samedi 5 novembre 2016

معالجات تأثيلية لمعاني لغة الذكر الحكيم












         تسببت دراسة تأثيلية حول المدلول التاريخي للغة القرآن نشرت في حدود سنة 2000 تحت عنوان "قراءة سريانية أرمية للقرآن: مساهمة في فك شفرة لغة القرآن  Lecture syro-araméenne du Coran : une 
 contribution pour décoder la langue du Coran   نشرها الأماني كريستوف لوكسنبرغ  Christoph Luxenberg وهو الاسم المستعار لعالم لغات شرقية قديمة من ذوي أصول لبنانية رجحت عدة مؤشرات أنه يشغل خطة أستاذ باحث بإحدى الجامعات الألمانية، ألف دراسة في اللغة الألمانية أحدثت جدلا حاميا مرفوقا بضجة ولغط كبيرين .
فقد كشفت المقارنات التي أنجزها على أصول بعض الألفاظ الواردة ضمن آيات القرآن آصرتها مع اللغة السريانية الأرمية القديمة، موضحة عدة جوانب خفيّة عن حقيقة المدلول الأصلي لبعض المفردات الواردة ضمن آيات القرآن وسوره.
فقد زعم لوكسنبرغ أن خُمس أو ربع المفردات الواردة ضمن النص القرآني تتسم بالغموض أو بصعوبة التوضيح، لذلك فأن العودة بتلك الألفاظ إلى اللغات الشرقية القديمة مثل السريانية والأرمية بوسعه أن يحُد من ذلك الغموض. فقد شكّلت السريانية الأرمية اللغة الأكثر انتشار بالمجال الشمالي من بلاد العرب قبل القرن الثالث الميلادي. فالمسيح كان يتكلم اللغة الأرمية التي نعثر على ناطقيها حاضرا ضمن الأقليات المسيحية المستوطنة بعدد من القرى السورية مثلا. كما انتشرت على أيام النبي محمد نفس تلك اللغة بمجال جزيرة العرب وافدة من مدن بلاد الشام وقراها، وتم التوسّع في استعمالها تداولا وكتابة بين سكان تلك المناطق، في حين لم تشقّ عندها اللغة العربية المكتوبة طريقها إلى الانتشار وبقي استعمالها محصورا بين المتعلمين.
نعثر على نقائش تتضمن نصوص قصيرة مكتوبة باللغة العربية، إلا أن القرآن هو أول كتاب وضع في تلك اللغة. ولابد أن ندرك هنا أن حقيقة تواشج اللغات واختلاطها مسألة لا تخص هذه المنطقة من العالم وحدها، فالناطق باللغة الانجليزية حاضرا مدعوّ إلى العودة إلى ما قبل ألف سنة لتصوُّر المزارع الأنجليزي وهو يخاطب سيده النورمندي بلغة فرنسية امتزجت ضمنها ألفاظ أنجلو سكسونية لن يتوصّل أي منّا إلى فكّ شفرتها إلا حال ردها إلى اللغتين معا.
ومن جهة أخرى يعترف الضالعون في علوم القرآن من مسلمي القرن العاشر مثل أبي جرير الطبري أن النص القرآني قد تضمن ألفاظا غير عربية تحيل على اللغات العبرية واللاتينية واليونانية والفارسية والحبشية والسريانية. في حين يزعم كريستوف لوكسنبرغ أن لتلك الالفاظ دلالات لم يتم التفطن لها قبل صدور مؤلفه نظرا لتعقبه للدور الذي لعبه القاموس الاصطلاحي الأرامي في تمسيح مجال شبه الجزيرة العربية. وهو توجه سبقه إليه منذ سنة 1927 "ألفونس منغانا Alphonse Mingana " وذلك ضمن مقال صدر له في العدد 11 من دورية مكتبة جون ريلندس، حمل عنوان: "تأثير السريانية في أسلوب القرآن" Mingana (Alphonse) « Syriac influence on the style of Kur’an », dans 11 e Bulletin of the John Rylands Library 1927  وهو تقليد لغوي تأثيلي استشراقي ألماني يحيلنا على بحوث تيودور نولدكه Theodor Nöldeke  ضمن مؤلفه "تاريخ القرآن" الصادر سنة 1860 وعلى أبحاث أدولف فان هارناك Adolphe von Harnack ، تلك التي شدّدت جميعها على نسول معاني النص القرآني عن أصول لغوية يهودية مسيحية. 
ولكن كيف لعالم ألماني، حتى وإن تحدّر عن أصول عربية، أن يناقش ما يعتقد في صحته أكثر من مليار من ساكن العالم؟ وما الأسس والمناهج التي استند عليها في صياغة تأويله لتلك المعاني أو لتلك الدلالات؟
يعتبر لوكسنبرغ أن ما قام به لفك شفرة العديد من الألفاظ الغامضة الواردة ضمن النص القرآني هو البحث بداية عن الشروح النادرة أو الغريبة غير المقصودة من قبل العارفين بتلك اللغة ضمن المعاجم القديمة، ورصد ما لم يُعره اللغويون ما يكفي من الاهمية. غير أن عدم الخروج من ذلك بأي طائل هو الذي حثه على العودة إلى أصول الألفاظ لتأثيليها أو ردها لأصولها التاريخية، عبر مقارنة مدلولها في اللغات القديمة وعلى رأسها اللغة السريانية وهي الأكثر انتشارا مشرقا منذ القرن الثاني والثالث الميلاديين، مع عدم الذهول عن إمكانية حضور قراءة منفلتة أو مخطئة بمستطاعها قلب المعنى أو المدلول الأصلي للّفظ إثر الوقوع في خطأ في تنقيط النسخ القرآنية الأصلية. على أنه بالوسع افراض تسرّب حروفا سريانية وادراجها خطأ ضمن النص العربي.
وهكذا فقد تمكّن لوكسنبرغ وعبر التعويل على هذا المنهج من فك شفرة العديد من الألفاظ الغامضة ضمن لغة القرآن. فبعد أن وضعت مريم العذراء وليدها المسيح خاطبتها العناية الالهية في النص القرآني: "فنادها من تحتها أن لا تحزني قد جعل ربك تحتك سريّا" (سورة مريم الآية عدد 24)، إلا أن لوكسموبرغ يقترح أن يُقرأ مضمون نفس الآية أو دلاتها كالتالي: " فنادها من تحتها أن لا تحزني فقد جعل ربك تحتك [أي ما خرج من صلبك ابنا] شرعيا". وتتعدد الأمثلة محيلة على مواضع اختلافات مربكة مثل دعوة الله المنافقين في سورة عبس (الآيات 24 - 32 ): "فَلْيَنظُرِ الْإِنسَانُ إِلَى طَعَامِهِ. أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاء صَبًّا. ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا. فَأَنبَتْنَا فِيهَا حَبًّا. وَعِنَبًا وَقَضْبًا. وَزَيْتُونًا وَنَخْلًا. وَحَدَائِقَ غُلْبًا. وَفَاكِهَةً وَأَبًّا. مَّتَاعًا لَّكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ". أو الاشارة إلى تسيير الأرض حال حصول القيامة والنشر في سورة الكهف الآية 47: "ويوم نسيّر الجبال وترى الأرض بارزة وحشرناهم فلم نغادر منهم أحدا"، بينما يحيل المعنى في اللغة السريانية الأرمية القديمة إلى انشقاها أو انفتاحها. وهو مدلول متماسك أيضا يمكن أن يُحمل على التصديق.
ولكن ألا تؤدي مثل هذه الزحزحة اللفظية أو التحويرات إلى تغيير في مدول بعض معاني القرآن؟ يشدّد لوكسمبورغ على أن جميع تأويلاته لا تتصل بالمعاني الأساسية الواردة ضمن نص القرآن مثل الإيمان بوجود الله أو بحقيقة وجود حياة بعد الموت، ولكن الأمر متصل بجوانب سلوكية أو بعادات لها علاقة وثيقة بحياة المسلمين اليومية، على غرار ضرورة ارتداء الحجاب من عدمه في الآية القرآنية (سورة النور الآية 31) التي تحيل على ضرورة ضرب النساء بخمورهن على جيوبهن. حيث يبدو المدلول غامضا، لأننا عندما نشاهد حجاب النساء نتجه إلى إقرار التأويل السائد بخصوص ضرورة تغطية الرأس والصدر، لكن ما كشفت عنه أصول الألفاظ القرآنية بالعودة إلى اللغة الأرمية السريانية القديمة لا يعدو أن يحيل على دعوة النساء إلى ربط أوساطهن بأحزمتهن باعتبار التزنر ترميزا على استبقاء العفاف لاتصال ذلك بالرهبنة المسيحية التي تضفي على مظهر النساء مسحة من الحرمة والقداسة.
غير أن ما يثير حفيظة المسلمين بل ويشكّل مصدر إزعاج لهم هو تأويل لوكسمبورغ لمدلول الجنة. فقد عاينت مدينة اصفهان الفارسية في غضون القرن السابع عشر تشييد رياض ملكية حملت تسمية "باب الجنة"، مجسّمة تمثلات أهل الصحراء للماء والخضرة والحياة الوديعة بين الماء والخضرة ووجوه الحوريات الحسان تلك التي وعد بها الله الأخيار من عباده. وقد جاوز الشراح هذا المدلول من خلال ضبط عدد الحوريات الذي لا يقل عن 72 حورية تخصص لكل ذكر صالح من أهل الجنة استشهد دفاع عن الدين وذبّا عنه ضد المشركين. إلا أن ذلك لا يتفق مع الآيات السبعة الواردة في القرآن والتي تعد أولئك بالحياة الأبدية في جنان الخلد مع من يحبون "هم وأزواجهم في ظلال". ويعتقد لوكسمبورغ أن بالوسع تصورّ حلّ للمسألة من خلال ردها إلى انزياح لفظي غيّر في دلالة الآية القرآنية الواردة بالآية 54 من سورة الدخان: "كذلك وزوجناهم بحور عين"، مكتفيا بتغيير موضع التنقيط في لفظة زوجناهم كي تصبح "روحناهم" ويتحول المعنى عندها إلى الرواح والاستجمام في روضة كرومها محمّلة بعنب أبيض شفاف. لذلك فإن ما ينتظر أخيار المسلمين لا يتعدى الرواح بمنظر العنب الأبيض المتدلي من كروم الجنان.
كما أنه من اللافت العثور ضمن المجسمات المسيحية القبطية القديمة بخصوص أيقونات الملائكة وهي تستقبل أرواح الخيّرين الطاهرة، حضور عناقيد العنب بأحد أياديها بينما تضم الأخرى أجساد أولئك الموعودين بجنة النعيم. كما تحمل أواني قداس الكنائس الآرامية مجسمات العناقيد والأعناب وتتضمن وعود المسيح في العشاء الأخير مع حوارييه شرب جميع الخيرين من خمرة زكيّة تقرّبهم منه ومن الروح القدس.   
ويطعن العديد من قراء مؤلف لوكسنبرغ من المسلمين في صحة جميع تأويلاته بهذا الصدد، واسمين توجهاته بالسقوط في نوع من المركزية المسيحية christanocentrisme مع تأثّر واضح بسياق انتاج النص الانجيلي وكتابته، والحال أنه يتعين التميز بين النصين القرآني والإنجيلي وبين سياقات إنتاجهما خاصة. فقد استندت تأويلات لوكسمبورغ بوصفه مختص في نقد اللغات القديمة وتأثيل مدلولها على المخزون الرمزي للنصوص المقدسة المسيحية، وهو ما أثار حنق العديد من المطلعين على أبحاثه، فضلا عن عدم تبرئته من الخلط بين مواقع الأحرف وأشكال رسمها في اللسان العربي.
كما حاولت بعض الشخصيات المختصّة في الدراسات اللسانية والحضارية على غرار "آن ماري ديلكومبر Anne-Marie Delcambre التوسع في هذا التوجه الذي خطه لوكسنبرغ الذي ينكفئ في حياة سرية مغلقة بعد إصدار فتوتين تدعوان إلى قلته، مستندة في توضيح توجهاته على شرح السورة 97 من القرآن ونقصد سورة القدر: "إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر، سلام هي حتى مطلع الفجر"، تلك التي تحيل كما هو واضح على تحديد موعد نزول القرآن بحلول "ليلة القدر" أي في الليلة الفاصلة بين السادس والعشرين والسابع والعشرين من شهر رمضان. إلا أن عودة لوكسمبورغ إلى الشراح وفي مقدمتهم شرح الطبري "عن تأويل القرآن" الجزء الثلاثون ص 258 – 261 قد مكّنه من العثور على تأكيد على أن نزول القرآن من السماء قد حصل دفعة في تلك الليلة، الأمر الذي يتعارض مع امتداد سياق النزول على مدى عشرين سنة، حيث يظهر اللَبس في المدلول الدقيق لفعل أنزل في سورة القدر وحقيقة إنزاله التدريجي على مدى مرحلة نبوة محمد بين الأربعين والستين من عمره.
ويقترح لوكسمبورغ تأويلا يسعى إلى توضيح جلية الأمر حال اعتباره لغة القرآن خليطا أو مزيجا بين العربية التي نعرفها والسريانية القديمة، فضمن سورة القدر نفسها هناك كلمة ليس لها من مدلول ضمن سياق النص وهي كلمة "قدر". فهي كما تحيل لغة على ما قدر في الأزل تعني أيضا ميقات الشيء أو مدته أو  المسافة منه . فما الرابط عندها بين تحديد الله لأقدار الخلق وتنزيله للقرآن؟
يشدد لوكسنبرغ الذي يتوفر على معرفة بالسريانية والآرامية والعبرية والحبشية والفارسية والعربية، أن مدلول كلمة القدر في السريانية والأرمية القديمة يحيل على موعد ظهور نجم الميلاد. لأنه بالعودة إلى أنجيل متّى (2 – 2 ) تجابهنا الفقرة التالية المنقولة على لسان منجّمي الشرق Les mages d’Orient: "أين ملك اليهود في مهده فقد شاهدنا نجم ميلاده في الشرق لذلك أتينا للتبرك برؤيته". وهكذا فالظاهر وفقا لما تقدّم أن المقصود بالحديث هو المسيح وأن منجمي الشرق قد علموا بموعد وضعه فجاؤوا للتعرّف عليه، وهو ما يكسب سورة القدر مدلولا أوضح حيث يرصد لوكسنبرغ التقارب بين "ليلة" في اللغة العربية التي تقابلها لفظة "للية" في السريانية. ولفظة "صلاة" التي تقابلها "صلات دي للية" أي صلاة الليل، لذلك يتضح ابتعاد الشرّاح العرب عن المدلول الأصلي لما أحالوا على تساوي ليلة القدر مع ألف شهر، لأن المقصود وفق تأويل لوكسمبورغ دائما ليس كلمة "شهر" بل كلمة "سهر" أي قيام الليل. فربط لفظ ليلة السريانية بالسهر أو السهرة يحيل مقصده على أن قيام ليلة الميلاد أفضل من قيام ألف سهرة. وهو ما نعثر عليه ضمن حديث منقول عن عائشة زوجة النبي تشير فيه إلى أن ليلة القدر قد عاينت على أيامها إكثارا من القيام. حيث يوافق ختم التراويح تلك الليلة باعتبار أن الصلوات الشرعية في الإسلام لا تتضمن تكليفا صريحا بقيام اللّيل، وهو ما تعوّد العرب المسيحيون إقامته تزامنا مع أعياد الميلاد.
كما أن الآية الخامسة من سورة القدر التي تتضمن كلمة سلام تدفع من جانبها إلى العودة إلى نشيد الملائكة الذي أورده إنجيل لوقا في الفقرة 2 - 14 "المجد لله في السماوات والسلام على الأرض" الذي يردده جميع المحسوبين على الديانة المسيحية، مما يحيل على التقاليد السائدة في الكنيسة السريانية التي حدّدت موعد قداس الميلاد لا مع حلول منتصف الليل بل مع ظهور فجر اليوم الجديد، وهو ما قصده النص القرآني في ـ"سلام هي حتى مطلع الفجر"، وما أكده ابن منظور في لسانه أيضا لمّا أشار إلى ليلة التمام وهي أطول ليالي الشتاء المتزامنة مع موعد الميلاد الذي يحتفل بها النصارى ويقيمون فيها الصلوات، لذلك ينتهي لوكسنبرغ إلى الاعتقاد بأن الاحتفال بليلة القدر لدى المسلين لا يشكل غير تواصل وبطرقية مخصوصة مع التقليد المسيحي السرياني في الاحتفال بليلة ميلاد المسيح.
وهكذا يصبح لسورة القدر مدلولا مختلفا لأنه بالوسع يمكن إدراك فحواها على أنه تواصل طقسي لاحتفال الميلاد من خلال رده إلى ليلة السابع والعشرين من شهر الصيام: "إنا أنزلناه (أي الوليد المسيح) في ليلة الميلاد وما أدراك ما ليلة الميلاد وما الذي تعرفه عن ليلة الميلاد، ليلية الاحتفال بقداس فجرها خير من ألف سهر. تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم بأناشيد دينية مقدسة، سلام هي حتى مطلع الفجر.
وهكذا يدفع لوكسمبورغ إلى حضور تناص في المدلول بين معنى سورة ليلة القدر والعادات التي تتضمنها الممارسات الدينية المسيحية لدى المجموعات السريانية الأرمية الموجودة على أيام النبي محمد. وهو لا يكتفى بذلك فحسب، بل يلاحظ ضمن سورة المائدة ومدلولها موضع الطعام وضمن الآية عدد 114: "قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ"، أن تلك اللفظة لا تعني أي شيء لو ذهلنا عن ربطها بالتراث المسيحي القديم في علاقته بعشاء المسيح الأخير مع الحواريين المعروف بـLa cène   فلفظة عيد العربية مشتقة من نفس الكلم الأرامي للدلالة على الاحتفال الديني أو القداس. ويكفي أن ندرك ذلك حتى يصبح المعنى كالتالي: "ربنا انزل علينا قداسا من السماء يكون لنا احتفالا دينيا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين".
ما بنا حاجة إلى التصديق على مجمل التأويلات التي اقترحها مؤلف لوكسنبرغ، فالاحترازات تجاهها كثيرة ومطاعنها متعددة بل لا يسعها حصر. إلا أننا نصر مع ذلك على حق تلك التصورات في التموقع ضمن مشهد المعرفة التأثيلية اللغوية بعيدا عن ما أنتجه المفسرون قدامى ومحدثين. فاستعراض تلك التخريجات وصياغتها في اللغة العربية على فخاخه التي لا تحصى من شأنه أن يدعونا إلى التفكير جديا في إنتاج موسوعة أو قاموس تأثيلي للغة العربية طال انتظاره، مما أشرع الأبواب أما العارفين ومن سواهم كي يُقدموا على ابتسار نظرهم في نص المسلمين المؤسس على الجوانب المُؤصلة لإرثهم اليهودي والإنجيلي المقدس. وهو تصرّف سبق للفيلسوف مارلو- بونتي أن نعته بـ"الكونية الجاثمة من فوق un universalisme de surplomb" تلك التي آن أوان نقضها والتفرّغ المناضل بُغية تشييد كونية أفقية تقبل بتنوع الغيريات على قاعدة العيش بذكاء مع الاعتراف الصريح بالاختلاف الذي لا يفسد للودّ قضية.