mercredi 31 décembre 2014

جدلية الخيانة والمقاومة في شريط "عمر" لهاني أبو أسعد












شريط “عُمر” للمخرج الفلسطيني هاني أبو أسعد الذي حصل على التانيت الذهبي لأيام قرطاج السينمائية في دورتها الخامسة والعشرين، إطلالة جديدة على الواقع الفلسطيني تحمل الكثير من الجرأة، من خلال التدقيق في تعقيداته والكشف عن صعوباته وفق حبكة روائية أبطالها ثلاثة شبان وفتاة يحاول جميعهم العيش بكرامة، لكن الاحتلال لا يرحم أحلامهم البسيطة، مستكثرا مدهم بأي فرصة حقيقية للعيش بسلام.
لم يبتعد المخرج كثيرا عن منجزه السابق في شريطه “الجنة الآن” (2005)، فقد بدا لنا وفيا لمنطلقاته الأصلية، متعمدا مع سبق إصرار وترصد الإبقاء على تفكير متابعي أعماله معلقا بين حقائق متعارضة. فقد فكّك شريطه الأول بمهارة عالية استحكام حالة التردد التي وقع فيها مجموعة من شباب المقاومة توجهوا لتفجير حافلة إسرائيلية حال انطلاق العد التنازلي لتلك العملية. لكنه غاص في شريطه الجديد عميقا في إدانة الاحتلال وتفكيك آثاره الكارثية على حياة الفلسطينيين، مقتربا من المقاومة الفلسطينية التي غالبا ما تم تصويرها ضمن الأعمال الفنية بشكل نمطي غير دقيقة.
شرّح هاني أبو أسعد بمبعض جراح ماهر علاقة المقاومة بالمحتل، فاتحا مساحة جدل غير مسبوقة أعادت ترتيب عناصر العقل الفلسطيني وكيفية تفكيره، لمّا أفاض في تفكيك أشكال الابتزاز التي يمارسها الاحتلال على الذات البشرية، عبر التلاعب بأرق العواطف والقيم، لدفع شباب المقاومة للسقوط في مستنقع العمالة والخزي.
يعود المخرج مع شريط عمر إلى ذات التوجه الذي علّم بداياته، حيث يصوغ الشريط ذات النفس الفني، عاملا على مزيد إثمار التوجه المتشعب الأبعاد والثنايا في كتابته السينمائية والسينوغرافية. تمزج حكاية الشريط بين واقع الاحتلال والمقاومة وحرب العصابات والاختراق والتضليل والجوسسة، وجميعها عناصر مهمة للنجاح من كتابة سينما "الأكشن" أو الحركة. فقد عبر المخرج عن تمكّن كبير من رسم تقاطيع شخصياته ودفعها لعيش وضعيات تحتّم اتخاذ ردود فعل سريعة حاسمة. استجلبت جميع تلك الخصال الفنية لخدمة حقيقة معقّدة لا علاقة لها بسذاجة كتابة سينما الحركة وبراءتها. فقد أصرّ هاني أبو أسعد على احتلال موضع متفرّد ضمن خط الكتابة السينمائية. فهو يولي عناية للأداء والنجاعة تتجاوز بكثير مقتضيات التحليل السياسي المتصل بموضوع المقاومة الفلسطينية، متعمّدا الإبقاء على مشاهدي أفلامه في حالة تحفز قصوى بغرض موافاتهم بوجهة نظره النقدية حول ما يراه أو ما يرويه.
ولأنه لا يبدو منخرطا تماما ضمن تيار سينما المؤلف ولا معترفا بضوابط الكتابة السينمائية التجارية، فإنه يقترح على مشاهدي شريطه الجديد قراءة مشوّقة ولافتة نجحت في المزج بدراية بين أسلوب كتابة سينما الحكاية البوليسية الأمريكية وجمالية القصّ السينمائي الفرنسي وفقا لكتابة مالفيل Melville  وطابع الدعابة في كتابة الفيلم البوليسي المصري، مع إضافة حكاية عاطفة نزقة تكون نهايتها غير سعيدة، محدثا بذلك جنسا هجين يطمح إلى إعطاء نفس متجدّد لنوعية أشرطة الثريلر thriller  بفتح أعين المشاهدين على مأساة إنسانية لا يمكن استيعاب تشعُباتها بالتعويل على أساليب الكتابة السينمائية القديمة.
تابع مخرج شريط "عمر" بعين متفحّصة تكوين مجموعة من الشباب الفلسطينيين الذين جمعتهم علاقة صداقة حميمة منذ الطفولة لخليّة مقاومة، عارضا تفاصيل استعدادهم ثم إقدامهم على تصفية أحد جنود دولة الاحتلال. على أن رد الفعل السريع والعنيف الذي جوبهت به عملية الاغتيال بعد إلقاء القبض على بطل الشريط "عمر" وتعذيبه، قد أثبتت انزلاق أحد المنفذين لتلك العملية في الخيانة وجعلت الشك يحوم حول "عمر" الذي اتهم إثر إطلاق سراحه بالتواطؤ والتعاون مع جنود الاحتلال.
كان على واضع هذه الحكاية أن يلتقي بالمساجين كما بالمحقّق معهم من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلي. كان عليه أن يتعرّف على من اضطرهم الزمن إلى التحول إلى خونة ومتعاونين. لقد وظّف هاني أبو أسعد الواقع السياسي للفلسطينيين للوقوف على أوضاعهم المعيشية الصعبة ولاستغلال المأزق الذي تردّوا فيه، خدمة لحكاية أو عيّنة مخبرية عرض على مشاهديه مشاركته في توصيف أطوارها وتفكيك ألغازها. فقد شكل تنقل عمر المحفوف بأعلى درجات المخاطرة بالنفس بين عالمين يفصل بينهما جدار عازل تم بناؤه من قبل سلطات الاستعمار بالضفة الغربية، صورة مثالية لتحدي عدمية التمييز العنصري بتحدّ أشد تعنت وأرقى بطولة.
تحيل الصورة التي اشتغل عليها مخرج شريط عمر على بعد إنساني يتجاوز الواقع الفلسطيني الضيق لينخرط في كونية صراع مديد لم يجد طريقه إلى الحل، وظف أشكال متعددة وتقنيات ملتوية للهيمنة، هدفها الحيلولة دون استعادة شعب بأكمله لكرامته ودفعه قسرا ودون رضا إلى الاعتقاد في أن الهزيمة والانكسار قدر محتوم، لذلك ينبغي الخضوع للأمر الواقع والقبول بقواعد اللعبة وفقا لما سطّرته إدارة الاحتلال.
شريط عمر فيلم مهموم بإنسانية الفلسطيني، وفق معايير عالية الحرفية جعلته يعرض في أبرز المهرجانات وفي مقدمتها مهرجان “كان” حيث حصل على جائزة النقاد والترشيح للأوسكار وفق أعلى المعايير التجارية. تم تصوير الشريط على مدى ثمانية أسابيع في مدن الناصرة، ونابلس، وبيسان، ولعب أدواره الرئيسية إلى جانب آدم بكري، ليم لوباني في دور "نادي"، ووليد فاروق زعيتر في دور "رامي"، وسامر بشارات في دور "أمجد"، وإياد حوراني في دور "طارق". ورصدت شركة "إخوان زعيتر" في الولايات المتحدة مبلغا مليون ونصف من الدولارات لإنتاجه. 
https://www.youtube.com/watch?v=CsugbQHN5rc

         

1 commentaire:

  1. Partant de la lecture que le professeur Lotfi Aissa a commis du film "Omar" de Héni abouasaad, je ne peux, avant de voir le film, que réagir, à titre de première impression suggestive du rendu cinématographique en ce qu'il est une production de sens qui se fraie un difficile cheminement dans les sentiers tumultueux de l'âme humaine du palestinien acculé à vivre ou à ne pas mourir, dans une conjoncture historique, géographique, politique et de déni de l'humanité de l'homme, réduit à subir un faux choix qui le condamne à jeter son froc d'humain aux orties et à enfiler celui de terroriste-palestinien(deux dénominations que l'Etat sioniste veut et tend iniquement, à présenter au monde comme synonymes).
    Comment Hani Abou Assâad a-t-il pu réussir à sortir du piège tendu savamment à la résistance palestinienne, pour que le Palestinien recouvre son humanité et l'offre aux regards du village universel, non comme une essence ontologique du terroriste à la Sisyphe mais, comme une anthologie du poiein artistique du résistant dont l'oeuvre légitime est de dire NON à l'incommensurable inhumanité de l'occupant, pour inverser les vapeurs de la machinerie de l'artillerie démagogique sioniste qui veut faire passer la résistance palestinienne pour un terrorisme intolérable orienté contre un Etat paisible, civilisé et illégitimement, agressé par un peuple primitif, farouche et sauvage.
    Tout a lieu dans un carré où s'affrontent des attitudes paradoxales allant de ce devoir de se défendre par tous les moyens dont ceux militaires de l'armée sioniste et ceux non moins mortels de la propagande anti-palestinienne consacrée par les médias pro-sionistes internationaux et le souci majeur de prouver au monde que le Palestinien est avant tout, un humain animé par des sentiments et des passions aussi conventionnels que ceux de tout autre représentant de la race humaine.
    Disséquer l'âme humaine, en situation, celle du Palestinien avec le préalable de son appartenance concédée, à titre d'hypothèse, à l'humaine condition, a permis à Hani Abou A. de nous faire voyager dans les interstices de ce qui fait l'humanité de l'homme.
    Ceci n'est qu'un premier jet en attendant une lecture soutenue par le visionnage du film que notre ami très cher, Si Lotfi Aissa a mis à notre disposition, si généreusement.

    RépondreSupprimer