mardi 19 mars 2013

Mémoire vivante ou performance d'antan








Le cheikh Ali Barrak : 

 Originaire de la ville de Kairouan, il s'était spécialisé dans les lectures psalmodiques du Coran. Il était aussi un muezzin et un chanteur mystique hors paire. Il avait commencé sa carrière de muezzin dans la mosquée de Youssef Sahib Ettabaa dans le quartier de Halfaouine à Tunis. Partie  pour effectuer le pèlerinage, il s'était arrêté à la mosquée al-Azhar au Caire pour se réapproprier les techniques de l'appel à la prière et du chant soufi qu'il a su métamorphoser pour leurs donner une âme maghrébine. Il fut le premier à psalmodier le Coran pour la radio tunisienne et ce depuis sa création en 1938. Le fond Barrak est aujourd'hui détenu par la radio nationale tunisienne, qui s'obstine à réquisitionner une mémoire  vivante, tout en refusant aux tunisiens de se l'approprier démocratiquement en partage. 
en proposant ce pur moment de régal engendré par cette magistrale prestation de la "Barzanjiya", ou de la "mawlidiya", texte mystique retraçant la trajectoire de vie du prophète de l'islam et récité par Cheikh Ali BarraK, nous aimerions attirer l'attention de nos compatriotes sur un jalon essentiel de notre culture immatérielle ainsi que sur un pilier fondamental de notre mémoire collective. 
Écoutons-l'artiste :






samedi 9 mars 2013

ملاحظات بخصوص مدلول التّطرّف الديني











       
      ما التطرّف الديني؟ وما الفرق بينه وبين التعصّب والأصولية؟ ثم هل يدفع التديّن بالضرورة إلى التحريض على استعمال العنف؟ 
تتقاطع مختلف هذه التسميات بشكل ملحوظ حتى وأن اختلف مدلولها باختلاف الأديان. ويتميز التعصب الديني (الذي يقترب بشكل لافت من التقليدية) بنزوعه باتجاه التمسك بمختلف المعتقدات والقيم التقليدية. فالمتعصبون الدينيون يجدون صعوبات جمة في القبول بما فرضته الحداثة من تحولات على أشكال التدين، لذلك يفضل هؤلاء العيش في ماض مثالي متوهَم، كما يظهرون تمسّكا بعدد من الممارسات أو الشعائر التي لم يعد لإظهارها موضوعيا من موجب، على غرار التمسك بالاختلاف في المظهر أو في القيافة قياسا لما هو سائد.
اتصل التعصب الديني تاريخيا بالمسيحية الكاثولكية اليمينية، على أن يتم سحب نفس التسمية على مختلف المتعصبين الدينيين بما في ذلك المسلمين من بينهم. أما الأصولية فقد ارتبطت غربا بالفكر الديني البروتستاني الداعي إلى التمسك بالأناجيل المقدسة وتأويلها حرفيا دون إبداء أي تساهل من شأنه أن يخل بالمعنى. كما تحيل الأصولية أيضا على جميع المسلمين الداعين إلى عدم تخطي التأويل الحرفي للنص القرآني. وهكذا فإن التعصب والأصولية لا يقتصران تاريخيا على ديانة مخصوصة دون غيرها، بل يحيلان على توجهات إيديولوجية واجتماعية ودينية وسياسية تخترق جميع الديانات الكبرى، إبراهمية كانت (اليهودية والمسيحية والإسلام) أم شرقية (الهندوكية والسيخية والشنتووية).
ومهما يكن من أمر فإن التعصب الديني غالبا ما يحيل حاضرا على فرق دينية مسيحية أو إسلامية، حتى وإن شفت جميع الديانات على أشكال مخصوصة تحيل على مظاهر تعصب وأصولية لا يمكن نفيها.
بوسعنا تحديد الطبيعة المتطرّفة أو الراديكالية لمجمل الإيديولوجيات الدينية وفقا للموضع الذي يحتله كل تيار ديني على محور ثلاثي الدوائر يتضمن يمينا ووسطا ويسارا. وتخضع عملية تحديد الموضع على هذا المحور للمواقف والآراء التي تعبّر عنها مختلف تلك التيارات تجاه القيّم السائدة ضمن سياق تاريخي مخصوص.
ويمكن تبويب تلك القيم إجمالا وفقا للترتيب التالي: "القيم التي اندثرت وذهب فصلها، القيم التي لا تزال موجودة، القيم التي اكتسبت حق الوجود، والقيم التي لم تعبّر عن وجودها بعد". فكلّما كان موقع المتدين على يمين هذا المحور، كلما أشّر ذلك على انخراطه في المحافظة واقترابه من التوجهات الماضوية أو الرجعية من خلال التمسّك بقيم قديمة متآكلة.
فالمتعصبون والأصوليون يشكّلون وفقا لهذا التحديد فرق دينية يمينيّة أو يمنية متطرفة. وفي المقابل فإن التيارات التي فضلت الناحية المقابلة للمحور، دون أن تجد نفسها عند طرفه، يمكن أن تُحسب على اليسارية أو الليبرالية، بل وقد يستقيم اعتبارها تقدميّة تساهم توجهاتها في معاضدة القيم الكونية الأكثر انفتاحا.
وهكذا يبدو جليّا تموقع الراديكاليين والمتطرفين عند الجانبين الأقصى الواقعين عند يمين ويسار المحور، وتشكيلهم لفرق لا تتورّع على استعمال العنف بغرض فرض قناعاتها الدينية.
يتوجّب التنويه بضرورة توخي التحفظ في استعمال هذا التقسيم النمطي، الذي ليس له عمليا من دور غير توضيح الواقع المعقّد للمسألة التديّن حاضرا وتبسيطها. فالاكتفاء بالنعوت الدونية المشحونة لا يساعد البتة على مزيد التعرّف بشكل دقيق على الفرق الدينية اليمينية من بينها، كما القريبة من الليبرالية أو التقدمية. لذلك من الأحرى التعويل على الملاحظة الميدانية وتنزيل مختلف الظواهر المدروسة ضمن سياقها التاريخي وتوجهّها الثقافي، مع العمل على تفكيك محتوى خطابها تفاديا لتجزئتها والإحاطة بها في كليتها. فلئن بدت لنا أغلب التيارات الدينية كونيا منجذبة إلى يمين المحور المشار إليه أعلاه، فإن مرد ذلك متصل بالشحنة النضالية أو الدعويّة القوية لتلك التيارات أو الفرق قياسا لما تبديه التيارات الواقعة على يساره من تحفّظ بخصوص مزيد التعريف بتوجهاتها المنخرطة عامة ضمن سجل قيم يُركّز على الجوانب الروحية ذات المنزع المجدّد والذي غالبا ما يتسم بابتعاده عن أشكال التدين التقليدية دون الوقوع بالضرورة في تعارض قطعي مع الأحكام الدينية، مع عدم تهيب من الخوض في مسائل إثيقية تُعلي من مكانة الحقوق الشخصية وتدافع عن سلامة المحيط والتضامن الدولي الذي يشكل مجالا نضاليا متقاسما مع التيارات المدنية والسياسية المدافعة عن القيم الكونية التي تعتبر أن لسلامة البيئة والحفاظ على السلم العالمية آصرة متينة بحقوق الإنسان.
ونستطيع القول أنه على الرغم مما عاينته العشريات القليلة الماضية من توسّع في مدلول المدنية وقيمها كونيا، فإن ذلك لم يترتب عليه البتة إقصاء للمسألة الدينية عن المشروع الكوني للحداثة. بل يمكن الجزم وفقا لجميع المؤشرات أننا نعيش حاضرا "عودة للتدين" سبق لجيل كبال Gilles Kepel أن اعتبرها بمثابة عملية ثأر من الحداثة التي بشرت صراحا بموت الله "la revanche de Dieu".
وهكذا احتفظت علاقة الإنسان راهنا بالمقدس بحضورها في صميم بحثه عن المعنى، حيث استجابت تجربة التدين لجملة من الحاجيات تأتي على رأسها القدرة على الحد من الإحساس بضعف الأمان وتعقّد المشاكل النفسية والتبئير المرضي حول مسألة الهوية وانهيار القيم التقليدية، وهي في معظمها صعوبات تتصل بمشروع الحداثة الذي تتناقض دعاوى الكونية ضمنه مع حقيقة الهيمنة الغربية. لذلك يشكّل التدين وعلى صعيد التمثل حاضرا شكلا من أشكال التعبير عن موقف نضالي يطالب بتحقيق مزيد من العدالة ويقاوم من أجل رسالة تضارع غيرها في النبل بل وقد تفوقها أحيانا.
إن دواعي الإنصاف تقتضي تفسير الأسباب التي تكمن وراء الانسياق باتجاه العنف تحت غطاء التدين أو من خلال تشغيل آليات الوصاية على المجتمع باسم الدين. فمن الممكن رد ذلك إلى أسباب عديدة على غرار وقوع بعض التيارات الدينية ضحية للاضطهاد، وتكيّف ردود أفعالها العنيفة مع حضور حقيقي للاستهداف وعمليات إذلال وتشفي مقصودة. كما يمكن للخلط بين الفضاء العام والانتماء العقدي أن يشكل واقدا لاستشراء العنف. فالعديد من المواجهات التي تتسربل بلبوس دينية، ليس لها على الحقيقة إلا أسبابا سياسية أو اجتماعية واقتصادية. لذلك يتعين على المجموعة الدولية أن تعلن صراحة تضامنها في الوقوف ضد جميع أشكال العنف الموظفة للدين أو المتخفيّة ورائه. كما يتعين المحافظة على الطابع المدني للدولة والتمسك بالفصل بين الدين والسياسة، دون أن يترتب على ذلك أي شكل من أشكال التعدي على الحريات الدينية، مع فسح المجال واسع أمام ممارسة الشعائر الدينية واحترام مختلف شعائرها وطقوسها واحتفالاتها وأعيادها، واعتبار اللباس الديني مسألة خاصة غير قابلة للمزايدة، فإظهار التشدّد إزاء جميع أشكال الحريات الدينية لا يؤدي عامة إلا إلى نتائج عكسية وسلبية.
كما يتعين تفادي الخلط بين الهويات العرقية والسياسية واللغوية ونظيراتها المتصلة بالدين، فمن كمال التصرف البشري التعالي عن الصراع بين الأخوة في الإنسانية، والسمو بالمنزلة البشرية عن جميع الاختلافات الدينية.
وهكذا يمكن التشجيع على الحوار عبر مزيد الاعتناء بتدريس تاريخ الأديان وتطوير الكفاية المدرسية المتصلة بالمعارف الأنتروبولوجية والاجتماعية والثقافية ذات الاتصال بالمسألتين الدينية والروحية. كما أن توسيع الاطلاع على الديانات البشرية ومعرفة أدوارها الإيجابية والسلبية على الأصعدة الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية، بوسعه أن يدفع نحو مزيد القبول باشتراك جميع الديانات في كونها موروث بشري جماعي يتعين احترامه والحفاظ عليه. فحتى وإن لن يسعف التعرّف على تلك الديانات والاطلاع على تاريخها بمفرده في فهم جميع الظواهر التي نعيشها حاضرا، فإن ذلك من شأنه أن يوسّع وعينا بالرهانات الدولية المعاصرة، ويمكّننا من التعوّد أيضا على الحياة سويّا ضمن واقع كوني يحتاج إلى مزيد من الدفع باتجاه التآلف مع الاقتناع بحق الكافة في العيش بسلام.