samedi 31 mai 2014

هل بوسع نداء تونس التحوّل إلى حزب جماهيري ديمقراطي؟















       ما المدلول الذي يتوجب إسناده للالتزام السياسي الحزبي بعد أن نّزع عن التونسيين رهاب الدولة؟ وما الفرق بين من يندرج دورهم ضمن تأمين الانتقال الديمقراطي ومن يتعين عليهم تولى مسؤولية رسم الأفق السياسي لحزب جماهيري وديمقراطي جديد؟ ثم ما أهمية الدفع باتجاه انجاز ميثاق مواطني في إعطاء مضمون مفارق للعقد الاجتماعي؟ وما الذي يشرّع ومن وجهة نظر الممارسة السياسية عقلنة سجل القيم والضوابط الناظمة للعيش المشترك باتجاه صون الحريات الشخصية وإعطاء مدلول واقعي دقيق لكرامة الأفراد؟
ليس هذا مجال إفاضة في الإجابة عن مختلف هذه التساؤلات اعتبارا إلى أن نص المرجعيات الفكرية والسياسية لحزب نداء تونس، وهو توليف تحاورت وفي بداية خريف سنة 2012 مجموعة من الجامعيين والمثقفين والمعنيين بالشأن المدني والسياسي بخصوصه وصاغت محاوره الكبرى، سبق وأن قدم مختلف التوضيحات بخصوصها.
كل ما بوسعنا اقترحه ضمن هذا الإطار وفي سياق مختلف عن ذاك الذي جمعنا للتفكير الحرّ حول مرجعيات تشكيلة سياسية حادثة لا نزال نستشعر ضرورة تعميق مرجعياتها، هو جملة من الإيماءات الخاطفة نسعى إلى عرضها على الحضور آملين أن يتم تدبّرها بعين فاحصة.
-       يبدو الالتزام السياسي ضمن واقع ما بعد الثورة تونسيا غير معني بمحورية إعطاء مدلول شخصي للمسؤولية، لأن ما يطغى على المشهد السياسي وإذا ما نحن تغاضينا عن منطق الاصطفاف والسجال والمناكفة وحتى اللغو المجاني أحيانا، هو الدفع باتجاه إعادة إنتاج منظومة السلطة الفردية la volonté de reproduire le même système de pouvoir personnel والامتناع عن ربط المسؤوليات بمدلول شخصي دقيق la personnalisation des responsabilités. لذلك فالسؤال الحقيقي الذي ينبغي أن ينخرط ضمن الأفق السياسي للأحزاب الكبرى ينبغي أن يكون كالتالي: ما الذي يجعل تلك التنظيمات السياسية مؤهلة حقيقة لتفادي الانزلاق بالتدرّج في ما يشبه "الروابط الموالية للزعامة السياسية؟ Que ce qui fait qu’une formation partisane puisse éviter de se muer en ligue de supporteurs d’un leadership politique ?
-       إن إعداد البلاد للانخراط في منطق الممارسة السياسة الديمقراطية المتحزّبة والمهيكلة يدفع بالضرورة إلى تقاسم الأدوار، بين من يتوجب أن يضطلعوا بمسؤولية وضع التصوّرات الكفيلة بإنجاح الانتقال الديمقراطي بطريقة سلسة مقبولة، وبين من يتعين عليهم الإسهام في رسم الأفق المستقبلي عبر تصوّر الخطط والتكفّل بمتابعة إنجازها، من خلال القبول بتحدي الدخول في منافسات هدفها التداول السلمي على السلطة.  
وتستوقفا في هذا السياق واقعة معبّرة حصلت في غضون سنة 1961 في صفوف الحزب الحر الدستوري، وتمثلت في نشر البشير بن يحمد ومحمد المصمودي لمقالهما الموسوم بـ "شخصنة السلطة le pouvoir personnel" ضمن دورية أفريك – أكسيون للتحذير من مغبة الانزلاق في الشخصنة، مميزين في هذا الصدد بين محدودية الايجابيات المترتبة على مثل ذلك التوجه مقارنة بالمحاذير القاتلة التي يمكن أن يتمخض عنها.
-       تبدو مسألة التعاقد الاجتماعي محورية في تمثل رهان الفعل السياسي الحزبي  كمرآة عاكسة لمستوى النجاح في تنظيم الصراع السلمي بين التوجهات الفكرية المتضاربة والمصالح المادية المتنافرة. لذلك فنحن نعتقد أن مسألة الوحدة الوطنية التي غالبا ما تمّ إعلائها تونسيا قصد تجاوز الخلافات وتحقيق التوافقات، لابد أن تتجاوز دائرة المواضعات التوافقية inerties consensuelles لتنخرط في دينامكية التوافقات غير الملغية للصراع  consensus conflictuels  . وفي الأثناء لابد من التفكير في الدخول الجدي في حوار رصين بخصوص محتوى "ميثاق مواطني un pacte citoyen" يسعف في صياغة تمثل عقلاني للشرعية عبر فصل الاعتراف بوجودها عن ضرورة حضور الإجماع. La légitimité n’exigeant aucunement l’unanimité    
-        إن عقلنة سجل القيم وتحيين الممارسات السياسية يحتاج إلى ردّ الاعتبار لكل ما يشكل أُس لعيش التونسيين المشترك، وليس أبلغ في هذا الصدد من تملّي الأنموذج المجتمعي التونسي الذي تمت إعادة تركيب تفكيره من خلال تعويده ووفقا لمقولة جاك بيرك الشهيرة على "مفردات المعجمية التي أدخلها رواد الإصلاح على الثقافة السياسية Ils enseignaient à la masse le lexique d’une vie nouvelle" على غرار المرحلية la graduation في الفكر البورقيبي، تلك التي مثلت عنصرا فارقا في اللعبة السياسية، تمكن التونسيون من خلاله إلى الاقتناع بأن قوانين اللعبة السياسية يمكن أن تطيح بأعتى الإمبراطوريات الاستعمارية. لذلك تمت مماثلة تلك السياسة في "فن مطابقة الأهداف القريبة مع الوسائل المتوفرة l’art d’ajuster ses fins proches aux moyens dont on dispose actuellement" مع الماكيفلية، بل ووسم مخترعها بـ"مكيافيل الشرق". إن النجاح في إثمار ذلك يتعين أن يمر اليوم من بوابة التأسيس لـ"جمهورية مواطنين ومجتمع سياسي حقيقي قادر على تخطي واقع الجماعة المنبهرة أو المفتتنة بمنجز زعيمها. وفي انتظار ذلك ينبغي على الفعالين السياسيين إعادة استكشاف كيفية تعبير التونسيين عن أصالتهم قصد توظيف المرادفات الكفيلة بإخراجهم من واقع الاصطفاف والمناكفة غير المنتجة للمعنى، إلى واقع الفعل السياسي المتحزّب المنظم والمعقلن، متأملين في جميع ذلك في نصيحة "سان جيروم Saint Jérôme
الداعية إلى "ضرورة تخصيص ما يلزم من الوقت لحفظ ما نحن مقدمون على تدريسه Il faut 
longtemps apprendre ce qu’on doit enseigner



dimanche 11 mai 2014

آراء في التونسة 2














يجدّف حسين رؤوف حمزة العارف بتاريخنا المعاصر والعزيز الذي غادر صحبتنا منذ بضع سنوات في الاتجاه نفسه، مشدّدا ضمن مقترحه الذي حمل عنوان "التاريخ وأجانبه" على كيفية تمثّل التونسيين لنوعين من الأجنبية: الأجنبية الغريبة والأجنبية الحميميّة، مبيّنا أنه بمجرد أن ندقق في مدلول هذه الأخيرة معولين على الدروس المقترحة على طلبة مختلف المؤسسات التعليمية في المستويين الثانوي والجامعي، وكذلك في مواضيع المذكرات والأطروحات التي نوقشت من قبل باحثين تونسيين داخل البلاد أو خارجها، تتضّح لنا بما لا يحتمل الشكّ ندرة الدروس المخصّصة في ماضي الشعوب والحضارات البعيدة عن مجالنا الجغرافي وكذلك البحوث المحكّمة في تاريخها. فنحن لا نملك وضمن أبحاث ما يربو عن مائة مؤرخ مباشر حاضرا، ولو على مختص واحد في تاريخ مصر القديمة أو الحضارة الفينيقية أو بلاد ما بين الرافدين. كما أننا لا نتوفر على مختصين، وفي مختلف فترات التاريخ الاعتبارية على باحثين مهتمين بحضارات الشرق الأقصى، وحضارات القارة الأمريكية، فضلا عن مجال إفريقيا جنوب الصحراء وأغلب مجالات أوروبا الاعتبارية، أو مختصين في تاريخ الإمبراطوريتين العثمانية والفارسية خلال الفترة الحديثة، ولا في تاريخ المشرق العربي خلال الأربعة أو الخمسة قرون الماضية.
لذلك يعتبر كاتب هذه المقاربة أن معرفتنا بالتاريخ في وجهيه التعليمي والتخصّصي قد ظلت حبيسة خطاب وطني مؤدلج أصبح من أوكد مهام العارفين بالشأن التاريخي حاضرا الخروج نهائيا من ضيقه تجاوزا لقصور النظر، وتشوّفا إلى كتابة جديدة تتسم بتعدّديتها ونقديتها وانفتاحها، وتوسيعا لفضولنا في التعرّف على مجالات غير مقصودة حتى نتجاوز تركيزنا المشطّ على الحفر في مربع الوطن الضيق الذي ينحسر أسهامه في توسيع أفق ما وسمه الباحث بأجنبيتنا القريبة أو الحميمية. 
آليات استبطان الماضي وتخيّل المستقبل في الإبداع النقدي والفني التونسي:  
يتوفر القسم الثاني من هذا المؤلف الجماعي على ستة مساهمات دونتها أقلام عدد من نقاد الأعمال الفنية ومبدعيها، أولئك الذين قبلوا مشاركتنا الحفر في مدلول "التونسة"، ومدّونا بوجهات نظر طريفة غير مبذولة بخصوص مسألة انتسابنا الحمعي. ضمن هذا السياق تحديدا، لا ترى علياء مبروك وبعد مسيرة طويلة مع كتابة الراوية التاريخية فاقت العشريتين، كبير حرج في الاعتراف وضمن نص حمل عنوان "التاريخ في الروايات التاريخية" بأنها عمدت في أحيان كثيرة إلى "اختلاس" جانب من مواد حكاياتها من مؤلفات الباحثين في التاريخ، تاركة لخيالها مهمّة ملئ الفراغات التي تتخلل مختلف الأحداث التاريخية والتي لا تتوفر تلك المعرفة تحديدا على إجابات قاطعة بخصوصها.
تتشوّف روائيتنا إلى أن تكون نوميدية حتى تعيش وقائع حروب ماسينسان، وقرطاجية حتى تشارك سكانها أبهى أيام حضارتيهم البونية والرومانية. ولوبية كي تقاوم حضور العرب أيام الكاهنة، وأغلبيّة حتى تنعم بجمال العيش في قصور أمراء القيروان وتشهد فرط رقة آدابهم، وفاطميّة حتى تعيش في أبهة قصور المهدية، وحفصية زمن المستنصر بالله الحفصي (1249 - 1277 ) علّها تساهم في صد حملة القديس شارل التاسع الصليبية، وأسبانية كي تصحب شارل الخامس في حملته على مدينة تونس، وعثمانية حتى تخلّصها صحبة سنان باشا من سطوة الأسبان. تريد أن تعيش أيام الحماية الفرنسية لتناضل في صف البورقيبين وتحرّر بلادها من ربقة الاستعمار ومهانته.
وهكذا تتخذ سجلات التاريخ، أيّ كانت نظرة مؤلفيها موضوعية كانت أو متحاملة وبالنسبة للأدب الروائي، مكانة متميّزة في تصوّر كاتبتنا، تلك التي تعتقد أن السيطرة على مادة الخبر التاريخي مسألة محورية كلما رمنا فهم الروابط التي تصل بين الذوات أو تقرّب بين المجموعات والشعوب.
وفي سياق متصل يقترح الطاهر الشيخاوي بوصفه ناقدا ومؤرخا لسينما المؤلف تونسيا وببلدان العالم الثالث، تعميق التفكير بخصوص ثنائية "العرض والتمثّل"، معتبرا أن فن السينما ليس بوسعه إدعاء حضور فاعل ضمن المشهد الثقافي للمجتمع ما لم يسهم بمعية بقية أشكال التعبير الفنية في بلورة أداوت تحليل ونمذجة ترتقي بالذائقة العامة للمجموعة. ويعتبر الباحث أن التعارض بين آليات التمثّل الجماعية وآليات العرض السينمائي ينفتح بدوره على تناقض محايث يقع ضمن مجال الفعل السياسي ويحيل على ثنائية الحرية والديمقراطية. فانعدام القدرة على تصوّر المحيط الثقافي الذي يصدر عنه الشريط السينمائي كعمل إبداعي غالبا ما يعرّض مبدعيه إلى غضب المجموعة ونقمتها حتى وإن لم يضعوا في حسبانهم تأجيج مثل تلك المشاعر. وهو ذات الإحساس الذي أُجبِر المخرج التونسي النوري بوزيد على تلمّظه لما اعتبر أن مسيرته الإبداعية هي "محل فخر من يتقاسمون معه الوطن ومصدر ازدرائهم وخجلهم في آن".
وهكذا يخلص الطاهر الشيخاوي وعبر تفكيك مختلف الثنائيات المستجلبة، إلى أن الهزة المدوّية التي عاشتها البلاد التونسية في 14 من شهر جانفي قد مثّلت انفجارا شعبيا لرغبة جامحة في التعبير عن الذات أو في "تمثّلها"، لذلك كان من الطبيعي وفقا لتصوّره أن تشعر النُخب بنوع من التململ المشبوب بعدم الرضا، لأنها فشلت حقيقة في استباق الهزة التي اعتقدت أنها قد أعدت لها العدة منذ زمن طويل. فقد شكّل الانفجار الشعبي الذي حصل في تونس في مستهل سنة 2011 مؤشرا بليغا على إحراز تقدّم وعلى حصول حالة من النكوص أو التراجع في آن، بل وقد يصحّ اعتبار ذلك الانفجار نوعا من أخذ البعد "التمثلي" لثأره من أسبقية العرض، لكأن ما حصل هو فعل "ثورة مضادة"، والحال أن ما تم على الحقيقة لا يزيد عن عملية تدارك أنجزها "التمثل" ثأرا من "العرض"، هادفا إلى دمقرطة الفضاء العام مؤازرا رغبة مختلف الشرائح المجتمعية المكدودة في اللّحاق بركب الحرية.
وفي سياق متصل وضمن محاولة للحفر في خصوصيات الهوية التونسية اقترح مراد الصقلي الباحث المتخصّص في موسيقى الشعوب جملة من التوضيحات الطريفة حول مدلول النبرة الموسيقية بوصفها بصمة تحيل على هوية موسيقية متأصّلة، وذلك ضمن مقاربة توليفية حملت عنوان "التونسة في الموسيقى".
يعتبر مراد صقلي أنه وإن كان من الصعب الإحاطة بمدلول دقيق للتونسة ضمن مجال الموسيقى اعتبارا لتنوع الممارسات والتعبيرات المتّصلة بها، تلك التي يختزلها المؤلف في ثلاثة أنماط أساسية هي: الموسيقى الأثنية أو الشعبية والموسيقى التختية أو موسيقى المالوف وموسيقى الطرق الصوفية، فإن الدمج بين تلك الأنماط ومختلف العناصر الثقافية المتّصلة بها هي ما يترتب عليه وفقا لتصوّره خصوصية تونسية تتوفر على العديد من المؤشرات الدالة على حضور خيط هادي أطلق عليه الباحث في تسمية طريفة اسم "اللهجة الموسيقية التونسية".
ويجد هذا التصوّر صدى منافحا له ضمن العرض الذي اقترحه علينا حاتم القروي، وهو واحد من أهم منشطي ساحة التعبير الركحي المتصلة بثقافة القول المرتجَل أو "السْلاَم" تونسيا، وذلك ضمن مقاربة حملت عنوان "التونسة في فن ارتجال القول أو "السْلاَم"" أردفها بنصين تعبيريين شيّقين حول الألقاب التونسية ولغة الضاد يشف كلاهما عن جملة من الأبعاد غير المطروقة التي تحيل على انتماءاتنا المشتركة.
يعتبر حاتم القروي أن هناك عوامل عدّة سرّعت انخراط هذه الثقافة ضمن المشهد التعبيري  وساهمت في تشوّف التونسيين إلى مزيد تطويرها، على غرار ضمور التعبير الشعري الفصيح وانحسار الفن الغنائي التونسي، فضلا عن اهتبال وسائل الإعلام المسموعة والمرئية بأغاني الفيديو كليب المستندة على الإبهار المعوّل على المظهر الخارجي، والخاوية من كل مضمون ثقافي.  
ساهمت تلك التوجّهات على الحقيقة  في تأجيج شعور الشرائح الشابة العميق بالحرمان، مُسهمة في انتشار أشكال تعبير بديلة ذات طابع انقلابي على غرار موسيقات "الهيب هوب" و"الراب" والبراك دنسينغ"، وثقافة "الهارد روك والتكنو" التحتية، حيث يتعارض الإنتاج المقترح من قبل وسائل الإعلام الخاصة والعمومية مع تطلّعات الشرائح الشابة. وهكذا فقد أسهم تطور الإمكانيات التقنية التي حققتها ثورة تكنولوجيات الاتصال الحديثة في توجّه تلك الشرائح نحو صياغة تصوّرتها الفنية والموسيقية الخاصة، وتوسيع قاعدة المقبلين عليها من بوابة التحكّم في المكتسبات الجديدة للثقافة الرقمية.
وضمن ذات الإطار يعرض علينا "علي سعيدان"، وهو من خيرة العارفين برصيدنا التراثي الشعبي، وضمن نص مكتوب في لغة التخاطب التونسية نصا حمل عنوان "الله وعباد في كل بلاد"، يفصل ضمنه القول ومن وجهة نظره الشخصية في مسألة التونسة. فقد استعراض علي سعيدان البعض من ذكريات تحصيله الخاصة بغرض تأمّل مستوى تطوّر سجل القيم الجماعية والمسافة الضوئية التي أضحت تفصل حاضرا بين التمثلات الذي صاغها محمد بن عثمان الحشايشي (ت 1912) مؤلف كتاب "العادات والتقاليد التونسية" في الفصل الذي عقده للحديث عن "تفاصيل طباع أهل القطر وكل شعب بما اختصّ به"، وبين الانقلاب الذي جد على سجل تلك التمثلات بعد نصف قرن أو يزيد من تصفية الاستعمار.
وتنويعا لزوايا الالتقاط يقترح علينا الشاعر والمبدع والفنان التشكيلي ومؤرخ الفنون على اللواتي مقاربة مدلول الانتماء من بوابة التعبير التشكيلي، صائغا في لغة الضاد مقاربة طريفة حملت عنوان "تطور التعبير عن الهوية في الفن التونسي الحديث". فقد تعلقت همة المؤلف بتقريب التطورات التي طالت مسيرة تأصيل فن الرسم المسندي بالبلاد التونسية وتأثيل اتجاهاته الفنية التي شفت عليها عملية تثاقفه مع الغيرية الغربية منذ تدشين "الصالون التونسي" في حدود سنة 1894.
فلئن تأثرت الأجيال التشكيلية الأولى، تلك ظهرت أعمالها الفنية خلال الثلث الأول من القرن العشرين ووفقا لتصور المؤلف بتقنيات الرسم الغربية على صعيد الأسلوب كما على صعيد المضمون، فإن أقطابها على غرار يحيى التركي وعمار فرحات وعلى بن سالم قد نجحوا في التعبير وبعد طويل دربة سواء عن وعي منهم أو من بوابة الحدس والتخمين، في تحقيق استقلاليتهم إزاء مختلف التأثيرات المباشرة للأساليب الفنية الغربية. فقد تمكن المقترح التشكيلي التونسي من تطوير إحساسه الشخصي تجاه الواقع اليومي، متفطّنا إلى خصوصيات بيئته، معوّلا على خطوط بسيطة تتقفّى الهدف مباشرة، وهو ما فشلت في تحقيقه جميع التعبيرات التشكيلية الغربية ذات الطابع الأكاديمي.
تواصل هذا التصالح مع الواقع التونسي ضمن الأعمال التشكيلية للجيلين الذين لحقا بجيل الرواد مع "مدرسة مدينة تونس التشكيلية" وضمن الأعمال الفنية التي أنجزها "المحسوبون على التيارات التشكيلية والفنية الجديدة". فقد تركّزت أبحاث هؤلاء على مدلول الهوية التونسية لا بوصفها إطارا تصويريا، ولكن باعتبارها إطارا جماليا يرفض اختزال أفقه الفني في التماهي مع الواقع. مما مكّن هؤلاء المبدعين التشكيلين التونسيين المنتسبين إلى اتجاهات فنية جديدة وبصرف النظر على العلاقات الوثيقة التي ربطتهم بالبحث التشكيلي والجمالي الغربي، إلى ربط الصلة مجدّد بالفضاء الجمالي الإسلامي، عارضين علينا تعبيرات مفارقة وطريفة بخصوص مدلول الهوية التونسية.
يخلص علي اللواتي إلى أنه حتى وإن لم ينخرط جميع الرسامين التونسيين في مغامرة البحث عن الهوية أو أن العديد من بينهم لم يشعر بالحاجة إلى الإصداع بتونسته - اعتبارا إلى أن الحرية هي مطلب كل عمل فني على الحقيقة، لا الانخراط في أي تصوّر نظري مهما سما شأنه- فإن مساراتهم الفنية قد بقيت رغما عن ذلك وفيّة لسياقات مخصوصة أسعفت ناقدي أعمالهم في الوقوف على
المظاهر الدالة على اهتمامهم بمسألة الانتماء وتجسيمهم لمختلف العناصر المميزة للهوية التونسية المشتركة، حتى وإن حاولوا قصارى جهدهم إخفاء تلك التوجهات أو تجاهلها بالرمّة.
حملت آخر مقاربات هذا المؤلف الجماعي تلك التي نقلناها بتوسّع واستفاضة عن العروض التقديمية التي صغناها في اللغة الفرنسية عنوان "في التونسة". وتمثل الهدف من ذلك في تقريب مختلف التصوّرات المتصلة بمسألة الانتماء واستعراض الأبعاد المفصليّة التي تتفرع عنها من خلال نقلها إلى اللغة العربية حتى يتمكن غير الناطقين بالفرنسية من أخذ فكرة دقيقة حول طبيعة التسؤلات التي قادت هذا المؤلف الجماعي.
وهكذا فقد مررنا تدرّجا من تسمية المجال إلى حيازته وصولا إلى أشكال العيش المشترك داخله، مستندين في ذلك على وجهات نظر من تدبّروا إرثنا الجيني وثرائنا اللغوي وكيفية تعاملنا مع الغيريات والأقليات وطبيعة الأواصر التي شدتنا إلى مشروع الحداثة والدفاع عن اشتراكنا في السيادة ضمن دولة - وطن. كما توقفنا مطوّلا وحتى ندرك خصوصيات العلاقة التي تربطنا بالمعاصرة حاضرا، عند استساغتنا لمختلف التعبيرات الفنية من نافدة علاقة التاريخ بالآثار الروائية، وتشكيل الصورة لحسنا الجماعي، وتعبير لهجتنا الموسيقية ومختلف تعبيراتنا الفنية المتجدّدة منها كما التراثية عن التحوّلات التي طالت هويتنا الجماعية ونقلتنا من "غبار غير متجانس لذوات متناحرة إلى مجموعة ينبري أفقها على امتلاك عقلاني رصين حيّ لمدلول السيادة".
جميعنا على وعي حاد بأن ما عرضناه لا يزيد عن محاولة تجريبية لمقاربة مجال بكر لا تزال مسالكه في حاجة إلى مزيد تمرّس، لذلك فضّلنا السير في شعابها متسلحين بإضاءات متنوعة ومتقاطعة عالجت بتدبّر المقتصد سياقاتها غير المكتملة، تلك التي تحيل على عنوان لقاءات جمعتنا بالنادي الثقافي الطاهر الحداد لمسائلة إشكالية الانتساب ضمن سياق تاريخي فارق، ارتأينا جمعها ضمن أثر شاركتنا منشورات نيرفانا عرضه على القراء في هذا الشكل الباذخ الجميل، واخترنا لها عنوان "آراء في التونسة" حتى تنخرط ضمن مصير متحوّل، يعكس قدر كتّاب هذه المقاربات قطعا، ومصير جميع التونسيين فيما نرتجيه.
                                                                                                                           

lundi 5 mai 2014

آراء في التونسة







  

تمثل مختلف الإسهامات التي ينطوي عليها هذا الكتاب الذي تولّت منشورات نيرفانا إصداره منذ بضعة أيام، عملا تجريبيا أنجزته الجمعية التونسية للدراسات التاريخية في غضون سنتي 2012 – 2013، لماّ برمج القائمون عليها سلسة من المسامرات الشهرية بالنادي الثقافي الطاهر الحداد الواقع بالمدينة العتيقة لتونس، تمحور مضمونها حول مدلول "التونسة" ضمن سياق ما بعد الانتقال الفارق الذي عاشته البلاد بين أواخر شهر ديسمبر وأواسط شهر جانفي من سنة 2011.
يستقيم اعتبار المحصلة التي تنطوي عيها آراء مختلف المساهمين في هذا التأليف الجماعي تلك التي تولينا تنسيق جمعها وتقديمها، بمثابة "البيان" الذي خطّته أيادي متعددة، وصاغه باحثون جامعيون اقترحوا وجهات نظرهم حول مسألة تشابكت أبعادها العلمية والمعرفية، مع تلك المتّصلة بالالتزام بقيم المواطنة. كما ساهمت في توليفها آراء المبدعين ونقاد الأعمال الفنية والمباشرين للشأن الثقافي، أولئك الذين قبلوا مشاركتنا هذه المغامرة وطرح سؤال "التونسة" من زاوية علاقته بالإبداع الفني وما تنطوي عليه إشكالية الانتماء ضمن حاضر كونيّ يزداد تجانسا يوما بعد يوم. 
يجمع هذا "البيان" اثنتا عشر مساهمة تمحورت أغراضها حول مسألتين متضامنتين: فقد خصص القسم الأول من هذا المؤَلَف للوقوف عند الإرث التاريخي والجيني واللغوي والسياسي والمعرفي لمجال تعاقبت عليه حضارات ضاربة في القدم، يُحسب تاريخه بآلاف السنين، ويتصل انتسابه بمجموعة من الانتماءات الاعتبارية تحيل على القارة السمراء وبلاد المغارب والبحيرة المتوسطية والشرق الأوسط والوطن العربي والأمة الإسلامية. أما القسم الثاني من هذا المؤلف فقد خُصّص لتناول مختلف القضايا التي تطرحها مسألة الانتساب ضمن تمثلات التونسيين الثقافية، وذلك من بوابة إعلاء مبدعيهم لخصوصيات حياتهم اليومية في تفاصيلها ومختلف أنساقها، وتمليهم لعميق قراءة أولئك المبدعين الفنية لماضيهم، كما تخيّلهم لما ينطوي عليه مستقبلهم من احتمالات أيضا.  
تعدد المقاربات التاريخية وتنوع الرصيد التراثي:
كيف تَوَفَّقَ التونسيون في "اختراع" مجال سمح لجميعهم بتجاوز مدلول النسبة التي تحيل على أصول "الأفاريق" العرقية، إلى بناء دولة – وطن جمعت شتاتهم وسحبت عليهم نفس الانتماء؟ وإذا ما كان بالوسع ربط مجال التونسة بتاريخ ثقافي مخصوص، فما العناصر الأساسية التي يمكن أن يشف عليها ذلك التاريخ؟ وما طبيعة الوسائل التي استنبطها سكانه في تسمية مجال الانتماء والتحوّز، وطبع أشكال الحياة واستنباط الضمانات الكفيلة بالتعايش؟
ذاك ما اقترح لطفي عيسى مؤرخ التصوّرات الثقافية على نفسه مقاربته ضمن العرض الافتتاحي لهذا المؤلف، وهو عرض وُسمت صيغته الفرنسية المختزلة بـ "هلاّ تحدثنا في التونسة"، في حين اختار المؤلف للصيغة الموسعة التي أُلحقت بالقسم العربي من هذا الكتاب الجماعي عنوان "في التَوْنَسَةِ".
تضافرت مجموعة من المقترحات للإسهاب في تحليل مختلف الأبعاد التي استجلاها النص الافتتاحي، أو تلك التي لم يتهيأ له استحضارها. فقد تولّت الباحثة ريم الكافي بن عتيق تساوقا مع تخصّصها في الأنطربولوجية الجينية محورة عرضها حول مسألة التنوع العرقي لسكان البلاد التونسية من خلال دراسة الموروث الجيني لعينة سكانية اتصلت بقرية مكثر الجبلية الواقعة بـ""حمادة" أولا عيار على مسافة 160 كم من العاصمة تونس.  
سمحت محصّلة البحث بتحديد البنية الجينية للعينة المدروسة وربطها موضوعيا بثلاثة مكونات أساسية هي: الأصول الإفريقية الشبه صحراوية، تلك التي شغلت %43 من الأشخاص، والأصول الأورو- آسيوية تلك التي شغلت %51 من الأشخاص، والأصول اللوبية الضاربة في القدم تلك التي لم يتجاوز تمثيلها ضمن العينة المقصودة بالدرس نسبة الـ %6.
تعبّر هذه المحصّلة بشكل لا يقبل المزايدة عن حقيقة التنوّع الذي تنطوي عليه مسألة الانتماء تونسيا، مؤكّدة على تعارض التمثّلات الثقافية المُعلية لأحادية الانتساب العرقي أو الديني قياسا لحقيقة البنية الأنطروبوجينية للتونسيين، تلك التي تحيل على تنوّع أصولنا العرقية، عاكسة الصيرورة المتشعّبة لتمازج سكان البلاد التونسية على المدى الطويل.
وفي سياق متصل حاولت "صوفي بسيس" الباحثة المتخصّصة في العلاقات الدولية أن تتدبّر، وضمن مقاربة حملت عنوان "في مدلول التونسة بعد الرابع عشر من شهر جانفي 2011"  طبيعة الدور الذي عاد لحرية التعبير بعد نصف قرن من احتكاره من قبل نظام متسلّط، في تغيير نظرة التونسيين لأنفسهم وللعالم الذي يحيط بهم. فقد تساءلت عن طبيعة التحوّلات التي طالت الشخصية التونسية بعد التوصّل إلى استعادة حقها في التعبير؟
اتسمت مرحلة ما بعد تصفية الاستعمار وفقا لما صاغته الباحثة بتهميش الأقليات العرقية وانحسار الأقليات الدينية. حيث لاحظت الباحثة، وهي مُحقة في ذلك تماما، أنه في ذات الوقت الذي يتوسع فيه انتشار التوجهات الداعمة للتنوع الثقافي داخل المجتمعات المحسوبة على الأمم المتقدمة أو الأمم الصاعدة، فإن تركيز المجتمعات المنسوبة إلى المجال العربي على إثبات نقائها العرقي، يشرّع التساؤل عن المعنى العميق لاستعادة الحرية إذا لم يترتب على ذلك توجّه جدي نحو مزيد التفاعل إيجابا مع المعاني السامية للقيم الإنسانية.
راهنت "قمر بن دانة" وضمن مقترحها الموسوم بـ "تأثير الثقافة الفرنسة بتونس بين الإرث وإعادة التملّك"، واعتبارا لتخصّصها في تاريخ الازدواج اللغوي للنخب التونسية خلال الفترة المعاصرة على تقصي راهن اللّغة الفرنسية ببلادنا حاضرا.
بيّنت الباحثة أن الأنموذج الثقافي الفرنسي لا يزال مجسما لأفق تمثل التونسيين لفكرة الحداثة، وهي مثل أعلى تمسكت به النخب العصرية المتعلّمة على مدى أجيال متعاقبة. فحال توجيه نظرنا صوب المعاش اليومي للمجتمع التونسي، يتبيّن لنا حضور لافت للعديد من المظاهر التي تدل على انغراس تلك الثقافة عميقا في سمك النسيج المجتمعي التونسي، وهو ما لم تترتب عليه بالضرورة نوازع شيطنة مشطة أو توجه نحو الرفض الصريح والقاطع للآخر، لأن ما سهّل اندراج تلك الثقافة في الذائقة الجماعية للتونسيين هو مختلف المنشآت المتصلة بالبنية التحتية للأنشطة الثقافية كالمسارح وقاعات السينما والمتاحف، وتكوين الجمعيات الرياضية، وجميعها أطر عاضدت الأدوار التربوية الموكولة للمدرسة، وأسهمت في تجويد محصلتها والرفع من نسق التحولات الثقافية التي طالت سجل القيم والمستوى العام للذهنيات أيضا.
تنسجم هذه الآراء وفي جوانب عديدة منها مع ما اقترحه عبد الحميد الأرقش الباحث المتخصّص في التاريخ الاجتماعي وفي الانطروبولوجية الثقافية ضمن نصه الذي حمل عنوان "الحبيب بورقيبة المستبد المتنور: قراءة في الإصلاح كمسار إجباري". حيث تصدى لإعادة تقييم مسيرة بورقيبة السياسية لا بوصفه باني لدولة مستقلة ذات سيادة فحسب، بل كصاحب مشروع سياسي حداثي راهن على نشر قيم الجمهورية.
يتراءى بورقيبة وضمن هذا المقترح حاكما شرقيا لا تخرج تصرفاته عن نوازع الاستبداد، مع توجّه واعي نحو صياغة أسطورة زعامته والدفع نحو توسيع قاعدة تقبّلها. لكن حضور تلك النوازع لم يحل بينه وبين زعزعة التقاليد القائمة ومباشرة تطبيق خطة إصلاحية عوّلت على الحسّ النفعي أو "البرغماتي"، والاعتبار بحسن التصرّف وتشغيل آليات التدرّج والتفاوض بخصوص مضمون تلك الخطة والنتائج المتوقعة من تطبيقها. لذلك يعتبر الباحث أن إرث بورقيبة قد احتفظ ببريقه رغم جميع المحاولات الرامية إلى طمسه، وذلك إلى حد بدا لنا معه ذلك الإرث متشعبا يستعصي الحسم في محصلته.
فبورقيبة هو باني الدولة التونسية المُنْعِمَةِ، وهو في الآن نفسه "حيوان سياسي" اتسمت جميع مبادراته بشدة التقلب والمكر والمراوغة. يَمْثُلُ إرث بورقيبة اليوم وفي أذهان جميع التونسيين بشكل مفارق غير مسبوق، لذلك يزعم الباحث أن جميعهم بورقيبيون، حتى وإن لم يتفطن جانب منهم إلى حقيقة ذلك بَعْدُ...

وللحديث اتصال. 

jeudi 1 mai 2014

Être tunisien : Opinions croisées












Etre tunisien : Opinions croisées
Lotfi Aïssa

Les différentes contributions rassemblées dans cet ouvrage, représentent une expérience mise à l’œuvre sous forme de cycle de conférences-débats, traitant de la question de « Tunisianité ». Il s’agit des « Rendez-vous » mensuels organisés par l’Association Tunisienne des Etudes Historiques qui ont été généreusement accueillis, par le Club Culturel Tahar Haddad au cours de l’année 2011 – 2012.
L’ouvrage que nous offrons aujourd’hui, aux lecteurs prend pour nous la valeur d’un « manifeste » écrit à plusieurs mains, celles des chercheurs universitaires qui proposent leurs points de vue, sur une question, à la fois savante et citoyenne, et celles également, des créateurs rendant compte de la complexité de la réalité présente, par le truchement de la production / déconstruction d’une problématique, dont la finalité pourrait éventuellement, être la restitution d’une vue d’ensemble, sur ce que pourrait bien vouloir dire « être tunisien ».
Un tel « manifeste » regroupe douze contributions, s’articulant autour de deux axes complémentaires : Un premier entièrement réservé à la question du legs patrimonial génétique, linguistique, politique, historique et anthropologique d’une contrée plurimillénaire aux multiples appartenances africaine, maghrébine, méditerranéenne, moyen orientale, arabe et musulmane. Un telle vue est complétée par un second axe consacré à la façon dont les habitants d’une telle contrée subliment leur quotidien, intériorisent leur passé et imaginent leur avenir. 
Un legs historique et  patrimonial multiforme
Comment s’est effectué le processus « d’invention » du territoire traduisant le passage de la Tunisie du pays des Afri, à la constitution d’un « Etat-nation »? Comment les habitants d’un tel espace ont « nommé », « territorialiser », « vécu ensemble » et « inventer leur quotidien » ? Voilà ce qui construit la charpente de la contribution introductive écrite par nous même et intitulée « De la tunisianité  parlons-en ». Il s’agit d’une tentative d’explication,  interpellant les préambules des registres fiscaux, les perceptions des chroniqueurs et les représentations cartographiques, pour mieux cerner un territoire d’appartenance qui ne représente et depuis, un peu plus de quatre siècles, que la portion congrue de l’espace maghrébin.    
Traitant du patrimoine génétique tunisien Rym Kefi Ben Atig, spécialiste d’anthropologie génétique a appréhendé avec intérêt, la diversité génétique de la population tunisienne, à travers l’étude de l’ADN mitochondrial. L’échantillon de référence étant les prélèvements effectués dans la localité de Makthar. L'auteure démontre, preuves à l’appui, que la structure génétique de la population de cette localité, est tributaire de trois composantes: une composante d’origine africaine subsaharienne englobant 43% des individus, une composante d’origine eurasiatique, représentée par 51% des individus et une composante d’origine ancestrale nord africaine, qui n’est représentée que par  6% des individus.
Dans le même ordre d’idée, Sophie Bessis, spécialiste des relations internationales, s’est penchée dans un texte stimulant, intitulée « Être tunisien après le 14 janvier 2011 », sur le rôle joué par la libération de la parole publique, après plus d'un demi-siècle de monopolisation du pouvoir, par un régime autoritaire, dans la modification du regard que les Tunisiens portent sur eux-mêmes et sur leur rapport au monde ? Elle s’interroge également sur les contours mouvant de la personnalité tunisienne depuis que l'ensemble de la population a retrouvé son droit à l'expression ?
Au Maghreb, la période postcoloniale se caractérise par la marginalisation des minorités ethniques et la disparition quasi-totale des minorités religieuses. L’auteure constate non sans raison, que d'une certaine façon, alors que les pays dits développés et certains pays émergents se "multiculturalisent", on est majoritairement, dans les pays du monde arabe, à la recherche d'une introuvable pureté identitaire.
En scrutant, la situation de la langue française en Tunisie Kmar Bendana, historienne et fine spécialiste d’histoire culturelle, consacre une utile contribution à « L’influence de la culture française en Tunisie, entre héritage et appropriation.» L’auteure affirme que la France continue à incarner, jusqu'à aujourd’hui, une certaine idée de la modernité, dans un pays où les élites sont attachées à cet idéal, depuis plusieurs générations. En déplaçant le regard vers le vécu de la société tunisienne, on peut aisément, si on suit bien l’auteure, se rendre compte des manifestations révélatrices d’une présence culturelle française qui ne suscite ni diabolisation ni rejet, parce qu’elle s’est infiltrée avec le temps, à travers l’infrastructure matérielle. L’apparition du sport, la naissance du théâtre, l’arrivée du cinématographe et l’ouverture de musées, sont des initiatives qui prolongent l’effet de l’école comme support d’une éducation culturelle sous plusieurs formes et à plusieurs vitesses.
C’est aussi l’avis de Abdelhamid Larguèche, historien, spécialiste d’histoire sociale et d’anthropologie culturelle, qui propose de porter un intérêt raisonné et équilibré, pour la trajectoire de vie politique de Bourguiba, non pas uniquement comme une figure fondatrice d’une nation indépendante et souveraine, mais, comme un homme d’Etat porteur d’un projet politique moderne et républicain. 
Dans son rendu intitulé « Habib Bourguiba, despote éclairé ou la  réforme à marche forcée » Bourguiba, tient un peu du chef à l’orientale. Despote, oui, il l’est. Un despote qui a façonné lui-même, son propre mythe, qui a construit et chanté sa propre geste. Un despote qui, tout en bousculant les coutumes, sait être pragmatique dans l’application des réformes qu’il entend conduire, un despote qui sait gérer, qui sait négocier et composer.
Aujourd’hui, le nom de Bourguiba demeure, mais l’héritage est complexe. D’un côté, il est l’inventeur de l’État Providence en Tunisie, et de l’autre, il est le politicien roublard, intrigant, manœuvrier, voire conspirateur.  Les Tunisiens se réfugient dans le souvenir, tant et si bien, qu’ils sont en train de réinventer un autre Bourguiba. Au fond conclu l’auteur tout Tunisien ordinaire de l’ère postrévolutionnaire est bourguibien à sa façon, peut-être sans le savoir.
Hassine Raouf Hamza, historien contemporanéiste et spécialiste d’histoire du mouvement national, qui nous a quitté à la fin de l’année 2011 et à qui nous dédions ce collectif, abonde dans la même direction. Il affirme sans ambages, dans un texte intitulé «L’historien et ses étrangers », qu’en Tunisie, "l'opinion commune", se représente deux types d’étrangers : l’étrange étranger et l’étranger intime. A regarder de près, les cours d’histoire dispensés dans les diverses institutions scolaires et universitaires ou les divers mémoires et thèses d’histoire, préparés par les chercheurs tunisiens aussi bien à l’intérieur du pays qu’à l’étranger, on se rend à l’évidence de la carence d’enseignements et de travaux consacrés à l’histoire des peuples et des civilisations lointaines. Sur plus d’une centaine d’historiens en exercice, l’auteur affirme qu’on ne compte aucun spécialiste de l’Egypte ancienne, de la Phénicie ou de la Mésopotamie, aucun spécialiste, toutes périodes confondues, des diverses civilisations ou grands pays de l’Extrême-Orient, de l’Amérique du Sud et même de l’Amérique du Nord, de l’Afrique subsaharienne et de la plupart des principales aires géo-historiques et politico-culturelles européennes, aucun spécialiste non plus, de la Turquie et de la Perse modernes ou même du Machrek arabe des quatre ou cinq derniers siècles. Au fait, conclu l’auteur, les orientations de recherche sont après plus d’un demi siècle de la naissance de l’université tunisienne, fortement marquée par le discours et l’idéologie nationaliste, C’est pour cela qu’elles doivent impérativement, laisser la place à une histoire post-nationaliste qui sera, toujours, tout à la fois  une histoire polyphonique, critique et ouverte, qui saura élargir ses curiosités et son champ d’investigation et regarder bien au-delà du « pré carré national».
Sublimer le quotidien, intérioriser le passé et imaginer le futur :
 Alignant six contributions distinctes et complémentaires, la deuxième partie de l’ouvrage dont les différents auteurs, nous ont fait le plaisir et l’honneur de ramener - et pour la bonne cause- leur chantier respectif de création, de critique et de recherche, à la problématique phare que nous leur avons proposé, celle bien évidemment, de la « Tunisianité », permet de porter un regard neuf sur une question toujours actuelle qui n'est autre que celle de nos appartenances.     
Alia Mabrouk, qui a gratifié les lecteurs tout au long des deux dernières décennies, de plusieurs romans historiques de qualité, n’éprouve aucune gène à avouer dans son exposé intitulé « l’histoire dans les romans historiques », que souvent elle a "piqué", dans les recherches effectuées par les historiens la matière vive de ses histoires ; et que son imagination comble les vides que le temps amasse sur les événements.
Auteure de cinq romans historiques, Alia Mabrouk veut être Numide et suivre les faits d’armes de Massinissa, Carthaginoise et s’imprégner de la Carthage punique et de la Carthage romaine, Berbère et lutter avec la Kahena, Aghlabide et vivre la magnificence de Kairouan, Fatimide et imaginer les fastes des palais de Mahdia, Hafside avec El Mostencer Billah al-Hafsi, Espagnole et voir Charles Quint, Ottomane avec Sinan Pacha, Française avec le protectorat et Tunisienne avec Bourguiba. Pour elle l’histoire en relatant, avec ou sans parti pris, des faits révolus, cimente les relations entre les peuples.
Tahar Chikhaoui, en sa qualité de critique et historien du cinéma tunisien et tiers-mondiste, propose quant à lui, de mener une profonde réflexion autour de la dualité «  projection et représentation ». Pour lui le cinéma n’existe dans un pays que s’il arrive à participer, à côté des autres formes d’expression artistique, à la prise en charge d’une partie importante des paradigmes culturels d’une société, ou il constitue une composante essentielle du montage des représentations d’une communauté.
La dichotomie représentation/projection semble renvoyer à une autre, située dans le domaine de la politique, celle de liberté/démocratie. L'absence de la culture dans laquelle le film serait ancré, le livre à une vindicte dont il n'était pas le véritable objet. 
Nouri Bouzid n'avait-il pas et à maintes reprise exprimé "qu'il était à la fois la fierté et la honte de son pays!" Si nous considérons ce qui s’est passé le 14 janvier comme l’explosion d’un mouvement populaire refoulé, la manifestation d’un  désir de représentation, il est normal que l’élite se soit sentie mal à l’aise, parce qu’elle a été littéralement dépassée par un mouvement qu’elle pense avoir anticipé, devancé. C’est la raison pour laquelle Chikhaoui considère qu’il s’agit à la fois, d’une avancée et d’un recul : La revanche de la représentation sur la  projection. Ce qui se passe ressemble beaucoup, au dire de l’auteur à ce qu’on  appelait une contre-révolution, cependant, elle ne l’est pas, elle en a l’allure. C’est comme un mouvement de rattrapage.
Dans un autre registre, mais toujours en essayant de sonder les spécificités de l’identité tunisienne, Mourad Sakli musicologue de formation, nous offre, dans un texte concis intitulé « La Tunisianité en musique », des explications ingénieuses, sur l’intonation musicale comme marqueur d’une identité musicale fortement revendiquée. Pour lui, même si la « tunisianité » en matière de musique, semble si difficile à cerner, la pratique musicale sur notre terre serait constituée de diverses expressions,  il en cite principalement : La musique ethnique, le mâlûf  et la musique confrérique. La combinaison des trois types d’éléments culturels, crée la singularité tunisienne, incarne cette identité et en constitue son fil conducteur constant, donnant lieu à ce que l’auteur appelle fort heureusement, « l’intonation musicale tunisienne » (lahja mûsîqiyya tûnisiyya).
Une autre résonance nous est parvenue à travers les explications fournies par Hatem Karoui, prometteur de la culture Slam en Tunisie dans un texte intitulé « La tunisianité en Slam». L’auteur nous gratifie d’une présentation de cette nouvelle culture accompagnée de deux exercices de style, mettant à nu des aspects originaux et peu visités de notre identité commune.
Plusieurs facteurs on été derrière l’engouement des tunisiens pour une telle forme d’expression. Karoui en cite en autres causes l’essoufflement de la poésie arabe classique, mais aussi de la chanson arabe et de la chanson  tunisienne classique. La complicité des radios et télévisions Tunisiennes, essentiellement privées, qui passent, des chansons et des clips  arabes, vides de sens et exaltant les signes extérieurs de richesse et de beauté. De tels comportements ont approfondi, la frustration des jeunes, d’où l’émergence d’une culture Hip Hop  (Rap, DJing,  Break Dancing…) et d’une culture underground (Hard Rock et Techno, essentiellement).
L’auteur en déduit, que la frustration sentie par les jeunes tunisiens en raison de la non adaptation du produit culturel présenté par les médias classiques privés et publics, à leurs attentes d’une part, et l’éventail très large, de possibilités que représente internet et les nouvelles technologies musicales d’autre part, ont permis aux jeunes tunisiens de concevoir leur propre musique avec leurs propres textes, et de véhiculer ces nouveaux produits culturels à travers internet. 
Dans un autre registre, mais en scrutant de près l’évolution des représentations collectives inhérentes à la question des appartenances Ali Saidane folkloriste spécialiste de culture populaire et de patrimoine immatériel,  nous propose dans un texte écrit en arabe dialectal et intitulé « Alah wa ‘abad fi koul blad الله وعباد في كل بلاد » une lecture croisée de ses propres souvenirs sur son parcours studieux, avec les idées formulées à propos de la question des appartenances tirées de l’œuvre de Mohamed Ben Othman al-Hchaychi consacrée aux us et coutumes tunisiennes « al-‘adât wa at-taqalid at-tunousiya العادات والتقاليد التونسية» dans un extrait consacré à la «Présentation détaillée des différents tempéraments des gens du pays » « tafâsîl fi tibâ'i ahl al-qoutri wa koulou chaab bimâ ikhtassa bihi تفاصيل في طباع أهل القطر وكل شعب بما اختصّ به » et ce dans la perspective de bien apprécier la distance séparant les valeurs intériorisé par les tunisiens du début du siècle dernier et celles acquises après que ces mêmes tunisiens se sont émancipés du joug colonial. 
Un dernier éclairage peu commun sur la question de l’identité artistique nous a été offert par Ali Louati,  fin poète, célèbre scénariste, plasticien et historien de l’art. Écrite dans la langue arabe, Cette contribution intitulée «Evolution de l’expression de l’identité dans l’art tunisien moderne  تطور التعبير عن الهوية في الفن التونسي الحديث» aligne plusieurs illustrations permettant de se rendre facilement compte de l’appropriation de cette nouvelle forme d’expression artistique et des différents mécanismes d’acculturation vécus par l’élite tunisienne, au cours des périodes coloniale et postcoloniale.
Comment les artiste peintres tunisiens se comportèrent avec cette nouvelle forme d’expression artistique allogène ? Et quelles étaient les stratégies   mis en place, pour résoudre les problèmes inhérents à leur commune identité?             
Le début de cette saga remonte au 11 mai 1894, date de l’inauguration du « Salon Tunisien ». La première génération des artistes peintres, celle de la fin du XIX e siècle et du premier tiers du XX e siècle, fut influencée par la technique occidentale, dans le style comme dans le choix des sujets. Même si ses instigateurs les plus en vue, tels que Yahya Tourki, Ammar Farhat mais surtout Ali Ben Salem, ont réussi à exprimer, après un lent apprentissage, d’une manière consciente ou par intuition, une certaine indépendance vis-à-vis des influences directes du style artistique occidental.
Si la peinture tunisienne acquiert dans son environnement, une sensibilité vis-à-vis du vécu qu’on ne retrouve guère dans la peinture académique étrangère, c’est qu’elle a réussi à cerner les spécificités de cet environnement dont elle a su restituer l’essence en usant de traits simples et en allant droit au but. Cette réconciliation de l’art pictural moderne avec la réalité du pays, s’est poursuivie dans les travaux des deux générations qui succèdent à celle des pionniers, en l’occurrence le groupe de «  l’Ecole de Tunis » et les tenants des « Nouvelles Tendances artistiques».
Les représentant de ce courant artistique ont focalisé leurs recherches sur la notion de l’identité, non comme une image figurative, mais entant que cadre de l’espace esthétique dénué de tout mimétisme du réel. Les artistes appartenant aux nouvelles tendances plastiques ont su donc, et au-delà des liens qui les ont rattachés aux recherches picturales occidentales, renouer avec le champ esthétique musulman et nous ont offert par la même occasion, une expression originale de l’identité tunisienne. Et à l’auteur de conclure, que s’il est indéniable que tous les artistes peintres tunisiens, ne se sont pas engagés dans une telle quête identitaire, et n’ont pas éprouvé le besoin de créer haut et fort, leur « tunisianité » - la liberté étant l’essence même de l’art et non l’adhésion à une quelconque théorie - leurs trajectoires artistiques respectives restent tributaires d’un contexte bien approprié et permettent de dégager, même au cas ou ils feignent de l’omettre ou de l’oublier, une telle identité.
Le dernier texte intitulée « A propos de la Tunisianité  في التونسة», ne fait que  traduire en arabe les idées forces des propos introductifs présentés par nous même. L’objectif étant de permettre au lecteur non francophone de trouver un éclairage utile, lui permettant de mieux cerner tout l’intérêt de la problématique phare débattue dans cet ouvrage.   
Nous nous sommes donc acheminés progressivement de la nomination d’un espace à sa territorialisation puis à son vivre ensemble, par le truchement de l’héritage génétique, de la richesse linguistique, de la façon dont nous prenons en charge l’altérité, les minorités, et les crédos de modernité et de construction de l’Etat-national.
Scrutant de près cette quête de la modernité, nous avons pu nous rendre compte des problèmes que pose notre relation aux différentes expressions artistiques, à travers la lucarne des relations, entre roman et histoire, entre projection et représentation cinématographique, entre intonation vocale et composition musicale, entre poésie classique et nouvelles formes d’expression verbale, entre expression picturale et identité traditionnelle et entre "poussières insignifiantes d’individus" et appartenance à une Nation souveraine. 
Le chantier est à peine ouvert et nous nous sommes que bien conscient. C’est peut être la raison pour laquelle il faut inscrire les différents éclairages réunis dans cet ouvrage dans une temporalité non achevée, rejoignant l’intitulé phare des rendez-vous programmé par l’Association Tunisienne des Etudes Historiques, qui viennent aujourd’hui, grâce au savoir faire des éditions Nirvana, à publication sous le titre « Etre tunisien : Opinions croisées », ne posant la question de la « tunisianité » que pour l’inscrire dans un devenir en mutation, celui des auteurs de cet ouvrage comme celui de tous les tunisiens.