jeudi 7 février 2013

كُلَيمات للتأبين












"لمّا يُقدم المنحط على اقتراف دناءاته يتعين أن يصوّب الحكيم نظره نحو القمر"



تختزل هذه الجملة وجهة نظر أحرار التونسيات والتونسيين إزاء عملية الاغتيال "الوَاطِية" التي أزهقت جُبنا روحا مطمئنة إلى تونسيتها، وأسكتت صوتا اقتلع مكانة سامقة لدى الحالمين بالكرامة والمنتشين بحرية تونس الثائرة.
شكري بلعيد شخصية وطنية حقيقية تنتسب إلى العائلة اليسارية التونسية، وهي عائلة قاومت بشراسة مزالق الدولة الوطنية وزلات حكّامها، وتمكّنت بجدارة أن تُتَوْنِسَ فكرا مستجلبا ينهض على الدفاع عن المسحوقين والمنسيين الذين لفضتهم التنمية الانتقائية، تلك التي آثرت تكديس الربح السهل على مواصلة تجسيم حلم التونسيين في الانعتاق من ربقة الفقر والجهل والخصاصة.
فكر تملّكه شق من التونسيين، فتحوّل بالتقادم إلى علامة منظّمة لنضالهم الاجتماعي قبل السياسي، انصاع إليه أعرافهم وأُجرائهم في التعاقد واستبقوا من خلاله سلمهم الاجتماعية.
لم يُطّل علينا شكري بلعيد من سماء غير سمائنا، ولم يرغمنا على إمضاء "عهد نجد" أو"فكر الإخوان" المنغّص على تديّننا، الناكث لعهودنا الروحية، المُنقلب على نموذجنا المجتمعي. ولم يغازل وحشة أعمار قضّيناها ولا نزال في الجهد والكدّ ومحبّة الأوطان.
لم يكفّر شكري بلعيد صادق إيماننا وبساطته، ولم يستهن بصفاء سريرتنا وسذاجة محبتنا لبعضنا البعض. أَحَبّ التونسيين فبادلوه نفس الشعور، واحترم ذكائهم فاستنجبوه شوكة في حلوق من أكرهوهم على ما لا يَرْضَوْنَه لعدوهم قبل أنفسهم.
صحيح أن يد الغدر قد صفّته وأخرست اللسان منه، لكن حلمه بالانعتاق قد انسلخ مُشتركا جمعيا للتونسيين، يكفي للمرء أن يتأمل جيدا ما رمّزت إليه رفيقة دربه "بسمة" هذا الصباح بقلب الشارع الرئيسي لتونس العاصمة، لمّا رفعت إصبعي نصر الحكيم صوب العُلى، حتى تبلغ من لم يصله الخبر بعد أن ثقافة الاغتيال ليس لها، كما ثقافة شيوخ النكاح تماما، أي أمل يُرجى تحت سمائنا.  



     


Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire