخل هذا القسم الأخير هي هل يتوفر التونسي حقيقة على سلوك جماعي مميز يمكن أن يشكل الشخصية القاعدية؟<br style="box-sizing: border-box;" />وبالرغم من الإقرار بوجود عناصر ثابتة مكونة لشخصية شعب إلا أن المشكلة تبقى في تحديد العناصر الثابتة في مقابل العناصر التي تتسم بتحولها السريع. فقد قدمت عوامل التوحيد في شكل طريف تجاوزت من خلالها المعطى المجالي أو الانتماء الوطني لترصد لنا عناصر متصلة بالنفسية الجماعية القادرة على صياغة نمط حياة موحد لمختلف السلوكيات ويمنح قاسم مشترك لمختلف الأفراد أ ومشترك جمعي بين التونسيين يتم تبنيه فكريا أو وجدانيا أو سلوكيا بشكل دقيق. ولفهم ذلك تم التعويل على ثلاث براديقمات مفاتيح: الاستقرار – المرونة – التشعب.<br style="box-sizing: border-box;" />فالشخصية التونسية شخصية متفردة (وهو ما نعثر عليه في اللهجة) وتتسم كذلك بالمرونة التي تجسدت خاصة تونسة اللهجات واللغات المغايرة والتشعب فاختلاط الأعراق حضور جذور أثنية بربرية قديمة لم يمنع من تواصل عمليات التمازج العرقي والاختلاط.<br style="box-sizing: border-box;" />وتتمحور الشخصية الأساسية وفق القراءة التي قدمها لطفي عيسى، حول وعي التونسيين بالقدرة على تشكيل مجموعة موحدة من حيث واقعها المعيش والأصول واللغة المستعملة في التخاطب والعقيدة والحضارة والتعبير تبعا لتمثلهم لأنفسهم باعتبارهم شعب وأمة.حيث انتقل مركز الثقل والتفاف التونسيين من التمحور حول وحدة المعتقد والحضارة الإسلامية إلى التمركز حول الانتماء لوطن واحد خاص بهم.</span></div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<span style="font-size: large;">تشكلت إذن عناصر وحدة شخصية التونسيين النفسية حول ثلاث أبعاد ثابتة وهي الأساطير المؤسسة – الإسهام في الحضارات المتوسطية – التعبير عن التمسك بالتقاليد ولكن ذلك لا ينفي التباينات.<br style="box-sizing: border-box;" />وبالمحصلة فقد مثل كتاب»أخبار التونسيين...» قراءة أرادها صاحبها مغايرة لمدونات مصدرية طريفة لم توضع بغرض التأريخ، ولئن وردت فصول هذا الكتاب متفرقة ومنفصلة عن بعضها البعض في مستوى المباحث التي طرحت إلا أنها كوّنت وحدة معرفية حال تدبّر طبيعة الخيط الرابط بينها والذي تقاسمته ثلاث رهانات حاول «لطفي عيسى» صياغتها بشكل مفصل:<br style="box-sizing: border-box;" />تجسد الرهان الأول ذو الطبيعة المنهجية بالأساس في محاولة إثبات نجاعة المقاربة البيوبيليوغرافية لذلك مثل الاشتغال على المسارات الفردية والمعرفية من أكثر العروض التي انطوى عليها الكتاب.<br style="box-sizing: border-box;" />لا يمكن لمتصفح هذا الكتاب أن لا يلاحظ احتفاء «لطفي عيسى» بمقاربات نظرية مست تقريبا كل الفصول سعيا منه لتسييج مختلف العروض التي قدمها، لذلك حضر الجانب النظري بشكل مكثف أحيانا على حساب المعطى التاريخي.<br style="box-sizing: border-box;" />وقد تجسد الرهان المعرفي لجملة هذه العروض في الولوج لأخبار التونسيين عبر بوابات أو زوايا نظر مختلفة من خلال الاستناد على مدونات مصدرية طريفة،إلا أنه بقيت القدرة على استنباط معطيات تحيل على انتماء التونسيين من الرهانات التي كان من الصعب تحقيقها داخل كل أجزاء العمل وهو ما يمكن تتبعه بشكل جلي حال رصد الجزء الذي خصص لمدونة «زين العابدين السنوسي».<br style="box-sizing: border-box;" />مثل إذن كتاب «أخبار التونسيين...» إعادة تركيب لحكاية التونسيين من وجهة نظر حاجياتنا لما بعد 2011 وكسردية تحاكي السردية الوطنية التي شكلتها الرواية الرسمية لما بعد الاستقلال، فهذا الكتاب عبارة على البحث في الأزمنة المفقودة داخل المروية الوطنية.</span></div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<span style="color: #1c1e21; font-family: Helvetica, Arial, sans-serif; font-size: 14px; text-align: right;">(عرض نقدي شيق لكتاب أخبار التونسيين أنجزته مشكورة الأستاذة لمياء عبيدي، وصدر ضمن قسم ثقافة وفنون بيومية المغرب التونسية وذلك بتاريخ الاربعاء 10 مارس 2020).</span></div>
</div>
</div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-13767293842339106272020-03-10T11:24:00.000+01:002020-03-10T11:24:14.275+01:00مع سبق الاصرار والترصد <div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgrAabKlFoTojfvzW-rJFsPV6AcloS2-ucfwZZKODAU1ypc-PpypMU2Rhc4H5mpU0FdNQQgZbnacCxSuj6D7IBzLhPRW5lJ0vBwLo6cXnw9R2ulNqSF2i4OzVUBGul_4NsCgVNpwWnshYfF/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%258A%25D8%25A9+%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D8%25A7%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AE.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="276" data-original-width="183" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgrAabKlFoTojfvzW-rJFsPV6AcloS2-ucfwZZKODAU1ypc-PpypMU2Rhc4H5mpU0FdNQQgZbnacCxSuj6D7IBzLhPRW5lJ0vBwLo6cXnw9R2ulNqSF2i4OzVUBGul_4NsCgVNpwWnshYfF/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B1%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%258A%25D8%25A9+%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AA%25D8%25A7%25D8%25B1%25D9%258A%25D8%25AE.jpg" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<span style="font-size: medium;"><span style="background-color: white; color: #585858; font-family: "arial";"><span style="font-size: large;"> قلّب محمد القاضي الأستاذ الجامعي المختص في اللغة والآداب العربية في أوراق الناقد الأدبي فعثر على مقاربات أنجزها بحقّ مجموعة من الروايات التاريخية العربية في الفترة الفاصلة بين موفى</span></span><span style="background-color: white; color: #585858; font-family: "arial"; font-size: large;">القرن الماضي وانقضاء الخمسية الأولى من القرن الحالي.</span></span></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<span style="background-color: white; color: #585858; font-family: "arial";"><span style="font-size: large;">تكاملِ عروض هذه المقاربات وتجانس الأغراض المطروقة داخلها هو ما دفع بمؤلف هذا الكتاب إلى عرضها بالصيغة المقترحة على قرائه علّهم يفكّكون من خلال الاطلاع على مضمونها النقدي المتوهّج جوانب هامة من شفرة الخطاب الروائي التاريخي العربي من خلال عيّنات أدبية روائية امتدت عملية اجتراحها على ما شارف النصف قرن.</span></span></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial"; font-size: large;"></span></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial"; font-size: large;">فمن أجواء “محروسة” تونس المنكوبة بدخول الأسبان والأتراك في روايتي “بلاّرة” و”برق الليل” للبشير خريف تقصّى محمد القاضي الأجواء الكدرة لـ”محروستي” القاهرة وغرناطة زمن انهيار المماليك البُـرجية بمصر وأفول الدولة النصرية بالأندلس في روايات جمال الغيطاني ورضوى عاشور. ولا يطول مقامنا في هذه الحواضر المسلوبة المغلوبة على أمرها بعد أن ابتلاها الزمان بأرزائه وأشاح التاريخ بوجهه عنها، حتى يطوّفنا الناقد سالكا بنا التعاريج المؤدية لمنافي “كتاب الأمير…” و”تغريبة أحمد الحجري” لواسيني الأعرج وعبد الواحد براهم. “تغريبة” أو “ساقا” لفّق “براهم” مضمونها أدبيا من رحم كتب صفراء مبللة بعرق متداوليها، سردت على قرّائها يوميات سنوات الجمر وجحيم محاكم التفتيش ولعنة الطرد من الفردوس المفقود، ومنافي بعيدة على الضفة المقابلة اختارها واسيني الأعرج إطارا انزوى داخله أمير جزائري قاوم توحش الاستعمار الفرنسي، في صحبة مفارقة لها أكثر من دلالة جمعته بأسقف مسيحي، لتأمل مزالق تجربة سلوكه النضالي.</span></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<span style="font-size: large;"><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";">
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"></span></span></div>
<div style="text-align: justify;">
<span style="font-size: large;"><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";">ما علاقة التاريخ بالرواية ؟ وأي رهان هو ذاك الذي يُقدم عليه كاتب الرواية التاريخية حال دخوله ومن بوابة الإلهام الفني فيما وسمه محمد القاضي بـ”تخييل المرجعي” ؟</span></span></div>
<span style="font-size: large;"><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";">
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
هذه ببساطة شديدة الأسئلة التي رام مؤلف هذا الكتاب الإجابة عنها متمحّضا في ذلك جملة من الأدوات التحليلية النقدية المتصلة بتخصصه البحثي دون إغفال التدقيق بشأن حقيقة الأخبار الواردة ضمن العينات الروائية التي اشتغل عليها في أمهات كتب الأخبار وبحوث المؤرخين أيضا.</div>
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
فلئن تموقعت الرواية التاريخية غربا ومنذ مطلع القرن التاسع عشر بين “مشاكلة الزمان والمكان لسرد ما كان يمكن أن يكون” أو بلغة بخلاء الجاحظ “ما يجوز أن يكون في الناس”، وبين انعكاس أسئلة الحاضر وشواغله الراهنة في الأثر الروائي، فإن ذهاب “هنري بيراس Henri Pérès” إلى القول بأن المروية التاريخية في حكايات “عنترة بن شداد” و”سيف بن ذي يزن” و”الجازية الهلالية” لم تنتظر هذا الزمن المتأخر لملأ أسمار العرب الطويلة، لا ينفي إعادة زرع الرواية التاريخية نباتا مأخوذا من تربة الغرب في حقل الثقافة العربية منذ “زنوبيا” سليم البستاني في بداية سبعينات القرن التاسع عشر.</div>
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
يكمن قدر الرواية التاريخية إذا ما استقام ما وسمه محمد القاضي بـ”تخييل المرجعي” إذن في طاقتها المذهلة على إيهام قرائها بقدرتها على توليد المعنى من تجاويف سكوت سجلات الأخبار وصمتها عن ذكر الوقائع. غير أن نمط إنتاج الحقيقة في تشكيلها كنص إبداعي وإذا ما أدركنا ما انجلت عليه مقاربة المؤلف لروايتي “الزيني بركات” و”غرناطة” يتوسل مشاكلة الخبر روائيا والقدرة على تحويله عبر ما أسماه بـ”المرآوي والتمثيلي” إلى شكل من أشكال معارضة الخبر أدبيا، إما باستدعاء الماضي لمزيد التبصر بالحاضر أو بالتجاور معه لاستدراك ما أهمله والتكشّف تبعا لذلك على حقيقة الإنسان.</div>
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
بهذا المعنى تصبح الرواية التاريخية مثلما أكدت على ذلك الدراسات المختصة أنسب مجال لتحقّق جدلية “الواقع” و”الممكن”. ولعل في تساوق هذا المقصد مع ما أعرب عنه “ميلان كوندورا” لما سئل حول ما نعته تعريفا لفن الرواية حاضرا بـ”إرث ثربنيس الحقير” بـأنها “حكمة اللايقين” ما يدعونا إلى مزيد التدقيق في منـزلتها المعرفية كخطاب يتوفر، وكغيره من الخطابات المعرفية المضارعة له أو المختلفة عنه، على مصداقيته الخاصة.</div>
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
فعندما يستلهم “كوندورا” مثلا نظرة “مرتان هيدغر” للوجود بوصفه “كينونة في العالم” فإنه يرمي من وراء ذلك إلى وضع تعريف بسيط وعميق للرواية في آن، مفاده أنها أبلغ مجال لاستكشاف الوجود شاعريا. فقطب الرحى في الرواية هو دفع الظروف التاريخية إلى خلق وضع وجودي جديد لشخوصها يمكّن من فهم التاريخ وتحليله في حد ذاته بوصفه وضعا إنسانيا ذا مدلول وجودي. لذلك لا يحتاج قارئ “ثربنتيس” غالبا إلى التعمق في معرفة تاريخ إسبانيا بل هو مدعو في قراءة آثاره أو آثار غيره الروائية من بوكاتشيو مرورا بـ”رتشاردسون” و”قوته” و”ستندال” وصولا إلى “بروست” و”جويس” و”كافكا” وحتى “بروخ” و”كوندورا” و”إيكو” أيضا إلى المسك بعموميات مغامرة أوروبا التاريخية منذ تأسيس إمبراطورية “شارلمان” حتى حاضرها المجسم في إتحادها الأوروبي.</div>
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
المطلوب واقعيا هو فهم ما في الرواية، فالتاريخ يقص علينا أحداثا نملك براهين موضوعية عن حصولها بصفة ما في الواقع، في حين أن أحداث الرواية وتشعّباتها لا تحتاج في وجودها إلا لعرض نفسها كإمكانية إنسانية قابلة للحصول. فالروائي “يرسم خريطة الوجود أثناء اكتشافه لإمكانيات غير معروفة تعكس أعماق العالم الإنساني”.</div>
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
غير أن اختلاف الجنسين لا يلغي حضور تداخل بينهما يقوم بالأساس على إقحام كاتب الرواية التاريخية لأجواء الوقائع تعميقا لأبعاد نصه الوجودية، متمحّضا في ذلك أعقد أشكال الدهاء والمخاتلة، مع سبق إصرار وترصّد لا حد لهما.</div>
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
يعود محمد القاضي إلى المدلول الإبستيمي لصناعة التاريخ عند حكماء الإغريق وقدامى المؤرخين ومحدثيهم للتساؤل عن حدود أولوية الوثيقة إزاء أولوية الإشكالية، فيتبين له تلاقي الخطاب الروائي مع رصيفه التاريخي في ماهيتهما الإيديولوجية. فالتخييل ضمن فن الرواية يتم في ضوء قناعات المؤلف ورؤيته الكونية، أما تركيب الوقائع في صناعة التاريخ فيُستدعى للتبئير حول القيم الراهنة. تداخل الصناعتين في الرواية التاريخية هو الذي شرّع من منظورنا تساؤل مؤلف هذه المقاربات عن حدود ما وسمه بـ”التواشج” و”التنافذ” و”المناورة” و”الاستظلال” و”التحويل” بين “الفن والواقع، بين الجمالي والمرجعي، بين الحاضر والماضي”؟ مثول التاريخ في الرواية التاريخية ممتزجا بالمتخيل أو اندغام الواقعي والمتخيل هو الذي رصده محمد القاضي من خلال تعقّب كيفية اشتغال عدد من الروائيين العرب الذين فتنتهم الوقائع التاريخية فتلقفوها في أدق تفاصيلها عامدين إلى إعادة دسها وفق أحبولة تمتزج داخلها أصول الحرفة بكيمياء الإبداع، ويشتبه على العارفين بسجلات التاريخ أنفسهم فصل الخبر فيها عن المتخيل. فلئن ذهب “الغيطاني” في معارضته لكتاب “ابن إياس” إلى حد التماهي والحلول في النص التاريخي روائيا، فإن تفنن “خريّف” في دسّ مادة الخبر ضمن رواياته التاريخية إلى حد الرقش بالصورة الحية والتجسيم هو الذي حيّر “الطاهر الخميري” وهو من أكثر التونسيين علما بتراثهم اللغوي وأجبره في غواية دالة على تفضيل التخيل على الخبر معتبرا قصة “برق الليل” أقرب إلى الحقيقة من الخبر في الروايات المتواترة والمنقولة ضمن “مؤنس” ابن أبي دينار.</div>
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
والغالب على الظن وفقا لما أفصحت عنه عملية استكشاف “فوزي الزمرلي” لـ”مخبر” البشير خريف زمن نحته لرواية “بلارة” أن تلقّف الأخبار ورصد الوقائع وحدهما لم يُشبعا نهم المؤلف لولا عثوره على “مرآة النور” – وهو تضمين للدلالة حال في عنوان الرواية نفسها- التي مكنته من فك شفرة الحرف والقراءة حتى شفاء الغليل. يكتشف “خريّف” وهو يتعمد مخاتلة قرائه فجأة أن حدود خطاب كتب الأخبار والوقائع وجموح الرواية التاريخية إلى صناعة أفقها المستقل بذاته أمران مختلفان لأن الرواية في استكشافها لكينونة الإنسان ومعنى وجوده لا تأبه بالسطح ولا يشفي غليل مبدعها غير التوغل بعيدا في سمك المساحة البشرية مشغّلا في تعامله مع الوقائع مهارات فائقة تقوم على الاختزال والحذف والجمع والاستبدال، مضْفيا بذلك على السرد خفّة لا حد لها تحيل على حكمة “اللايقين” حيث الـهُزء في أشد مواضع الجد وطأة على ضمير القارئ، وهذا لو ندري مجال تجاذب وتداخل بين صناعة السينما على شاكلة ما أبلغ في التعبير عنه المخرج الإيطالي “بانيني” في شريطه “الحياة حلوة La vie et belle” مثلا وفن كتابة الرواية التاريخية حاضرا.</div>
</span><span style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial";"><div style="text-align: justify;">
لكن ما علاقة التاريخ بالرواية عندما يعيد الروائي تكييف الوقائع دافعا بها إلى قول ما لا تستطيع مادتها الخبرية قوله ؟ يحاول محمد القاضي الإجابة عن هذا السؤال بالتعويل على مقاربة معيارية تكشف عن طريقة اشتغال مؤلفي “كتاب الأمير: مسالك أبواب الحديد” لواسيني الأعرج و”تغريبة أحمد الحجري” لعبد الواحد براهم. لم يتم استدعاء الوقائع والأخبار في هاتين الروايتين فحسب بل نهض هيكل الرواية برمته من داخل الأثر المصدري. فقد خرج “كتاب الأمير” من معطف المقابلات التي جمعت “مونسينيور دوبيش : Monseigneur Dupuch بالأمير عبد القادر وهي مقابلات جمعها أسقف الجزائر في كتاب “عبد القادر في قصر أمبواز” الصادر سنة 1849 وأهدى نسخة منه لـ”لويس نابليون بونابرت” لإقناعه بفك أسره وتسريحه من منفاه. بينما خرجت تغريبة عبد الواحد براهم من كتاب أحمد الحجري “ناصر الدين على القوم الكافرين” وهي صيغة مختصرة لـ”رحلة الشهاب إلى لقاء الأحباب” ذلك الأثر المفقود الذي رفع “براهم” رهان استكشافه روائيا واستعادة شخوصه في صيغة “خلاسية” لرواية ترفع تحدي كسر الفواصل بين التخييل وبين الواقع.</div>
</span></span><br />
<span dir="rtl" style="background-color: white; box-sizing: border-box;"><div style="color: #585858; font-family: arial; text-align: justify;">
<span style="font-size: large;">البحث في الأوراق القديمة والكتب الصفراء وإعادة تشييد عمرانها داخل حكاية متعددة “الأبواب” و”المسالك” و”الأميراليات” و”الوقفات” وفقا لتقنية “التغوير la mise en abîme” حتى تتراكب الحكايات وتسلم كل قصة القارئ إلى قصة جديدة تساوقا مع ما وسمه محمد القاضي بـ”التخييل التوسيعي” الذي ينطلق من الوثائق ساعيا إلى إعادة بنائها عبر التصوّر، نجده متلبسا بنص رواية “التغريبة” أيضا كما صاغتها عارضة عبد الواحد براهم حيث تعددت الأبواب في “ساقا” أحمد الحجري فنقلته الأقدار من “باب الأندلس” إلى “باب مراكش”، “فباب أوروبا” ليحط الرحال “بباب تونس”. ورغم تقدم الكاتب في خطته المبيتة والممنهجة من وراء الأقنعة السميكة داخل المتاهة التي يُمسك وحده بأسرار معابرها، فإن ما يفعله يعيدنا بطريقته الخاصة إلى صناعة التاريخ. فلو تساءلنا لحظة عمّا إذا أخفق المؤرخ في حدس اتجاه المفهومية بعد إلمامه بـمُتاح الأخبار والشواهد والوثائق واللُقى، فإن ما يعرضه على قارئه لن يتجاوز ترداد ما حملته تلك الشواهد. لن يركّب وفقا لاتجاه المعقولية وبدهاء ومخاتلة لا حدّ لهما أيضا فرضيات ترقى إلى مستوى الجاذبية والطرافة وتجيب في نفس الوقت عن تعقيدات استمارته ونهم قارئيه لمعرفة أحوال من سبقوهم بأسئلة حاضرهم وحدها. فما صلة الحدس التاريخي والحال على ما بيّنا بالإلهام الروائي ؟ قد يكون للمخاتلة إذا ما تنبهنا مليا وقلّبنا أوجه الشبه بين الصناعتين دور ما في ذلك، غير أن القارئ ساعة توغله وانسجامه مع “الأثر” في مدلوله الواسع والعميق لا يرغب مطلقا في مفارقة أنيسه حتى وإن علم مسبّقا أن خلف ذلك الأنيس من يتربّص به مع سبق الإصرار والترصد، فالإقلاع عن تلك المتعة إيذان صريح بالرجوع مجددا إلى جحيم عالم الشهادة والناس .</span></div>
<div style="color: #585858; font-family: Arial; font-size: x-large; text-align: justify;">
<br /></div>
<div style="text-align: justify;">
<span style="color: #585858; font-family: "arial";"><b>(عرض تقديمي لكتاب محمد القاضي، بين الرواية والتاريخ، الصادرعن دار المعرفة بتونس سنة 2007).</b></span></div>
</span><br />
<div>
<span dir="rtl" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #585858; font-family: "arial"; font-size: medium;"><br /></span></div>
</div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-90184698367113202442020-03-08T19:45:00.000+01:002020-03-08T19:45:22.661+01:00حوار مع مجلة ذوات صدر ضمن عددها الواحد والستين <div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgtyQNcJOaZSPEN5m_NVx4rqNwiVWp2_E0F6NpmUbLaksnzj1KGPOA83ZH4E9bukayd-gA_8Gu_scYnN93_bvwul7dmOdOULy1_xTpdHb7_nE8raJX3zsB07ejF-5W4P1KTKuTrzJl6T4gN/s1600/%25D8%25B0%25D9%2588%25D8%25A7%25D8%25AA+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25AF%25D8%25AF+61.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="648" data-original-width="460" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgtyQNcJOaZSPEN5m_NVx4rqNwiVWp2_E0F6NpmUbLaksnzj1KGPOA83ZH4E9bukayd-gA_8Gu_scYnN93_bvwul7dmOdOULy1_xTpdHb7_nE8raJX3zsB07ejF-5W4P1KTKuTrzJl6T4gN/s320/%25D8%25B0%25D9%2588%25D8%25A7%25D8%25AA+%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25B9%25D8%25AF%25D8%25AF+61.jpg" width="227" /></a></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
</div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 1.0cm; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>1</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>- في أعمالك الأخيرة، وبالخصوص في كتاب "بين الذاكرة
والتاريخ"، يظهر اهتمام أكبر بكل ما هو نظري قبل الدخول في ما هو تأريخي.
لماذا هذا التأكيد على البعد النظري؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 1.0cm; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>يمكن أن يحصل مثل ذلك الانطباع المتصل باعتماد
نوع من التكثيف اللغوي والمعالجة النظرية لدى عامة القراء من غير المتخصصين، غير أن
طبيعة التمرين الذي تساءل وفق عروض </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">جمعت </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">أربعة فصول، استقصت تباعا أشكال التعبير
عن التعسّر إدراك مدول الأزمة، وتحديد طبيعة العلاقة التي ربطت ساكنة مجال المغارب
بمؤسسة الدولة الترابية الحديثة، كما خاضت في كيفية تمثل المجال بالتعويل على
المواضع الروحية، منتهية في خاتم فصولها إلى توضيح صعوبات الاندماج وتوسيع مدلول
الانتماء في علاقة العناصر الوافدة بتلك التي استقرت من قبلها بمختلف أوطان
المغارب. ولا مراء في أن تلك المعالجات المتنوعة والمتضامنة قد عولت على متون
متنوعة الأجناس يحيل جميعها على ما سمّي بـ "الاستوغرافيا التقليدية"
التي عكست طبيعة الثقافة العالمة العربية الإسلامية عامة والمغاربية على وجه
التخصيص، مُشددة على موقع الذاكرة الجماعية في تشكيل ما قد يستقيم تسميته بتاريخ
الـمُتمثِّل ودوره في تطوير المعرفة التاريخية، هو ما استوجب في تقديري الشخصي ذلك
التوطين النظري المستفيض، قبل تنزيله في شكل معالجة تطبيقية حاولت البت في سياقاته
التاريخية وخطاب</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ا</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ته
الفكرية. <span style="color: red;"><o:p></o:p></span></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 1.0cm; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="color: #ed7d31; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">2</span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"> - الملاحظة الثانية تتعلق بكون المرجعيات النظرية هي بالأساس فرنسية
(هالفاكس، ريكور..)، هل ترى بأن المدرسة التاريخية الفرنسية كافية لتطوير الكتابة
التاريخية العربية؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 1.0cm; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">هذا
ليس دقيق</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ا،</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">
حتى وإن كانت القراءة والكتابة في تلك اللغة أ</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">يضا</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"> مسألة لها آصرة
بالثنائية اللسانية والازدواجية الثقافية، وهو ما لا يتعارض في تصوّري مع متابعة
التراكم المعرفي في غير الفرنسية بالعودة إلى التراجم أو/ وقراءة ما يتم نشره في
اللغة الإنجليزية مباشرة. على أن أصالة المدرسة الفرنسية التاريخية منهجيا وموقعها
ضمن دورة الإنتاج التاريخي الكوني مسألة لا تحتاج إلى مزيد توضيح، بيد أن المنعرج
الثقافي أو اللساني الذي عاينته الدراسات التاريخية وخاصة ضمن منجز المؤرخين
والمشتغلين على المعارف الإنسانية والاجتماعية بالجامعات ومراكز البحث الأنجلوسكسونية
تدعونا إلى مزيد الاطلاع على مُنجزها بل والعمل على الانخراط في ديناميته
والاستفادة من مكاسبه وإعادة تملّك أو/ وأهلنة مناويله المنهجية. وهي نماذج بحثية
طالت مستويات تحليل تحيل على تاريخ الحس والمحسوس على غرار ما أنجزه "ألان
كوربان" في مؤلفاته الكُثر حول تاريخ السمع وتاريخ المذاق وتاريخ الروائح، أو
ما ألفه "روجي شارتي" بخصوص أهمية الاعتبار بالثقافي في توضيح الموقع
الاجتماعي للأفراد كما الجماعات من خلال تشغيل آليات الصراعات بين الأجيال ودور
النوع الاجتماعي وغيرها من العناصر المحايثة، تجاوزا لرد الاختلاف إلى الانتماء
الطبقي دون سواه. على أن مبلغ تلك النقلة المعرفية المتصلة بما وسم بالمنعرج
الثقافي في الدراسات التاريخية يحيل على علاقة الفعل المدني بالثقافة السياسية
وأهمية فضاءات الاختلاط والوساطة وديناميكية الانتقال وأشكال مرور المعارف أو
التجارب في تعيير ثقافة الفعل السياسي، كما هو ماثل ضمن العديد من دراسات "جون
</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">فرنسوى سيرينلي" على
سبيل المثال لا الحصر. <span style="color: red;"><o:p></o:p></span></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 1.0cm; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>3</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>- هل يمكن اعتبار عملك
الأخير "أخبار التونسيين" بمثابة الامتداد لأعمالك السابقة، أم أنه يشكّل
قطيعة معها، خصوصاً وأن انشغالك الأبرز قد تمثل في التجسير زمنيا بين العهود الوسيطة
والعهود الحديثة عبر مسائلة مدونات المناقب المغاربية؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 1.0cm; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">أعتقد
أن مشروع مراجعة السردية الجماعية التونسية بشدّها إلى مختلف انتماءاتها زمانيا
ومكانيا، رهان يتوافق مع سياقات ما بعد نُقلة أو/ و"ورطة" حلول سنة 2011
تونسيا، لذلك تم تحويل الاهتمام إلى مركبات تلك السردية قصد الاسهام في إعادة
تشييدها، حتى وإن تواصل وفي تقديري الخاص الاشتغال على القراءة في تاريخ التمثلات
وفتح ملف التاريخ الثقافي بمختلف مفرداته التي تحيل على شواغل غير مبذولة وعلى نماذج
تحليل جديدة، تطلبت عملية أهلنتها توظيف مصادر مخصوصة مكّنت من ارتياد مظان لم يسع
بلوغها من دون الاقدام على مراجعتها مجددا، وذلك بغرض تطويع مضامينها لإتمام
المعالجتين السياقية والتفكيكية التي تحيل على نقد الخطاب. فقد تم التعرض ضمن هذا
الكتاب إلى أربعة مستويات للتحليل انفتحت على الزمن الأسطوري من خلال مساءلة
الخرافات والأمثال الشعبية التونسية والزمن المجالي من خلال مقاربة بناء السردية
الجماعية التونسية وتوسيع أفقها بالاستناد إلى العروض الواردة ضمن كتاب
"مفتاح التاريخ" لأب النهضة التونسية الثاني (بعد خير الدين التونسي)
"محمد البشير صفر" (ت 1917). كما تم البت وضمن بقية الفصول في انتقال
التونسيين من التقويم بالزمن الديني إلى اعتماد زمن الرزنامة، وفقا لما وجدناه
ماثلا ضمن أعداد "الرزنامة التونسية" السبعة عشر للمؤرخ التونسي محمد
خزندار (ت 1943)، وكذا ضمن كتاب "الأدب التونسي في القرن الرابع عشر"/ العشرين
بالتقويم الملادي، وهي أول موسوعة أدبية تونسية خطها بمواصفات حديثة الأديب
التونسي زين العابدين السنوسي. على أن الخوض في خصوصيات الشخصية التونسية قد
ألجأنا من ناحيته إلى مراجعة عرضين مهمين بهذا الصدد خطهما كل من محمد بن عثمان
الحشايشي (ت 1912) في كتابه حول العادات والتقاليد التونسية و"أندري
ديمرسيمن" (ت 1994) في مقالاته الكثيرة حول شخصية التونسيين وطبيعة أيامهم
وأعمالهم. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 1.0cm; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">عموما
شكل الاشتغال على مثل هذه المسائل نقلة نوعية تمثلت أساسا في تقييم محتويات
السردية الوطنية ومراجعتها وفق شبكة تساؤلات جديدة تسمح بإعادة تركيبها وفق منوال
جديد يشرع البحث عن أزمنها المفقودة قصد العثور على صيغ مفارقة في كتابتها لا تعمد
إلى القفز على ما سواها بقدر ما تشاكله وتشيّد عروضها بالتعويل على مادته ومن داخل
روايته وبجانبها ومن خارجها في آن.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 1.0cm; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">4 - لديك أعمال كثيرة، بعضها أصبح مرجعياً حول موضوع تاريخ التصوف ودور
الأولياء، على غرار "كتاب السير"</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">
<span style="color: red;">و"أخبار المناقب"، و"مغرب المتصوّفة".
كيف تقيّم هذه الأعمال اليوم؟ ولو أنك أعدت نشرها، هل ستفكّر في إعادة صياغتها؟</span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 1.0cm; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">أعتقد
أن مختلف البحوث التي ذكرتها وغيرها أيضا قد حاول اختبار متونه المصدرية من بوابة
معالجة المتمثَّل التاريخي، وذلك بالتعويل على تصوّر مقارن انتحى إراديا توجّها
أفقيا طال المجالين التونسي والمغربي بالأساس. وما من شكّ في أن جميع تلك الأبحاث
قد استوفت موضوعيا أفقها المعرفي، وذلك بصرف النظر على الهينات التي تسربت إلى
محصلتها المعرفية بالضرورة. ومع ذلك فإن الاقدام على إعادة نشر تلك العناوين أو
غيرها قد تخطى مستوى التفكير والتقدير ومرّ إلى التكريس الواقعي، وذلك من خلال
صدور صياغة جديدة (مختصرة ومحيّنة) لمؤلف "مغرب المتصوّفة" في </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">أواخر</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"> سنة 2018.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>فقد تم اختزال محتوى الأطروحة وتخفيف جهازها
النقدي، حتى يتمكن القراء من التعرّف على مختلف تساؤلاتها واستيعاب مجمل
الاستنتاجات التي توصلت إليها. كما أقدمنا على إضافة فصل جديد حمل عنوان
"الانتظام الصوفي حاضرا: تاريخ المتمثل" توقف عند واقع التصوّف وزواياه
تونسيا بعد سنة 2011، وذلك بالتعويل على نتائج استجواب ميداني حول ظاهرة التصوّف
أنجز سنة 2015 وظفناه لإنجاز عروض عالجت الظاهرة من بوابة التجسير بين الآماد لفهم
أبرز التحولات التي طالتها وتحديد طبيعة حاجتنا إلى التصوف حاضرا.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>كما أننا نستعد لنشر طبعة تونسية جديدة لكتاب
"بين الذاكرة والتاريخ" حدّد موعد نشرها بشهر فيفري من السنة الحالية
2020.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>5</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>-بشكل عام، كيف ترى علاقة الكتابة التاريخية اليوم مع دور النشر؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">تزايد منذ تسعينات القرن الماضي الاهتمام
بمنجز المشتغلين معرفيا بالعلوم الإنسانية والاجتماعية، وساهمت العديد من دور
النشر المعروفة تونسيّا ومغربيّا ولبنانيّا وغيرها (الناشطة بألمانيا ولندن) في
التعريف بالعديد من البحوث المهمة بل والفارقة أحيانا، تلك التي صاغتها أقلام تحوّلت
بالتقادم إلى علامات معرفيّة مهمّة. كما أن حصول بعضها على جوائز تقديرية مرموقة قد
وسّع مجال الاطلاع على مضامينها من قبل عامة القراء، مطوّرا مستوى إنتاج الدلالة
في البحوث وخاصة تلك المنشورة في اللغة العربية. غير أن مثل ذلك الجهد على أهميته
التي لا تجادل لم يتحوّل إلى تقليد يُنبئ عن حصول نقلة فارقة في هذا المجال، لا
سيما وأن فتور الاهتمام بمشاغل المعارف العالمة عامة والإنسانية والاجتماعية على
وجه التخصيص لفائدة التأليف في أجناس أخرى كالمقابسات ذات الشواغل المتصلة
بالقضايا الراهنة التي اتصلت بشكل يكاد يكون آليا بمسألتي الإسلام السياسي والهجرة
غير القانونية، أو/ واجتراح النصوص الإبداعية وخاصة الروائية، قد زاد في التعتيم
على متابعة تحوّلات المنجز المعرفي التاريخي بمختلف فروعه ومكاسبه حاضرا.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>6</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>-تراوح بين اللغتين العربية والفرنسية في الكتابة. كيف تختار
بينهما حال الشروع في صياغة مؤلف جديد؟ وكيف تجد أثر هذه الازدواجية على إنتاجك؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ليس خافيا أن معظم كتابتي المعرفية أو المدنية
والجمالية قد صيغت في اللغة العربية، حتى وإن لم تعدم مسيرتي مساهمات وضعت في غير
تلك اللغة، سواء في الفرنسية وحتى في غيرها ترجمة. على غرار تنسيق أعمال العديد من
المؤتمرات الدولية حول "واقع الأنثروبولوجيا التاريخية ومكاسبها ومستقبلها"
(2010) أو "تمثلات المجال بالمغارب وبخارجها" (2011) و"في التونسة"
(2014) و"بصمات حول الحضور الاسباني بتونس" (2016) وغيرها من المؤلفات
والمقالات الأخرى. وعموما فليس من الخاطئ في شيء الاعتبار بتمحور مقصد ذلك التوجّه
الرامي إلى إنتاج المعرفة التاريخية في اللغة العربية، حول الإسهام في "أهلنة"
المناويل المنهجية وتعريب المصطلحات والمفاهيم وتوسيع نطاق تبنيها أو إعادة
تملّكها بين العاملين ضمن هذا الحقل المعرفي الـمُهمّ، وذلك بغية القطع مع كل
انشائية وتطوير الجهود المبذولة من أجل تجويد إنتاج الدلالة.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">7-كيف تجد علاقة الجامعة في
تونس بالتاريخ؟ مثلاً أي تكوين تتيحه للباحث في التاريخ،<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">وهل أنت راض عنه؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">الجامعات التونسية كغيرها من جامعات بقية
البلدان العربية والإفريقية مؤسسات فتيّة تلازم ظهورها أو تزامن مع تصفية
الاستعمار وبقيت متأثرة بتقاليد مؤسساته الجامعية والمعرفيّة، فرنكوفونية كانت أم أنجلوسكسونية.
إلا أن فشل مشاريع النماء بالعديد من تلك الدول وتراجع قيمة المعرفة العالمة
والبحث العلمي وصعوبة ضمان تجديد أجيال الباحثين وإخضاع ذلك لما يقتضيه التكوين
المعرفي من شروط الدقة والتكافؤ على الصعيد الكوني، يضع جميعها سياق التراكم
المعرفي الرصين المعافى من كل تحريف أو انتحال أو منافسة غير شريفة، موضع تساؤل
حقيقي ليس من الحصيف في شيء تجاهله أو الدفع باتجاه الهروب من مجابهته وعدم
الاعتراف بحقيقة تدني قيمة المنجز المعرفي عامة، بل وحاجته الملحة إلى مراجعة
متأنية تعالج هناته الكثيرة في العمق. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">فقد انصب اهتمام الجيل الأول من الباحثين
وإثر تصفية الاستعمار مباشرة وتأسيس جامعات المغارب على مسائل تحيل على تأصيل
تجارب المركزة السياسية تاريخيا ودفع مسيرة النماء، غير أن تلك المضامين قد عانت
تحولا باتجاه الاعتبار بالتعبيرات اليسارية ضمن تجارب التحرر الوطني المحلية
والكونية، ثم الاشتغال منذ تسعينات القرن الماضي على مسائل ركزت على الفرد
والهامشية والنوع الاجتماعي والاحتجاج الديني وغيرها من المواضيع الأخرى التي
ساهمت في توسيع دائرة المعرفة العالمة عربيا، حتى وإن لم تفض إلى ظهور مدارس قائمة
الذات وتجارب علمية تنبئ بالتمكن من استكشاف مناويل بحث تضارع تلك التي تم استنباطها
ضمن دراسات "التابع" أو الدراسات "ما بعد الاستعمارية" في
العروض التي صاغتها أقلام إفريقية وأسيوية مرموقة على غرار "سبيفاك"</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"> و"مبامبي" و"ديانغ" و"بن
مخلوف" وغيرهم. </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>8</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> -كثيراً ما يقال بأن الدولة وظّفت الكتابة التاريخية، وكيف يفلت
المؤرخون من هذه الإكراهات؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">أعتقد أنك تثيرين مسألة حضور الشاغل
النضالي في منجز المؤرخين، وهو شاغل مُهم ينخرط في مدى استجابة انتاج المعرفة
العالمة لمبدأ الالتزام بالحريات الأكاديمية وأشكال الدفاع عنها. لكن أفول نجم
المثقف العضوي ضمن الفضاء العمومي كونيا والاستعاضة عن دوره بالتعويل على
الاستشارة أو الخبرة أو المساهمة في صناعة الرأي العام إعلاميا عبر اتخاذ موقع
المحلّل المالك للسلطة المعرفية، قد أدى جميعها إلى خلط للأوراق وعدم التورّع عن تبادل
الشرعية بين وجهاء الصيت والماسكين بالسلطة من خلال تزايد أعداد مستشاري البلاطات
أو "ناصحي السلاطين" وفقا لتعابيرنا التراثية القديمة. وهي ظاهر توشك أن
تأتي على مصداقية العمل المعرفي لتجعل من الجامعات موضعا لتجارب تكوين مهني وبرمجة
موجهة لتكوين الكوادر التي تحتاجها عملية التنمية المعولمة والعابرة للأوطان، تلك
التي توشك على ضرب أخلاقية المعرفة العالمة المعولة على الفضول الخلاق وتطوير
مستوى الاعتبار بسلامة الإنسان والمحافظة على محيط في تطوير المحصلة المعرفية. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">9-هل تمثّل سنة 2011 نقلة في
الكتابة التاريخية في تونس؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ليس ذاك بالأمر المحسوم، ففعل الصدمة لا
يزال وبعد مرور ما يقارب العشرية ماثلا بقوة في ضمير التونسيين. لذلك يتعين في
اعتقادي مجابهة حقيقة "الورطة" (بمعنى النقلة التي استعصى عليها القطع
مع القديم واستحثاث ولادة الجديد أو المحدث)، فقد تم تأليف العديد من البحوث
الهامة حول مسألة الانتقال وظروفه وملابساته وتأويلاته واستتباعات ذلك، على غرار
ما ألفه بكار غريب وعياض بن عاشور وشكري المبخوت وحكيم بن حمودة والهادي التيمومي
ومحمد كرو وفتحي لسير وعادل اللطيفي تونسيا على سبيل المثال لا الحصر. الشيء الذي يدعونا
جميعا إلى تعديل عقارب الساعة وفهم الثقافة السياسة بشكل مفارق يضع في اعتباره ثالوث
الوساطة والانتقال وضمان المرور الجيّد والفهم الدقيق للخبرات والمعارف، في صدارة
الاهتمام. بحيث يصبح دور العارف بالتاريخ أو القائم على إعادة صياغة السردية
الجماعية مشدودا إلى اعتبارات مدنية وتوجّه تحرّري يتحاشى الوصاية المعلنة كما الضمنية،
ويبني إطارا جديدا للمعرفة التاريخية يحفل رأسا بأيام التونسيين وأعمالهم، بعد أن
قصر همته وخلال ما لا يقل عن نصف قرن على الانخراط في صياغة السردية التاريخية الرسمية.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="color: red;"><o:p></o:p></span></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>10</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>-بشكل عام كيف ترى واقع الكتابة العربية في التاريخ؟ وما هي أكثر
ما يشدّك في هذا الإنتاج كقارئ؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">لا مراء في حضور تنوّع شمل منجز المؤرخين
العرب، ومكّن حال تشكّل الدُول الوطنية وتصفية الاستعمار من صياغة مضامين عالمة
قطعت مع أفق الهواية أو التبحّر في كتابة التواريخ، حتى وإن بدا منجزها عامة متأثرا
بالمناهج المعتمدة من قبل المدارس الغربية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">فقد بينت العروض التي تضمنها المؤلف
الجامع لأعمال مؤتمر بيروت المنعقد سنة 2016 حول أشكال "كتابة التاريخ العربي
وتاريخ العرب" وهو مؤتمر نظمه معهد الدوحة ونشره المركز العربي للأبحاث
ودراسة السياسات سنة 2017، توزّع ذلك المنجز على أربعة محاور أو مضامين اتصلت
تباعا بشواغل سياقية تعيد التفكير في الحقب الاعتبارية للتاريخ الغربي وتقرأ في
مدى انخراط المعرفة التاريخية العربية في التصوّرات الكونية الملازمة لصناعة
الأخبار. كما بتّت في صعوبات تحرّر تلك المعارف في مضامينها الوطنية من هيمنة
السردية الرسمية المنحازة سياسيا لمشاريع الدول الوطنية، أو تلك المنقطعة عن تلك
السرديات والمتكئة على تصوّرات وحدويّة عربية أو سلفية إسلامية غير خافية. على أن
تحيل بقية الشواغل المرصودة وضمن تقييم مساهمات ذلك الكتاب الجامع لمنجز الكتابة
التاريخية العربية على مدى رسوخ التواريخ المقارنة الأفقية بين البلدان العربية،
وكذا الاشتغال بالجوانب الأثرية والتراثية والانثروبو-تاريخية في مقاربة العلاقة
التي تربط ببن الذاكرة والتاريخ. وجميعها تقييمات أو مراجعات مفيدة يحسُن بالقائمين
على تلك المعارف عربيا الاستفادة منها بغرض توسيع أفق الكتابة التاريخية والتفكير -
على غرار ما أنجزته مدرسة الحوليات على أيام آبائها المؤسسين- في طرح سؤال
"التاريخ المقارن العربي"، تساوقا مع ما راكمه منجز "التاريخ
المقارن الأوروبي" منذ صدور مقال "مارك بلوك" التوجيهي في الغرض والصادر
منذ نهاية الثلث الأول من القرن الماضي. (انظر العرض النقدي الذي خصصناه لمحتوى
المؤلف الجماعي "كتابة التاريخ العربي..." الصادر ضمن العدد الأخير من
مجلة أسطور الصادرة عن مركز الأبحاث ودراسة السياسات بالدوحة).<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">11 - ماهي مشاريعك البحثية المستقبلية،
وهل تخضع هذه المشاريع إلى تخطيط مسبق؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">لدي ورشات مفتوحة تتصل باستكمال العروض
التي تضمنها مؤلفي الأخير الموسوم بـ"أخبار التونسيين: مراجعات في سرديات
الانتماء والأصول"، وهي محاولة في "البحث عن الزمن المفقود تونسيا بالتعويل
على مختبر الكتابة في الأنثروبولوجيا التاريخية تحصلت على جائزة الدورة الفارطة
لمعرض تونس الدولي للكتاب. لذلك آمل أن يتوفّر لي الوقت والجهد - على تعدّد مشاغلي
وتشعبّها حاضرا- قصد التفرّغ لإتمام ذلك. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-bottom: 8.0pt; margin-left: 1.0cm; margin-right: 26.05pt; margin-top: 0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">كما تتصل توجهاتي المستقبلية أيضا بوُرود
تجارب مفارقة تحيل على الكتابة للصورة أو بناء عروضها الحوارية توثيقا ورواية، وهو
ضرب من "الهوس" ما فتئ يراودني منذ مرحلة الشبيبة الأولى، حتى وإن لم
يتجاوز أمره حتى الساعة ومع بالغ أسفي عتبة الاستهام أو الافتتان./. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-SA" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="color: red; font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><o:p></o:p></span></div>
<br /></div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-88416147675254629532020-01-18T14:45:00.002+01:002020-01-18T14:45:24.429+01:00الدولة التونسية بين احتضان الثورة وتأطير مسار الحداثة<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgNN3SpLvzzEnTNWtJk4QEGTiwNEsHOwNaM3yYZg_kUIgWZxbVc-vmwgWfZd1m3y7OPx0BADQ13cnsZvwjkYAeJ6mgzFqGYbooyfIoAOHzNdRijTlFEKIOYYZ65D3jwb_q0AfEkxdFc96mM/s1600/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2584%25D8%25A9-%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AB%25D9%2588%25D8%25B1%25D8%25A9-%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AD%25D8%25AF%25D8%25A7%25D8%25AB%25D8%25A9.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="500" data-original-width="325" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgNN3SpLvzzEnTNWtJk4QEGTiwNEsHOwNaM3yYZg_kUIgWZxbVc-vmwgWfZd1m3y7OPx0BADQ13cnsZvwjkYAeJ6mgzFqGYbooyfIoAOHzNdRijTlFEKIOYYZ65D3jwb_q0AfEkxdFc96mM/s320/%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AF%25D9%2588%25D9%2584%25D8%25A9-%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AB%25D9%2588%25D8%25B1%25D8%25A9-%25D9%2588%25D8%25A7%25D9%2584%25D8%25AD%25D8%25AF%25D8%25A7%25D8%25AB%25D8%25A9.jpg" width="208" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: justify;">
<br /></div>
<div class="itemIntroText" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #333333; font-family: "Droid Arabic Kufi"; line-height: 25px; padding: 0px;">
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px; text-align: right;">
أصرّ عادل اللطيفي ضمن مؤلفه الجديد ومن زاوية الاشتغال بالتاريخ الحديث والمعاصر والتنظير للظواهر</div>
</div>
<div class="itemFullText" style="background-color: white; box-sizing: border-box; color: #333333; font-family: "Droid Arabic Kufi"; line-height: 25px; margin-bottom: 30px; text-align: justify;">
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
التاريخية الكليّة على معالجة إشكالية قديمة جديدة أثارت ولا تزال اهتمام الباحثين، سواء أولئك المحسوبين على العلوم الإنسانية والاجتماعية أو المنتسبين إلى المعارف الاقتصادية والقانونية. واتصل ذلك تحديدا بموضوع الدولة، ذاك الذي ربطه مؤلفنا بتفسير مسألتين حارقتين ضمن راهن التونسيين هما قضيتا الثورة والحداثة. والبيّن من خلال متابعة الشواغل التي شدّت فعل الكتابة لدى مؤلف هذه العروض المعرفيّة تعويله في إتمام بحوثه على مفاهيم ونماذج تحليل مبتكرة بغية الخروج بجملة من الاستنتاجات المهمّة التي يُنتظر أن يُسهم نشرها في توسيع دائرة النقاش وتوطين ثقافة سياسية متينة، منخرطة قولا وفعلا في المسار الكوني للحداثة دون الانزلاق في التجني أو التصديق على التصوّرات الإقصائية.<br style="box-sizing: border-box;" />ولئن ثبت لنا حال قراءة أقسام هذا العمل الثلاثة، تلك التي خضع عرضها لخطة زمنية تطوّرية وصياغة تركيبية عوّلت على تغيير المقاييس وعدم اجتناب المقارنات حال إجراء عملية التحليل التاريخي بالاستناد إلى تجارب متنوّعة تحيل على التاريخ السياسي لفضاءات متباعدة ضمت المجالات الأوروبية والعربية والأمريكية اللاتينية والافريقية وكذا الجمهوريات الآسيوية الجنوبية الغربية الناسلة عن انهيار الاتحاد السوفيتي، فإن عرضه التركيبي لم ينزلق في دعاوى التبحّر ولم يبرح بالمرّة مقصد توضيح التحوّلات التي طالت الدولة التونسية منذ الفترة الوسيطة المتأخرة وطوال الفترتين الحديثة والمعاصرة تحديدا. وهو ما شكّل عنصرا واسما للمعرفة التاريخية وخاصة المتصلة منها بتخصصي التاريخ الحديث والمعاصر حال «تونسة» الجامعة وبروز بواكير أطروحات آبائها المؤسسين.</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
فقد برز بالخصوص المنجز التاريخي لمحمد الهادي الشريف ولمختلف المحسوبين على توجهاته المتأثرة بمدرسة الحوليات الفرنسية أو ما عرف لاحقا بشظايا اليسار وفقا للتصوّرات المنهجية البنيوية التي صاغها كل من «فرناند بروديل Fernand Braudel» الذي ركّز أبحاثه على دور المتوسط بوصفه فاعلا تاريخيا و«هنري بيرين Henri Pirenne » الذي كشفت أبحاثه المجدّدة أنه من دون اتمام قراءة سياقية دقيقة للمنجز التاريخي لنبي الإسلام محمد شرقا ليس بالوسع فهم تجربة شرلماني Charlemagne الإمبراطورية غربا.</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
يعتبر مؤلف هذا الكتاب أن لاطلاعه على أبحاث كل من «تشارلز تيلي Charles Tilly» و«ارنست غلنر Ernest Gelner» حول مسار عقلنة مؤسسات الدولة الترابية غربا، وتضافر ذلك مع تعرّفه وبعد تقدم أبحاثه على مختلف المعطيات والتصورات التي أوردتها فاطمة بن سليمان ضمن أطروحتها بخصوص بناء المجال السياسي للبلاد التونسية وتشكّل هويتها الترابية تدريجيا منذ القرن السابع عشر، قد مثل عنصرا محفّز لتطوير مشروعه الشخصي بخصوص مسار عقلنة أجهزة الدولة الترابية الحديثة تونسيا ومؤسساتها الحيوية، وهو ما ينهض حجة على عدم تماثل دواعي البحث بين فرضياته الخاصة، وتلك التي طبعت تمرين أطروحة «الأرض والهوية: نشوء الدولة الترابية في تونس، 1574 - 1881».</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
والبين بعد جميع هذا أن الاختراق المعرفي الذي حققته أبحاث مؤرخ بناء مجال الدولة الفرنسية «دانيال نوردمان Daniel Nordman»، هي التي كانت فيما نتصوّر وراء هذا الانقلاب في معالجة ما وسمته أرشيفات الدولة التونسية بـ»التحييز المجالي» وهو ذات ما نعته مؤرخو المغرب الأقصى بإشكالية «تدبير المجال»، ذلك الذي تواصل البتّ بشأنه لاحقا ضمن العديد من الأبحاث الجزئية والتركيبية، على غرار تلك التي خصّ بها تونسيا عبد الحميد هنية مسألة ديناميكية التحديث المستقل، مفنّدا فرضيات التحاليل التي اقترحتها الدراسات المدافعة على أولوية التحديث الفوقي المستورد في أبحاث «برترناد بادي Bertrand Badie» و«جون بيار بيارJean Pierre Bayard» على سبيل المثال.</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
لم يخرج ما استدعته مقاربة مؤلف هذا الكتاب من مفاهيم ومصطلحات عامة عمّا هو معروف في غير اللغة العربية، غير أن عملية توطين مجملها ضمن هذه الدراسة التطبيقية، هو ما ساهم ولا جدال في مزيد تعريف القارئ العربي بها من خلال تثبيتها أو/ و«أهلنتها indigénisation» ضمن مفردات الثقافة التاريخية والسياسية العربية.</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
ولئن عاينت هذه المعالجة التركيبية وفي مواقع متعدّدة بعض التكثيف النظري واحتاجت العديد من التصوّرات أو الفرضيات التأويلية التي اقترحتها إلى سند مصدري أشمل وأدق، أو إلى إحالة واضحة على معالجات متقاطعة مع تصوّرات المؤلِف وردت ضمن مؤلفات غيره من العارفين بنفس الموضوع، وكذا إلى بعض شهادات الفاعلين أو المتابعين للشأن العام من التونسيين وغيرهم، فإن فسح المجال بشكل توظيفي للمقارنات الافقية وخاصة المتّصلة من بينها بتجارب تحديث الدولة عربيا (المغرب ومصر) وإنجاز الثورة أوروبا (البرتغال اليونان وإسبانيا) والانتقال من الأنظمة العسكرية أو الدكتاتورية أمريكيا (الأرجنتين والشيلي)، قد ساهم في إكساب العروض التي نحن إزائها نَفَسًا عميقا، بل وطرفة يعزّ حضورها لدى غيره من البحوث التي آثرت تناول نفس الإشكالية والكتابة حولها في لغة أصحابها الأم.</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
يكتب عادل اللطيفي بلغة بسيطة تقترب كثيرا من اللهجة البيضاء، حتى وإن احتاجت في بعض مواضع التحليل أو التوصيف إلى الاحتفاظ بمسافة أمان كافية، تسمح بالتفريق بين اتزان لغة المعرفة وحرارة السجال السياسي المحسوب على آنية التحاليل الصحفية، وكذا تلك التي يقترحها متابعو الشأن السياسي والمدني عبر وسائل الاتصال المكتوبة والمرئية والافتراضية، تلك التي تحيل على ما تقترحه علينا كونيا محركات البحث الكبرى وشبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية أيضا. وهو أمر جد منطقي إذا ما رعينا انقلاب المشهد المعرفي بالتوازي مع اتساع نطاق الثورة المعلوماتية. فنحن نستطيع تعقّل تعاظم تأثير تلك الثورة راهنا من خلال الاطلاع على تحاليل العارفين بما نعته الباحث الفرنسي في مستقبل</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
البرامج التعلميّة أو مخابر التأهيل الرقمي « دومينيك بولّيي Dominique Boullier» بـ «الدراسات الاجتماعية المرقمنة social data sciences»، حيث أضحى الباحث في العلوم الاجتماعية إزاء الترفيع في نسق الحصول على المعلومة شبه معزول في برجه العاجي، لكأنه قد أعرض عن البحث عن المعطيات المتجدّدة بخصوص سرعة التحوّلات التي طالت المجتمعات كونيا، معتبرا أن ما تعيشه تلك المجتمعات من تحولات فارقة وسريعة راهنا مجرد ظواهر سطحية ليس لها كبير تأثير على الواقع، مما ينهض حجة على أن مختلف علوم الإنسان والمجتمع تعيش على أيامنا حالة من الانقطاع التام عن واقعها قد لا تؤهّلها مستقبلا لأن تلعب دورها المعهود بوصفها سلطة مضادة، خاصة وقد فضّلت العديد من الشرائح الشابة</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
الابتعاد عن هذه التخصّصات والتوجّه نحو معارف جديدة عبّرت عن قدرتها على المواكبة والتَغْصين بشكل أفضل.. فالتحدّي الحقيقي الذي تواجهه مختلف المعارف المحسوبة على العلوم الاجتماعية حاضرا هو استنباط مناهج عمل جديدة تسمح للمحسوبين عليها بمتابعة هطول المعطيات بذلك النسق الجنوني، مع توفّر القدر المطلوب من الناجعة في إتمام تحليل البيانات في الإبان. وهو ما لم يكن أحد يتصوّر حصوله بتلك الكيفية، الشيء الذي أحدث انقلابا تاما في المقاييس الزمنية وأشكال تصرّف جديدة في المعارف الاجتماعية تتوافق مع الحجم الخرافي للمعطيات المتوفرة. فقد ساهمت التطوّرات التي طالت العلوم الإحصائية على سبيل المثال لا الحصر في فتح أفق دراسة تحوّلات الرأي العام على المدى المتوسط، أي خلال</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
فترة زمنية لا تتجاوز أربع أو خمس سنوات، وهي المدة التي تتوافق مع المواعيد الدورية للانتخابات ومع العمر الافتراضي لعدد كبير من البضائع المعروضة في الأسوق أيضا. ويتمثل الهدف من ذلك وفقا لما أكدته أراء المتابعين لهذا الانقلاب المعرفي دائما في مزيد فهم ردود فعل الناخبين والمستهلكين وقدراتهم الشرائية وأذواقهم بل وممارساتهم الحميمة أيضا. لذلك ازداد إقدام الشركات الكبرى والمؤسسات الإعلامية والتواصلية على تمويل مثل هذا النوع من الدراسات التي وظّفت مزيدا من الأدوات التكنولوجية الحديثة على غرار اللجوء إلى تطوير الهواتف الذكيّة في عمليات سبر الآراء، في حين يتواصل دور وسائل الاعلام المسموعة والمرئية من جانبه في توسيع انتشار الحملات الإشهارية أو الانتخابية.<br style="box-sizing: border-box;" />جرب المؤلف ضمن أثره الجديد إذن العديد من النماذج المعرفية واستطاع بمستويات متباينة من التوفيق ملاءمتها مع موضوع بحثه. كما أوحت لنا قراءة ما نضّده من عروض بقدرته على مجادلة العديد من وجهات النظر المعرفية والاستنتاجات المتسرّعة غير الدقيقة، متدخّلا في العديد من المناسبات لتصويب طروحاتها المحسوبة على العلوم السياسية وعلى القانون الدستوري وعلوم الاقتصاد وغيرها، على غرار دراسات كل من عياض بن عاشور، وبكار غريب، وهنري لورنس، وفنسان جسيير، وجون فيليب برا، وميشال كامو، وفرنسوى بورقا، وأوليفي روا، وإريك غوب...وغيرهم)</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
وكذا الأمر بالنسبة للمقابسات الفكرية لكل من هشام جعيط، وعبد الله العروي، وعزيز العظمة، وسمير قصير وهشام شرابي وفرانسيس فوكويما وسمويل هونتغتن وميشال فوكو وإريك هوبزباوم وجوفري بركير وشارلز تيلّي...وغيرهم كثير، دون تهيّب من موقع أصحابها ضمن المشهد المعرفي باعتبارهم «نجوم مركبات جامعيّة stars de campus» أو شخصيات فكرية كونية مرموقة.</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
ولئن بدت لنا مدونة البحث المصدرية متواضعة عامة، فضلا عن إغضاء المؤلف عن الإشارة إلى عدد من المعالجات المتضامنة فكرا وتصوّرا مع توجهاته المعرفية والفكرية أيضا على غرار مؤلفات العديد من الباحثين والكتاب المحسوبين على جيله، فأن الجهد التوليفي المبذول قد اتسم بالاستثنائية وانخرط بالكامل في استنطاق السردية الجماعية وفق تصوّرات وإضاءات جديدة، استفادت قطعا من مجهود المراكمة المنجز من قبل المختصين في الدراسات الحضارية وفي العلوم الإنسانية والاجتماعية تونسيا حول تشكّل «الدولة الترابية الحديثة».</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
كما أن تشديد المؤلف على تلازم لحظة الثورة مع عملية احتضانها المعقّدة من قبل هياكل الدولة المدنية الحديثة وإدارتها، واستناده على ذلك المعطى المركزي في محاولة تفسير ما حصل من تآكل للفئات الوسطى، تلك التي شكّلت على المدى الطويل الخزان البشري المؤازر لمشروع الإصلاح والتحديث تونسيا، وانحسار أفق تلك الفئات المتحفّزة قياسا لتعاظم دور وجاهات المال والأعمال وامتداد شبكات الزبونيّة داخل مفاصل الدولة وخارجها، هو الذي مكّن المؤلف من تعيير المدّ الاحتجاجي لما وُسم تضليلا بـ «الإسلام السياسي» أو بالإسلام الديمقراطي»، وذلك من بوابة الاعتبار بالشرط التوجيهي المتمثّل في مدى التزام ذلك التيار موضوعيا، قبل حدث الثورة ومن بعده، بمشروع التحديث ومسار «التّونسة»، والتزامه بتطويرهما من عدمه، توضيحا «للصبح الصادق» ممّا سواه، حتى يتمكّن التونسيون دون تحامل أو إجحاف من ربط ذلك الزخم الاحتجاجي بمسار الثورة أو فصله عن ذلك وتصنيفه ضمن خانة الثورة المضادة.</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
خلاصة القول فقد تمكّن عادل اللطيفي بعد بذل أقصى درجات الأناة والمصابرة من إعادة فتح ملف ساد الاعتقاد في انقضاء فصله بالكامل، لكن اصراره على التجديف ضد التيار بتحفّز وانقلابية لا حدّ لهما، هو ما مكّنه من نفض الغبار عن موضوع بدا وكأنه قد قُتِلَ بحثا، والبرهنة من خلال ذلك عن حاجتنا لمواصلة الحفر في إشكالية الدولة فكرا ومعرفة، لذلك لا يعترينا أدنى شك في قيمة هذا المنجز وفي طرافته أيضا، وهو الذي سيشكل بلا ريب إضافة معيارية لمختلف مقترحات دار مسكيلياني، المعروضة بعد التدقيق والتشذيب اللازمين على واسع قرائها.</div>
<div style="box-sizing: border-box; margin-bottom: 10px;">
<b><i>صدر هذا العرض النقدي ضمن جريدة المغرب اليومية بتاريخ 17 / 1 / 2020 </i></b></div>
</div>
</div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-89831315235192880152019-06-22T13:12:00.000+02:002019-06-23T13:29:26.970+02:00حوار مع لطفي عيسى: التونسيون أبطال مرضى... !!<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjdoVViraZFQwtUQKrbOIVtKKIN62UE_t_-fy86BMWs1V3ADyBpEsYubNab8q_YUnpdRvCAHnNeUH7dpl4zTjLOladoVlrVY4EZGghcyxadtIZJajoMix4QyNIVf6S1zVHsjKCEE2vYZbTy/s1600/%25D8%25AA%25D9%2588%25D9%2586%25D8%25B3+%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2581%25D8%25AA%25D8%25A7%25D8%25A9.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="960" data-original-width="720" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjdoVViraZFQwtUQKrbOIVtKKIN62UE_t_-fy86BMWs1V3ADyBpEsYubNab8q_YUnpdRvCAHnNeUH7dpl4zTjLOladoVlrVY4EZGghcyxadtIZJajoMix4QyNIVf6S1zVHsjKCEE2vYZbTy/s320/%25D8%25AA%25D9%2588%25D9%2586%25D8%25B3+%25D8%25A7%25D9%2584%25D9%2581%25D8%25AA%25D8%25A7%25D8%25A9.jpg" width="240" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: center; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div align="right" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">حاوره كمال
الهلالي<o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">حتى وهو يشرب قهوته لا يستطيع
الباحث في تاريخ الذهنيات المؤرخ والأنثروبولوجي لطفي عيسى إلاّ أن يُعمل ملكة
العقل محلّلا وشارحا للمشهد التونسي وسردياته، شخصياته وبطولاتها وهناتها أو عللها،
وهو يقدم في هذا الحوار تحليلات تقوم على "براديغم" أو نموذج تحليل جديد: يرتكز
على تضامن مفاهيم البطولة والمرض والخصوصية في تحديد السياقات الناظمة لسيرة كل
فرد. من الأحداث الكبرى إلى المواقف اليومية ينتقل الباحث مفكّكا وصارفا بصيرته
كلّها من أجل تدبّر الظاهر.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>يشرح ساخرا
ومضة إشهارية لشركة مشروبات عالمية بُثّت أخيرا على القنوات التونسية، تروّج
لماركتها الذائعة الصيت وتسطو فيها على ذاكرة التونسيين، الذاكرة التي نحتها أجدادنا
ونعرفها كلّنا أنا وأنت وزوجتي وجدّاتنا البعيدات، يقول لطفي عيسى ضاحكا. من هذه
الملاحظة المتوهّجة بدأ حوارنا معه:<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><u><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">*** لنبدأ من تحليلك
لهذه الومضة الإشهارية للمشروب الكوني والذي ترى فيه سطوا على ذاكرة التونسيين ..<o:p></o:p></span></u></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">عندما يكون لدينا موعد قاري أو
عالمي أو حدث له علاقة بالنشاط الرياضي الكروي أساسا، تخرج علينا علامة تجارية معروفة
كونيا بمشروبها الغازي، بومضة تحيل على أخصّ ما يجمعنا فكرا ووجدانا، نخال لدى
مشاهدتها أنه بوسعنا تجاوز جميع ما يفرّق بيننا وإدراك ما نجد صعوبات جمة، وخاصة
خلال الثمان سنوات المنقضية، في إدراكه كجماعة تشكّل شعبا، بل وأمّة في الحقيقة.
غير أنّ نهاية الومضة تعيدنا إلى حقيقة يبدو أنها تصوغ قدرنا الجديد وقدر العالم
بشكل ما، بحيث يتحوّل المشروب إلى العنصر الأهم بل والمحدّد في الومضة، وتوظّف
الأمة والشعب بما يحمله ذلك من شحنة مُلهمة إلى مجرّد عنصر خادم لذلك المشروب.
وهذا باعتقادي أحد تعريفات العولمة التي سنتحدث عنها في هذا الحوار.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><u><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">*** ماذا نصنع إذا ؟<o:p></o:p></span></u></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">انطلقا من الملاحظة السالفة،
علينا أن نتساءل ما الذي يتعين علينا أن نفعله حتى نعيد تركيب سرديتنا الجماعية
بما يخدم حاجيات الآن وهنا؟<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">سرديتنا تحتاج إلى المراجعة بالشكل
الذي يتوافق مع هذا النوع من التحديات التي تطرحها العولمة والذي قد يبدو بسيطا.
هل نحن مطالبون بأن نوازي بين البضاعة وبين ما يمثل المرْوية التي تستجيب لما قد
يستقيم تسميته بـ "ورطة ما بعد 2011." <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">إن استعارة لفظة الورطة مقصده بالضرورة
تعهّد ما راكمناه بعد إنشاء الدولة الوطنية التونسية. طبعا جميع هذا ينخرط في
أهمية تعهد سردية الانتماء وقراءة منجز التونسيين طوال مرحلة ما بعد تصفية الاستعمار
بالتعويل على المسافة الكافية.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><u><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">*** اشرح<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>لنا أكثر ما تعنيه من استعمال لفظ " ورطة
" ؟<o:p></o:p></span></u></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">لِمَ تشكّل هذه المراجعة ورطة؟ لأننا إزاء مفصلة خطيرة، بل هو في الحقيقة منعرج خطير. هناك من بيننا من
يعتقد أنّ تلك المرْوية قد انتهى الفصل فيها بالكامل، بحيث يتعيّن علينا أن ننطلق
في بناء شيء جديد يبدو لنا هلامي لا يتواصل إلا مع الماضي الذي يخرج بنا تماما من
المعرفة التاريخية ويحملنا إلى فضاء آخر يحتاج إلى معالجة الأسطوري أو تحليل أنثروبولوجي ديني. هذا موقف في حدّ ذاته، وفي مقابله يحضر تصوّر مقابل يعتبر أنّ ما تم
إنجازه مرجعية أساسية ليس من السهل إعادة النظر فيها ومساءلتها بالشكل الذي يسمح
بالحدّ من تأثيرها في الحاضر وتركها تذهب في حال سبيلها أو في ذمّة الماضي والتاريخ.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><u><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">*** لنعد إلى الورطة،
أو لعلنا فيها ؟؟<o:p></o:p></span></u></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">استعارة كلمة "ورطة"
مبني على ضرورة تعهّد الحكاية الجماعية. فالمضمون السياسي للمرْوية الجماعية
للتونسيين متّصل بمنجز الدولة البورقيبية، وهو منجز يُعلي من قيمة التدبير
العقلاني للشأن العمومي (في الإدارة، الجباية، الجيش، التقسيم الإداري..)، ويتمسك بتحرير
الطاقات، وذلك ضمن تصوّر يلتزم باحترام المعايير والقيم الناظمة للذهنيات تلك التي تخضع لعلاقة
اتباعية وعمودية بالشأن الروحي. وهو يفترض أنّ حاجيات المرحلة الجديدة المتصلة
أساسا بضمان الحريات ومن أوكدها الحريات الفردية ستتحوّل إلى تحدي من الصعب حتى لا
نقول من المستحيل رفعه، في ظل هذه المعادلة التي انتهى الفصل فيها ولم تعد قابلة
لإعادة الإنتاج بشكل مستمر. بمعنى أنها وصلت إلى حدود إيجابياتها وهو ما يتعين الاعتراف
به صدا لكل هروب إلى الأمام. فقوة الشعوب تكمن في تعويلها على فكرة نخبوية (بمعنى
أقليّة) سرعان ما يتمّ تبنيها من قبل قاعدة واسعة من الناس.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><u><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">*** ما المعادلة التي
انتهى الفصل فيها ؟<o:p></o:p></span></u></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">معادلة "الأصالة والتفتّح".
هذه المعادلة التي مثلت الإيديولوجيا السائدة للدولة الوطنية. ما المطلوب اليوم؟
المطلوب أولا: أن كل كتابة للسردية الجماعية ينبغي أن تعطي أولوية للفرد قبل
الجماعة، لأنّ كلّ قراءة لتاريخنا البعيد أو القريب يتعيّن أن تصرف همتها للكشف عن
تاريخ التونسيين، لا مواصلة الحديث عن تاريخ تونس. لأن هذا من شأنه أن يفتح أمامنا
إمكانية التقييم المبني على قاعدة المسافة بين ما جدّ ماضيا وما نحن بصدد عيشه
حاضرا.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">فكلّ حديث عن الفرد يقتضي موضوعيا أن
نشتغل ومن وجهة نظر منهجية، على ثلاثة أبعاد متضامنة.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">أولا: ما المقصود أن يُبدي الفرد
تصرفا بطوليا؟ لأن مدلول ذلك أساسا هو وجوده كفرد لا تحويله إلى بطل خارق أو
تأثيمه (تخوينه) على عكس ذلك باعتباره مصدر جميع شرور العالم. هذا النوع من التقييمات بوسعه أن يفتح
بصيرتنا على حقيقة لا تبدو ماثلة للعيان حاضرا، مؤيدها أنّ كلّ بطولة بالمعنى الذي
حدّدناه، بوسعها أن تنزع، - وهذا مُثبت علميا- إلى التعبير عن نفسها بطريقة مرضيّة. ومعنى ذلك أن كلّ ما يوضع في خانة البطولي لا يمكن أن يفهم إذا لم نُدرك أنه متفاعل
بالضرورة أخذا وعطاء مع رصيفه المرضي. فبورقيبة مثلا لم يكن بطلا لمسيرة التحرير
وبناء الدولة فحسب، بل كان أيضا إنسانا اضطرته هشاشاته المتعددة إلى اقتراف أخطاء
فادحة. على غرار التسلط وتقزيم من أحاطوا به واعتبارهم غير أكفاء.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">ذات الأمر يحيل عليه منجز البشير خريف،
الذي صاغ مرْويتنا الجمعية من نافذة الابداع الأدبي، سردا حكاية شعبا وأمّة. وهو ما نجده ماثلا بشكل واضح ضمن رواية "بلاره" مثلا، باعتبارها نصا سرديا يستعيد من
خلاله أب الرواية التونسية واقع البلاد أثناء القرن 16 ميلادي، أي إبّان أو قُبيل
الحضور العثماني، ليمكّن التونسيين من تمثّل فكرة الخلاص من الهيمنة الإسبانية حال
حضور العثمانيين. وهي فكرة توازي فكرة تخليص بورقيبة للتونسيين من خلال بنائه
لمشروع الدولة الوطنية على أنقاض دولة الاستعمار الفرنسية. وجميعنا يعلم أنّ رواية
" بلاره " قد استعصت على قلم البشير خريف فلم يتسن له إكمالها، تماما
كما استعصى استيفاء بناء الدولة الوطنية على فكر بورقيبة الحيْ، الذي تحوّل بعد الدفع
نحو تعيينه في أواسط السبعينات رئيسا مدى الحياة إلى مشروع وصل إلى حدوده كما
أسلفنا ذكر ذلك. ولم يعد قادرا على إنتاج الدلالة عبر توليد مضامين ترقّي جديدة تنطلق
في شكل نخبوي ثمّ لا تفتأ أن تتحوّل إلى مُقتسم جمعي.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">الجانب الثالث من هذه الأبعاد
المتضامنة هو توضيح مدلول الخصوصية. ولكن عن أيّة خصوصية نتحدّث في ظلّ هيمنة
تسليع السردية الجماعية لخدمة بضاعة لها انتشار كوني؟ الأمر الذي يتعارض مع ما
شدّدنا عليه من ضرورة تعهّد مُنجز الدولة التونسية الحديثة بما يتوافق مع حاجات "الورطة"
التي وقعنا فيها حسّا ومعنى بعد الإقدام على القطع مع منظومة ما قبل سنة 2011. وهو
ما يعني أنّ قراءتنا الجديدة أو المتجدّدة للواقع الذي نعيشه يتعيّن أن تتوفر على
جملة من الضمانات تثبت أنّ فكر الجماعة قد قبل نهائيا بحقّ الفرد في أن يؤكد على
اختلافه مع جميع الأفراد المنتسبين إلى نفس المرْويّة، لا في مجاله الخصوصي الضيق
فحسب، بل وعلى صعيد جميع مجالات التعيين الاجتماعية بمختلف مستوياتها. وعليه فإن المسألة
مُتصلة في الأخير وبشكل بسيط بإعادة بناء الثقة بين الأفراد على قاعدة احترامهم
للاختلاف وحاجتهم للتعايش مع بعضهم البعض بالتعويل على الاجتماع بذكاء.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><u><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">***<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>ما مدلول الاجتماع بذكاء ؟<o:p></o:p></span></u></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">يؤشر مثل هذا الطموح السامي على أنّ ما يسوس
علاقاتنا كتونسيين حاضرا هو سيطرة ردود الفعل الوجدانية على جميع ما سواها،
بينما علّمنا التاريخ أنّ الشعوب التي تورّطت في الخروج عن السائد أو الانقلاب عليه
ثوريا قد اُضطرّت إلى إعلاء ملكة العقل والمراكمة والتحصيل ونبذ كلّ ما يعيق هذا
التوجه قولا وفعلا داخل المجموعة. غير أنه لا ينبغي أن نعتقد ببالغ السذاجة أنّ
مثل هذا المسار لا يحتاج إلاّ إلى أطر ذهنية مفصولة عن الواقع المعيش. ففرنسا
الثورة مثلا خاضت حروبا مريرة لتفهم في النهاية أنّ قدر انتقالها إلى دولة متقدمة
(إلى حدود القرن 19 ميلادي </span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>%</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>90 من
الفرنسيين كانوا مزارعين وفرنسا لم تتخط حتى ذلك التاريخ المتأخر موقع الدولة الريفية) مشروطٌ
بامتدادها على حساب من هم أقلّ منها تطوّرا. وهذا ما أدّى في النهاية إلى وقوع
أغلب بلدان شمال إفريقيا (أو مجال المغارب كما نسمه حاضرا) تحت نيْر الاستعمار الفرنسي. وهو نفس الحدث الذي نقل ذات
هذه الشعوب من الزمن الأسطوري إلى الزمن الرياضي أو ما سميناه بزمن الرزنامة. ولم
يكن هذا الحدث منفصلا عن التحولات الفارقة التي طالت المشهد التونسي حضريّا كان أم
ريفيا بعد تقليم أظفار البداوة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">لنكن واضحين فمنجز
"التهدئة" الفرنسية هو الذي أخرجنا من الزمن السرمدي مُشكلا رجّة أو "صحوة"
أو "صدمة" حداثة. وهذا أمر جابهه المجال العربي الإسلامي منذ أن وضعت
فيالق الجند الفرنسي أقدامها بمرفأ الإسكندرية ونطلق نابليون بونابرت في حملته على
مصر. لماذا نقول هذا؟ لأنّ الذي دفع بونابرت إلى القيام بحملته تلك، وهي حملة
سيتمّ استتباعها بحملتين أخريين : واحدة استهدفت المجال اليوناني وثالثة طالت
المجال الجزائري ومن ثمّ المجال المغاربي، يندرج في تصورنا في نطاق ضرورة إجاد حلّ
لـ"ورطة" الثورة عبر التعويل على بناء قوة من خارج فرنسا وليس من
داخلها، استندت على مُقدرات شعوب لازالت عندها تعيش ضمن تصوّر دائري لزمانها ولمرْويّاتها
الجماعية أيضا، بينما بدا واضحا أنّ فرنسا الثورة محتاجة إلى فضاءات حيوية لبناء
مشروع حداثتها الجمهوري والمدني خارج إطار أوروبا التي لم يعد بإمكان فرنسا الثورة
التوسع على حساب أممها بعد هزيمة بونبارت وانعقاد مؤتمر فينيا سنة 1815 الذي أعطى
موقعا مميزا لكل من بريطانيا وألمانيا.<b><u><o:p></o:p></u></b></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">الحكمة من وراء كلّ هذا الحديث، أننا
نريد أن نقول وببساطة أنّ كلّ قيمة حتى وإن حلّقت عاليا، على غرار مسألة الحريات
الفردية، لابدّ لها من تمثّل دقيق أو عملي على مستوى الواقع المعيش. أي أنّ ما هو
بطولي في كلّ ثورة بمقدوره أن يفضي إلى نتيجة تُنزّل تلك القيمة ذاتها إلى انزياح يشابه
ذاك الذي جعل فرنسا تتوجّه وبعد إنجاز ثورتها إلى تبرير الاستعمار باعتباره ضرورة بل
ومهمة حضارية سامية، فَهِمَتْهَا النخب التركية بمدلولها الخلدوني مستعملة لتعريفها لفظة
"عمران"، بينما ترجم المصري رفاعة رافع الطهطاوي مصطلح" حضارة
" بمعنى "التمدين". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">من فرنسا إلى تركيا إلى مصر هناك
ثلاث مصطلحات لكلمة واحد. وكل من هذه المصطلحات له دلالته الخاصة: الاستعمار يصبح "مهمة
حضارية"، والتنظيمات العثمانية تصبح "عمران"، ومشروع محمد علي باشا
بمصر يحيل في فكر المتنورين المحليين على "التمدين" أو التمدّن ".<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><u><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">*** ماذا على
التونسيين الذين تورطوا في أنجاز فعل بطولي وتصرفوا مع ذلك الفعل وجدانيا وفقا
لمنطق مرضي، وبحسب تحليلك أن يصنعوا كي يتبيّنوا خصوصيتهم، وفقا لما عرضته علينا
من تصورات تحيل على نموذجك التحليلي؟<o:p></o:p></span></u></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;">حتى نعود إلى ما كنّا بصدده، ينبغي
أن نتساءل: كيف سيكون بوسع التونسيين الخروج ممّا "ورطوا" أنفسهم في
إنجازه سنة 2011 ، والتفكير جدّيا في الطريق التي يتعيّن أن يسلكوها حتى
يتعهدّوا بشكل جدّي مُنجز الدولة الوطنية التونسية على قاعدة الانتساب قولا وفعلا
إلى الأمم الراقية التي تتسم تصرفات المحسوبين عليها بالعقلانية الهادئة تفاديا للوقوع
مجدّدا في حبال الزمن الأسطوري أو الدائري أو السقوط في الانبتات بشكل درامي؟</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>(سبق وأن أدرجت مقترح إجابة أنثروبو- تاريخية عن مثل هذا السؤال المحوري ضمن مؤلفي
الأخير الموسوم بـ : أخبار التونسيين: مراجعات في سرديات الانتماء والأصول، الصادر
عن دار مسكيلياني للنشر سنة 2019). لعل المطلوب في جميع ما نحياه حاضرا هو عدم
الانسياق وراء تحويل السردية الجماعية التي تشكّل قاعدة انتماءتنا الجمعية إلى مجرّد
ومضة اشهارية لمشروب يختزل ألفيات مديدة من المراكمة ونحت المصير </span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "arabic typesetting"; font-size: 26.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>!!!<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span style="font-family: "arabic typesetting";"><span style="font-size: 34.6667px;">(صدر هذا الحوار بجريدة الصحافة التونسية بتاريخ السبت 22 جوان 2019). </span></span></div>
<br /></div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-69063163452970114812019-06-20T15:57:00.000+02:002019-06-20T15:57:14.610+02:00"نهج إنجلترا" لميّة الكسوري جوسٌ مجهري في سمك المجتمع التونسي بمبضع جراحة ماهرة<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgbHmRGzYqP-s8pdXbAaGqc77JvD4SGf87fa5rbkfLcRkeM3NSdlVF6xX7ASdmDafn10moIhXSpoG7U39Y1R8Lo6EokFYw9x3ZqAism4z9w2krPyfqGlPzCISnmlHAmmiPxBzwW0a31f0b1/s1600/%25D9%2586%25D9%2587%25D8%25AC+%25D8%25A3%25D9%2586%25D8%25AC%25D9%2584%25D8%25AA%25D8%25B1%25D8%25A7.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="474" data-original-width="770" height="196" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgbHmRGzYqP-s8pdXbAaGqc77JvD4SGf87fa5rbkfLcRkeM3NSdlVF6xX7ASdmDafn10moIhXSpoG7U39Y1R8Lo6EokFYw9x3ZqAism4z9w2krPyfqGlPzCISnmlHAmmiPxBzwW0a31f0b1/s320/%25D9%2586%25D9%2587%25D8%25AC+%25D8%25A3%25D9%2586%25D8%25AC%25D9%2584%25D8%25AA%25D8%25B1%25D8%25A7.jpg" width="320" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: center; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: center; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>تدور حكايات هذه الرواية البكر حول مراوحة متدبّرة
لتقاطعات مسارين حياتيين يجسمان أقدار شخصيتين محوريتين أعلى اسمهما تيمّنا مدلولي
"الأمل" و"الهبة". فقد أقدمت المؤلفة على بناء سرديتها
المشوّقة معوّلة في ذلك على ربط كلتا الشخصيتين بمؤسسة تحصيل مدرسي عريقة تقع عند
نهج إنجلترا بوسط مدينة تونس. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">يأخذنا
تعاقب الأحداث وفق نظامين للسرد واحد خطي تطوريّ والثاني</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>استردادي يستعيد بتدبّر مقتصد الأحداث، في رحلة
طويلة نخترق من خلالها ثنايا أيامهما وأعمالهما، رافعين بفضل ذلك الغشاوة عن رثاثة
ما عاشته شرائح مختلفة من التونسيين منذ سبعينات القرن الماضي، وما هي بصدد عيشه
حاضرا على الحقيقة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">يحيل
تشعّب التفاصيل المستجلبة على عميق التحولات التي طالت سمك الواقع الاجتماعي، فتتراءى
لنا ومن خلال المرآة المحدّبة لمصائر البطلتين ولزخم الوقائع التي حدّدت تصرفاتهما
وشكّلت ما دار بخلدهما جوّانيا، عن حالة نكوص مفزعة توشك أن تأتي على ما تمت
مراكمته ببالغ الجهد وموفور العزيمة بعد أن ذهب في ظن جميعنا أنه غير قابل للاختراق
أو التنكّر المخزي. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">لذلك
لم تتردد المؤلفة - وهي على تمام الصواب- في الكشف عن قبح ما تواري خلف ما أبديناه
جميعا من انتهازية باردة، فاضحة كارثية ما اقترفته المعاول العاملة على تحطيم القيم
المدنية ومعاييرها بالاختفاء وراء نضالية جوفاء، فشلت بشكل ذريع في القطع مع
النوازع الغريزية وانغمست في وجدانية منافية لكل عقلنة، رافضة بصلف ومعاندة لا حد
لهما مغالبة حالة الهروب إلى الأمام والاعتراف بضرورة التعهّد المتّسق للتوازن بين
البطولي والمرضي في نحت مصير الافراد كما المجموعات حاضرا ومستقبلا.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تبدو
آمال "أمل" منذرة لغياهب الارجاء بعد انقلاب الطبع على التطبّع والإعراض
عن جمالية تثوير الواقع وتحرير الطاقات، بفسح المجال أمام نكد أسبار البداوة المتغلغلة
عميقا في ذواتنا المغتالة لكل جميل فينا. فبين انكفاء يسارية الآباء وثورية
الواجهة التي تمسكوا بها حسّا ومعنى، واندحار وعود النماء العادل لدولة وطنية مغتالة
على مذبح الرأسمالية المتوحشة، تخفى "إسلام الصحوة" تحت ستار الاحتجاج والذود
عن شرف هوية مستباحة احتضنتها ممالك القاز، بينما حدّد مدلولها شيوخ فضاءات التحليل
والتحريم. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">في
حين تبتسر أقدار "هبة" مضيّفة الطيران المستقرة بـ "بابل الجديدة"
(أو دبي)، وينحسر مجال الفعل المتحرّر أمام النوع الاجتماعي العائد وبعد "نشوز
طويل" إلى بيت الطاعة وموطن التكتيكات الأنثوية المغذية لفحولة مكذوبة،
الساند لاستراتيجيات ذكورية ذهب فصلها بالكامل. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">بين
أثافي الثالوث المقدس لمعبد الجنس والدين والسياسة تقيم رواية ميّة الكسوري أُسسا لمرويتها
بحرفيّة مذهلة أحيانا، كاشفة ومن خلال تشغيل آليات فضولها الفطري واستبطانها
العميق لمعاني الانقلاب الجمالي على القديم في أدبيات التنوير وفكر اليسار، وإدراكها
الاستباقي لانقلاب الظرفية الكونية مع حلول تسعينات القرن الماضي وانكشاف الوجه
القبيح للعولمة في تفاصيل ما جادت به عليها ملفات التقاضي من تشعبات انغمست في
تفكيك شفرتها وإعادة تركيب أدق تفاصيلها، عينات متدبّرة من واقع التونسيين اقترحتها
على قراء حكاياتها بعد أن خففتها من مبهم الدلالة لفظا واستجلبت لها غزير المعاني مبنى
ومعنى، عارضة وبمنظور مفارق وجديد "مرافعة" تُدين شدة ارتباكنا وقلة حيلتنا.
وهو ما ساهم في الكشف عن جلباب عُهرنا المُتسلل من زوايا فضاءات بيوتنا الخاصة إلى
مختلف مواضع الوسم في مجالاتنا المشتركة أو العمومية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">يتقدم
السرد راسما بمخاتلة مقتصدة عوالم انتهازية صادمة وبغيضة تنتفي ضمنها دعاوى التمسك
بالقيم والضوابط الأخلاقية، متحوّلة إلى أقنعة مُضحكة مُبكية لا تقيم احتراما
لانفتاح الأنوثة الغضة على ذكورة مفترسة مُتسلطة. فتخضع "أمل" سليلة
الفكر المضاد للنظام ولقيطة اصطدام المبادئ الثورية مع تعقيدات واقع ما بعد ثورة
الطلبة أواخر ستينات القرن الماضي لنزوات "حسين" قصاب شارع باريس وسجين
شهوته القاتلة، في حين تتزين "هبة" بـ"بشة" زوجها المشرقي الستيني
وتعبّ من نرجيلة شهوته المثلية المكبوتة، بعد استعادة بكارة مصطنعة تلعن ورطة
إنجاب "نوّارة" ابنة "البرانس شرمان" بشير، معذب أفئدة
مراهقات معهد نهج إنجلترا، الذي انقطعت أخباره دهرا بعد فراره المخزي إلى صحاري
جماهرية القذافي، وانتصابه بغتة وعلى غير ميعاد على ظهر شاحنة
"الديماكس"، للمطالبة بصفاقة لا حدّ لها باسترجاع حقوق الأبوة من خليلة
أمسه تحت غطاء "صلة الرحم". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">يميد
الأديم تحت أقدام اللعنة النسوية وتخسف الأرض في قراءة حشر مهيب لا خلاص فيه ولا
فكاك. تلك حقيقة "ملاحم" العنف والغدر والضغينة ودعاوى الفحولة المُقرفة
تحت سمائنا، فلا شيء يؤذن وبعد أن طالتنا رحى العولمة واضعة حدا لما صدأ من
تصوراتنا الرثة، أننا بصدد استيعاب خطورة اللحظة التي نعيش وفهم الدرس الذي يحملنا
كُرهًا دون رضا على الانخراط، وبعد أن أصررنا على تحطيم تمثال قداسة الساسة، على الانقطاع
كليا إلى تدبير تصرفاتنا بعقلانية بوصفنا أفراد نتساوى بمسؤولية في الحقوق على
صياغة مصائرنا وفق ما نرتضيه لأنفسنا من حريات تأبى الانصياع لمنطق القطيع الذي لا
يفتأ عن إعادة انتاج نفسه بدهاء ومكر، مبشرا بعودة حروب العرق والجنس والملّة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تلك
شذرات من أدب رواية تونسية جديدة يصرّ مبدعوها وعلى الرغم مما يحيط بأيامهم من
محبطات ونوازع تسطيح معمّم على رسم أفق بديل تحت سمائنا الملبّدة بغيوم تدين واجهة،
مساهمين بذلك في تحريك مسيرة الأفكار التي تعيش حالة شبه عطالة مريبة تحت سمائنا. وذاك
مشرط "ميّة الكسوري" الروائية الذي جاس في سمك واقع بلد صمّ أناسه آذان
العالم بدعاوى ريادتهم في تحرير النساء وصون حقوقهن وعزمه وعبر أعلى نصوصه
الدستورية على احترام النوع الاجتماعي، فانكشف لنا وبالمعاينة المجهرية عوزهم المُخجل
وخوفهم من مواجهة أنفسهم وضعف تعهّدهم لما أوجده النابهون من بينهم من معايير
وضوابط مُحدثة بدت مُحتاجة، وبعد ورطة 2011، إلى عميق مراجعة./. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
<br /></div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-60768235938693468602019-04-15T01:04:00.000+02:002019-04-15T08:51:14.484+02:00أخبار التونسيين <div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi5P4Z4UlXOZrz_65hnwv1RX1_IToWzXostB-FofOVH69iqCeGdjYuIZVd8HrBG7g1IP1nc8-JpmavLfMkTfs1TjAhZ6TOiieyKf9rygIfSJSv8gzByLxQJ82lV-zYfN_PO0Wsm-QFHpB3L/s1600/%25D8%25AC%25D9%2586%25D8%25A7%25D8%25AD+%25D9%2585%25D8%25B3%25D9%2583%25D9%258A%25D9%2584%25D9%258A%25D8%25A7%25D9%2586%25D9%258A+%25D9%2581%25D9%258A+%25D9%2585%25D8%25B9%25D8%25B1%25D8%25B6+%25D8%25AA%25D9%2588%25D9%2586%25D8%25B3+2019.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="720" data-original-width="960" height="240" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEi5P4Z4UlXOZrz_65hnwv1RX1_IToWzXostB-FofOVH69iqCeGdjYuIZVd8HrBG7g1IP1nc8-JpmavLfMkTfs1TjAhZ6TOiieyKf9rygIfSJSv8gzByLxQJ82lV-zYfN_PO0Wsm-QFHpB3L/s320/%25D8%25AC%25D9%2586%25D8%25A7%25D8%25AD+%25D9%2585%25D8%25B3%25D9%2583%25D9%258A%25D9%2584%25D9%258A%25D8%25A7%25D9%2586%25D9%258A+%25D9%2581%25D9%258A+%25D9%2585%25D8%25B9%25D8%25B1%25D8%25B6+%25D8%25AA%25D9%2588%25D9%2586%25D8%25B3+2019.jpg" width="320" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: center; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>تراجع هذه العروض جملة من
المفاهيم الإجرائية والمنهجية التي وظفناها لتركيب مضامين مختلف فصول هذا الكتاب،
وهي مفاهيم عاينت في غضون العشريات الأخيرة تحوّلات فارقة، ساهمت ولا جدال في
تطوير نظرتنا إلى العلوم الإنسانية والاجتماعية بوجه عام، كما دفعت بنا إلى إعادة
النظر في مهنة المؤرخ تخصيصا. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">وليس
بعيدا أن يكون لطبيعة المدونة المصدرية التي عوّلنا عليها في بناء لحمة هذا الأثر
ونسج سداه، اصرة وثيقة بما نحن بصدده من مراجعات منهجية تحيل على أبستمولوجيا
المعرفة التاريخية وفلسفتها. فقد انصبّ تركيزنا ضمن هذه المغامرة على مقاربة
مدونات مخصوصة لم توضع آثارها بغرض التأريخ، بقدر ما حُبرت بغاية الحفاظ على مخزون
تراثي غير مادي تضمّن مرويات أو حكايات خرافية منقولة عن صدور التونسيات والتونسيين،
كما دوّنت مجامع أمثالٍ وعِبرٍ وخواطر أفاضت عن عميق حكمة الأسلاف والأجداد. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ولم
تقف المتون التي عولنا عليها في تركيب عروضنا التأليفية عند هذا الحدّ، بل أدرجنا
ضمن اهتماماتها أيضا مؤلفات تبيّن لنا حال الاطلاع على مضامينها إسهامها نقلا
ونشرا في توسيع أفق تمثّل المتعلمين من التونسيين لمدلولي الزمان والمكان، وتوضيح المشترك
في تواريخهم، بردّه إلى روابط غُيبت أو أُقصيت عن مجال ذاكرتهم الجماعيةـ وحُجبت
عن الأساطير المؤسسة لانتمائهم الجمعي، ومظان غير مقصودة بات لحضورها دور محوري في
بناء شخصية التونسيين وربط أيامهم وأعمالهم بفضول الـمُقبلين على الحياة والعاملين
على تبديل الواقع سعة بعد عوز، ورخاء بعد شدة وعزة بعد مهانة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">كما
تعقب بحثنا أيضا مضمون عينات من المقابسات أو المقاربات الموضوعة بغرض مراجعة
عادات التونسيين وتقاليدهم أو التعمّق في خصوصيات شخصيتهم، وذلك وفق تصوّرات بدت
لنا متأثرة بتوجهات استشراقية غير خافية أو منخرطة بقدر غير قليل من السذاجة في الاعلاء
من قيمة المنجز الاستعماري، اتصل الهدف من استحضارها بالقراءة في سلوكيات التونسيين
ورصد ما يحيل على أقوالهم وأفعالهم وآدابهم وتصرفاتهم، تحديدا للثابت والمتحوّل في
شخصيتهم. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">انطوت
المرويات الخرافية على جنس أدبي تفرّع إلى جملة من الأنماط ربط بينها اتكاء جميعها
على الخارق والعجائبي في بناء السرد، حيث دارت معظم الوقائع المشكّلة للحكايات
التي اشتغلنا عليها حول تصوّر تم تركيبه بشديد الدهاء والمخاتلة، بحيث لم ينشغل القصّ
بتوصيف ما هو حاصل في الواقع المعيش، بقدر ما انشد، إذا ما تدبّرنا علّة وجوده، إلى
اقتراح توصيف لواقع مُواز تحوّل إلى نوع من الاستعارة ناضد بين عالمين، يشغل ضمنهما
المتخيل عنصر تفسير وإيضاح لما يحيل عليه عالم الشهادة والناس أو العالم الواقعي
المعيش. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ضمن
هذا الإطار تحديدا نستطيع أن ندرج جميع الخرافات التي عمدت إلى رد أحداث الماضي إلى
عوالم روائية أو خيالية لا تضيق بخرق العادة، على غرار الخرافات والمرويات
والحكايات المنشدّة إلى الغريب والعجيب، حتى وإن ركّزت المقاربات التحليلية للأدب
الروائي في تصوّر العارفين بتقنيات السرد الأدبي على قدرة العجائبي على خلق عالم منفتح
على خرق العادة، في حين بقيت مختلف الأجناس الأدبية المتفرّعة عن ذلك غير قابلة
لمثل ذلك الفصل بين العادي والخارق، بين المنتظر وغير المنتظر، بين الـمُمكن
والمستحيل<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftn1" name="_ftnref1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">[1]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ومهما
تزايدت غرابة تلك الوقائع وبدت منشدة إلى الاغراق في التخيّل، فإن العوالم التي عمدت
إلى نسجها روائيا قد بقيت خاضعة، في آخر التحليل، إلى المنطق الناظم للتصرّفات المدركة
للبشر. ويعود السبب في ذلك إلى عدم القدرة على استنباط مناخات مفارقة تحيل على عوالم
غريبة عن العوالم التي اعتاد المتلقي على العيش داخلها. إذ تحيل جميع تلك العوالم
في عميق مضامينها على الطبيعة البشرية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">كما
أن ما عرضته من حكايات لا يعدو أن يكون سوى نوع من الاستعارة لتصرفات لها علاقة
وطيدة بـمُدرك سلوك التونسيين العادي. لذلك لعبت الاستعارة دورا أدبيا أو بلاغيا سمح
توظيفه ببناء عوالم متخيَّلة أحالت في حقيقتها عمّا سواها، وذلك تفاديا لصعوبة تمثّلنا
لما ينطوي عليه الواقع من تشعّب وعدم قدرتنا على التعبير عن ذلك أو توصيفه بطريقة
عادية<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftn2" name="_ftnref2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">يشكل
هذا الأسلوب الأدبي والجمالي وفقا لنفس المباحث "استعارة مُرَشحة" أو "منسوجة"
(</span><span dir="LTR" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Prolongée ou filée</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>)، سرعان ما تأخذ شكل "الأليغوريا المبتكرة"
(</span><span dir="LTR" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">Allégorie - invention</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>) كلما تحوّلت إلى مروية مكتملة. وهو واقع
معظم الحكايات الخرافية التي اخترنا تفكيك البعض من مُضمرات خطابها في سياق العروض
التي خصّصناها للفصل الأول من هذا الكتاب، وذلك بطريقة تسمح للمتلقي بفهم ما انطوى
عليه السرد الروائي في الخرافات الشعبية التونسية من تقنيات تشبيه واستعارة أنطقت
الحيوانات (برّيّة كانت أو أليفة) واستحضرت الأغوال، والجنيات، والأنبياء، وملائكة
السماء، وشياطين الإنس والجنّ، تعبيرا عن تهيّبِها من مفارقة المعلوم إلى ما سواه،
وتعويدا للمتلقي على التواصل مع الوجود واكتناه ما بعده، بتوظيف بلاغة الخاطرة ضمن
الأمثال الـمُندسّة بتدبير وحكمة في تجاويف لغة التخاطب أو لهجة التونسيين، بُغية تبليغ
المقاصد التي تحتاجها عملية الانتقال من لهو الطفولة وسعة خيالها إلى ما يفرضه
العيش المشترك من تنازلات، وما يتضمّنه الواقع من إكراهات نحتاج في مجابهتها إلى
استعمال ملكة العقل والتدبير حفاظا على النفس والنفيس<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftn3" name="_ftnref3" style="mso-footnote-id: ftn3;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">[3]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">فمجرد
تجاوز ما اختصت به الخرافات من حضور مكثّف للأغوال والجنيات وغيرها من المخلوقات
الغريبة، فإن المعاني التي ينطوي عليها السرد تنفتح على حزمة من القيم السامية تم
التعويل في استجلابها على تشغيل آليات التسلية واللهو أو تزجية الوقت، وذلك بغرض توفير
شكل مخصوص في نقد الواقع المجتمعي وتقريب العديد من التصوّرات والمفاهيم الأخلاقية
العويصة من ذهن الـمُتلقي. وهو ما أثنت عليه العروض المدرجة ضمن العديد من كتب
النقد الأدبي، تلك التي عمدت إلى توضيح مختلف التقنيات المتصلة بالأدب الروائي
باعتبار اتساع القصّ لجملة من التصورات يعسُر إثارتها بالتعويل على أليف التصرّفات
التي تُؤثث حياتنا العادية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">فقد
ارتبط تركيب الأخبار التاريخية منذ البدايات بفن البلاغة والقصّ<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftn4" name="_ftnref4" style="mso-footnote-id: ftn4;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">[4]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>،
حيث وضعت العروض التي خلفها المؤرخ الروماني "شيشرون </span><span dir="LTR" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Cicéron</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" في
غضون القرن الأول قبل الميلاد ضمن أثره الموسوم بالخطابة </span><span dir="LTR" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">De Oratore</span><a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftn5" name="_ftnref5" style="mso-footnote-id: ftn5;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">[5]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">، مسافة أمان بينها وبين مختلف أشكال الكتابة التاريخية التي
سبقتها، وهي كتابة انشدت إلى تصوّرات حوليّة مغرقة في العرض الخطّي، ومكتفية
باستحضار الأحداث السياسية التي لا يرتقي أسلوبها التقريري إلى مستوى القصّ
الروائي، باعتبار غياب التضاريس والنتوءات، وحاجتها من وجهة نظر جمالية إلى خطاب
روائي مُغرٍ أخّاذ. فالمؤرخ الحقيقي في تصوّر "شيشرون" دائما، هو من تضمّنت
أخباره توجّها بلاغيا مقصودا وخطابا يتوفر على البعدين الخبري والسردي أو القصصي
في آن. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">وغني
عن الإشارة ارتباط مثل هذا التصوّر للكتابة التاريخية بالسياقات التي عاشتها
الإمبراطورية الرومانية في مرحلة انتقالها من أزمة النظام الجمهوري إلى زمن الإمبراطورية،
ذلك الذي اتسم بالتشديد على ضرورة احترام الضابط الأخلاقي ضمن الممارسة السياسية
واستئصال دواعي وقوعها في شرك الخديعة والمكائد. فانتقلت الكتابة التاريخية بمقتضى
ذلك إلى أداة لتحقيق الاستقامة ومصدرا مُلهما لبيداغوجية الكتابة الأدبية. وهو ما
تفطن له الأديب الفرنسي "راسين </span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">Racine</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> 1639 – 1699"،
الذي اعتبر "شيشرون" "رساما للعهود القديمة"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftn6" name="_ftnref6" style="mso-footnote-id: ftn6;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">[6]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>.
في حين قدر المؤرخ الروماني "تاسيت </span><span dir="LTR" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Tacite</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" (58 –
120م) من ناحيته أن للبلاغة في كتابة التاريخ موقعا يضاهي في قيمته وفاء واضعه لما
جدّ من وقائع، مع شدّة الحذر من الانزلاق في دواعي التضليل والانحياز. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">والحاصل
بعد هذا أن القرون الوسطى قد عاينت شرقا وغربا تطوّرا لصناعة الأخبار التاريخية
تجسّم بالأساس في انتشار التواريخ السُلالية التي أشادت بطريقة روائية غير خافية
بمآثر النبلاء والسلالات الحاكمة، وهو ما استحضرته أخبار المؤرخ الفرنسي
"فرواسار" (</span><span dir="LTR" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Froissart</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>) (1337 - 1410)، مثلما تعقّبته "عبر..."
مؤرخ المغرب والمشرق ابن خلدون (1337 - 1406) في حدود موفى القرن الرابع عشر. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">في
حين انطوت المرحلة الرومانسية في كتابة التاريخ والتي يعود انطلاقها إلى حلول
القرن التاسع عشر على نُقلة جديدة في بناء الرواية التاريخية، تم التعويل ضمنها على
العروض المعرفية العلمية المتبحرّة وضبط المعطيات الأرشيفية وتنظيمها وفقا
للسياقات الزمنية التي انتجتها، مع عدم الاعراض في جميع ذلك على إدراج تلك
المعطيات ضمن معقولية تاريخية مستندة إلى تشغيل ملكتي التحليل والتأويل. وهو ما ترتب
عليه نوع من التجاذب القوي بين الرغبة في ربط العروض بمضامين معرفية دقيقة من
ناحية، وتقصّي خصوصيات الانتماء أو الانتساب من ناحية ثانية. لذلك اعتبرت العروض
الـمُشبعة بالحس الوطني مَوْضِعا لاشتغال هذين التصورين والتكّشف تبعا لذلك على الحقيقة
التاريخية الواقعة بين العروض الحسيّة أو الذاتية من جانب، والتصوّرات العقلانية
الجامعة الـمَبْنِيَّة على سرد الأخبار والبحث عمّا يحدّد معقوليتها على الحقيقة. وهذا
ما أدى وبالتدريج إلى انبثاق توجّه مُـحدث للكتابة التاريخية ارتكز على رصد
المسافة الزمنية وتحديد المفاصل الفارقة أو "القطائع الثورية" والتعبير
عن مسار جديد مقصده البحث عمّا يشكل ما تم وسمه بـ"روح الأمة" المنخرطة
في التاريخ الكوني والمتمايزة معه في آن. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">وعموما
لم تكتف مثل هذه الجمالية ذات النفس الرومانسي المعلن بالتأثير في الكتابة
التاريخية بل اتسع تأثيرها لتُشكّل تيارا في التعبير الفني سيطر على جميع صنوف
الابداع أوروبيا طوال القرن التاسع عشر، وانشغل تاريخيا بإنتاج مؤلفات راوحت بين الحاجة
إلى التبحّر والامساك بتقنيات القصّ الروائي، على النمط الذي أحدثته رواية
"إفانوي" التاريخية لـ "والتر سكوت"</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="LTR" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Walter Scott </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>(1771 -
1832) على سبيل المثال لا الحصر. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">فقد
تم القطع مع التقليد السائد في الفصل بين الخبر والرواية، بإدماج المعطيات
الوثائقية أو المصدرية والتحاليل المتّصلة بها في ثنايا السرد الروائي، التي اتسمت
بتشعّبها مع قدرة على احتضان مختلف العناصر المتدخّلة في فعل الكتابة، فلم يعد من
المنطقي في شيء أن يقوم المؤرخ بتفضيل الرواية على رسم الوقائع أو الاعتبار بعكس
ذلك. فتوفّر التواريخ على ما يشكّل صورتها الحقيقية مشروط بعدم الوقوع في عزل
الوقائع عن السرد، وهو ما يُكسب الوقائع أو الأحداث زخما مخصوصا. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">وليس
هناك من تجربة في كتابة التاريخ تحيل على شدة التأثر بمثل هذا التصوّر الجمالي في نسج
الاخبار التاريخية، أكثر تمثيلا من تلك التي خاضها المؤرخ الفرنسي "جيل ميشلي"
(</span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">Jules
Michelet</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>) (1798 -
1874). فقد ظل على اقتناع تام بضرورة استنباط مجموعة من الاستعارات الأدبية
القادرة على السمو بماضي الأمة الفرنسية وسرد ما مرّت به من محن وما قاسته من آلام،
معتبرا أن نجاحها في تخطّي مختلف المصاعب التي واجهتها، هو ما شكّل حجر الزاوية في
نسج سردية تاريخها المجيد على الحقيقة. لذلك انبرى "ميشلي" لإعلاء مكانة
الاساطير المؤسسة لوطن الفرنسيين، وهي أساطير انبثقت في تصوّره على إثر نجاحهم في
تحقيق وحدتهم الترابية، وتهيئة الظروف الملائمة لحصول الثورة ضد كل قديم وبالٍ<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftn7" name="_ftnref7" style="mso-footnote-id: ftn7;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">[7]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">اختار
مؤرخ الثورة الفرنسية قصد التنويه بعظمة تلك الأحداث الفارقة، أن يربط كتلة الأخبار
الـمُستجلبة استعاريا بمعجزة تجسّد الروح القُدس في تصرّفات الابن المسيح، موفّرا
بتلك الطريقة لأحداث الثورة طقوسا شابهت عشاء المسيح الأخير مع حوارييه، وجميع ما ترتب
على ذلك الحدث الفارق من دموع ودماء وإخلاص للدعوة وشغف بها، مُقْلِعًا نهائيا
عن التعويل على التواريخ السلالية القاصرة - ومن وجهة نظره دائما - عن إدراك تطوّر
الأحداث أو الوقائع في شموليتها، وهي أحداث ووقائع لا يمكن الاقتصار عليها كلما رُمنا
تحقيق ما أصرّ مؤرخنا على نعته بــ "الانبعاث الجديد لماضي فرنسا التليد"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftn8" name="_ftnref8" style="mso-footnote-id: ftn8;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">[8]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ولئن
لم يدخل في تصوّر محمد البشير صفر (1865 - 1917) مطلقا الاعتماد على ذات الخطة
التي انتهجها المؤرخ الفرنسي </span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>"</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ميشلي" في تركيبه لسردية ماضي الفرنسيين واستعراض
تواريخهم، فإن العروض التي شكّلت منجزه البيداغوجي ضمن مؤلف "مفتاح
التاريخ"، قد بدت لنا مع ذلك منشدّة لتقنيات تأليف روائي عمدت إلى إعادة
صياغة انتماءات التونسيين وتوثيق صلاتهم بجملة من الغيريات راوحت بين توسيع أفاقهم
الزمانية عبر التذكير بمختلف الحضارات الكبرى التي طبعت تاريخ التونسيين القديم، وفتح
أعينهم على تعدّد انتماءاتهم المكانية من خلال ربطها بقديم تاريخ العرب والمسلمين وسيطه،
حديثه ومعاصره، مع الحرص في جميع ذلك على اطلاعهم على حقيقة اتصال ماضيهم كما
حاضرهم بالبحيرة المتوسطية، والتشديد <span style="mso-spacerun: yes;"> </span>على ما
لتاريخ أمم أوروبا من اصرة وثيقة بتاريخ ساكنة إفريقية وتونس وحضاراتهم.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">تحيل</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">إشكالية زمن الخبر في صناعة التاريخ<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftn9" name="_ftnref9" style="mso-footnote-id: ftn9;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">[9]</span></span><!--[endif]--></span></span></a> على
أولوية الاعتبار بالسياقات الاجتماعية التي ساهمت في بنائه، فضلا عن تثمين جهود أجيال
من المؤرخين بفعل التراكم المعرفي. ويتسم تمثّلنا للزمن التاريخي بالتقلّب بين الإحساس
بتسارع الأحداث أو بركودها، وهو في جميع ذلك مشابه لما يحصل ضمن الواقع اليومي المعيش.
لذلك يعمد المؤرخ إلى قيس الزمان بالأيام والأشهر والسنوات أو بما هو أكثر امتدادا
من ذلك أو أقل، مما يُضفى على الزمن التاريخي صِبغة اجتماعية تجعله قابلا للتقييم بشكل
موضوعي. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">غير
أن جميع المجتمعات لم تتوفر على نفس منظومات قيس الزمن، حتى وإن درجنا حاضرا على
الاعتبار بالطبيعة المنظمة للزمن وتوفّره على نقطة بداية، مع الاعتبار بحضور اتجاه
تصاعدي متسق لتطوّر الوقائع. إلا أن مثل هذا التصوّر المخصوص ينخرط في الحقيقة ضمن
صيرورة طويلة ساهمت في توحيد الأزمنة وربطها حال اكتمالها بطريقة في التقويم اتصلت
نقطة بدايتها بميلاد المسيح. وهو ما عاينته بدايةً ممالك الغرب المسيحي في غضون
القرن الحادي عشر تقريبا، ثم ما لبث أن امتد ليشمل بقية أرجاء المعمورة تزامنا مع انتشار
الاستعمار في القرن التاسع عشر. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ساهم
تعميم استعمال الزمن الخطّي أو زمن الرزنامة دون غيره بلا جدال في التخلّي تدريجيا
عن جميع الأزمنة الدائرية أو الزراعية أو الطقسية والدينية التي سبقته. وهو ما
ترتب عليه اتساع الوعي بوحدة المصير البشري أو الإنساني، وهي فكرة جديدة عمل
المؤرخون والإخباريون بشكل لافت على تقريبها من الأذهان من خلال شدّها إلى قوائم تحويل
أو مقابلة قرّبت بين التقويمين الشمسي المسيحي والقمري اليهودي، بحيث شكّلت جهودهم
لبنة أساسية على طريق إكساب الزمن التاريخي طابعا منفصلا عن التصوّرات الدينية أو التعبّدية.
<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">فقد
خضعت جميع الأزمنة التي سبقت ذلك للمشيئة الدينية في اعتبارها للذات الإلهية مُنطلقا
للزمان، بينما اعتُبرت نهاية الكون نقطة انقضائه. لذلك اقتصر السرد على تجميع
أخبار السلالات الحاكمة والاعتبار بسير الملوك ومآثر الصلحاء أو القدّسين وأهل الفضل
من العارفين بالدين، مع التعتيم على الفوارق بين الأمس واليوم والنظر إلى الغد بوصفه
نسخة مُعادة لليوم الذي سبقه. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">وبالمقابل
ابتعد التصوّر الـمُحدث للزمن عن جميع ما سواه، منتهيا إلى ربط ما حصل بعدُ بما هو
سابق بطريقة منطقية وعقلانية، الأمر الذي أورث الإنسانية ثورة ذهنية انجرّ عنها مع
حلول القرن السادس عشر اعتقاد راسخ في فكرة حصول التقدّم وانخراط للنُخب الجديدة في
تصوّر أصرّ على أن "الزمن لا يعيد نفسه إلا على شكل مهزلة"، وأنه مدعو إلى
التقدم والكشف عن واقع مفارق جديد، وهو ما وضع حدّا لتناظر الماضي مع الحاضر،
واستحالة "السباحة في نفس النهر مرتين "، فانفتحت التجارب التي تمت
مراكمتها على أفق للانتظار توفّر على إمكانيات موضوعية للتطوّر. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">هذا
التمثل للزمن هو ما سانده فكر الأنوار صراحة، حيث بشّرت الثورة الفرنسية بانطواء
مقتبل الأيام على وعد بالتغيير نحو الأفضل، مع انتهاء البشرية إلى إرساء زمنية جديدة
أعلت من قيمة النمو الـمُطرد للإنسانية وازدهارها، معتبرة التخلي عن الإيمان بالقيم
الحداثية المرتكزة على مواجهة المصير والإيمان بتطوّر أوضاع البشرية وانعتاقها وتبنّي
منظومة حقوق الإنسان ودعم مكتسبات المعرفة والعلوم مضنّة للوقوع في التقهقر والعودة
إلى الظلمات. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">ولئن
شهد القرن العشرين وكذا العشريتين المنقضيتين من القرن الذي يليه نوعا من الشكّ في
اتساق مدلول التقدم البشري، واتسم التعامل مع الزمن بمواصلة الاعتقاد في تقدّم البشرية
مع خشية من المخاطر التي تهدّد مستقبلها، فإن التمثّل الإيجابي للزمن لم تبله وطأة
الانقطاع إلى حاضر وماض غير قابلين للمُضي في حال سبيلهما، فضلا عن عُقم المستقبل
عن تجسيم نُقلة فارقة تسمح بتحقيق الخلاص للبشرية جمعاء. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">هذه
الصيرورة، تحديدا هي التي حاولنا التثبّت من حقيقة انبثاثها في ثنايا العروض التي
تضمنتها "الرزنامة التونسية" وضمن القراءة التي وافانا بها زين العابدين
السنوسي ضمن بعض "حلقات" مشروع "موسوعته" حول تاريخ الأدب
التونسي في القرن الرابع عشر الهجري/ الموافق للقرن العشرين بالتقويم الميلادي. فقد
مثلت الروزنامة التونسية تجربة طريفة في ضربها خاضها الجنرال مْحمد بن الخوجة (1869
- 1943) في بداية القرن الماضي لتنقطع بمجرد إعفائه من إدارة المطبعة الرسمية سنة
1916. وتعرضت مختلف المنشورات السنوية للرزنامة بشكل مفارق جديد إلى مسائل حرّكت
فضول المتعلمين من التونسيين وكذا جميع الحاصلين على ملكات من بينهم، لم يكن
بوسعها التداول بتلك الكيفية قبل بروز تلك التجربة وتجذّرها ضمن المشهد الثقافي
التونسي زمن الاستعمار. فقد توسّع الاهتمام بالمعارف الفلكية والجغرافية
والتاريخية والأدبية والإدارية والسياسية والجمالية والفنية وغيرها من المواضيع
التي استظرفتها النخب الجديدة واندرجت ضمن التقاليد الوليدة للتونسي. وهو نفس ما تبين
لنا حال الاطلاع على مضمون القسم المطبوع من "موسوعة" تاريخ الأدب
التونسي لزين العابدين السنوسي، وهو مشروع خلُص للدفاع على نفس التوجهات التي وظفت
الانقلاب الحاصل على المعالجة الأدبية التونسية شكلا ومحتوى قصد إثبات حقيقة
النقلة الفكرية التي عاشتها نخب الأدب والفن، وذلك من خلال تركيزها على شواغل
مُحدثة، أخذ ضمنها الإحساس بالانتماء الوطني والرغبة في التحرّر والانعتاق ومقاومة
الظواهر الاجتماعية والثقافية البالية المفرطة في الحسيّة، موقع الصدارة ضمن جميع
ما تمكن ممثلوها من نظمه أو نثره طوال النصف الأول من القرن العشرين. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">على
أن نعمل وفي جانب موازي على استدعاء عينات اتسم خطابها بكثير من الطرافة من بين
زخم البحوث والمراجعات التي خطّها المنقطعون لدراسة خصوصيات الشخصية التونسية ميدانيا
والعاملين على التعريف بسكان البلاد عرقا ولغة وتراثا وسلوكا وأعمالا وأياما. وهي عينات
ممثِلة أثّث مضمونها الاثنو-تراثي مؤلَف محمد بن عثمان الحشايشي "الهدية أو
الفوائد العلمية في العادات والتقاليد التونسية"، بينما تعرّضت لما شدّه إلى
جذوره العربية الإسلامية وماضي التونسيين اللاتيني الروماني وفق قراءة مشوبة بنَفَسٍ
استشراقي، العديد من الأبحاث والاستطلاعات التي خلّفها الأب الكاثوليكي "أندري
ديميرسمن" (</span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%;">André
Demersseman </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>). <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "traditional arabic" , serif; font-size: 20.0pt; line-height: 107%;">وهكذا
يتبين لنا أن تحرير مختلف الفصول المكونة لهذا الكتاب قد تم بطريقة متساندة، اتصل غرضها
بمحاولة استرجاع ذاكرة ضائع الأزمنة وبالتعويل على تغيير زوايا الإضاءة أو مقاييس المقاربة
في مراوحة بين "زمن الحكاية" المستندة على الأساطير المؤسسة المدرجة ضمن
مدونة الخرافات الشعبية، و"زمن المجال" من خلال البتّ في كيفية توسيع
أبعاد الانتماء أو الانتساب بربط تاريخ التونسيين وأخبارهم بتواريخ مجالات ثبت
تأثير تاريخها في صناعة مختلف انتماءاتهم. في حين حاول ما نعتناه بـ "زمن
الرزنامة" البتّ في انقلاب النظرة إلى الخبر تونسيا عبر ربطه بفضول الشعوب
الراغبة في اللحاق بركب الانعتاق والتقدّم، وذلك قبل التفرغ في الأخير إلى استقراء
أزمنة "الذات أو الوجدان" من خلال مراجعة عينات مختارة من العروض التي بتّت
فيما ميّز شخصية التونسيين وحدّدت تطور مدلول الانتماء والإقبال على معايير وقِيَمٍ
بشّرت بها حداثة الغرب المهيمنة بعد تطعيمها بما تمت مراكمته أصالة من ممارسات
وعادات مألوفة شكّلت عصارة ثقافة التونسيين وحدّدت طبيعة شخصيتهم الجامعة على
الحقيقة. <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div style="mso-element: footnote-list;">
<!--[if !supportFootnotes]--><br clear="all" />
<hr align="left" size="1" width="33%" />
<!--[endif]-->
<br />
<div id="ftn1" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftnref1" name="_ftn1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[1]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12.0pt;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>تودوروف (تزفيطان)، <b>مفاهيم
سردية</b>، ترجمة عبد الرحمان مزيان، منشورات الاختلاف، الجزائر 2005. <o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn2" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftnref2" name="_ftn2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12.0pt;">ليكوف (جورج)، <b>النظرية المعاصرة للاستعارة</b>، (مختارات 1)، ترجمة طارق
النعمان، مكتبة الإسكندرية 2014. </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12.0pt;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn3" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftnref3" name="_ftn3" style="mso-footnote-id: ftn3;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[3]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12.0pt;">الخميري (الطاهر)، <b>منتخبات من الأمثال العاميّة
التونسية</b>، الدار التونسية للنشر، تونس 1981. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12.0pt;">بلحاج عيسى
(قاسم)، <b>الأمثال الشعبية في تونس</b>، دار بوسلامة للطباعة والنشر والتوزيع،
تونس 1977. <o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn4" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftnref4" name="_ftn4" style="mso-footnote-id: ftn4;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[4]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Delaroix (C), Dosse (F), Garcia (P), Offenstadt (N), <i>Historiographie,
II, Concepts et débats</i>, Paris, Folio histoire, Gallimard 2010, Récit, p.
862 – 876. <o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn5" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftnref5" name="_ftn5" style="mso-footnote-id: ftn5;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[5]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ansi-language: EN-US; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Cicéron, <i>De Oratore</i>, Paris, Les Belles Lettres 1921. </span><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn6" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftnref6" name="_ftn6" style="mso-footnote-id: ftn6;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[6]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ansi-language: EN-US; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Goyet (Francis), « Racine et le mystère de la bonne
rhétorique : repérage de discours dans <i>La Thébaïde</i>, <i>Britannicus</i> et <i>Mithridate »,
dans Exercice de Rhétorique,</i></span><span dir="LTR" style="background: white; color: #333333; font-family: "times new roman" , serif; font-size: 8.0pt;"> </span><i><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">[En ligne], 1 | 2013, mis en ligne le 12 novembre 2013,
consulté le 25 août 2018. URL :
http://journals.openedition.org/rhetorique/98</span></i><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"> <i><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></i></span><b><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
</div>
<div id="ftn7" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftnref7" name="_ftn7" style="mso-footnote-id: ftn7;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[7]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ansi-language: EN-US; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Michelet (Jules<i>), Histoire de France</i>, choix de Textes présentés
par Paule Petitier, Paris, Champs classique 2013.</span><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn8" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftnref8" name="_ftn8" style="mso-footnote-id: ftn8;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[8]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR" style="mso-ansi-language: EN-US;"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" lang="EN-US" style="font-family: "times new roman" , serif; mso-ansi-language: EN-US; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">White (H), Metahistory: <i>The historical
imagination in nineteenth-century Europe</i>, Baltimore and London, The Johns
Hopkins University Press 1973. </span><span dir="LTR" lang="EN-US" style="mso-ansi-language: EN-US; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn9" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%84%D8%B7%D9%81%D9%8A%20%D8%B9%D9%8A%D8%B3%D9%89%20%D8%A3%D8%AE%D8%A8%D8%A7%D8%B1%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D9%8A%D9%86%20%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AC%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D9%81%D9%8A%20%D8%B3%D8%B1%D8%AF%D9%8A%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B5%D9%88%D9%84.docx#_ftnref9" name="_ftn9" style="mso-footnote-id: ftn9;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[9]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Historiographies II…, option citée, p.
903 – 911.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span lang="AR-TN"><o:p></o:p></span></span></div>
</div>
</div>
<br /></div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com1tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-19920369752169765932019-02-20T12:58:00.001+01:002019-02-20T13:11:08.769+01:00"كثير هذا القليل الذي نمتلك"[i]<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjCW_R76zEu3agE86eNBE8RjpS-KdS81uWTEJoZvEAJfQ-DEKRMOFQ64jLRpDUw9DukV3NEOHH0qZVfsPnX08tSzdzDAzzViax2p8yiC41a0fZ4j4S6SW5vNp3a3VD9LWvWjaPIrJKFJ6nv/s1600/livre_eee.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="939" data-original-width="600" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEjCW_R76zEu3agE86eNBE8RjpS-KdS81uWTEJoZvEAJfQ-DEKRMOFQ64jLRpDUw9DukV3NEOHH0qZVfsPnX08tSzdzDAzzViax2p8yiC41a0fZ4j4S6SW5vNp3a3VD9LWvWjaPIrJKFJ6nv/s320/livre_eee.jpg" width="204" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: center; unicode-bidi: embed;">
<span dir="RTL"></span><br /></div>
<div align="right" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>أن ينخرط التونسيون بما في ذلك
القائمين على شأنهم العام بشكل حاسم في انجاز "حلم في المتناول" لا
ينتظر سوى اعتباره أفقا لمستقبل قابل للمثول مع حلول العقد الرابع من القرن الواحد
والعشرين، ذلك هو الهدف الذي أجهد الهادي بن عباس ومحمد التومي مؤلفا كتاب <i>"تونس
في أفق سنة 2040: حلم في المناول"</i><a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1%20%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%20%D9%86%D9%85%D8%AA%D9%84%D9%83.docx#_edn2" name="_ednref2" style="mso-endnote-id: edn2;" title=""><span class="MsoEndnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoEndnoteReference"><span style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">[ii]</span></span><!--[endif]--></span></span></a> نفسهما
لإقناع المطلعين على ما أوجزاه بقابلية تحقيقه في المستقبل المنظور. فقد تأولت
عروضهما تفاصيل خطة محكمة هدفها تحقيق نماء عميم بمواصفات تونسية صرفة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">اعتبر
مؤلفا هذا الأثر بحاجة التونسيين الملحّة إلى تطوير سرديتهم الجماعية، وذلك من
خلال تصويب النظر نحو حاضر أيامهم وأعمالهم ومستقبلها، معتقدين أن السبيل لتحقيق
الرفاه هو الانقطاع نهائيا عن تشغيل آليات الاصطفاف الايديولوجي والدخول في مرحلة
جديدة تتسم بالتنافس من أجل تطوير التصوّرات الفكرية والأخلاقية المشجّعة على
مواجهة مخلفات الماضي بغرض التحرّر من مساوئه. وهو مجال خصب ينبغي على جميع
الفاعلين السياسيين أن يعتبروا بأهميته متنافسين بحماس في اقتراح توجّهات سياسية
مجدّدة تسمح بالإقلاع نهائيا عن المناكفة الأزلية والتسويّة إلى أسفل ورفض مبارحة
منطق الانحياز لأخف الضررين، والحال أن تضافر الجهود من أجل صياغة ما أسمياه بـ
"ديناميكية التميّز" لدى جميع المعتبرين بقيم الجمهورية كما النجاح في تخطي
التدبير الخاضع كليّا للحتمية، بوسعهما أن يمكّنا التونسيين من الانخراط بثبات
فيما وسماه بـ"عصر السرديات الإيجابية". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><br /></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">توصيف
نقدي لأبرز مضامين الكتاب<o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><br /></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">تم
تقسيم مضامين الكتاب منهجيا إلى محورين كبيرين: خُصص أولاهما وقد حمل عنوان "<i>ما
الصورة التي يتعين أن تكون عليها تونس في أفق سنة 2040؟" </i>للوقوف عند
مؤهلات البلاد وكيفيّة تحويلها تدرّجا إلى قطب انصهار ثقافي متعدّد الدلالات قابل
للإدماج والتفتح، وباعتبارها أيضا "فردوسا" للطاقات المتجددة والنظيفة وللمنتجات
البيولوجية ولسياحة الرفاه الخضراء، وجميعها أهداف تقتضي الإقدام على إعادة صياغة
شاملة لمسألة تدبير الشأن المجالي بالحرص على مزيد عقلنته حضريا وجهويا والعمل على
بعث أقطاب تخصّصية كبرى والتدرّج في الانتقال من مركزة الأنشطة الحيوية حول الشاغل
التنموي الثقافي إلى محورتها حول القطاعات الاقتصادية، والنجاح تبعا لذلك في بعث
عصب للتنمية المتضامنة يربط بفاعلية وذكاء بين شمال البلاد وجنوبها، وبين شرقها
وغربها. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">اقتضى
التبسّط في مثل هذه الصيرورة تحديد كيفية انقلاب سُلم أولويات الفاعلين وتوضيح
الأدوار الجديدة للدولة المبنية على التحكيم، والتوجيه، والقيادة السياسية،
والتشريع، وللشركاء الاجتماعيين من باعثين، ومُشغلِين، ومُستهلِكين، وموظَفين، وللمجتمع
المدني، وللمواطنين وللمحيط الدولي كذلك. في حين احتاج الخوض في توضيح ديناميكية
الانتقال إلى تحديد طبيعة محرِّكها والحامل عليها والدافع للدخول فيها. كما شمل الاشارة
إلى الطاقات المولِدة لها وقدرة تلك الطاقات على تغطية كامل المدة الزمنية التي من
المنتظر أن تستغرقها مرحلة الانسلاخ أو التحوّل، فضلا عن الحاجة إلى تحلّي جميع الفاعلين
بالقدرة على التآزر قصد بلوغ الأهداف المرسومة مع مزيد عقلنة الجهود المبذولة وتقسيمها
إلى جملة من المحطّات تذليلا للمصاعب، وتوفّر قيادة حكيمة تتسم مختلف مبادراتها أو
تصرّفاتها بالدراية المطلوبة. كما تحتاج تلك الديناميكية إلى رسم استراتيجيات تتضمن
محاور مُهيكِلة ومُدمِجة قادرة على التعبئة والتقييم الجيّد للنتائج الجزئية التي من
المؤمّل تحقيقها، وقراءة الواقع بشكل دقيق قصد الاستباق وتعديل المسارات تفاديا للكبوات
وتطويرا للمكتسبات. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">تم
افراد المحور الثاني من الكتاب الذي حمل عنوان: "<i>كيف يتعين أن يكون
التونسي في أفق سنة 2040"،</i> لاستجلاء أهمية التحوّلات المؤدية إلى الرفع
من مستوى التنمية البشرية والارتقاء بسجل القيم الأخلاقية حتى تنسجم مع الحاجيات
الجديدة للديمقراطية الناشئة المُعتبِرة بنهاية عصور الأيديولوجيات. ومن بين تلك الشروط
التي أصر المؤلِفان على إثارتها تمّ التركيز بالخصوص على السيّر في الطريق الصعبة
لبناء مصالحة حقيقية للتونسيين مع مؤسسات الدولة والبرهنة على أهليتهم للانقلاب
إلى كمال المواطنة بما يتضمنه ذلك من حقوق ويقتضيه من واجبات.</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>كما شملت تلك الشروط تكريس
مفهوم الديمقراطية التشاركية بالاحتكام إلى الشفافية</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">والتعويل على الاستشارة والدفع باتجاه لامركزية القرار وترشيد الحوكمة
والقبول بالمساءلة وتحمّل المسؤولية. في حين تم وصل تحقيق كرامة التونسيين بالتدرّج
على درب الحصول على حقوقهم الأساسية في التعليم، والثقافة، والوصول إلى المعلومة،
والصحة، والطاقة، والماء، والتنقل، والاتصال. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">يتبيّن
لنا من خلال استعراض المحاور الكبرى لهذا المؤلَف أن الهدف المعلن منه يبقى موصولا
بالتفكير في أمثل السبل التي تمكن من إخراج البلاد من المنطقة الرمادية التي تردّت
فيها حاضرا، ودفعها إلى الانخراط بثقة ضمن ديناميكية نماء جديدة تنسجم مع أفق سنة
2040. ويمر ذلك ضرورة بالعمل على بناء سردية إيجابية تستند إلى نمذجة
استباقية تساعد القارئ على مغالبة جميع دواعي الهروب إلى الأمام أو السقوط في التغريب،
وتدفعه بالتعويل على التخيّل الخلاق إلى الاعتبار بأن اختيارات الحاضر هي التي
سيبني ما نتطلع إلى عيشه مستقبلا. لذلك يعتقد المؤلفان بأن أمر أي انتقال منظور موصول
كأوثق ما يكون بعملية إعادة تفكير شاملة في اختياراتنا الثقافية والنأي نهائيا عن
مواصلة الجدل العقيم والهابط الذي تتسم به ساحة الفعل السياسي تونسيا. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">وحدها
المقاربة الشاملة والمجدّدة للمسألة الثقافية على الشاكلة التي ارتضتها عبقرية
مؤسس الدولة الوطنية تونسيا، بمقدورها أن تشكّل رافعة تنمويّة لجميع القطاعات، سياسية
كانت أو اقتصادية واجتماعية، توافقا مع ما اقرّه "أندري مالرو" من أن
"الثقافة لا تورّث بل تُكتسب".<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>فالمطلوب
هو صياغة مشروع إصلاحي عميق للفرد من خلال تغيير شامل للواقع الذي يعيشه، والاعتبار
بما يقتضيه ذلك التحدّي من كفاءة ومسؤولية. وهكذا فإن طرافة مشروع "التونسة"
على حد تعبير المؤلفين تكمن في القبول بالانفتاح الداعم للاندماج والرافض لدواعي
الاقصاء بالشكل الذي يحوّل تلك الحقيقة الماثلة إلى مكوّن أساسي في موروث التونسيين
الثقافي أو في جيناتهم الثقافية. لذلك فإن مستقبل تونس لن يكون إلا في صفّ التعدّدية
والادماج والتنوّع الثقافي مع استعصائه على الدغمائية والأحادية. فهذا البلد
الصغير بوسعه تشرّب ثقافات الكون قاطبة دون أن يتخلّي عن جيناته الثقافية. لذلك فإن
قوته الحقيقة تكمن في طاقته على الادماج وتطوّر تصوّرات نخبه واعتمال أفكارها
التحرّرية، مع الاعتبار دائما بسِنة التحوّل. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">لذلك
فإن التساؤل الحقيقي الذي حاول المؤلفان اقتراح بعض العناصر الكفيلة بالإجابة عنه
قد تمثل في أن الاعتراف بحصول ثورة حقيقة تونسيا مرتهن كأوثق ما يكون بقدرة
التونسيين على مأسسة التنوّع وتسليط أضواء جديدة على ميراثهم الثقافي المترجم
لجماليات عيشهم المشترك؟ أما آية ذلك فتكمن في مدى نجاحهم في تحويل بلادهم إلى أرض
لقاء وحور وإدماج ثقافي وفردوسا أخضرا ومركزا لنشر قيم السلم والتدبير العقلاني
للمجال، وانتقالها بالتدرج إلى محور اقتصادي وجيو-استراتيجي موجَّه بالكامل لخدمة
التنمية المتضامنة.</span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><br /></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">ملاحظات
برقية للإثراء والمساجلة الفكرية <o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><br /></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">لا
مراء في أن مختلف الأفكار المعروضة ضمن هذه العجالة مهمّة ومثيرة للانتباه بل ودافعة
إلى الجدل المخصّب للتصوّرات أيضا، فقيمتها الحقيقة موصولة فيما نعتقد في انخراطها
التام في تركيب رواية تحمل أفقا حقيقيا للخلاص تخيّر لها المؤلفان تسميته "السردية
التونسية الإيجابية". غير أن استحضار ذلك والعمل على بلورته بيانيا ضمن مختلف
فصول الكتاب وجداوله التوضيحية، لا يجب أن يُلهينا عن حقيقة الواقع المتشعب الذي
نحياه راهنا، سواء على الصعيد الكوني بعد أن تمكّن اقتصاد السوق المعولم الخاضع
لنوازع رأسمالية متوحّشة من شطب صورة الدولة الكافلة لمواطنيها والقادرة على
الحفاظ على سيادتها، وذلك لفائدة هيكل مفترس تحوّل وفي أقل عن عشرية من الزمن إلى
دولة لّوبيات مالية مورّطة في دعم شبكات غامضة لا ترى أي غضاضة في التعامل مع
المهربين ومحركي العصابات "المافيوزية". علما أن التحولات التي طالت
العديد من الدول مع نهاية القرن العشرين وحال انهيار الاتحاد السوفيتي وسقوط جدار
برلين قد أفضت إلى ضرب جميع آليات العودة إلى المؤسسات في العمق، مستعيضة عن جميع ذلك
تدريجيا بإخضاع مختلف المعاملات إلى منظومات زبونية على الشاكلة التي تحيل عليها
نماذج التنمية المشبوهة التي أفرزتها العديد من الأنظمة المرتهنة لسيطرة الشركات
العابرة للقارات، سواء بالمجال المتوسطي والشرق أوسطي، أو بالكيانات الناشئة عن
انهيار الأنظمة الشيوعية والاشتراكية بأوروبا الشرقية وبجنوب القارة الأمريكية.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">فجميع
تلك الكيانات الحادثة كونيا تعيش اليوم واقع متشعّبا يتسم بشدة التعقيد مع تراجع
ملحوظ للأدوار الاستراتيجية التي تولتها المؤسسات العمومية القائمة على الخدمات
القضائية والإعلامية والتأهيلية أو التكوينية وصناديق التأمين على المرض
والمعاشات، تلك التي لم يعد بوسع جميعها مجابهة احتياجاتها أو نفقاتها بالقدر
المطلوب من الفاعلية والجوّدة الضامنة لمدلول كرامة البشر. وهو ما ضخّم من شعور
المنظورين وفقا لما عايناه تونسيا بعد أحداث بداية سنة 2011 بالمرارة والحرمان
وتعاظم خيبة الأمل مقارنة بحجم الوعود والأوهام الأحلام التي راودت التونسيين حال
حصول ذلك الحدث الفارق. فقد تم تجاهل شعارات الثورة وتراجعت سلطة الدولة وانحسر
مدلول السيادة وضاق أفق الفاعلين السياسيين الذين اكتفى أغلبهم بالركون للمعالجة
السطحية للمشاكل الهيكلية المتراكمة. واستشرت سيطرة الفئات العابثة بالقانون التي
كادت تجهز على ما بقي من مقدرات الدولة وقُدراتها. وساهم مثل هذا المناخ الموبوء
في عودة التصوّرات البدوية المزرية بجميع القوانين وبروز النعرات القبلية والجهوية
والمِهنية الضيقة والتمسّك بتدين شعيرة شرّع جميع أشكال التجهيل والانتهازية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">على
أن المعضلة الكبرى لا تتمثل على الحقيقة في غياب الأفكار المجدّدة التي يسمح
تطبيقها بالدفع نحو تفادي الوقوع في المجهول على غرار الرفع من مستويات الادماج
جهويا وتقليص مستويات التهميش وتطوير الاقتصاد التضامني والحدّ من هيمنة القطاعات
التجارية الريعية وإحداث أقطاب تنمية أو قاطرات جهوية للنماء وإعادة النظر في
تدبير الشأن الترابي وتلافي أزمة المالية العمومية بالانخراط في تصوّر شجاع وإرساء
مسطرة جبائية عادلة ومتضامنة تحقّق قولا وفعلا الإدماج الضريبي مع إعلان قانون
للطوارئ الاقتصادية يحمي مسار التنمية ويعبئ التمويلات العمومية الذاتية من أجل
تطوير تجهيزات البنية فحسب، بل في القدرة على الاقناع بضرورة وضع حدّ لجميع أشكال المداورة
والتحيّل والانتظام داخل شبكات غامضة وتفريخ أشكال جديدة من الزبونية غير الممركزة
تلك التي قوّت إحساس أغلب الفاعلين الاجتماعيين والاقتصاديين بتفشي الفساد في
مفاصل الإدارة وتشظي السلطة وانعدام حضور طرف قادر على حل المشاكل البسيطة قبل
المستعصية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">لذلك
فإن تدبّر مختلف مكونات "ورقة الطريق" التي اقترحها علينا مؤلفا <i>"تونس
في أفق سنة 2040: حلم في المتناول"، </i>مُعتبرٌ من حيث علاقته بالثورة
المنظورة في تفكير التونسيين أكثر من اتصاله بالبت في عدم قدرتهم على تجاوز
إكراهات ما بعد الهزة العنيفة التي أخرجتهم من حالة الخوف والذهول تلك التي
استسلموا لها صاغرين لعشريات متتالية./. <o:p></o:p></span><br />
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><br /></span>
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><b><i>صدرت هذه القراءة النقدية في صحيفة المغرب التونسية بتاريخ 20 فيفري 2019. </i></b></span></div>
<div style="mso-element: endnote-list;">
<!--[if !supportEndnotes]--><br clear="all" />
<hr align="left" size="1" width="33%" />
<!--[endif]-->
<br />
<div id="edn1" style="mso-element: endnote;">
<div class="MsoEndnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1%20%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%20%D9%86%D9%85%D8%AA%D9%84%D9%83.docx#_ednref1" name="_edn1" style="mso-endnote-id: edn1;" title=""><span class="MsoEndnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoEndnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[i]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12.0pt;">تضمين مستعار عن
ديوان الشاعر التونسي مْحمد الغزي "كثير هذا القليل الذي أخذت". <o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="edn2" style="mso-element: endnote;">
<div class="MsoEndnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 26.05pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D9%85%D8%B3%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%86%D9%8A/%D9%83%D8%AB%D9%8A%D8%B1%20%D9%87%D8%B0%D8%A7%20%D8%A7%D9%84%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B0%D9%8A%20%D9%86%D9%85%D8%AA%D9%84%D9%83.docx#_ednref2" name="_edn2" style="mso-endnote-id: edn2;" title=""><span class="MsoEndnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoEndnoteReference"><span style="font-family: "calibri" , sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%;">[ii]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "arial" , sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Ben Abbes (Hédi) et Toumi (Mohamed), <i>Tunisie
2040 un rêve accessible</i>. Apollonia Editions, Tunis 2019. 173 pages.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
</div>
</div>
<br /></div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-3363748192361633812019-02-20T11:52:00.000+01:002019-02-20T12:47:46.600+01:00 في مدلول الادماج الاقتصادي من منظور الراضي المؤدب <div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjWsxJKxAxbZRA0wgLMhHKLZXU8DYg832IvR8rvSy6uyX1bRV0_xXe-Zw7VX9C7wf0VZxfZVNKxGMhrCbSut2yEFAv8lWWBVTGFqJ54NM6uj5Sx1SwEdDMkynixDo5UOGaSObXa0BSxM0z/s1600/jasmin.jpeg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="430" data-original-width="595" height="231" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEhjWsxJKxAxbZRA0wgLMhHKLZXU8DYg832IvR8rvSy6uyX1bRV0_xXe-Zw7VX9C7wf0VZxfZVNKxGMhrCbSut2yEFAv8lWWBVTGFqJ54NM6uj5Sx1SwEdDMkynixDo5UOGaSObXa0BSxM0z/s320/jasmin.jpeg" width="320" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;"><o:p> </o:p></span><span style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12pt; text-align: left;"> </span></div>
<div class="MsoNormal" style="margin-left: 1cm; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<i><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 115%;"> "ما من سعادة تضاهي العثور
على العبارة"<o:p></o:p></span></i></div>
<div class="MsoNormal" style="margin-left: 1cm; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 12.0pt; line-height: 115%;">محمد
الظريف (شاعر وأديب صوفي تونسي عاش خلال القرن الرابع عشر)<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;"> </span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;"> </span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;"><br /></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;"> ضمن مؤلف جامع احتوى على 567 صفحة تخيّر
راضي المؤدب، وهو خبير اقتصادي ومالي تونسي مرموق وصاحب مكتب دراسات مشهود له بالتميز،
علّمت مواقفه وآراؤه الساحة العامة التونسية والأجنبية، ما لا يقل عن 137 مقالا أو
رد فعل نشر أغلبها في اللغة الفرنسية وعلى مدى سبع سنوات متتالية بين 19 جانفي
2011 و14 جانفي 2018، وذلك ضمن دوريات مختصة وثقافية وجامعة وعلى مواقع التواصل
الاجتماعي والصحف التونسية والأجنبية الورقية والرقمية، أرفق جميعها بتصدير من وضع
المؤلف وتقديم حمل عنوان "رسالة فارسية جديدة موجهة لصديق تونسي"، قام
جامع تلك المختارات وعلى غرار فيلسوف الأنوار "مونسكيو" برده إلى
"يعقوب بورجل الفارسي"، مُفضّلا غلق مؤلَفه بـخاتمة وُسمت بـ "على
سبيل فاتحة متجدّدة"، أدرج ضمنها مقالين ختاميين نشرا بتاريخ الـ 14 من شهر جانفي 2018، بكل من صحيفة
"لابراس" التونسية "سبع سنوات بعد"، و"لوموند الاقتصادي":
"تونس أزمة اقتصادية واجتماعية تصرّ على التفاقم والاستمرار". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">قام ناشر هذه المقترحات (الذي
لم يوافينا المؤلف بجهته) بتقسيم عروضه أو مختاراته إلى خمسة أغراض متفاوتة حجما،
أضخمها تلك التي اتصلت بمتابعة حقيقة الأوضاع الاقتصادية بتونس (62 مقالا صحفيا
و204 من الصفحات)، تلتها مقالات تحيل على الأوضاع السياسية (45 مقالا و240 من
الصفحات)، فمختارات ذات صلة بعلاقات تونس الدولية (21 مقالا جمعت في 69 صفحة)، وكذا
منظومتها الضريبية (مقالان في أقل من 10 صفحات) وواقعها الاجتماعي (5 مقالات في 18
صفحة). ولعل في هذا التدرّج البياني لعروض الكتاب ما يشي بحضور تفاوت بين الأقسام،
مع الدفع باتجاه التبويب الغرضي دون تقصّ واضح لشاغل التوازن، حتى وإن شكل التدرّج
الزمني للعروض المستجلبة واندراج الشواغل السياسية والديبلوماسية والضريبية
والاجتماعية ضمن تحوّلات الواقع الاقتصادي
لمرحلة ما بعد 2011، الخيط الهادي لهذا التأليف على الحقيقة.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">تميزت العروض المستجلبة
ضمن هذا الأثر إذن باتصال واضعها وباعتباره خبير مرموق بالواقع الاقتصادي الدولي،
وعدم اقتصاره على التصوّرات النظرية التي ليس بوسعها تخطي حيز الانطباع الفكري
المفصول عن الواقع، مع قدرة جليّة على تجاوز الجوانب الفنية البحتة وسهولة في رسم
معالم سياسة جديدة للإصلاح ذات نفسي بيداغوجي يعزّ حضوره لدى سواه من المهتمين
بالشأن الاقتصادي أو من المحسوبين على "الطبقة" السياسية". فقد بدت
لنا التصوّرات التي صاغها الراضي المؤدب منفتحة بشكل واضح على الدرس الاجتماعي، خاصة
حال حديثه عن التحوّلات التي طالت الفئات الاجتماعية الوسطى وتركيزه على التناضد بين
ما وسمه بـ "الكسرين الاجتماعي والاقتصادي"، مع الوفاء دائما لتوجهات
تجريبية تقتفي النفع دون الانحياز إلى أي من التصوّرين الليبرالي المستند إلى حرية
السوق أو الدولاني المتعصب لأولوية تدخل الدولة لتعديل الواقع الاقتصادي، بحيث بدت
عروضه منخرطة وإذا ما تملينا العرض النقدي الذي خصها به أستاذ الاقتصاد "بكار
غريب" في تصورات لا تبتعد من حيث توجهاتها الكبرى عن تلك التي بشرت بها
الهيئات المالية والاقتصادية الدولية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">فالمنظومة الاقتصادية
التونسية تحتاج من منظور راضي المؤدب إلى أنموذج تصرف ليبرالي معدّل يعيد هيكلة
مرتكزاتها، مع تمسّك معلن بالمكاسب الاجتماعية التي تحيل سياسيا على توجهات وسط
اليسار. لذلك فإن أهم المعاني التي قامت عليها مختلف المقالات التي تخيّرتها
الرؤية الناظمة لمؤلِف الراضي المؤدب، هي بلا جدال دفاعه المستميت على ضرورة نجاح
الاقتصاد التونسي في تكريس "الادماج الاقتصادي والمالي"، مع التركيز في
توضيح هذا التمشي وبشكل لا يحتمل أدنى تردّد على الأسباب الاقتصادية التي علَّمت سياقات
ما جدّ مع حلول سنة 2011 تونسيا، حتى وإن طوّحت الطبقة السياسية الناسلة عن تلك
السياقات بعيدا عنها، بل وعمدت في أحيان كثيرة إلى اقصائها عن الصعوبات الحقيقية
التي ما انفكت تقضّ مضاجع التونسيين وساستهم حاضرا. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">فالمشاكل الحقيقة تكمن
في تفاقم معدلات البطالة لدى الفئات الشابة وانعدم التنمية المتوازنة بين الجهات،
وهي مشاكل عويصة لا يمكن في تصوّر المؤلف حلّها خارج سياسة اقتصادية تحول نهائيا دون
العوائق التي كبلت لعشريات متتالية المبادرة الفردية لباعثي المؤسسات الاقتصادية الخاصة،
والاعتراض مبدئيا وبشكل لا يتضمن أي مهادنة على التصورات الارجائية التي تعمد إلى
تقسيم زمن الاصلاح إلى مراحل سياسية وأخرى اجتماعية ثم اقتصادية منفصلة عن بعضها
البعض. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">توفر مؤلف هذه العروض
على قدرة كبيرة على المباشرة وبسط الحقيقة مع دقة تبليغ تتحاشى كل سقوط في الانشاء
أو الخطابة، وهو أمر ردّه "بكار غريب" دائما إلى متانة تكوين المؤلف الذي
حظي بتأطير كبار العارفين بالعلوم السياسية والاقتصادية على غرار</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;"> استاذ الاقتصاد السياسي والتحاليل الاقتصادية الماركسية
بجامعة سترازبورغ الفرنسية </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">"جيرار دي بارنيس".
لذلك لا تخلو معظم التحاليل المقترحة من توطين تاريخي مفيد، مع حضور لافت للصوّر
الدالة أو الاستعارات، على شاكلة تشبيه البلاد التونسية بــ"الكائن الرخوي
المنزاح باتجاه الساحل"، والحال أنه قد بات من الضروري تحويل البلاد إلى "كائن
يمتلك فقريات تسعفه في تجاوز حالة انعدام التوازن الجهوي والافتقار المستديم إلى العدالة
الترابية". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">تحضر نفس تلك التشابيه
حال الحديث عن نسب النمو المسجلة خلال سنوات ما قبل 2011 وذلك عبر نعتها وبشكل بليغ
بـ "السقف الزجاجي" الذي ليس بوسع المنظومة الاقتصادية التونسية تخطيه.
أو توصيف الاقتصاد التونسي بـ"سفينة تمخر عباب البحر، لذلك يتعين الاتصاف بتوفر
الكفاءة العالية في القيادة إذا ما عنّ لنا تحويل وجهتها بطريقة تضمن سلامة ما
تحمله من مقدرات، وإلا فإن مصيرها لن يكون إلا الغرق المحتوم". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">وهكذا فقد توصّل المؤلف وببراعة
كبيرة إلى تخطي موقع باعث المشاريع ورجل الأعمال الناجح، وكذا المهندس المختصّ، ليأخذ
موقع السياسي المحنّك بل وحتى المثقف أو المفكّر بالمعنى الراقي للكلمة. ففي معرض
تعليقه على ما تعاينه الساحة السياسية التونسية حاضرا من إعادة ترتيب شدّد الراضي
المؤدب على أن "إعادة التوازنات الحيوية للبلاد لا يمكن أن يحصل بمجرد
المصادقة على جملة من التفاهمات بخصوص نقاط موضوعة بشكل مسبق ضمن ما اتفق على
تسميته بـ"وثيقة قرطاج الثانية"، بل يحتاج إلى رؤية شاملة ومشروع مجتمعي
متكامل، لأن الإصلاح ليس بالأمر المحايد على الإطلاق بل هو توجه يضع نفسه في خدمة
مشروع له طبيعة سياسية بالضرورة." <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">لذلك يتراءى لنا أن ليس
للمختارات الواردة ضمن هذا الأثر الموسوم بـ"خيبة الياسمين" من دور غير الاعتبار
بمحورية تجاوز القراءات التشخصية وعرض أفكار أو مقترحات عملية وتحاليل ضافية تكفل لصانعي
القرار امكانيات الخروج من حالة الانتظار الدرامية التي تردوا فيها، مع إيمان عميق
بالتوفر موضوعيا على إمكانية حقيقية لخروج هذا البلد الصغير المتوفّر على مقدرات
كيفيّة مهمة من أزمته الخانقة، بشرط عودة جميع قواه الحيّة إلى موفور الكدّ وخالص
العمل.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">والمحيّر حقيقة في تشخيص
الراضي المؤدب وتوصيفه لنجاعة البدائل المقترحة، أن لا رغبة لديه (استنادا لما
شدّد عليه تصريحا وأومأت له سميائيا صورته الذاوية إراديا على غلاف الكتاب) في
مباشرة صنع القرار أو الاسهام المباشر في
تنفيذه، وهو موقف حيادي ليس لنا غير احترامه، مع التأكيد على حدوده الاجرائية ومن
منظورنا الخاص، إن على صعيد الفعل السياسي أو فيما يتصل بالنضال المدني أيضا. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><i><span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">في مدلول العروض
التشخصية <o:p></o:p></span></i></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">حاول المؤلف رد واقع ما
بعد 2011 إلى العديد من المظاهر التي أخذت تتفاقم طيلة السنوات السبع المنقضية،
ومن أهم تلك المظاهر المزرية أو السلبية: تجاهل الشعارات الأصلية التي قامت عليها
التحركات الاجتماعية، وتراجع سلطة الدولة، فضلا عن الأفق الضيق للطبقة السياسية
التي لم تتجاوز مقترحاتها منطق المعالجة السطحية، الأمر الذي زاد في ارتهان مؤسسات
الدولة وهياكلها لسطوة الفئات الاجتماعية المتنمرة العابثة بجميع القوانين. لذلك
يعتقد الراضي المؤدب - وهو على تمام صواب - أن مختلف الفاعلين السياسيين قد أجهزوا
على ما تبقى من مدخرات الدولة ومقدراتها. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">فقد وضع المؤلف الأصبع منذ
المقالات التي نشرها سنة 2011 على الأخطار الكبرى التي حفت ولا تزال بمؤسسات
الدولة وبالتوازنات الحيوية للمجتمع التونسي ومن أوكدها: العودة المرعبة للتمثلات
البدوية وتفاقم النعرات الجهوية واتساع تدين الواجهة أو الشعيرة وانحلال الروابط
الاجتماعية بمفعول الامعان في الانكفاء حول المصالح الفئوية أو المهنية الضيقة.
على أن تراجع سلطة الدولة قد أحدث امتدادا غير مسبوق للمحسوبية، مؤديا إلى انفجار
نسق الانشطة الموازية ضمن القطاعات الاقتصادية غير المنظمة، مع تورط كافة الفاعلين
في إعلاء منسوب الخُطب الشعبوية الفاقدة لإنتاج المعنى أو الدلالة. لذلك فإن كل
المحاولات الرامية إلى اعتماد إصلاحات عملية قد أُفرغت من كل مضمون، اعتبارا
لطبيعة الترضيات القطاعية والايديولوجية التي تورطت مؤسسات الدولة مُكرهة في منحها
بسخاء وضعف تقدير أيضا لمختلف الأطراف نظير القبول بإجراءاتها المبتورة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">فقد بدت جميع هياكل
الدولة التونسية واهنة وبشكل مخجل أحيانا، بحث شكل تعبير بعض الفئات الضيقة عن
احتجاجها، سببا كافيا لإرجاء حزم الاصلاحات الضرورية، وفشلت جميع الحكومات
المتعاقبة في اعتماد برنامج إصلاحي واضح المعالم. كما بيّنت التجارب التي خاضتها تلك
الحكومات صعوبات السياقات التي حفت بعملها، مع انعدام نجابة حقيقية في معالجة
الملفات الاقتصادية الصعبة والاكتفاء بتشغيل السجالات الإيديولوجية واعتماد أساليب
بدت للمؤلف أقرب إلى الفجاجة والصراخ منها إلى حضور أفكار اقتصادية لافتة ومجدّدة
تُنبئ بتوفر القائمين عليها على ثقافة سياسية واقتصادية عميقة. فقد افتقدت جل الأحزاب
السياسية بما في ذلك الجماهرية منها، لأي برنامج اقتصادي واجتماعي واضح. كما أن
توسيع دائرة المشاركة في تصريف الشأن العام قد ساهم من جانبه في انتفاء كل خصوصية
والقضاء على كل رؤية أو منهجية دقيقة حال مباشرة الفعل السياسي. فقد انزلقت جميع
السياسات من دون تمييز في تشجيع الاستهلاك على حساب الاستثمار والتداين على حساب الادخار،
وفض المشاكل الاجتماعية المتفاقمة على معالجة الأوضاع الاقتصادية المتردّية،
والاغضاء تبعا لذلك عن الهفوات وعدم القدرة على محاسبة مقترفيها، ودعوة الكافة إلى
مزيد من العمل وبذل الجهد. فمختلف الحكومات التي تعاقبت على تصريف شؤون البلاد لم
يزد جهدها في الأخير على التهيّب من فتح الملفات الصعبة وتفضيل ترحيل النظر فيها
إلى الحكومات التي عقبتها. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">ولأن مسألة الاصلاح لابد
أن تتضمن رؤية سياسية، فقد حاول المؤلف موافاتنا بتصوراته الشخصية بهذا الخصوص، مشدّدا
على ضرورة تغيير أساليب الانتاج وأشكال توزيع الثروة أيضا. غير أن مثل تلك التصوّرات
على قيمتها التي لا تناقش قد لاقت مناهضة شديدة من قبل الفئات المتهيّبة من الشروع
في تكريسها تضييقا على مصالحها الحيوية، في حين أن بقية الفئات الاجتماعية الوسطى
المفقّرة وجحافل العاطلين وساكنة الجهات المحرومة من التنمية، لم يبد جميعها اكتراثا
كبيرا بالأمر ولم يُسهم تبعا لذلك في التعبئة من أجل تطبيق تلك الاصلاحات
الضرورية. ويعود ذلك في تصور الراضي المؤدب دائما إلى انعدام توفر الفاعلين
السياسيين والمدنيين كما النخب المثقفة إلى مقترحات بيداغوجية المضمون، تسمح
بتوضيح الخطط التنموية وتسعف في شحن العزائم وطمأنة الكافة بخصوص المستقبل مع الالمعية
السياسية في صياغة ما يسمه المؤلف بـ"الحلم الجماعي" لدى طبقة سياسية عرجاء
بدت له غير معنية تماما ببناء مستقبل البلاد والدفع باتجاه الايمان العميق بجدوى
تحويل ذلك الحلم العزيز من مجال القوة إلى مظان الفعل والمراكمة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><i><span lang="AR-SA" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">فسحة للمقترحات: </span></i></b><b><i><span dir="LTR" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;"><o:p></o:p></span></i></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">يعتبر
مؤلف "خيبة الياسمين" أن معظم المشاكل الاقتصادية التي تجابهها البلاد
ذات أصرة وثيقة بمنوال التنمية الذي ذهب فصله بالكامل بعد مرور قرابة النصف قرن عن
وضعه موضع التنفيذ، وهو منوال ركّز بالأساس على قطاعات المناولة وعلى امتيازات الاستثمار
التي وفّرتها البلاد مقارنة بأجوارها الأوروبيين وخاصة فيما يتعلق بالكُلفة المالية
وتدني أجور اليد العاملة. هذا المنوال التنموي أصبح اليوم غير قابل للانتعاش في
المستقبل المنظور، باعتبار طبيعته التي ساهمت في تفاقم عدد العاطلين مع الكفّ
تماما عن خلق مواطن شغل جديدة لحاملي شهادات جامعية عالية تتعارض تطلعاتهم المهنية
مع طبيعته القطاعات المرتكزة بشكل شبه مطلق على رخيص المناولة. فحتى إن كان بوسع
هذا المنوال مواصلة الرفع من نسب النمو، فإنه قد أضحى غير قابل لتحقيق التنمية،
لأنه طبيعته غير عادلة ولا تضمن حد معقولا من التكافؤ على الصعيد المجالي والاجتماعي.
<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">وعموما
فأن اتفاق مختلف العائلات السياسية أو الحزبية في تونس بخصوص ضرورة تغيير هذا
المنوال التنموي، لم يبرح مستوى الخطاب اللفظي، حيث لم تتضمن مشاريعها أو
مقترحاتها السياسية تصوّرات واضحة دقيقة وبدائل تنموية حقيقية. لذلك فإن تجاوز مثل
هذا الواقع الارجائي وهذه السلبية المملة لا يمكن أن يمر إلا من بوابة الدفع
باتجاه إقرار مقاربة اقتصادية وتنموية تشجّع على الادماج الاقتصادي وتعمل على
تطوير قدرات القطاعات الاقتصادية التضامنية التي بينت تجارب العديد من الدول
المتقدمة أن بوسعها إحداث مواطن شغل جديدة لأكثر من عشرة بالمائة من السكان
الناشطين، مع تطوير نسق التصنيع، خاصة وأن العديد من المجموعات الصناعية الكبرى
التي تم انشاؤها بتونس قد اتجهت بعدُ نحو تحويل أنشطتها باتجاه القطاعات الأكثر
ربحية على غرار التجارة والتوريد أو تمثيل العلامات التجارية المشهورة دوليا، وهو
وضع يذكّر في تصور "بكار غريب" بالخطاب الاقتصادي لعشرية ستينات القرن
العشرين، لما كان القائمون على مؤسسات الدولة يحثون الباعثين التونسيين على
الاستثمار في التصنيع وعدم الاكتفاء بالقطاعات الريعية التي لا يتوفر على قيمة
اقتصادية مضافة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">ليس
هناك من شكّ في أن هذا الانتظار المكلف اقتصاديا والتراجع الملحوظ للنسيج الصناعي
يعود بالأساس وفي تصور مؤلف هذه المقالات إلى ضعف الاستثمارات وصعوبة نقل
التكنولوجيا وإعادة التموقع الاستراتيجي إقليميا وقاريا ودوليا، مع التشديد على
ضرورة الدفع باتجاه الترقّي وتحسين جودة المنتوج، بغية تطوير ربحية القطاعات الاقتصادية
وقدرتها الحقيقية على المنافسة أيضا. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">ومهما
يكن من واقعية أزمة منوال التنمية تونسيا، فإن حقيقة الأوضاع قد دفعت باتجاه
الانتقال من تواضع إجرائية المنوال التنموي إلى حضور أزمة خانقة للمالية العمومية،
عرض المؤدب بشأنها حزمة من الإصلاحات تمثّلت بالأساس في تطوير المداخيل تجاوزا
للاكتفاء بتشخيص تفاقم مصاريف الدولة، حيث اعتبر المؤلِف أن البحث عن تطوير المداخيل
العمومية متصل كأوثق ما يكون بتحديد موارد جديدة للجباية العادلة المتضامنة تتجاوز
القطاعات الاقتصادية المنظمة وتتقصى الادماج الضريبي الذي بدا له قادرا حال النجاح
في توسيع قاعدته ليشمل فئات جديدة قابلة إراديا ومصلحيا بالالتزام بالانتظام على
شرط العمل بجدية على الحد من ارتفاع قيمة
الضرائب، وهو تصرّف لا يمكن إلا أن يستفيد منه الكافة، مع العمل بواقعية على إنهاء
العمل بأنظمة الأداء التقديرية أو الاجمالية (</span><span dir="LTR" style="font-family: "times new roman" , serif; font-size: 10.0pt; line-height: 115%;">Régimes forfaitaires</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>). <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">أما
بخصوص المصاريف العمومية فالمنتظر إعادة هيكلة أنظمة التعويض على استهلاك المواد
الأساسية والاستراتيجية، مع الحذر من مغبة الارتفاع المشطّ لنسب التضخم نتيجة
للترفيع في أسعار المحروقات بعد تحريرها التدريجي. وعموما توفرت مقترحات المؤلف
على توجه يرمي إلى ضرورة إصلاح صندوق التعويض، وهو ما يتقاطع مع ما أقره البنك
الدولي باعتبار طبيعة ذلك الصندوق التي انزاحت بالكامل على أهدافها الأصلية وأضحت
لا تخدم سواء الشرائح المرفهة عاملة بشكل عبثي على ارتهان الشرائح الفقيرة التي من
المفروض أخلاقيا أن تكون المستفيدة الوحيدة من وجود مثل هذا النظام. أما بالنسبة
للصناديق الاجتماعية فلئن بدت طبيعة الإصلاحات المقترحة موجعة، فإن ضرورة القيام
بها لا يتعين أن تحيل على نوع من تنصل المجتمع من مسؤولياته الوجوبية تجاه من
تعهدوا بتنميته على مدى عشريات من الزمن. على أن الشروع في اصلاح المالية العمومية
مرتهن سياقيا بواقع وجودها بين فكي كمشة تفاقم الطلبات وانحسار المداخيل أو
الامكانيات المرصودة لإحداث التنمية، لذلك فإن احدى الحلول المقترحة من قبل الراضي
المؤدب يمكن أن تُحيل على تشجيع الشراكة بين القطاعين العمومي والخاص، بعد أن بات
من أوكد الضرورات حاضرا إصلاح المالية العمومية والحدّ من المشاكل العويصة
المترتبة عن تفاقم المديونية التي تدفع بالبلاد قُدما نحو مزيد من التبعية
والتفقير. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">تقف
مقترحات مؤلف "خيبة الياسمين" أيضا عند معضلة التنمية الجهوية، إذ يعتبر
واضع هذه المقالات أن المغالاة في تطبق النموذج الاقتصادي الليبرالي قد تسبب بلا
ريب في تفقير الجهات الداخلية، مع التركيز على سراب مقترحات الحلول التي تبدو
صائبة في ظاهرها، حتى وإن انطوى وضعها موضع التطبيق على أرض الواقع على نتائج جد
كارثية، من ذلك مثلا أن فك الانكفاء عبر تطوير تجهيزات البنية بشق الطرقات بوسعه
أن يؤدي موضوعيا وفي غياب تثبيت السكان على أراضيهم ومنحهم فرص شغل حقيقية ومتوازنة
إلى تسريع نسق الطرد باتجاه الجهات الساحلية، دون قدرة حقيقية على عكس التيار جَلْبًا،
وهو واقع ماثل حضرا إذا ما نحن تملّينا بشكل عميق عروض "محمود بن رمضان"
بخصوص واقع النزوح من الجهات الداخلية الوسطى (سيدي بوزيد والقصرين) باتجاه الجهات
الساحلية الشرقية، فدور القطاع الزراعي لا يقف عند الزيادة في المردودية وتطوير
الإنتاج، بل يتضمن أبعاد محايثة تكتسي من منظور الراضي المؤدب أهمية بالغة على
غرار تهيئة المجال والمحافظة على النسيج الاجتماعي. على أنه بالوسع إدراج الأنشطة الاستخراجية
مثل مناجم الفسفاط الذي شبهها المؤلف وفي استعارة بليغة بـ "الدجاجة ذات
البيض الذهبي"، بحيث يُخشى أن تكون نهايتها مأسوية على شاكلة ما آل إليه أمر
تلك "الدجاجة" المسكينة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">ما
من حل أمام الاقتصاد التونسي غير الدفع قدما باتجاه تطوير المبادرة وإنشاء
المؤسسات الاقتصادية الخاصة، حتى وإن بيّن واقع الحال أن ما أُحدث من مؤسسات
عمومية بالجهات على ندرته، لا يكف على تقديم ترضيات عالية لناشطين لا يتحلّون بالقدر
المأمول من الكفاءة والمسؤولية التي تحتاجها كل محاولة لتشجيع إحداث مؤسسات اقتصادية
خاصة تكون في مستوى المنافسة وتضمن قدرا من الربحية المُجزية، وهو ما قد يشكّل مستقبلا
عنصر إضافيا للطرد أو العزوف لدى معظم المستثمرين. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">وفي
المحصلة فقد عمل المؤلف ومنذ سنة 2012 أي منذ بواكير المخاطر التي بدأت تهدد
فعليّا الاقتصاد التونسي على الكشف عن أسبابها العميقة المتمثلة في مغادرة النخب
الفاعلة للبلاد وترهل الاقتصاد الذي سيطرت على مفاصله بَعدُ "لوبيات"
الفساد، مع تعاظم الانغلاق الاقتصادي والتبئير المرضي حول المعالجات المتمسكة
بسراب الهوية وتشغيل المنطق العكر للحليّة والتحريم. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">على
أن ما انتهت إليه الأوضاع بعد انتخابات 2014 قد دفع بالمؤلف إلى الاعتقاد بأن البلاد
محتاجة إلى عشرية تنمية مستدامة، لكي تتمكن موضوعيا من تحسين أوضاعها وتجاوز
أزمتها، وهو واقع لم يعرف وحتى اللحظة التي نعيش أي مؤشرات دالة تنبئ بتعافي حقيقي
لاقتصاد للبلاد. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">ولئن
تضمنت العروض المقترحة تصوّرات متوازنة تبرهن على حضور خطة اقتصادية واجتماعية
ومشروع متكامل يضمن رؤية تُسعف في اخراج اقتصاد البلاد من أزمته الخانقة، فإن المؤلف
وعلى رأي "بكار غريب" دائما لم يحدد بشكل واضح ما هي القوة الاجتماعية
التي يمكن أن يستند عليها مشروعه الاصلاحي، والحال أن وسط اليسار الذي يمكن أن يُحسَب
عليه خبيرنا مشدود إلى تصورات سياسيا انقسامية تزيد في تآكله الملحوظ يوما بعد
يوم، منبئة بعودتها إلى موقع "جامعة الصفر فاصل"، وأن الاجابة الحقيقة
على المطالب الاجتماعية لما بعد 2011 تحتاج إلى كثير من الشجاعة السياسية مع ضرورة
وضع حدّ لسطوة الأناوات المتضخمة والأنانيات الجارفة وردود الفعل الحرفية أو القطاعية
الضيقة والتمسّك بالامتيازات غير المشروعة. وحتى وإن حافظ المؤلف على تفاؤله الحذر
بخصوص الإمكانيات العمليّة لتجاوز الأزمة على شاكلة ما توصّل التونسيون إلى القيام
به خلال ستينات وعند ثمانينات القرن العشرين، فإن واقع الحال بجميع تعقيداته لا
ينطوي على الجرعة المطلوبة من التفاؤل حيال الغياب التام لأي مشروع يمكن النجاح في
التعبئة الشعبية حوله. ومع كل ذلك يصرّ الراضي المؤدب على الاعتقاد بأن "التشاؤم
مسألة انطباعية بحتة، وأن التفاؤل موصول بالتطوّع"، ودعوة الكافة إلى الدفع
باتجاه حشد الهمم والاعلاء من قيم البذل وخدمة المصلحة العامة والاعتبار بأولية
الادماج الاقتصادي ضمن كل السياسات العامة الموضوعة من أجل تجاوز مخلفات أزمة ما
بعد أحداث 2011 الفارقة تونسيا. <o:p></o:p></span></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-left: 1cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;">قد
يكون ما حبره المؤلِف نوعا من السجل الشخصي الذي تقاسم من خلاله رفقة متابعي
مقالاته الكثر مشاغل العارف بعالم المال والأعمال، ومخاوف المناضل المدني والمتابع
القريب للشأن العام تونسيا ودوليا، وتأملات رجل الخبرة الذي يستعد في سكينة مُغرية
لمغادرة مجال الحياة العملية وتقديم المشعل للأجيال الجديدة، غير أن حضوره اللافت
على ساحة السجال الفكري تونسيا يشي بغير ما يصرّ على ترديده في جميع المناسبات، جاعلا
منه - وضد مشيئته في أحيان كثيرة - صانع حلول طريفة، وموجّها لافت للراي العام
التونسي نخبويا كان أم شعبيا. لذلك فإن رصيده المعرفي والمهني وخبرته الميدانية
يتعيّن أن تجد لها موقعا ضمن نُخب الفكر والفن، وذلك عبر دعوته رسميا إلى
الانضمام إلى النادي الضيق للأكاديمية التونسية، مع ضرورة اقناعه بترأس هيئة عليا
للتفكير والقيادة ومتابعة الأوضاع الاقتصادية والمالية الحساسة للبلاد. </span><br />
<span lang="AR-TN" style="font-family: "simplified arabic" , serif; font-size: 14.0pt; line-height: 115%;"><i><b>صدرت هذه القراءة النقدية في صحيفة المغرب التونسية بتاريخ 8 أوت 2018. </b></i> <o:p></o:p></span></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
</div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-48399198783280711342018-05-03T23:48:00.000+02:002018-05-03T23:48:20.030+02:00الصناعات الثقافية التاريخية بين إغراء المعالجة الترفيهية وحدود المقاربة التثقيفية <div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj1UvHjkI3MHydbNu47yFNIhXx_T3_kwAHGk1JudxCPrhoFGylJR-W__rCDuZtqXI27RNuCnJtPqJOM0gBk_0NF6MnFYCOz2T_ERyoxsm_0GYqfzTJQOrkFYV3LQbJNc3dy6KePfAYCCAtX/s1600/inductriel_digital_carre_sans_texte.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="768" data-original-width="768" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEj1UvHjkI3MHydbNu47yFNIhXx_T3_kwAHGk1JudxCPrhoFGylJR-W__rCDuZtqXI27RNuCnJtPqJOM0gBk_0NF6MnFYCOz2T_ERyoxsm_0GYqfzTJQOrkFYV3LQbJNc3dy6KePfAYCCAtX/s320/inductriel_digital_carre_sans_texte.jpg" width="320" /></a></div>
<div style="text-align: center;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: center; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div align="right" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div align="right" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div align="right" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"يتمثل الهدف
الأسمى من المغامرة البشرية في محاولة تجاوز عقبة المستحيل<o:p></o:p></span></div>
<div align="right" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>حتى وإن لم يُصِبْ جميعنا من تلك المغامرة غير
الوقوع أزلا في الفشل"<o:p></o:p></span></div>
<div align="right" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Fell (Claude),
« Carlos Fuentes, un écrivain à l’écoute du monde »</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">
ما السبيل إلى إثارة اهتمام الأجيال الشابة
مجدّدا بالتاريخ؟ والحال أن جميع التواريخ، وطنية كانت أو محليّة، لم تعد تتوفر
على فهم عميق لحقيقة الواقع المتحوّل الناجم عن العولمة. كما أن مختلف الإبداعات
الناسلة عن السياقات الجديد لتكنولوجيات الاتصال الحديثة، تلك التي تحيل على
انشداد الأجيال الجديدة لما تنتجه الصناعات الثقافية كونيا (ألعاب الفيديو
بتطبيقاتها الافتراضية المتنوعة والمسلسلات الموسمية وحتى العروض الفنية الضخمة)،
ليس بوسعها هي أيضا وعلى الرغم من جميع ادعاءاتها ومن طابع الاثارة الذي
لازمها خلال العشريات القليلة الماضية، توفير مفاتيح حقيقية تسمح بتقديم إجابات
وافيّة بخصوص ما نعيشه حاضرا. الشيء الذي يدفع بشكل ملحّ إلى التساؤل بخصوص ما يتعين
القيام به من أجل تمكين الأجيال الجديدة من بناء علاقة صحيّة بأحداث الماضي بوصفها
إرثا إنسانيا مشتركا؟ ثم ما السبيل إلى تشييد ذاكرة نقدية قادرة على التمييز بين
ما يُقترح علينا هنا وهناك من أعمال إبداعية تبدو منشدّة إلى تقنيات الملتيميديا،
تستظل في معظمها بالماضي قصد استقرائه وفق توجّهات مخصوصة، من السهل التفطّن إلى
اتسامها بالترميق بل وانزلاقها وفي العديد من الحالات في ضرب من تعمّد التحريف وتبرير
المغالطة أيضا؟ <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فمنذ
ما لا يقل عن ربع قرن تقريبا والعالم يعيش حالة انقلاب في آفاقه جراء مخلّفات
الثورة الرقمية، التي حدّت من هيمنة الغرب وساهمت في صحوة المجالات الشرقية القصيّة
على غرار الصين وبلدان جنوب شرقي آسيا وازدهار قوى صاعدة جديدة على شاكلة روسيا والبرازيل.
ولعل من نتائج هذا الانقلاب تراجع التصوّرات التاريخية السائدة منذ أكثر من خمسة
قرون، تلك التي اتسمت توجهاتها عامة بالانحياز إلى التصوريات المركزية الأوروبية، والدفاع
بشراسة على تمثّل موروث للكونية يحيل على مكتسبات "الأنوار" الفكرية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فما
الذي يتوجّب علينا القيام به حيال هذه التصوّرات التاريخية الموسومة بالانحياز
لماضي الغرب الأوروبي، وذلك ضمن سياق تاريخي يُنبئ بعدم قابلية مكتسبات العولمة
للتراجع، مع قلة نجابة واضحة في الاحتفاظ بكونية التصوّرات التي حرص الغرب على تسويقها
بوصفها التأويل الوحيد لتاريخ البشرية؟ <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ساهمت
المعرفة التاريخية منذ نهاية القرن التاسع عشر وحتى تسعينات القرن الذي يليه في
هيمنة تصورات "وطنية يعقوبية" تُعلي من مكانة "الدولة الأمة أو الوطن".
وتضافرت جهود الفاعليين السياسيين كما العلميين وبرامج التدريس ومحتويات الصحف
وإصدارات دور النشر بغرض الدفاع عن سرديات تُؤول التاريخ باعتباره مسارا إجباريا باتجاه
تكريس فضائل التمسّك بذلك الانتساب والاعلاء من شأنه. وهو تصوّر اثبتت تهافته البحوث
المحسوبة على الدراسات ما بعد الاستعمارية، وهي دراسات ركّزت على الواقع الذي
عاشته الفئات الاجتماعية القاعدية من خلال تشديدها على حضور مؤشرات بليغة عن استحكام
قراءة مشوبة بالحنين والمحافظة، احتضنت وهم الخصوصية وأعلت من شأن مشاعر الانتماء،
ذلك الانزياح الذي لم تسلم من سلبياته حتى البحوث التاريخية الصادرة خلال نهاية
القرن الماضي والتي اتصلت بما نُعت بـ "المنعرج التذكري </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">tournant mémoriel</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn1" name="_ftnref1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title=""><sup><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><sup><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[1]</span></sup><!--[endif]--></span></sup></a>.
<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">الصناعات
الثقافية التاريخية وتسليع أحداث الماضي: </span></b><b><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>تنتشر على هامش المعارف المقدمة بقاعات الدروس
ومدرّجات الجامعات والبحوث المحكمة المنشورة ضمن الدوريات الورقية والمواقع
الالكترونية المتخصّصة، صور ومرويات لا تعيرها الأوساط الأكاديمية كبير أهمية حتى
وإن ثبتت مساهمتها وبطريقة خاصة في الإجابة عن التحدياّت الحقيقية أو المتخيّلة
التي فرضتها العولمة راهنا على الإنسانية قاطبة. فنحن نعيش وفق ما انتهى إليه "ألان
توران </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Alain
Touraine</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" "راهنية
</span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Présentisme</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" من الصعب الإفلات من حبالها، لأنها تلتهم جانبا كبيرا من
الماضي ومن المستقبل، متجنبة الخوض فيما ليس بوسعها تكييفه وفق حاجياتها<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn2" name="_ftnref2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>. فقدر
الماضي هو الانفلات من بين أصابعنا دون أن يكون بالوسع المسك به. لذلك تبدو
البشرية وفق ما سبق وأن انتهت إليه "حنا أرنت </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Hannah Arendt</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" غير مهيأة ولا مستعدة أيضا لمثل هذا النشاط الذهني الذي
يمنح صاحبه فرصة التموضع في موقع وسط بين الماضي والمستقبل"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn3" name="_ftnref3" style="mso-footnote-id: ftn3;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[3]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>. ولإن
تحدي الإمساك بالحاضر في سياق الألفية الجديدة يحتاج وبالإضافة إلى معرفة العالِم إلى
الاستعانة برؤية الفنان وإلهامه، فإنه تعاملنا مع الحاضر يحسن أن يتسم بقدر غير
قليل من الحدس ورهافة الحسّ وتعقل ما يدور حولنا، مستعينين في ذلك بتشغيل قوة
أحاسيسنا، مع التوفّر على رصيد ذهني يتضمن في الآن نفسه شذرات من الماضي وتصوّرات لما
يمكن أن تؤول إليه الأوضاع مستقبلا، لكأننا في موضع وسط بين مجموعة من القوى المتعارضة
التي يمنحنا تصادمها فرصة الامساك بالشرارات الحارقة الناجمة عن قوة ارتطامها
ببعضها البعض<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn4" name="_ftnref4" style="mso-footnote-id: ftn4;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[4]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وعلى
كل فإن الإحساس بتسارع نسق الاحداث وانفلات الزمن من بين أصابعنا ليس بالأمر
الجديد، غير أن التواتر السريع للظروف المادية الصعبة وشعور شرائح واسعة من الناس
بثقل الواقع الذي يحيونه مع عدم ثقة تلك الشرائح بالمستقبل، قد تحوّل إلى مصدر قلق
محيّر، بل وانخراط في نوع من اللامبالاة والعدمية. والمربك من زاوية ما نحن بصدده
أن الثقافة التاريخية قد انسلخت بَعْدُ ووفق أفضل التحاليل إلى مجموعة من السرديات
الفنيّة أو العروض الجمالية المُتّسمة بتسليع مخلّفات التراث المادي وغير المادي، مع
التشديد على الجوانب المثيرة ضمن مسارات الشخصيات التاريخية الفاعلة دون سواها،
وذلك بطريقة تشبه بشكل لافت حملات الاشهار المتصلة بالعروض الفنية الكبرى. </span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ولعل
في التجارب التي آثرنا التوقف عندها والتعريف بمضامينها، تلك التي يحيل جميعها على
تطور تقنيات التعبير الإبداعي المشدود إلى ما وسمناه بـ"الصناعات
الثقافية"، ما يكفي للدلالة على طبيعة العلاقات التي تشدّ التخيّلي إلى التاريخي
حاضرا، وتجعل من الأخير عنصر استلهام تقتصر علته على الإمساك بالرواية التاريخية
وتحويلها وفق تقنيات ابهار إلى خرافة مشوّقة تحجب كل توجه يرمي إلى تثقيف الناشئة وتأصيل
الفكر النقدي لدى المتابعين من المحسوبين على الأجيال الجديدة.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ويخضع
"تعليب" هذا النوع من المنتجات ذات التوجه الترفيهي المعلن إلى نوع من
الاستعادة الإحيائية للماضي وفق تصوّرات تفتح على خصوصيات واقع الإنسانية المعولم
حاضرا، أكثر من اتصالها بالفترات التاريخية التي تحيل عليها. فقد تزايد خلال
السنوات القليلة الماضية وبشكل ملحوظ عدد الأعمال الفنية الخاضعة للمواصفات التي وضعتها
العلامات الكبرى في مجال الصناعات الثقافية ذات الطابع الجماهيري المُبهر، وهي
علامات أغرقت سوق الانتاج الجمالي والإبداعي كونيا. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ولئن
اتسمت توجهات مختلف الأعمال الصادرة عن هذه الصناعات المحدثة بالاستضلال بالتاريخ عبر
ربطه بالقدرة التخيّلية للمؤلف استجابة لحاجيات المستهلك ولمستوى تكوينه أيضا، فإن
اتسام الروايات أو الحكايات المعروضة، وعلى حبكتها المدهشة وإغرائها المشهدي الذي
لا يقاوم، بمجانبة المساءلة النقدية لوقائع التاريخ المستجلبة، بل وسقوطها في كثير
من الأحيان في نوع من التبسيط والابتذال والتكرار لا يمكن أن تخطئه كل عين حصيفة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وحتى
تجد المزاعم النظرية التي نحن بصددها ما يسندها بشكل ملموس، نقترح على قراء هذه
العجالة معاينة تطبيقية تعرّف بشكل مجهري بمضمون بعض التجارب الإبداعية التي تصب
محصّلتها فيما أقررناه. فقد آثارنا من هذه الزاوية التعريف بأربعة تجارب فارقة تحيل
أولاها على سلسلتين روائيتين مرئيتين</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">محسوبتان على انتاجات التدوين المصوّر </span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>(</span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">blogosphère</span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">)</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> عاينتا انتشارا وشهرة كونية في غضون العشرية
التي نحن بصددها ونقصد بذلك السلسلة الأمريكية الذائعة الصيت بين الفئات الشابة "لعبة
العروش"، وهي سلسلة تقابلها يابانيا الرسوم المتحركة الطريفة في ضربها "مسابح
روما". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">أما
العينات أو الأمثلة الكتابية التي تحيل على ابداعات الثقافة الخطية</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> (</span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">graphosphère</span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">)</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فقد اشتملت على أثرين
إبداعيين متقاطعين يحيلان على رواية "تارا نوسترا" للأديب المكسيكي
"كارلوس فوينتس" ومؤلَف قبطان البحرية البريطاني "غيفين منزي":
"1421: سنة اكتشاف الصين لأمريكا". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">المسلسلات
الفصلية الأمريكية للخيال العلمي وأفلام الصور المتحركة اليابانية:</span></b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><b><o:p></o:p></b></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">أ
- "لعبة العروش </span></b><b><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">Game
of Thrones</span></b><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"</span></b><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> مسلسل أمريكي في مواسم</span></b><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> </span></b><b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">أو
العصور الوسطى القادمة: <o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>يمثل المسلسل الموسمي الأمريكي "لعبة
العروش"، ذلك الذي انتجته شركة "هوم بوكس أوفيس </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Home Box Office</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" وامتد بثه على سبع مواسم متتالية منذ سنة 2011، إعادة صياغة
لرواية الكاتب الأمريكي ومؤلف السيناريوهات والمنتج التلفزيوني المشهور "جورج
ريمون مارتين </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Georges</span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Raymond Martin</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>". وهو كاتب
أمريكي برع في تأليف روايات الخيال العلمي الموجّهة لليافعين وإنتاجها تلفزيا،
وذلك إلى حد تشبيهه بـ "جون رونالد رويل تولكين </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Jean Ronald Reuel Tolkien</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" مؤلف رواية "سيد الخواتم </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Le seigneur des anneaux</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" المُبهرة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">حملت
تلك الرواية عنوان "العرش الحديدي ملحمة الثلج والنار" </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Le trône de fer (A Song of Ice and Fire)</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" وصدرت أجزاءها الخمسة، وهي "لعبة
العروش" و"صراع الملوك" و"عاصفة السيوف" و"وليمة
للغربان" و"الرقص مع التنانين"، تباعا بين سنوات 1996 و2011، واستُقبل
جميعها ببالغ الحفاوة حيث حصدت العديد من الجوائز العالمية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">اقتنت
القناة التلفزيونية الامريكية "هوم بوكس أوفيس </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">HBO</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" بداية من شهر جانفي 2007 حقوق اقتباس رواية "العرش
الحديدي"، بغرض انتاج مسلسل تلفزي شارك في كتابة مواسمه الأربعة الأولى
"جورج مارتين" نفسه، وتم تصوير موسمه الأول بداية من 2009 ليُبث مع حلول
شهر أفريل من سنة 2011. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ولا
تبتعد السياقات المتخيَّلة ضمن سلسلة "لعبة العروش" عما استحضرته عارضة كبار
مؤلفي روايات الخيال العلمي وأدب الفنتازيا السابقين من أمثال "تولكيّن </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Tolkien</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" و"هوارد </span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Howard</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"
و"لويس</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Lewis</span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"
المبدعة<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn5" name="_ftnref5" style="mso-footnote-id: ftn5;" title=""><sup><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><sup><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[5]</span></sup><!--[endif]--></span></sup></a>،
غير أن النجاح الاستثنائي الذي حققه بث هذه السلسلة ذات المواسم السبع المستوحاة
من رواية "العرش الحديدي" لـ"جورج مارتين" يعود وفي تصوّر
الكاتب الفرنسي "جاك أتالي </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Jacques Attali</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" إلى
عدة أسباب، احتفظ من بينها كاتبنا بالخصوص بـ: <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 46.35pt; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt; unicode-bidi: embed;">
<!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Simplified Arabic";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ضخامة التمويلات المرصودة للإنتاج توافقا مع مجال التسويق
الكوني للمسلسل، الشيء الذي سمح للمنتجين بالتعاقد مع أفضل مؤلفي السيناريو وأشهر
نجوم التمثيل، مع توظيف أعقد تقنيات المؤثرات الخاصة، حيث تكشف بطاقة هوية المسلسل
التقنية أن الإحالة على الطرف المنتج ونقصد الولايات المتحدة طبعا، تُخفي الحجم
الكوني للسلسلة ومساهمة أطراف متعدّدة في تلك "الصفقة التجارية
الابداعية"، كتابة (ثلاثة كتاب سيناريو)، وتمثيلا (ست جنسيات قادمة من
الولايات المتحدة والجزر البريطانية وهولاندا والدانمارك)، وتصويرا (ست مواقع تحيل
على شمال إيرلندة وكرواتيا وإسبانيا وإيسلندا وكندا ومالطا والمغرب الأقصى)، فضلا
عن اتساع مجال المتابعة وامتدادها من أدنى الكرة الأرضية إلى أدناها.</span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 46.35pt; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt; unicode-bidi: embed;">
<!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Simplified Arabic";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تضاعف وقع السلسلة على متابعيها بحكم تعويل منتجيها
إراديا على القدرات التسويقية والاشهارية للشبكات الاجتماعية. فقد توصلت الحلقة التاسعة
من الموسم الثالث مثلا إلى أثارة موجة من "التغريدات" على شبكة
"توتر" فاقت ردود فعل ما أثارته أضخم الأحداث العالمية وأكثرها تواترا
ولغطا أيضا. </span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 46.35pt; mso-list: l0 level1 lfo1; text-align: justify; text-indent: -18.0pt; unicode-bidi: embed;">
<!--[if !supportLists]--><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Simplified Arabic";"><span style="mso-list: Ignore;">-<span style="font: 7.0pt "Times New Roman";">
</span></span></span><!--[endif]--><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">الاغضاء عن عمليات التحميل غير القانونية للسلسلة على
قاعدة "نيت فليكس" أو غيرها من برمجيات التحميل، لأن في ذلك التجاهل
المقصود تضخيم من شهرة السلسلة وتزايد لمبيعاتها المستقبلية، التي لم تقف عند
الأثر الإبداعي نفسه بل شملت جميع المنتجات التجارية المشتقّة عنه كالأقمصة
والأكواب والعرائس المجسّمة لأبطاله والمجوهرات والكتب والألعاب المستوحاة من
أحداث السلسلة وأطالس المواقع أو القارات التي شكّلت الحاضنة المجالية المُتخيلة
لتلك الأحداث وأشرطة تلخّص محتواها، وألبومات أغاني الراب المستلهمة من مواضيعه
ومعارض الملابس وسلسلة عروض موسيقى حلقاته التصويرية، فضلا عن المصنوعات التذكارية
البسيطة والتي حملت مجسمات السلسلة أو "ماركتها"، على غرار أغطية قوارير
المشروبات الكحولية أو الروحية المعروضة للبيع بمحلات تسويق عن بُعد تابعة للشركة
المنتجة ونقصد "هوم بوكس أوفيس" طبعا.<span style="mso-spacerun: yes;">
</span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تبدو
العوالم التي تدور ضمنها وقائع روايات "جورج مارتين" متجهّمة وحزينة مع
اتسامها بنفس عدمي ساخر، بحيث ينطوي تصرّف أبطالها الكُثر على قتامة مع عدم الرضا
عن الواقع، فضلا عن اختراق البعد الدرامي لمسارات حياتهم ونهايات معظمها المأسوية
الفاجعة. ولئن شكل هذا البعد المتشائم حاجزا حال دون إقبال جانب من القراء على
مطالعة هذا النوع من الأعمال، فإن الخطة المتبعة في تركيب مختلف فصول رواية "العرش
الحديدي" قد ارتكزت على بناء مسارات سريعة التلوّن والانقلاب للشخصيات
الأساسية، الشيء الذي شدّ فئات شبابية واسعة من القراء لمتابعة تطور أحداث الرواية،
وذلك من مواقع مختلفة ووفق وجهات نظر متباينة. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">كما
لم يتهيب المؤلف من الانخراط وبعمق في طريقة تفكير من أسند لهم لعب أدوار الأشرار
ضمن أبطال روايته، عامدا وبشكل واعي إلى كسر الثنائيات المبسّطة، بحيث تتضح لنا وجاهة
تصرفات الخيرين كما الممارسات التي يجنح لها الأشرار - وبالرغم عن طابعها غير
الأخلاقي - واقعية يستقيم تبريرها بل وتحويلها إلى سلوك مألوف. وتبقى الثيمات أو
المواضيع الأكثر حضور ضمن كتابات "جورج مارتين" الابداعية مشدودة إلى توجه
المؤلف المقصود إلى بناء عوالم يعاني ضمنها مختلف الأبطال من صعوبات متعددة تحيل
على قساوة الوحدة ومعانات تقلّب الأمزجة البشرية حال المخالطة، مع السقوط أزلا في نهايات
مأسوية تكشف عن حدة التمزق بين مشاعر العشق والتضاد الصارخ بين حساسية المجاهرة بالحقيقة
وسهولة اللجوء إلى المخاتلة والكذب. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ومهما
يكن من أمر، فإن سناريو مسلسل "لعبة العروش" يُعيد وبطريقته الخاصة
تشكيل تسارع نسق تبني مقوّمات حضارة الغالب الغربية كونيا. حيث تروي مختلف حلقاته ضراوة
المواجهات السياسية ضمن سياق مُتخيَل يُركّب بدهاء ومخاتلة لا حدّ لهما واقع القرون
المظلمة التي توشك على العودة من جديد، مؤذنة بانهيار زعامة الولايات المتحدة الأمريكية
للعالم. وبلوغ المواجهات بين قارتي "واستيروس </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Westeros</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" الممثلة للغرب و"أستيروس </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Easteros</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" الممثلة للشرق، أشدها. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وتنفتح
تلك العصور بعد عشرية من انحباس الامطار على صراع عنيف بين خمس عائلات متنافسة هدفه
الضفر بـ "العرش الحديدي" لـ"مملكة التيجان السبع". وهو صراع مُمهّد
لحصول موجة من البرد الجليدي تراجعت خلالها بشكل ملحوظ درجات الحرارة وانتشرت
مخلوقات متوحّشة مرعبة وفدت من المناطق الشمالية الباردة. تضرب ويلات الحرب البلاد
ويحمَى الصدام حيث تظل عجلة الدسائس والمؤامرات والخيانة والسحر الأسود دائرة بلا
انقطاع، لتسلب الآلاف من الأبرياء والمذنبين أرواحهم على حد السواء. فيما يبدأ
الخطر القادم من جهات الشمال في الكشف عن وجهه. تولد في هذه الحرب التحالفات وتموت
في طرف عين وتسيل الدماء بلا حد ولا سبب فحين يتصادم الملوك تنزف البلاد
بأكملها.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وبوسع
المرء رفض اعتبار العولمة قدر ليس هناك أمل في الفكاك منه والعيش بسلام ضمن حدود عالمه
الضيق والخاص، إلا أنه ولحسن حظنا أو قد يكون لسوئه أيضا، فإن الخوف من هذه العودة
المفزعة للقرون الوسطى قد تمكن من التعشيش في مُخيلة جانب واسع من المحسوبين على الأجيال
الجديدة، ليشكّل عنصر إبهار يتضمّن حكايات ووعود مبهجة وتصرفات وحشية مرعبة في آن،
وما على تلك الأجيال إلا أن تعمل على توجيه ذلك الدفق المشهدي الناظم لمخاوفها
الجماعية في الاتجاه الذي يسمح بتحقيق سعادتها وضمان رفاهها<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn6" name="_ftnref6" style="mso-footnote-id: ftn6;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[6]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>،
بدلا من القبول في خنوع وعدم اكتراث بأسوأ الاحتمالات. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ب
- "حمامات روما": رسوم متحركة يابانية تعيد استهاما قراءة تاريخ الحضارة
الرومانية:<o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span></b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">مثّلت سلسلة "مسابح روما" مؤلفا للرسوم المتحركة من نوع
"المانغا"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn7" name="_ftnref7" style="mso-footnote-id: ftn7;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[7]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>
أنجزته اليابانية "ماري يامازكي </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Mari Yamazaki</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn8" name="_ftnref8" style="mso-footnote-id: ftn8;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[8]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>.
وهو أثر إبداعي تم نشره في البداية مسلسلا ضمن أعداد مجلة "كوميك بيم </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Comic Beam</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" وذلك بين شهري ديسمبر 2008 ومارس 2013. ثم ما لبثت هذه
الاسهامات أن جُمعت في ستة أجزاء، وظهرت ترجمتها الفرنسية ضمن منشورات "كاسترمان
</span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Casterman</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> المتخصّصة في نشر رسوم "المانغا"، وذلك مع
حلول أواسط شهر مارس من سنة 2012. وشكّل هذا الإصدار الذي طبع فيما لا يقل عن عشر
مليون من النسخ، بيع ثلثها بعد سنة واحدة من صدورها، حدثا فنيا يابانيا وكونيا
فارقا بكل المواصفات، لذلك سارعت شركات الإنتاج إلى اقتباس صور متحركة من هذه
الرسوم غطت ثلاث مواسم قُسّم كل واحد منها إلى جزئيين وانطلق بثها على قناة
"فوجي" التلفزيونية مع حلول شهر جانفي من سنة 2012. كما تم استلهام نفس
ذلك الأثر الإبداعي في كتابة سناريو شريطين سينمائيين وإخراجهما في غضون شهري
أفريل من سنتي 2012 و2014. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تدور
أحداث سلسلة الرسوم المتحركة الموسومة بـ"مسابح روما" بحاضرة الرومان
أيام حكم الإمبراطور "هادرينوس</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Hadrianus</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> <span lang="AR-TN">(117م-138م)، حيث نتابع بشغف وفضول لا حدّ لهما تعثرات مسار حياة مهندس
معماري مختصّ في تشييد المسابح يدعى "لوسيوس مودستوس </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Lucius Modestus</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" عاين مسار حياته المهنية مرحلة ركود مردّها تمسكه بتصورات معمارية
قديمة انقضى فصلها ولم تعد تستجيب لدواعي التجديد والمعاصرة. كما عاينت حياته
الشخصية من جانبها هزة عنيفة بعد قرار زوجته الانفصال عنه نهائيا، غير أن تدخّل الصدفة<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn9" name="_ftnref9" style="mso-footnote-id: ftn9;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[9]</span></span><!--[endif]--></span></span></a> أو
القدر هو الذي قلب رأسا على عقب مسار حياة ذلك المهندس المعماري الروماني الذي
استوحت المؤلفة اسمه عن اسم شخصية مشهورة ضمن مسلسل "روما"، ونقصد "لوسيوس
فورينوس </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Lucius
Vorenus</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> "، الذي
عرّف به أثر تلفزي مشهور تضمن هو أيضا عدة مواسم وتم بثه في أواخر تسعينات القرن
الماضي. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">اختارت
"يامازكي" أن يحيل لقب "مودستوس </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Modestus</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> <span lang="AR-TN">" على مدلولي التكبّر والجدّية وهما مَيْسَمَين طبعا سلوك بطل سلسلة
رسومها، هذا الذي عاينت حياته فجأة تحوّلا فارقا بمجرد أن عمدت "يامازاكي"
إلى ربط حكايتها الخيالية المستظلة بتاريخ مدينة روما على أيام إمبراطورها البنّاء
هادرينوس. فقد صادف تردّده على حمامات روما ومسابحها للتأمل في واقعه العاثر والتخفيف
من مساوئ مصابه المزدوج، حصول أمر خارق ومباغت تمثل في القدرة على طي الزمن ليجد
نفسه متنقلا بين حاضرة زمانه روما وحواضر اليابان المعاصر ذات المعمار المستقبلي
المُبهر، وتنفتح بصيرته الابداعية على معارف غير مسبوقة توصّل ومن خلال استلهامها إلى
تجديد رؤيته الهندسية والفنية، متجاوزا بذلك عقمه الفني وانحسار تصوراته الجمالية،
عائدا إلى مسقط راسه قصد تحويل مشاهداته إلى واقع حي عبر فتح أوراش تجريبية عكست توجهاته
الهندسية المجدّدة. <o:p></o:p></span></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تأثرت
واضعة هذه الرسوم المتحركة في صياغتها للحمة هذا العمل ونسجها لسداها بالعديد من
المؤلفات الإبداعية والعلمية التي نذكر في مقدمتها كتاب المؤرخ الإنجليزي "إدوارد
غيبون </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Edward
Gibbon</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>
"</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">(ت 1794)
"تاريخ انحدار الإمبراطورية الرومانية وسقوطها </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Histoire de la décadence et de la chute de
l’empire romain</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"، و"مذكرات
الامبراطور الروماني هادرينوس </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Les mémoire d’Hadrien</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"، وهي
رواية تاريخية ألفتها الكاتبة الفرنسية البارعة "مارغريت يورسنار</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>Marguerite Yourcenar</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>(ت 1987)، وصدرت سنة 1951 في شكل رسالة متخيّلة وجهها الامبراطور
البنّاء "هادريانوس" لخليفته الامبراطور الحكيم "مارك أوريل </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Marc Aurèle</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>(161 – 169م)، متعرضا في ثناياها إلى ولوعه بالشعر
والموسيقى والفلسفة، وإطلاقه العنان للتخيل الخلاق عقلا وذوقا، وهي نفس التوجهات
التي احتفظت بها "ماري يامازكي"، عاملة على مزجها بمحصلة تكوينها التشكيلي
ومعرفتها المجهرية بالفضاءين الزمانيين والمكانيين الاعتباريين لمشروع رسومها، وربط
جميع ذلك بتقنيات مبتكرة تمزج بكثير من الحسّ والطرافة بين فن مستظرف يحيل على
مخزون ذاكرة اليابانيين الجماعية ونعني بذلك فن "المانغا" طبعا، وفن
حديث بل و ما بعد حديث يعالج الواقع الإنساني الراهن بأدوات يعكس تشعّبها صعوبات العيش
المشترك راهنا، متخيّلا وبشكل استهامي ابداعي حلولا لتلك العقبات أو المصاعب.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">الروايات
والمقابسات المستلهمة من وقائع تاريخية: <o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-TN" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">تبدو
عملية صياغة المصير المشترك للإنسانية حاضرا، وبعد جميع ما أنجزته الثورات العلمية
والتقنية المتعاقبة من تسهيل للتواصل، متزامنة بشكل محيّر مع التقلصّ المطّرد لعوامل
التفاهم. فقد عزّز </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">واقع</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">
مجتمعات الحداثة الغربية هذه اللعنة بشكل وحشي، مختزلا الحياة في الوظيفة الاجتماعية،
وتاريخ الشعوب في عدد من الأحداث التي غالبا ما يُعمد إلى تأويلها بطريقة مُغرقة
في الانحياز، مع اندفاع مربك باتجاه تأجيج الصراعات وتأبيد التفكير المسطّح الذي
يحُث على نشر ثقافة الخوف وكراهية الأخر باعتباره رقعة تصويب ومصدرا لجميع الأشرار
التي تترصد البشرية. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">ولما كان سبب وجود
الرواية عامة ينهض على جعل ذلك العالم تحت الإضاءة المستمرة حماية للإنسان من
النسيان، فإن تزايد الحاجة لوجود الرواية قد تعاظم أكثر من أي وقت مضى، حتى وإن
تبيّن لنا أنها قد أضحت تعيش هي نفسها حالة من الضيق بالمعنى بعد وقوعها تحت سيطرة
أجهزة الإعلام وسطوتها التي ما انفكت تصبغ حياة البشرية بتصوّرات ضحلة جد نمطية،
ناشرة ذات الحقائق المعتلّة والصيغ الجاهزة التي يتهافت عليها الجميع بروح تصديق
مشتركة، إذ يكفي أن نتصفح الأسبوعيات السياسية الأوسع انتشارا من "التايمس </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">The times</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">إلى
"شبيغل </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Der Spiegel</span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">
</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"، مرورا بـ"لومند </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Le Monde</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">
أو "لونوفيال أبسرفاتور</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Le Nouvel
Observateur</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"، حتى نتأكد من تطابق مضمون موادها وأعمدتها
وصفحاتها ومواضيعها المنشورة في ذات الأبواب وبنفس الصيغ الصُحفية والمفردات
وأساليب التحرير، بل وحتى الأذواق الفنية. هذه الروح المشتركة تحديدا هي روح عصرنا
المضادة لروح الرواية. فالرواية تحاول إضاءة تعقيدات الحياة وتشعّبها، في حين أن
روح العصر متّجهة نحو التضييق على تلك الآفاق باختزال الزمان في اللحظة الراهنة
وحدها، وتحويل الفعل الإبداعي إلى مجرد إشارة عابرة وحدث عادي لا يختلف بالمرة عن
بقية الأحداث اليومية.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">أثران
ابداعيان محيّران لحدث واحد: "تارا نوسترا" للمكسيكي "كارلوس فوينتس"
و"1421 سنة اكتشاف الصين لأمريكا" للبريطاني "غيفن منزي"<o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">تعرض هذه العجالة إلى تجربتين ابداعيتين استظلتا بأحداث التاريخ بغية إثرة نوع
من السجال الفكري الخلاق حول المدلول الذي يتعين أن نعطيه للتواصل بين الشعوب
والحضارات؟ وهل أن اكتشاف الآخر في نهاية القرون الوسطى وانبلاج الفترة الحديثة قد
شكل فرصة حقيقية للعيش بذكاء؟ أم أنه قد أضحى مدعاة لمزيد من الانغلاق والانطواء
على النفس؟ <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فقد
اعتبر الروائي المكسيكي "كارلوس فونتيس" (1928 - 2012) "أن الهدف الأسمى
من المغامرة البشرية يتمثل في محاولة تجاوز عقبة المستحيل حتى وإن لم يُصِبْ جميعنا
من تلك المغامرة غير الوقوع أزلا في الفشل</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> L’aventure humaine consiste à tenter
l’impossible, même si nous échouons</span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">
</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn10" name="_ftnref10" style="mso-footnote-id: ftn10;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[10]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>.
هذه الحقيقة تحديدا هي التي نحتفظ بها قصد التعريف بمحتوى أثرين محيرين اتصلا
باقتراح تأويلين مُهمين للحظة تاريخية فارقة تحيل على توسيع المعرفة بجغرافية العالم
وبثقافة الآخر شرقا وغربا. ويتمثل هذان الأثران في مؤلفين استعادا وفق أساليب
فكرية وفنية طريفة غير مبذولة، لحظة اكتشاف العالم الجديد، وذلك بُغية التفكير بعمق
حول جدليّة الانفتاح والانطواء. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فقد
أصدر القبطان البريطاني وقائد غواصات البحرية الملكية "غيفين مانزي </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Gavin Menzies</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" وفي حدود سنة 2002 تحقيقا مثيرا حول اكتشاف الصين للعالم
الجديد عند مفتتح العشرية الثالثة للقرن الخامس عشر (1421)<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn11" name="_ftnref11" style="mso-footnote-id: ftn11;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[11]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>، أي
قبل 70 سنة من إبحار "كريستوف كولمبس" باتجاه جزر بحر الكرايب، وقرن
كامل من إتمام بحارة "ماجلان </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Magellan</span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" لأول طواف حول الأرض، وثلاثة قرون
ونصف قبل اكتشاف "جمس كوك </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">James</span><span dir="LTR" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Cook</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"> لقارة أوقيانوسيا. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">شكل
مقترح "غيفين مانزي" وبصرف النظر عن طبيعته المثيرة والتي تفتقد وفق
تقييمات المختصين إلى الصرامة العلمية متضمنة مآخذ أو مطاعن متعدّدة تتصل بتأويلاته
الخيالية، حدثا مهمّا بكل المقاييس. فقد شكّك المؤلِف في صدقية اكتشاف الغرب
لأمريكا معتبرا أن البحارة الصينين قد سبقوا أضرابهم البرتغاليين والإسبان إلى تحيق
ذلك الكشف. وهو ما أثار جدلا واسعا ولغطا كبيرا بخصوص وجاهة القول بتمركز تاريخ
الحداثة الكونية حول الغرب الأوروبي دون سواه. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">عوّل
"مانزي" في بناء فرضياته على قراءة التصاميم والتمثيلات الخرائطية
البحرية الإيطالية والبرتغالية التي سبقت موعد قيام كولومب برحلاته، وجميعها
تمثيلات ترسم جزرا ومجالات غير معروفة اتفق الباحثون في التاريخ على اعتبار محتوياتها
مجرد تهيئ خيالي لمواضع ليس لها أي وجود في الواقع. وهو استنتاج نفاه قبطان
البحرية البريطانية "غيفين مانزي" بشدة، معتبرا وعلى العكس من ذلك أن
تلك التمثيلات تحيل على مواضع حقيقية، بل وأن جميعها قد شكل معطيات تم تجميعها
استعدادا للجولة التي قام بها الرحالة الصيني "زهونغ هي </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Zheng He</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" على أيام امبراطورية سُلالة ملوك "المينغ </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Ming</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" الأثيرة. فقد توزّعت السفن المقلّة لبحارته -وإذا ما تعقبنا
محتوى الكتاب- إلى عدة بعثات تمكّنت تباعا من مجاوزة رأس الرجاء الصالح والابحار
باتجاه السواحل الغربية للقارة الإفريقية، والطواف بالقارة الأسترالية، قبل تجاوز
"كاب هورن </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Cap Horn</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" لتُرسي بالسواحل الأطلسية الشمالية
للقارة الأمريكية. في حين رمت شدة العواصف بمراكب بعثة ثالثة من مراكبه على سواحل
جزر بحر الكرايب قبل أن ينجح ملاحوها في الإبحار وبعد شديد عناء باتجاه جزيرة الغرونلاد
</span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Groenland</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">يصرّ
عارض هذه التصورات المثيرة على أن السبب في عدم العثور على أرشيفات رسمية صينية تسمح
بمزيد التحقق من حصول تلك "الاكتشافات" مردّه اتلاف جميع وثائق الأرشيف
الامبراطوري وفي حدود سنة 1480م من قبل المدافعين على سياسة الانغلاق والمحافظة.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ومهما
كان سبب الغموض الذي لفّ مثل تلك الوقائع المحيّرة، فإنها تجد صدى مربكا لها ينطوي
على نفس مستوى الإثارة ويحيل على نفس الاستفهامات ضمن رواية "تارا
نوسترا"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn12" name="_ftnref12" style="mso-footnote-id: ftn12;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[12]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>
أو "أرضنا" للأديب والديبلوماسي المكسيكي "كارلوس فوينتس"،
الصادرة في طبعة أولى سنة 1975. وهي رواية يقع موضوعها على تماس التاريخ والأسطورة
وبين الفلسفة والخيال العلمي، خاضت هذه المرة في اكتشاف العالم الجديد من قبل
امبراطورية اسبانية على وشك السقوط والاندثار. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وتقع
أحداث الرواية ضمن سياق جسّر القرون الوسطى مع انطلاق عصر النهضة غربا، وهي مرحلة تاريخية
عاينت احتضان إسبانيا لثلاث هويات، نصرانية ويهودية وإسلامية. أما موضوع الرواية
فيدور حول علاقة العالم القديم بانبعاث عالم جديد، وذلك من بوابة التفحّص المجهري
للعلاقات التي ربطت "إسبانيا العجوز أو الأبدية </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">L’Espagne éternelle</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" - وفق تسمية "فوينتس" الرائقة – بـ "إسبانيا
الجديدة </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">La Nouvelle
Espagne</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"، تلك التي
وُسمت لاحقا بـ"المكسيك". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">خضع
بناء هذه الرواية إلى نوع من التناظر الهرمي بين القسم الأول من الحكاية الذي تم
تخصيصه خصّص للحديث عن العالم القديم، فقد اختار الكاتب الانطلاق من واقع مدينة باريس
المتخيل يوم 14 جويلية سنة 1999 لتنخرط الحكاية فجأة في سياقات واقع إسبانيا القرن
السادس عشر. بينما ينغمس القسم الثاني منها في الثنايا التاريخية لاكتشاف العالم
الجديد، مركّزا على المرحلة الما قبل كولومبية في تاريخ المكسيك، وهي مرحلة عاينت
تعطّش آلهة الأزتيك للقرابين وسفك الدماء. أما القسم الأخير من الرواية، ذاك الذي
تم خطّه وفق أسلوب ملحمي، فقد عاد المؤلف ضمنه مجدّدا للبتّ في أوضاع إسبانيا
القرن السادس عشر، وهي أوضاع غلبت عليها طباع الاستبداد العقيمة التي لا يمكن ألاّ
يذكّرنا وبطريقته الخاصة بأوضاع السنوات الأخيرة من حكم "الجنرال فرانكو".
<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وهكذا
فقد تدبّر "فونتس" على قرابة الألف صفحة تدهور النظام الامبراطوري
الاسباني وتفاقم سلبيات تصرفات أعوانه المنغلقة الحمقاء، تلك التي أدت إلى نصب
محاكم التفتيش وطرد مسلمي الأندلس واليهود، مخصّصا مقدمة روايته وقسمها الختامي
لاقتراح تمثّل خيالي لأوضاع مدينة باريس مع نهاية الألفية الثانية ذلك الموعد الذي
اتصل خياليا بقرب انطواء الكون مع التشوّف إلى ولادة المُنقذ الذي يحمل شامة على
كتفه تبرهن على أنه صاحب الوقت ومخلّص الكون من مآسي الزمن القديم وحامل وعود عالم
متنوّع قادر على التصّرف بكثير من المتسامح والاشتراك في العيش بذكاء. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ولعل
أن الجانب المربك في الرواية هو زعم مؤلفها أن تلك الشخصية قد سبق لها أن حضرت
ببلاط أكبر قوة هيمنت على العالم في القرن الخامس عشر وأنها كانت بصدد التحفّز لحقن
دماء جديدة في حياة اسبانيا الناهضة، غير أن تخلّي الإمبراطور فيليب الثاني (الذي ضرب
مؤلف الرواية صفحا عن ذكر اسمه) على تصريف أمور الدولة وايثاره الاعتكاف للتزهّد بدير
قريب من قصر "الأسكوريال"، وبقاء زوجته وحيدة دون سند بين المتآمرين على
عرشه، وحداد أمه "جان </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Jeanne</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" المخبولة
بعد وفاة زوجها "شارل الخامس"، قد أدى جميعها إلى عدم التفطّن لحضور ذلك
"المخلّص" الذي برز على غير ميعاد ليزف خبر اكتشاف عالم جديد، غير أنه
قوبل بعدم الاكتراث فانقضّ الانتهازيون على السلطة وهيمنت تصوّراتهم الرجعية على
العالم ناسفة كل أمل في خلق إسبانيا جديدة قابلة بالتنوّع وغير مستعدة لإعادة
انتاج النموذج المُخزي لـ "إسبانيا الكاثوليكية المتعصّبة". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">رفع
"فوينتس" في رواية "تارا نوسترا" أو "أرضنا" تحدي اختصار
تاريخ أوروبا وفق صياغة فنية أو إبداعية روائية استحضرت أساطيرها المؤسسة من
"دون جوان" إلى "دون كيشوت" مرورا "بشارل الخامس"
وكريستوف كولومبس، قصد التفكير حول مدلول الزمن الدائري. وهو زمن يعود من خلاله
"الخيّرون"، حتى وأن لم يتفطن المعاصرون لحضورهم، فإما أن تنحو
الإنسانية باتجاه المصادقة على تمثل آحادي لعالم مفقّر غير متسامح (وهو ذات ما
وقعت في محاذيره إسبانيا القرن الخامس عشر) أو أن تقبل بعالم متعدّد الألوان حامل
لوعود هناء البشرية ورخاءها.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">ما
الذي بالوسع استخلاصه بعد استيفاء عرض مختلف العينات التي اقترحناها لتأثيث هذه
العروض المتدبرة لتقنيات الاستضلال الإبداعي بالتاريخي في "سوق"
الصناعات الثقافية التاريخية حاضرا؟ <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">لعل
ما يتعين التركيز عليه هو طابع الانتشار الكوني لتلك الأعمال الإبداعية والتثقيفية،
وهي ابداعات يزداد تأثيرها يوما بعد يوم وتتدخل بقوة غير مسبوقة في إعادة تشكيل
الذهنيات وتنميط الأذواق لدى الأجيال الصاعدة كونيا. ويدفع التلقّي الجماهيري لمختلف
هذه الصناعات الثقافية الاستهلاكية في تنوّع أشكالها وتعدّد حواملها (المكتوبة
والمسموعة والمرئية) وبعد أن تزايدت وتيرة اقتباسها من معين التاريخ البشري الذي
لا ينضب، إلى التساؤل بإلحاح حول أتجاه التسوية ضمنها وتفكيك الآليات التي عوّلت
عليها في مدّ جسور التواصل بين الشعوب والثقافات والأُمم، والقطع مع التوجهات الثقافة
النمطية المُهيمنة والمجازفة بإلقاء الاحكام القيمية المسبقة، الدافعة نحو مزيد
من الرهاب والانغلاق والتصديق على جميع الدعوى المضلّلة بخصوص عنجهية المختلف
و"بربريته". <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فهل
سيكون بوسع الاجيال الجديدة مستقبلا تفادي الانحدار إلى ظلمات القرون الوسطى
والانخراط على عكس ذلك في توجهات تفتح مجالا شاسعا للتنوع الثقافي بدل الانغماس في
آتون المنافسة العمياء، وفق ما تشي بذلك سلسلة "لعبة العروش" الموسمية؟
وهل ستعيد الإنسانية تملّك إرث الحضارات المتوسطية القديمة (الإغريقية والرومانية)
من بوابة الاعتراف بخصوصياتها المحليّة والافتخار بإسهام منجزاتها الحضارية في
تقدم تاريخ البشرية وفق ما نستشفه من متابعة رسوم "ماري يامازكي" المتحركة؟
ثم ما الذي يعنيه اكتشاف أفق جديد أمام البشرية، إذا لم يكن مصحوبا بوعد حقيقي في اقتسام
الجميع لنعمة العيش بكرامة وتحقيق الازدهار والرفاه، مصداقا لمأثور الحكمة الكونية
القائلة، بـأنه "لا ثمّة رقي إذا لم تقتسمه الكافة </span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>"Le progrès ne vaut que s'il est
partagé par tous </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"، وهو عين ما أومأت إليه تخيلات "كارلوس
فوينتس" الأدبية وفرضيات "غيفن مانزي" الطريفة؟ <span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">يقينا أن الروية التي
تصبو إلى اكتشاف ما لم تكتشفه بعد لم تعد تستطيع الحياة في سلام مع راهن عصرنا
المعولم. فقد تمثل طموح طليعة الروائيين في المسك بـ "روح العصر" وملازمة
صفّها، معتقدين أن المستقبل لابد أن ينصفهم في انجاز إبداعات مفارقة ومثيرة، غير
أن من أدركوا عصرنا قد فهموا أن مغازلة المستقبل هي أسوء ضروب الامتثال وأدهى
أشكال التملق الجبان للأقوياء. فإذا لم يعد للمستقبل عامة من قيمة تُرجى بعد
استحكام راهن يأبى أن يذهب في حال سبيله، فلمن سيتوجه خطاب مبدع الرواية مستقبلا؟ هل
سيتحوّل كاتب الرواية إلى مجرد واعظ ديني، أو إلى ممجّد مبتذل لحب الأوطان أو كاتب
منحاز لوصاية فكر الجماعة أو متعصب مبتسر لحرية الأفراد؟ ليس هناك من جواب عن هكذا
استفهامات سوى محاولة </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">إدراك
ما يعيشه العالم على أنه شيء غامض</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"> على نفس الشاكلة التي
انتهى إليه "ميلان كونديرا </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Milan Kundera </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" ضمن مقابساته بخصوص ما وسمه بـ "</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">فن</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"> الرواية"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn13" name="_ftnref13" style="mso-footnote-id: ftn13;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-SA; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[13]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>، حينما
اعترف دون اصطناع تواضع وعلى شاكلة "ميغال ثربانتس</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span>
</span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Miguel Cervantès</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%;">"،
"أن الابداع الروائي</span><span lang="AR-SA" style="color: black; font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-fareast-font-family: "Times New Roman"; mso-fareast-language: FR; mso-fareast-theme-font: minor-fareast; mso-font-kerning: 12.0pt; mso-themecolor: text1;"> يشكل</span><span lang="AR-SA" style="color: black; font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Times New Roman"; mso-fareast-language: FR; mso-fareast-theme-font: minor-fareast; mso-font-kerning: 12.0pt; mso-themecolor: text1;"> </span><span lang="AR-TN" style="color: black; font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Times New Roman"; mso-fareast-language: FR; mso-fareast-theme-font: minor-fareast; mso-font-kerning: 12.0pt; mso-themecolor: text1;">مواجهة
حقائق نسبية متعدّدة لا مكابدة حقيقة مطلقة واحدة، وأن على المبدع الحق التمسّك في
مغامرته بعِظَةٍ لا تبلى مفادها "أن الحقيقة اليقينية الوحيدة تكمن في حكمة
اللايقين"<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftn14" name="_ftnref14" style="mso-footnote-id: ftn14;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="color: black; font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: "Times New Roman"; mso-fareast-language: FR; mso-fareast-theme-font: minor-fareast; mso-font-kerning: 12.0pt; mso-themecolor: text1;">[14]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="color: black; font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-fareast-font-family: "Times New Roman"; mso-fareast-language: FR; mso-fareast-theme-font: minor-fareast; mso-font-kerning: 12.0pt; mso-hansi-theme-font: major-bidi; mso-themecolor: text1;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><b><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></b><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div style="mso-element: footnote-list;">
<!--[if !supportFootnotes]--><br clear="all" />
<hr align="left" size="1" width="33%" />
<!--[endif]-->
<div id="ftn1" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref1" name="_ftn1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[1]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Hazareesingh
(Sudhir), <i>Le mythe gaullien</i>, Paris, Gallimard 2010. <o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn2" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref2" name="_ftn2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Touraine
(Alain), « La pâleur du pouvoir en Amérique latine », dans
Jean-Pierre Castelain et al<i>. De l’ethnographie à l’histoire</i>. Paris,
Madrid-Buenos Aires. Ainsi que, Le Monde de Carmen Bernard, Paris, L’Harmattan
2006.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn3" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref3" name="_ftn3" style="mso-footnote-id: ftn3;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[3]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Arendt
(Hannah), « La brèche entre le passé et le futur », dans<i> L’Humaine
condition</i>, Paris, Gallimard, collection « Quarto » 2012, p. 602. </span><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn4" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 21.25pt; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref4" name="_ftn4" style="mso-footnote-id: ftn4;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[4]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Servos
(Norbert), Pina Bausch. Dance Theater, Munich, K. Keiser 2008, p. 15. <o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn5" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref5" name="_ftn5" style="mso-footnote-id: ftn5;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[5]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; mso-bidi-language: AR-TN;">وجميعهم من كبار
رواد الأدب الروائي الخيالي المعاصرين بأمريكا، وممن ثبت تأثر "جورج مارتين"
بهم، وشكّلوا مصدر إلهام في كتابة رواية "العرش الحديدي" التي تم
تحويلها لاحقا إلى مسلسل "لعبة العروش" الموسمي الذائع الصيت كونيا.</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn6" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref6" name="_ftn6" style="mso-footnote-id: ftn6;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[6]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Attali
(Jacques), « Game of Thrones » Le Moyen-Age qui vient. Article publié
dans le journal <i>L’Express, </i>livraison du 10 avril 2014.<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn7" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref7" name="_ftn7" style="mso-footnote-id: ftn7;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[7]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt;">يحيل المعنى
الحرفي لكلمة "مانغا" في اللغة اليابانية على مدلول الرسم غير المكتمل
أو العفوي</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; mso-bidi-language: AR-TN;">.</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt;"> ويتركب من قسمين هما: "غا </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Ga</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"
وتعني الرسم و"مان</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Man</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" وتعني الترفيهي أو العفوي. تحيل جذور
هذا الضرب الإبداعي</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; mso-bidi-language: AR-TN;"> ضمن خصوصيات </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt;">الثقافة
اليابانية التي أعلت تاريخيا من مكانة التعبير التشكيلي بوصفه حامل ابداعي يضارع
في بلاغته القولين النثري والشعري، مكتفيا في الكشف عن مدلوله بذاته دون حاجة إلى
الملفوظ أو المكتوب. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt;">وتعرض رسوم المانغا في اللونين البيض
والأسود بغرض الضغط على التكاليف. وتتضمن عدد كبيرا من المجسمات قياسا للرسوم
المتحركة الأوروبية، وذلك بمعدل 100 مجسم للمشهد الياباني / مقابل 40 مجسم للمشهد
الأوروبي. وتحتوي منشورات المانغا على سلسلة من المجلدات. كما تتسم الرسوم
اليابانية القريبة من التقسيم التقني للسيناريو بحركية أعلى من رصيفتها الغربية،
مع التركيز على توجه كاريكاتوري ساخر يُعرّي الحالة الوجدانية لأبطال الحكاية، مع
عدم الامتثال بالضرورة لخصوصيات السمت الشرقي وتقاطيعه وذلك من خلال عدم الاستنكاف
من رسم وجوه تحمل مواصفات القسمات الغربية ولون شعرها (اصفر وأحمر) وألوان عينيها
(فاتحة زرقاء أو خضراء).<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt;">وللتوسع في تاريخ هذا الفن الياباني
القديم المنشأ والجذور تحسن العودة إلى دراسة</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; mso-bidi-language: AR-TN;">: <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Bouissou (Jean-Marie), <i>Manga :
Histoire et univers de la BD japonaise</i>, éd., Philippe Picquier, Paris 2010.
<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;">
</span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn8" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref8" name="_ftn8" style="mso-footnote-id: ftn8;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[8]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; mso-bidi-language: AR-TN;">وهي مؤلفة
رسوم متحركة يابانية من مواليد سنة 1967 بطوكيو. اشتهرت بتأليف سلسلة رسوم فكاهية
من نوع الخيال العلمي الموجه لليافعين (8 – 18 سنة) حملت عنوان "مسابح
روما". وقد قضت "يامازكي" ما لا يقل عن 11 سنة بمدينة فلورانس
الإيطالية في كفالة أستاذ فنون إيطالي التقت به بالصدفة بمحطة القطار ببروكسيل
البلجيكية إبان رحلتها الأوروبية الأولى وسنها لم يتجاوز آنذاك 14 سنة. وبعد ثلاث
سنوات قام ذلك المدرس باستدعائها إلى كلية الفنون الجميلة بفلورانس حيث تلقت
تكوينا أكاديميا عاليا، ثم تزوجت من حفيده، منتقلة للعيش بمعية زوجها بمسقط راسها
"سابورو" ثم بلشبونة عاصمة البرتغال فشيكاغو بالولايات المتحدة
الأمريكية، واستقرت مؤخرا بمدينة البندقية.<span style="mso-spacerun: yes;">
</span><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn9" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref9" name="_ftn9" style="mso-footnote-id: ftn9;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[9]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 12.0pt; mso-bidi-language: AR-TN;">وهو عين
ما عاشتها مؤلفة تلك الحكاية إبان رحلتها الأولى إلى أوروبا ولقائها غير المتوقع
بالمرة بمحطة قطار بروكسل البلجيكية بأستاذ مدرسة الفنون الجميلة بمدينة فلورانس
الإيطالية واستقرارها لأكثر من عشرية بتلك المدينة قصد تلقّي تكوينا أكاديميا في
الفنون التشكيلية.</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn10" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref10" name="_ftn10" style="mso-footnote-id: ftn10;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[10]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><a href="https://www.blogger.com/null" name="_Hlk509139501"><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Fell (Claude)</span></a><span style="mso-bookmark: _Hlk509139501;"><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;">, « </span></span><span style="mso-bookmark: _Hlk509139501;"><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Carlos Fuentes, un écrivain à l’écoute du
monde »</span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">,</span><span dir="LTR" style="background: whitesmoke; color: #231f20; font-family: "Helvetica",sans-serif; font-size: 11.0pt; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-theme-font: minor-bidi;"> </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Claude FELL, « TERRA NOSTRA, Carlos Fuentes, <i>Encyclopædia
Universalis </i>[en ligne], consulté le 28 janvier 2018.
URL : http://www.universalis.fr/encyclopedie/terra-nostra/</span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn11" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref11" name="_ftn11" style="mso-footnote-id: ftn11;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[11]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Menzies (Gavin), <i>1421 L’année ou la
Chine à découvert l’Amérique</i>, traduction de Julie Sauvage, édition
Intervalles, Paris 2007.<o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn12" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref12" name="_ftn12" style="mso-footnote-id: ftn12;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[12]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Fuentes (Carlos), <i>Terra Nostra</i>,
trad. De l’espagnol (Mexique) par Céline Zins, Collection du monde, Gallimard,
Paris 1979<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn13" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref13" name="_ftn13" style="mso-footnote-id: ftn13;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[13]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Kundera (Milan), <i>L’art du roman</i>,
édition Gallimard « Folio », Paris 1995. <o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn14" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B5%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9/%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%86%D8%A7%D8%B9%D8%A7%D8%AA%20%D8%A7%D9%84%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8A%D8%A9%20%D8%A8%D9%8A%D9%86%20%D8%A5%D8%BA%D8%B1%D8%A7%D8%A1%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B9%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%A8%D8%AF%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D8%A9%20%D9%88%D8%AD%D8%AF%D9%88%D8%AF%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%82%D8%A7%D8%B1%D8%A8%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%AB%D9%82%D9%8A%D9%81%D9%8A%D8%A9.docx#_ftnref14" name="_ftn14" style="mso-footnote-id: ftn14;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[14]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"> </span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><i><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;">Ibid</span></i><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;">, p. 17. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">« Comprendre avec Cervantès le monde
comme ambiguïté, avoir à affronter, au lieu d’une seule vérité absolue, un tas
de vérités relatives qui se contredisent (vérités incorporées dans des ego
imaginaires appelés personnages), posséder donc comme seule certitude la
sagesse de l’incertitude, cela exige une force non moins grande. »</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
</div>
</div>
صدرت هذه المساهمة ضمن أعمال الملتقى العربي التاسع لأدب الطفل الذي اهتم بموضوع "القصة التاريخية الموجهة إلى اليافعين"، نشر منتدى أدب الطفل، تونس 2018. ص ص، 131 - 155. </div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0tag:blogger.com,1999:blog-7524765744900595329.post-33100205999463255432018-03-09T16:25:00.000+01:002018-03-09T16:25:06.592+01:00بيداغوجية الانتماء إلى "الأمة التونسية" في كتاب "تونسنا تاريخنا ومستقبلنا" للراضي المؤدب Tunisie, Hommes et Patrimoines Sous la direction de Radhi Meddeb<div dir="ltr" style="text-align: left;" trbidi="on">
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div class="separator" style="clear: both; text-align: center;">
<a href="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgtlXjhEWDWQxpWfxwuif5WLoOjEr6_sd610hgcTBnKth2x0xDlzUWPW56mMtLDzvmRDYYnMbG1smfEZ1pdd1vJ3EdfWZJr8Oscfy3bYcwtwddKbRvONKLUF3JXJ8Wj6_rIbWziZ_wcxYFC/s1600/9852369.jpg" imageanchor="1" style="margin-left: 1em; margin-right: 1em;"><img border="0" data-original-height="1600" data-original-width="1194" height="320" src="https://blogger.googleusercontent.com/img/b/R29vZ2xl/AVvXsEgtlXjhEWDWQxpWfxwuif5WLoOjEr6_sd610hgcTBnKth2x0xDlzUWPW56mMtLDzvmRDYYnMbG1smfEZ1pdd1vJ3EdfWZJr8Oscfy3bYcwtwddKbRvONKLUF3JXJ8Wj6_rIbWziZ_wcxYFC/s320/9852369.jpg" width="238" /></a></div>
<div dir="rtl" style="text-align: center;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
<br /></div>
<div dir="rtl" style="text-align: right;">
</div>
<div align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: center; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div align="center" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: center; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div align="right" class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: left; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<br /></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>تمّ نشر هذا "الكتيب" في صيغتيه
العربية والفرنسية عن "جمعية عمل وتنمية متضامنة </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Association Action et Développement
Solidaire</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" وصدرت
الطبعتين العربيتين سنة 2012 في قرابة 100 صفحة، في حين ظهرت الطبعة الفرنسية لنفس
الكتيب منقّحة ومعدّلة في 121 صفحة أواخر سنة 2017. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;">وتضمّن
فهرس محتويات الكتاب في آخر طبعاته الموضوعة في اللغة الفرنسية، وهي طبعة تجاوزت في
ما بدا لنا الأهداف البيداغوجية للصيغة الموضوعة في اللغة العربية، لا تكتفي
بمخاطبة اليافعين من أطفال المدارس وتلاميذ الاعداديات متوجّهة إلى شرائح أوسع من
القراء، عروض اتصلت بجغرافية البلاد التونسية وبالمفاصل الزمنية الكبرى التي
عاينتها وبتوصيف شكل علمها ونشيدها الوطني وتقاطيع مائة شخصية مختارة من بين
مناضلي حركتها الوطنية ورجال دولتها الناشئة ودساتير جمهوريتيها الأولى والثانية،
ونبذة عن سياستها الخارجية ومقدّراتها الاقتصادية الفلاحية والصناعية والسياحية،
فضلا عن توصيف مسارات عدد من الشخصيات الاعتبارية من بين كبار أطبائها ومبدعيها،
أدبا وشعرا ورسما وطربا وتلحينا ومسرحة وكتابة سينمائية وتمثيلا وانتاجا ابداعيا
ورياضة.</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"> <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">في بيداغوجية الانتماء إلى "الأمة التونسية":<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span></b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>يشير عنوان الكتاب إلى مفارقة غير معلنة
شكّلت نوعا من اللَبْسِ الذي يحتاج إلى مزيد توضيح. فقد تم وَسْمُ العروض المقترحة
في صيغتها العربية بـ "تونسنا تاريخنا ومستقبلنا اليد في اليد نبني تونس
الغد"، في حين حملت الصيغة المترحمة إلى الفرنسية عنوان: "تونس، السكان
والتراث </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Tunisie,
Hommes et Patrimoines</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>". ولئن
راوحت العروض بين السرد التقريري ومنتخبات التراجم أو المسارات الفردية المعلِّمة
لتاريخ التونسيين، فإن المحصلة قد أبانت على حضور نوع من التجاذب بين عدة اختيارات،
بحيث بدا من الصعب على واضعي هذه العجالة المختصرة وعلى المُطّلعين على محتواها
أيضا، الفصل بين مختلف الشواغل برد مجمل المعطيات المقترحة إلى مؤلَف تاريخي بحت
أو تحويلها إلى مدونة تراجم </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">un dictionnaire biographique</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>.
<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">ولا يتعين أن يذهب في الظن أن ما نحن بصدده يحيل على هوية العروض المقترحة
أو على جنسها الأدبي، فالأثر الذي بين أيدينا ليس بكتاب تاريخ بالمدلول المتعارف
عليه حتى وإن نهل من معين تلك المعارف، موظّفا غيرها على غرار الجغرافيا الطبيعية
والسكانية والعلوم الاقتصادية والسياسية والدراسات الحضارية والتراثية والمتخفية
قصد مدّ الأجيال الجديدة بصورة مكتملة ومختصَرة في آن عن المميزات الناظمة لمجال
اعتباري تعايشت داخله ولا تزال مجموعة بشرية شكّلت بالتقادم "أمة </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">une Nation</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" مستقلة بذاتها، تتوفّر على<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>ما يكفي من المميزات الخصوصية حتى يكون لها موطئ
قدم بين بقية أمم العالم. لذلك وددنا لو عمل القائمون على هذا المُنجز المفيد ذي التوجّه
البيداغوجي المُعلن على ربطه بإشكالية جليّة تفسر مقصده باعتباره "مختصرا
مونوغرافي يتبسّط في توضيح مميزات البلاد التونسية </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">un précis monographique dédié aux
spécificités de la Tunisie</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" ويعرّف
بالروابط التي تصل بين جمّاع التونسيين، لا بتاريخ تونس فحسب، ناقلا لقرائه صورة
عن خصوصيات حضارتهم وطبيعة واقعهم الراهن ومحصّلة أيامهم وأعمالهم. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">ويقتضي التذكير بعمق الانتماء المشترك بين جميع التونسيين الحذر من
الانزلاق في إعادة انتاج المضامين "الحنينية" المنخرطة في نوع من
الوطنية اليعقوبية </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">un nationalisme jacobin</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>"، وهي
مضامين تحيل على خطاب ممجوج عاينته مرحلة بناء الدولة الوطنية من قبل حزب الدستور
(الحرّ والاشتراكي والتجمعي الديمقراطي) الذي حكم بلا انقطاع على امتداد أكثر من
نصف قرن، والقطع مع "أيديولوجية الإصلاح </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">idéologie réformiste</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" التي انتهت إلى طريق مسدودة، مشرّعة لاقتراف
فضيع التجاوزات التي ليس بالوسع تبرئة جانب كبير من الدستوريين وجميع من تشيّع
لمشروعهم أيضا من التوّرط فيها<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AF%D8%A8/%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D8%BA%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AF%D8%A8.docx#_ftn1" name="_ftnref1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "ولSimplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: "Simplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[1]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>.
فاستضلال دولة الاستقلال بشعارات النماء على تعدّد منجزاته (التعلق بقيم الحداثة
ونشر التعليم على نطاق واسع والتدرّج في تحرير المرأة وتنظيم الأسرة)، لا يتعين أن
يحجب عن أعيننا الفوارق بين أنساق التنمية بجهات الساحل مقابل ضمورها بالجهات الداخلية<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AF%D8%A8/%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D8%BA%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AF%D8%A8.docx#_ftn2" name="_ftnref2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR" style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "ولSimplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-bidi-font-family: "Simplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></a>،
مع تعاظم الفوارق بين الفئات الاجتماعية، وحقيقة سقوط جانب من ممثلي النخب في مداراة
السياسة الرسمية للدولة بتشريع منطق المغالطة المُستند إلى إعادة انتاج المواضعات الاجتماعية،
رغما عن انتهاء فصلها وفشلها الذريع في رفع اكتناف التونسيين وتطوير مستوى ادماجهم
الاجتماعي وتمكين الأجيال الشابة من خلال تطوير المؤهلات المهنية وتوسيع دائرة
التشغيل والقطع مع جميع المظاهر السلبية لسياسة الاشهاد الجامعي المغشوشة، بعد تفاقم
نسب العاطلين من بين الحاصلين على تلك الشهادات.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">جولة في محتويات الكتاب: <o:p></o:p></span></b></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>عالجت العروض المستجلبة ضمن
الصيغتين العربية والفرنسية وباعتماد منهج بيداغوجي تثقيفي مُوَجّه إلى اليافعين
من التونسيين وغيرهم من بين المنتسبين إلى الفئات العمرية الناضجة، جوانب مختصرة
ومفيدة من تاريخ التونسيين ومشترك حياتهم اليومية المعاصرة، اتسمت بالتركيز على
تقوية الاشتراك في الانتماء "للأمة التونسية </span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">la Nation tunisienne</span><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span>" باستذكار سير كبار المناضلين
والمقاومين وبناة دولة الاستقلال ومضمون دساتيرها الأربعة وجمهوريتها الأولى
والثانية، ومشاهر شخصياتها (كعليسة وحنبعل وعقبة وعزيزة عثمانة والكاهنة وخير
الدين والمنصف باي)، وعلمائها (كابن الجزار وسحنون<span style="mso-spacerun: yes;"> </span>وابن عرفة وابن خلدون ومحمد بيرم الخامس ومحمد
الطهر بن عاشور)، وأطبائها (كمحمد الشريف الصقلي ومحمود الماطري والحبيب ثامر
وتوحيدة بن الشيخ وصالح عزيز ومحمد الطيب القصاب والبشير حمزة)، وأدباءها (كابن
رشيق والحصري والشابي والحداد والدعاجي والنقاش والمسعدي ومحمد الشرفي وعبد الوهاب
المؤدّب)، ومناضلاتها النسويات (كزبيدة بشير وبشيرة بن مراد وراضية الحداد) وفنانيها
(كالشيخ العفريت وحبيبة مسيكة وخميس الترنان ومحمد التريكي والهادي الجويني ومحمد
الجموسي ورؤول جورنو وقدور الصرارفي، وعلي السريتي، وعلي الرياحي وصالح المهدي، وشافية
رشدي وصليحة والشاذلي أنور وأنور براهم) وفكاهييها (كصالح الخميسي والهادي
السملالي وحمادي الجزيري ولمين النهدي) ومبدعيها من المسرحيين والسينمائيين (كأحمد
بوليمان وعلي بن عياد والزهرة فايزة وعمار الخليفي والمنصف السويسي ومُنى نور
الدين وتوفيق الجبالي والنوري بوزيد وسلمى وجليلة بكار وفاضل الجعايبي)، وكبار منتجي
أو مقدمي برامجها الاذاعية (كعبد العزيز العروي وتوفيق بوغدير وعليّة ببو ودليلة
ثابت أو "فائقة" وإبراهيم المحواشي)، ورياضييها (كحسين بلخوجة المعروف بـ"زيزي"
ومحمد القمودي و"عتوقة" أو الصادق ساسي والصادق كوكة وحبيبة الغريبي
وأسامة الملّولي وسارة بسباس وأنس جابر) ورساميها (كيحيى التركي وعلي بن سالم
وعمار فرحات ونيلو ليفي والهادي التركي وزبير التركي وصفية فرحات وعبد العزيز
القرجي ونجا المهداوي وأحمد الحجري). ولم تغفل تلك العروض التعريف بأبرز المواقع
الأثرية والمحميات الطبيعية والجزر والمدن التاريخية المسجّلة بقائمة التراث
العالمي وتعداد أسماء المتاحف المتخصّصة الاثرية منها والحرفية والاتنوغرافية، مع التوقف
عند حدث الثورة الذي خصّته الصحافة العالمية بالعديد من افتتاحياتها، وعند مدلول
حصول تونس على جائزة نوبل للسلام لسنة 2015 بعد نجاح أعرق منظمات مجمعها المدني (أو
"الرباعي الراعي للحوار") في تحقيق التوافق السياسي وإرساء ركائز
الانتقال الديمقراطي. وأُردفت مجمل تلك العروض بمعطيات مقتصَدة حوصلت أهداف الطرف
الناشر المتمثل في "جمعية عمل وتنمية متضامنة".<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">لا شأن للتونسيين بالحرية من دون اكتسابهم للكرامة:<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span></b><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span>يدعو تلخيص محتوى هذا الأثر
القيّم في صيغتيه المبسّطة وتلك المعدّلة أو المزيدة والمنقّحة، إلى التفكير الهادئ
والعميق في مدلول اللحظة الفارقة التي عاشتها البلاد عند أواخر سنة 2010 وبداية
سنة 2011، وذلك بغرض مزيد فهم العلاقة التي ربطت بين شاغلي الحرية والكرامة ضمن
الشعارات الاجتماعية المرفوعة، مع الدعوة إلى إعطاء مدلول واقعي لهما ضمن خصوصيات
الحياة اليومية المشتركة للتونسيين. فقد بيّنت السياقات الخصوصية للثورة التونسية أهمية
الوصل في تمثل معظم التونسيين بين الكرامة والحرية، حتى وإن تعيّن ألاّ يلهينا الايماء
لحضور مثل ذلك الترابط عن تواصل اشتغال نوازع الوصاية المتخفّية وراء التركيز
المرضي على صورة الدولة المُنْعِمَة من ناحية والرُهاب من جبروت تدخلها في جميع ما
يتصل بتصريف الشأن العام والاسراف في مهادنة أو في استرضاء "صنائعها"
حتى وإن اقتضى ذلك تنفيلهم بل وإرشائهم. <o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">وينمّ تمثل شرائح واسعة من التونسيين لمدلول الكرامة من جانبه عن لبس حقيقي
كشفت عنه السجالات الحادة التي دارت بينهم خلال السنوات القليلة المنقضية، وهي مطارحات
زاغت بجميعهم عن العمل المشترك من أجل رسم أفق جديد ومفارق لمستقبلهم يضمن تعايشا
صِحّيا، وينم عن ذكاء الأفراد ورغبتهم المسؤولة في الانعتاق والتحرّر. </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">فلئن
تضمّنت ديباجة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادرة سنة 1948 إشارة صريحة إلى أن
"كل البشر يتوفّرون في ذاتهم على ما يحفظ كرامتهم"، ونصّ الفصل الأول من
نفس الإعلان على أن جميع الناس "يولدون أحرارا ومتساوون في الحقوق"، فإن
ما تضمنه الفصل 23 من الدستور التونسي الجديد الذي تمت المصادقة عليه في 26 من شهر
جانفي من سنة 2014 بخصوص "التزام الدولة بصون كرامة مواطنيها والدفاع عن
حرمتهم الجسديّة"، لا يمكن أن يلهينا واقعيا عن تعدّد الوضعيات الاجتماعية
التي يصعب معها ادعاء قدرة جميع التونسيين على التصرّف في مصيرهم بالقدر اللازم من
الحرية، الأمر الذي يستوجب الربط بين ما تمنحه الدساتير أو القوانين من حقوق عامة
وشخصية، وبين حقيقة الأوضاع المادية لمن يتمتعون بتلك الحقوق، مع التبصّر بقيمة
الكرامة بوصفها مطلب محوري علّم التحولات الاجتماعية المترتبة عن حدث الثورة
تونسيا. </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">و</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">يساعد
ما استعرضناه على مزيد فهم السجال الحاصل بخصوص صعوبة مواءمة القيم الكونية مع
واقع المجتمعات النامية. فهل بوسع التونسيين مواصلة الانخراط بجدّية ورصانة في استيعاب
القيم الكونية بعد إكسابها طابعا محليا؟ ثم هل يستقيم الاقرار بازدواج انتسابنا
للثقافة الإسلامية وللقيم الكونية في آن؟ </span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"><o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">يقينا أنه بمقدور
الإجابة عن مختلف هذه التساؤلات أن تشكل الإطار الناظم لكل تفكير بخصوص الواقع المفارق
لما بعد سنة 2010، وخاصة عندما نصرّ على رفض كل اعتقاد في قدرة التوجهات المتشدّدة
أو المنغلقة على تكييف علاقتنا بالإرث الثقافي الإسلامي، فجميعنا مغاربة ومسلمون بالاعتقاد
وممارسة الشعائر أو بالانتساب الثقافي مع رفع التكاليف، غير أن هويتنا لا يمكن باي
حال ابتسارها في مدلولها العربي الإسلامي الصرف، بل يتعين الاعتراف بتوفّرها على أبعاد
مكمّلة إفريقية شبه صحراوية، وأخرى متوسطية وثالثة مشرقيّة ورابعة غربية أيضا. فكل
عودة للتفكير بخصوص حقيقة تنوّع الانتماءات الثقافية المتّصلة بتعريف ما وُسم بـ"التَوْنَسَةِ"
ينبغي أن تعيد تركيب انتماءاتنا من بوابة التعدّد وإثراء مشتركنا الثقافي الذي يُعطي
لجذورنا اللوبية أهمية بالغة بحكم اتصالها بلغة تخاطبنا وحضور بصماتها المتعدّدة ضمن
أشكال عيشنا اليومي وتراثنا غير المادي أيضا.<o:p></o:p></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">لذلك فإن
شعارات الثورة الرابطة بشكل معلن بين الحرية والكرامة لا يمكن فصلها عن ممارسة
المواطنة والاحتكام إلى التعاقد والالتزام بالقوانين، وجميعها قيم أو فضائل مدنيّة
تحيل على سجل الحداثة. والغريب بهذا الصدد أن الدفاع عن مكاسب الدولة المدنيّة هو
ما أضحى يجابه راهنا بمزيد من التحفّظ والارتكاس، بعد تأوليه من قبل شرائح واسعة
تنتسب إلى المجتمع التونسي باتجاه النزوع نحو مزيد من الانطواء والعدوانية تجاه
المدافعين على مدنيّة الدو</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">لة وحداثة المجتمع، مما ينهض حجّة على أن</span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">
تطوير مدول</span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";"> الكرامة
ضمن سياق ما بعد الثورة تونسيا مرتبط بمدى قدرة المجتمع على تجاوز نوازع الوصاية
ورسم طريق سالكة تُسعف في القبول بالعيش المشترك والاعتراف بالتنوّع الثقافي،
تجاوزا لجميع أشكال الانطواء ودواعي الإقصاء، تلك الوضعية التي ليس لنا من حظ في
تخطيها</span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span><span dir="LTR" style="font-family: "ولSimplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-bidi-font-family: "Simplified Arabic"; mso-bidi-language: AR-TN;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic",serif; font-size: 14.0pt; line-height: 107%; mso-ascii-font-family: "ولSimplified Arabic"; mso-hansi-font-family: "ولSimplified Arabic";">ما
دامت معرفتنا بالتاريخ في وجهيه التثقيفي والتخصّصي حبيسة خطاب سياسي شديد التسطيح
ومستوى ثقافي جماعي مُسرف في التمركز حول ذاته، يحتاج إلى الخروج نهائيا من ضيقه وتجاوز
قصوره، تشوّفا إلى كتابة جديدة حول الذات تتسم بتعدّدها ونقديتها وانفتاحها، تُوسّع
للفضول بابا وتقطع مع رتابة التبئير المَرَضِي حول مربع الوطن، مع الاقتناع في
جميع ذلك بأن الشرط التوجيهي لصون الانتماء المشترك يحتاج إلى مزيد التعرّف على الغيريات،
"الأليفة" من بينها و"الغريبة" أيضا. </span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic", serif; font-size: 14pt; line-height: 107%; text-align: right;">ذلك هو مدلول الرسالة العميقة للمبادرة المدنية
والمواطنية التي أتاها القائمون على جمعية "عمل وتنمية متضامنة"
وأدرجوها ضمن أولوياتهم القائمة على ربط العمل والحرص على خلق الثروة أيضا،
بالتشديد على النماء في صيغته المتضامنة، وهي صيغة يَحْسُنُ ضمنها ربط الحرية بوصفها
القيمة الأكثر اشتهاء تونسيا بالكرامة تلك التي تحيل على اعتقاد التونسيين في عضوية
العلاقة الرابطة بين الفعل السياسي وما يتعين أن يترتب عن ذلك الفعل من نتائج اقتصادية
واجتماعية./. </span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="RTL" lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic", serif; font-size: 14pt; line-height: 107%; text-align: right;"><br /></span></div>
<div class="MsoNormal" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<span dir="RTL" lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic", serif; font-size: 14pt; line-height: 107%; text-align: right;">(صدر هذا العرض ضمن الصفحة الثقافية لجريدة المغرب التونسية بتاريخ الجمعة 9 مارس 2018). </span><span dir="LTR" style="text-align: right;"></span><span dir="LTR" style="text-align: right;"></span><span style="font-family: "ولSimplified Arabic", serif; font-size: 14pt; line-height: 107%; text-align: right;"><span dir="LTR"></span><span dir="LTR"></span> </span><span dir="RTL" style="text-align: right;"></span><span dir="RTL" style="text-align: right;"></span><span dir="RTL" lang="AR-SA" style="font-family: "Simplified Arabic", serif; font-size: 14pt; line-height: 107%; text-align: right;"><span dir="RTL"></span><span dir="RTL"></span> </span></div>
<div style="mso-element: footnote-list;">
<!--[if !supportFootnotes]--><br clear="all" />
<hr align="left" size="1" width="33%" />
<!--[endif]-->
<div id="ftn1" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AF%D8%A8/%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D8%BA%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AF%D8%A8.docx#_ftnref1" style="mso-footnote-id: ftn1;" title="">[1]</a></span></span></span></span></span><span lang="AR-TN" style="font-family: Arial, sans-serif;"> </span><span dir="LTR">Hibou Béatrice, « Le réformisme, grand récit politique de
la Tunisie </span></div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
contemporaine », <i>Revue d’histoire moderne et
contemporaine</i>, 5/2009 (n° 56-4bis), p. 14-39.</div>
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: right; unicode-bidi: embed;">
<span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;">
URL : </span><span dir="LTR"><a href="http://www.cairn.info/revue-d-histoire-moderne-et-contemporaine-2009-5-page-14.htm"><span style="mso-bidi-language: AR-TN;">http://www.cairn.info/revue-d-histoire-moderne-et-contemporaine-2009-5-page-14.htm</span></a></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
<div id="ftn2" style="mso-element: footnote;">
<div class="MsoFootnoteText" dir="RTL" style="direction: rtl; margin-right: 1.0cm; text-align: justify; unicode-bidi: embed;">
<a href="file:///C:/Users/Lotfi/Desktop/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AF%D8%A8/%D8%A8%D9%8A%D8%AF%D8%A7%D8%BA%D9%88%D8%AC%D9%8A%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%A7%D9%86%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%A1%20%D8%A5%D9%84%D9%89%20%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85%D8%A9%20%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9%20%D9%81%D9%8A%20%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%20%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A%20%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%A4%D8%AF%D8%A8.docx#_ftnref2" name="_ftn2" style="mso-footnote-id: ftn2;" title=""><span class="MsoFootnoteReference"><span dir="LTR"><span style="mso-special-character: footnote;"><!--[if !supportFootnotes]--><span class="MsoFootnoteReference"><span style="font-family: "Calibri",sans-serif; font-size: 10.0pt; line-height: 107%; mso-ansi-language: FR; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-SA; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-fareast-font-family: Calibri; mso-fareast-language: EN-US; mso-fareast-theme-font: minor-latin; mso-hansi-theme-font: minor-latin;">[2]</span></span><!--[endif]--></span></span></span></a><span dir="LTR"><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="RTL"></span><span lang="AR-TN" style="font-family: "Arial",sans-serif; mso-ascii-font-family: Calibri; mso-ascii-theme-font: minor-latin; mso-bidi-font-family: Arial; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: minor-bidi; mso-hansi-font-family: Calibri; mso-hansi-theme-font: minor-latin;"><span dir="RTL"></span><span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="font-family: "Times New Roman",serif; mso-ascii-theme-font: major-bidi; mso-bidi-language: AR-TN; mso-bidi-theme-font: major-bidi; mso-hansi-theme-font: major-bidi;">Gherib (Baccar<i>), Penser la transition
avec Gramsci, Tunisie 2011 – 2014</i>, éd., Diwân, Tunis 2017. Voir la quatrième
et dernière partie de cet ouvrage consacrée aux inconvénients du déséquilibre spatial
ou régional en terme du développement tout au long de l’histoire de la Tunisie.
<span style="mso-spacerun: yes;"> </span></span><span dir="LTR" style="mso-bidi-language: AR-TN;"><o:p></o:p></span></div>
</div>
</div>
<br /></div>
Lotfi Aïssa http://www.blogger.com/profile/16823270978431539040noreply@blogger.com0