lundi 8 avril 2013

تعريفات مختصرة للتطرف والشعبوية والعنف











تستعمل لفظة التطرّف غالبا للدلالة على نظرية أو وجهة نظر سياسية أو دينية ترفض الأطراف المتبنية لها الاحتكام إلى غير ما تمليه عليها تلك النظرية. ولا تتورع ردود الفعل المتطرّفة عن اللجوء إلى استعمال الأساليب العنيفة بهدف إدخال تغيير جذري على الواقع الاجتماعي الذي تعيش في كنفه. وتتسم المواقف المتطرّفة بتضافر عدة عناصر يغلب على ورودها التكرار، مثل تعصب التفكير، والدعوة إلى العنف، واللجوء إلى المناورة والانقلاب. ويحمل الفرد فكرا متطرّفا بمجرد أن يكون متأكدا من امتلاكه للحقيقة، معتبرا من لا يشاركه نفس التوجه أو الرأي على ضلال، دون حاجة لتبرير ذلك بشكل عقلاني متوازن. وتهدف الدعوة إلى استعمال الأساليب العنيفة إلى إقصاء جميع المخالفين في الرأي أو الموقف أو التوجه بالقوة، وذلك عبر اللجوء إلى التصفية الجسدية أو الاغتيال أو الدعوة إلى الثورة أو القيام بانقلاب.
أما الشعبوية فتحيل على كل خطاب سياسي يستهدف النخب الفكرية تحت غطاء إرجاع الحكم للشعب. إذ غالبا ما تعمد الشعوبية إلى إدانة النخب ومجموعات المصالح الصغيرة داخل المجتمع، معتبرة أن مسكها بالسلطة هو المتسبب الأساسي في جميع المشاكل والصعوبات، لأن تلك المجموعات المتنفذة لا تبحث إلا على إرضاء طموحاتها الخاصة دون التفكير في مصالح الأغلبية. يقترح الشعبويون تخليص أجهزة الدولة من يد النخب الأنانية ووضعها بيد الشعب خدمة لمصالحه. كما يشيدون بالحسّ الشعبي السليم معتبرين أن جميع الحلول المقترحة من طرفهم قابلة للتطبيق بشكل فوري وناتجة عن رأي عام منسجم متجانس المواقف. ويتوجه الشعبويون بالنقد عامة إلى أوساط الفكر والمال ومختلف الأقليات العرقية والملية والسياسية التي ينظر إليها بوصفها محتكرة للسلطة، خائنة للأغلبية التي تدعي الشعبوية تمثيلها.
اتسع استعمال هذا التسمية التي ظهرت إلى الوجود في القرن التاسع عشر خلال ثمانيات القرن الماضي لوسم التيارات السياسية الديمغوجية المعوّلة على الانتهازية السياسية، وخاصة من بينها تلك التي توجد في الصفّ المعارض للسلطة القائمة. من المفيد التنويه عند هذا الحدّ بتوازي الأبحاث المنجزة في العلوم السياسية بين التوسّع في استعمال هذا التوصيف السياسي حاضرا، واندثار الحديث عن الطبقات الشعبية على مستوى أجهزة أو خطاب الأحزاب السياسية. أوّلت تلك الأبحاث كثافة اللجوء إلى استعمال لفظة شعبوية باتجاه ربطه بازدياد التهيب من الأوساط الاجتماعية الشعبية. لذلك انسحبت الشعبوية بشكل واسع على تيارات اليمين المتطرف، حتى وإن ارتبط استعمالها في الأصل بالثقة في الشعب وفقا لما تشف عنه فرنسيا خطابات روبسبيرRobespierre وميشلي Michelet  مثلا.
ويعرف العنف حال استعمال القوة المادية أو/ و المعنوية لفرض السيطرة وإحداث الضرر أو التصفية الجسدية. ويستتبع ذلك بالضرورة إلحاق الأذى وإيلام الغير. وتحيل لفظة عنف في أصلها اللغوي اللاتيني vis على اللجوء لاستعمال القوة دون التفكير في مدى مشروعية إتيان مثل ذلك التصرّف. ويمكن تبويب حالات اللجوء إلى استعمال العنف إلى عنف بين الأشخاص، وعنف دولة، وعنف له أسباب إجرامية، وعنف سياسي، وعنف رمزي، وعنف ناتج عن الظروف الطبيعة، وعنف الافتراضي.
ويرتبط العنف بين الأشخاص باللجوء إلى الهيمنة واستعباد الآخرين باستعمال القوة المادية (الضرب والاغتصاب والتعذيب) أو المعنوية والنفسية (الشتم والتحرش وحجب الحقوق والحريات واستغلال الموقع الاجتماعي لإذلال الآخر والحط من قيمته ). كما يتضمن العنف بين الأزواج والأقارب والعنف المسلّط على الأطفال وجميع أشكال التأثير السلبي.
أما عنف الدولة فيتّسم بتعويلها ضمنيا أو بشكل معلن على ما يسميه ماكس فيبر Max Weber "احتكار العنف الشرعي" وذلك بهدف إنفاذ الأحكام القضائية والحفاظ على النظام العام. على أن ذلك لا يمنعها من الانزلاق باتجاه إرهاب الدولة أو باتجاه توخي أشكال متطرفة للعنف تصل إلى حدّ اقتراف المجازر.
ويحيل العنف الإجرامي على تصرّف تلقائي أو منظم يخضع لأسباب اجتماعية أو اقتصادية ونفسانية. ويمثل هذا الشكل من أشكال العنف وفقا لما بينته البحوث الوجه العكسي أو المقابل للعنف الشرعي الذي تمارسه الدولة وكذلك للعنف الرمزي.
ويتضمن العنف السياسي جميع حالات العنف التي يعتبر مقترفوها أن لها أسباب عادلة، أو يجدون لها مبررا شرعيا بالاستناد على هدف سياسي نبيل. (كالثورة، ومقاومة الاستبداد، والانتفاض ضد الاستبداد، ومعاقبة الطغاة). وتعتبر العديد من أشكال التصرّف العنيفة كمجابهة الإرهاب والمقاومة الهادفة إلى إعادة الشرعية حال انعدام الحلول السلمية، مقبولة أخلاقيا وقانونيا خاصة في حالات الدفاع الشرعي عن النفس أو مقاومة الاستبداد والطغيان.
ويشمل العنف الرمزي وفقا لتصور بيير بورديو Pierre Bourdieu العنف اللفظي والعنف الخفيّ  والعنف المهيكل الذي غالبا ما يكون الأفراد عزّلا إزائه، على غرار هيمنة شريحة اجتماعية أو مجموعة على أخرى، أو شينطنة مجموعة بعينها والدفع نحو الانتقام منها وتحويلها إلى كبش فداء.
بقي أن نعرف أن للظروف الطبيعية عنفها الذي يشمل العواصف والفيضانات والزلازل والحرائق الناشبة في الغابات والانكسارات البحرية tsunamis وغيرها من الكوارث. ويعتبر قدامى الإغريق أن مسألة العنف (bia) لا تتصل بالعالم الحيواني (zôoi) ولا يمكن ربطها إلا بالحياة البشرية وحدها (bios)، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد في أن حضورها مرتهن بالنطق، الذي يشكل خاصية بشرية صرفة، مما ينهض حجة على أن العنف الحيواني ما هو في لاالحقيقة إلا إسقاط تجسيمي projection anthropomorphique من قبل البشر على تصرفات حيوانية طبيعية.
بينما يتمثل العنف الافتراضي في تعويل شخص ما على العنف (المادي أو اللفظي بقصد تحقير شخص آخر، من خلال تركيب شريط فيديو أو انجاز لقطة إشهار أو أي شكل من أشكال التمثيل الأخرى، ثم وضعه على شبكة الانترنيت بغية تحقيق ذلك الهدف. فـ 7% من الفيديوهات المنشورة على "اليوتوب" في حدود سنة 2010 وهو ما يشكل بالرقم المطلق ما لا يقل عن 50000 فيديو، تتضمن محتويات افتراضية عنيفة بشكل موصوف، مع توجه واضح نحو توسّع الاستعمال الشعبي لمثل تلك الأساليب المدانة والممارسات العنيفة.  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire