dimanche 23 décembre 2012

مديح الحرية










Paul Eluard. Premièrement. 

Et quand tu n’es pas là
Je rêve que je dors je rêve que je rêve […]
Je te cherche par-delà l’attente
Par-delà moi-même
Et je ne sais plus tant je t’aime
Lequel de nous deux est absent. 

وعندما لا تكونين معي
أحلم أني نائم، أحلم أني أحلم [...]
أبحث عنك في مجاوزة الانتظار
في مجاوزة الذات
لكأني لفرط محبتي عاجز عن تحديد
 المتغيب من كلانا.  
بول ألويار، بدءا    

Paul Eluard. De l’horizon d’un homme à l’horizon de tous

J’entends encore la voix
C’est là que tu aimeras
Toujours – toujours – toujours […]
Explique si tu peux pourquoi c’est ce visage
Et non un autre qui s’arrête devant toi. […]
J’entends encore la voix
Aime – aime
Les oiseaux les étoiles se poseront sur ta tête
Et des yeux sans sommeil veilleront dans les tiens
J’entends maintenant la voix
Tout ce qu’elle n’a pas dit […]
J’entends autour de moi la ronde du silence
Tu seras comme un fou à l’idée du malheur
Comme un fossé dans le désert
Comme un malade abandonné
Parce qu’il a trop espéré
Il t’arrivera peut-être d’être comme un mort […]
Jusqu’au point insensible
Jusqu’à l’absence souhaitée de tout secret. 


 أصغي حتى الآن إلى ذلك الصوت
 هاهنا ستحب
على الدوام – على الدوام – على الدوام [...]
حاول أن تفسر ما استطعت لماذا صادف نظرك ذلك الوجه
وليس أي وجه آخر [...]
 أصغي حتى الآن إلى ذلك الصوت
  أَحب – أَحب
ستحط العصافير على رأسك والنجوم
ستسهر في عيونك عيون لا يكحل جفونها نوم
أضغي الآن إلى ذلك الصوت
أسمع جميع ما لم تقله [...]
أسمع حولي صوت دارة الصمت
سينتابك جزع المجانين من نزول الخطب
  كهوة وسط الرمضاء ستكون
كمريض فاقد للرعاية
بعد أن أنهكه التشبث بالرجاء
غير بعيد أن ينتابك الإحساس بمفارقة الحياة [...]
 بلوغ نقطة اللاشعور
  لكي يخلّصك تمنّي الغياب من كل سرّ دفين.

بول ألويار، من أفق للذات إلى أفق للجميع  
  


samedi 8 décembre 2012

من "ميلشيات" الدستور إلى "كتائب" النهضة !









يعرف أبناء الاستقلال ما آل إليه أمر البلاد بعد فشل تجربة التعاضد وانتصار الدولة-الحزب إلى الليبرالية الاقتصادية الخالية من كل تدرّج نحو التحرّرية السياسية. فقد عاينت البلاد انزلاقا باتجاه التطويق السياسي والاحتقان الاجتماعي. كان من نتائجه توسيع الفوارق بين التونسيين والحد من حركيّة الفئات الوسطى التي شكّلت عماد الاختيارات التنموية البشرية والاقتصادية لدولة الاستقلال.
استمرت المعاناة عشريتين بأكملهما اختلطت خلالهما الأوراق بشكل لافت والتبس النضال الاجتماعي بحالة من التعفن السياسي أدت إلى ربط النضال المدني والنقابي والاحتجاج السياسي بمسألة الخلافة تلك التي حسمها المقترح الأمني الذي وظف الشرعية السياسية لدولة الاستقلال باتجاه مجافاة واقع الاختلاف والاكتفاء بالتعبير عن النية في تطوير الحياة السياسية بما يتناسب وما بلغته التنمية البشرية تونسيا.
وفي الأثناء التهمت الدولة حزب الدستور بالكامل، وحوّلته بالتدرج إلى تجمّع للتعبئة والدعاية السياسية يلهج بمكاسب التغيير اسما لا رسما. 
لعبت ميلشيات الدستور في هذا المشهد الفاسد دورا كارثيا عدّ على المعارضين أنفاسهم، وتفنن المنتسبون إليها في كتابة التقرير وتوجيه "الاستفادات" والتهيب من الاختلاف لمجرد الشبهة والرهاب من وقع أي تعبير حرّ، فاعتضدت بهم المؤسسة الأمنية لتشكّل شبكة استعلامات ومصالح متشعّبة أفضت إلى حالة من انعدام الثقة لم يعد من اليسير حيالها التفريق بين المتواطئ مع السلطة والمستقل عنها والمناضل ضد توجهاتها.
فقد عاينت تونس ربع قرن من التدجين الممنهج كانت خلاله جميع الأحزاب السياسية ظلا لذاتها، بينما فضّلت القيادات النقابية والمهنية على اختلاف توجهاتها الانسياق في تيار التصديق على السياسة الاقتصادية والاجتماعية المتّبعة نظير سخيّ المكافئة. ولم يكن للصحافة الحرة موطن قدم بعد أن أمعن الذراع القضائي للدولة الحزب في تعطيل روابط النضال الحقوقي عن لعب دورها المتمثل في فضح مختلف أشكال التجاوز السياسية والأمنية والقضائية. 
من السابع من نوفمر 1987 إلى الثالث عشر من جانفي 2011 احتلت لافتات الحزب الحاكم البنفسجية الساحة العامة، أعلتها سواعد مفتولة وضمائر مشلولة في التجمعات السياسية الرسمية وامتلأت بها الشوارع والساحات في الاحتفالات الوطنية والدينية، ونشرها المتملّقون في قاعات العروض الفنية والثقافية، ولم يسلم من إيذائها كل تجمّهر بصرف النظر عن طبيعته العامة أو الخاصة. 
ثم فجأة ومن "زاوية ميّتة" انفلقت غضبة شعبية اقتلعت رأس النظام وجهاز دعايته، مُحتِّمة القطع مع التطويق السياسي عبر الدخول في مسار مُكلف ملئ بالمحاذير هدفه تجاوز حالة الإرجاء التي لازمت المطالبة بإعطاء مدلول مادي لمسألة الاشتراك في السيادة. 
باشر التونسيون المرحلة الجديدة بتيقّظ شديد ولم يصدر عنهم بعد مرور قرابة الحولين عن قيام الثورة أي تعبير جماعي عن الغبطة بما أنجزوه، حتى وإن حملتهم حالة الانتشاء بالحرية في أحيايين عدة إلى الانخراط في التهييج والمزايدة، الأمر الذي  ينبئ بأن تعاملهم مع الواقع لم يزل خاضعا لتمثلاتهم التقريبية وتخيلاتهم المتباينة بخصوص مدلول المشاركة في الحياة العامة.
لم يكن من اليسير الخروج بتوافقات دقيقة حول المسار السياسي الذي يتوجّب قطع صراطه للنهوض بالحياة العامة. غير أن الحسم باتجاه إجراء انتخابات مجلس تأسيسي، تجسّم واقعيا بمقتضى نتائج انتخابات شهر أكتوبر من سنة 2011، قد أعاد تشكيل الخريطة السياسية للبلاد بطريقة يصعب معها الدفع نحو أنجاز توازن مقبول للقوى السياسية ويكفل تحقيق تناوب على السلطة يحول دون العودة إلى تقديسها. 
هذا الرهان المحوري في ما وُسم حاضرا بمسار الانتقال الديمقراطي، هو الذي لا تزال ملامح مرحلته الثانية غائمة غير محسومة. لذلك فإنه وإن لم يكن في النية التوجّه باللائمة لأي طرف سياسي بخصوص التعجيل بـ"رصد الأهلة"، اعتبارا بأن التعقيدات اليومية المتّصلة بتصريف الشأن العام تُعفي جميع من قدّر مزالقها من الانخراط في مثل هذا التصوّر، فإن واقع الحال يضع البلاد في منعرج صعب لابد من التبصر بخطورته. 
نحن نعيش حالة من التجييش هدفها الاستمساك بالسلطة السياسية من خلال تحويل لجان شُكلت عفويا لحماية الثورة إلى روابط رسمية تعمل لحساب الطرف المستفيد من انتخابات أكتوبر وتشكّل أذرع عنيفة له. لذلك يتعين أن يكون هذا الوضع القابل للانفجار في كل لحظة مدعاة حقيقية للقلق على مصير البلاد وعلى مستقبلها المنظور.
فمن هم في السلطة اليوم لا يمتلكون، ومن موقع ثبوت تلاعبهم بالقانون، العصمة من الانزلاق في إعادة إنتاج منظومة الاستبداد التي سبق وأن زجت بالعديد من مناضليهم في غياهب السجون وأقصتهم عن ممارسة أبسط حقوقهم كمواطنين تونسيين، حتى وإن كنّا لا نعتقد أن الأصل في دعواهم قد تمثل في الدفاع عن تلك القيم مبدئيا. 
يمتلك حزب النهضة بمفرده الأغلبية النسبية، وينفرد الثلوث الحاكم بموقع مريح داخل المجلس التأسيسي يشفع لمركباته بأن تباشر أمور الحكم باستعلاء من لم يتمرّس على تصريف الشأن العام بعد، غير أن المجازفة بتحصين مواقعهم عبر ضرب مختلف التكتلات السياسية المعارضة لتوجهاتهم من خلال تشغيل آليات اللغط والمزايدة حول رصيدها الثوري، وتسريع عملية تدجين إتحاد الشغل الذي يمتلك رغم زلاته أضخم رصيد تاريخي نضالي تونسيا من أجل كسب رهانات انتخابية غير خافية، هو الذي يدفع بالبلاد إلى أتون الاستحراب السياسي إذا لم تُدرك الأطراف الحاكمة قبل غيرها أن مصلحتها تقتضي عدم الاتكاء على تشغيل آليات التجييش السياسي من خلال توظيف مختلف الأجنحة العنيفة سلفيّة كانت أم شعبويّة متخفيّة بلُبوس طُهرية. 
تعوّل "كتائب" النهضة على جرّ قدم حكّام اليوم على غرار من كانوا بالأمس إلى بريق السلطة، كي تعيد الجميع إلى المربع الأول من خلال إنتاج منظومة التطويق السياسي بعد تغليفها بجرعة من الحرية المزيفة ظاهرها الوصول إلى وضع نهائي وباطنها العَدْو ضمن نفس المُرَبْع.