jeudi 19 avril 2012

علي اللواتي مؤرخ الفنون في ضيافة الجمعية التونسية للدراسات التاريخية

تستضيف الجمعية التونسية للدراسات التاريخية يوم الجمعة 27 أفريل على الساعة الثالثة بعد الزوال بالنادي الثقافي الطاهر الحداد وفي نطاق سلسلة المحاضرات الشهرية التي تخصّصها لـ"مدلول التونسة Etre tunisien" المبدع والناقد التونسي على اللواتي لتقديم محاضرة تحمل عنوان: "التونسة في مغامرة الفن التشكيلي الحديث".

منارات على الدرب أو لحظات من السيرة:


يعتبر المحاضر واحد من أهم المتابعين للشأن التشكيلي التونسي أو لما سبق له أن وسمه تساوقا مع عنوان أحد مؤلفاته بـ"مغامرة الفن الحديث في تونس l’aventure de l’art moderne en Tunisie".
وعلي اللواتي هو أصيل مدينة تونس تلقى تكوينه بالمدرسة الصادقية وبكلية الحقوق بتونس. ترجم وهو طالبا لم يغادر مدارج الجامعة بعض قصائد إدغار آلان بو Edgar Allan Poe وغيوم أبولينير Guillaume Apollinaire.
تمكن بعد التحاقه بوزارة الثقافة من إنشاء وتسيير العديد من إداراتها الأساسية على غرار إدارة الفنون التشكلية (بين سنوات 1974 - 1986) ومركز الفن الحي لمدينة تونس (بين سنوات 1981 - 1990). كما ترأس مهرجان قرطاج (1985 - 1986) والمركز الثقافي بالحمامات (1995 - 1996). وأسس وأدار دار الفنون بالحديقة الترفيهية البلفيدير (1992 - 1999) ومركز الموسيقى العربية والمتوسطية بدار الباورن درلنجي بضاحية سيدي أبي سعيد.
والمحاضر هو بالأساس علم مميّز في الشعر التونسي الحديث، تشف قصائده الشعرية في "أخبار البئر المعطلة" كما "في مجيء المياه"، عن إدراك عميق لما يشكل كنه الحداثة وما يعبّر من روح الشعر العربي القديم في آن. وقد أبانت على ذلك ترجمته البليغة لديوان سان جون برس "أنابيز" Saint John Perse « Anabase ».
كتب على اللواتي للمسرح ثلاثة نصوص هي: "المتشعبطون" و"من أجل بياتريس" فضلا عن نص شعري ممسرح حمل عنوان "سواح العشق". كما وضع سيناريوهات وحوارات العديد من المسلسلات والأفلام التلفزية.
أما بخصوص تجربة النقد والتأريخ للفنون وخاصة التشكيلية من بينها فقد امتدت مساهمته في تنظيم المعارض الفنية داخليا وخارجيا على مدى 30 سنة، الشيء الذي مكّنه من تعميق معرفته بنشأة وتطوّر الفنون التشكيلية في تونس، وإنجاز جملة من المؤلفات التعريفية بالعديد من التجارب الفنية الممثلة ومن الأعمال النقدية المتصلة بتاريخ الفنون يستوقفنا من بينها خاصة أثره المرجعي حول "مغامرة الفن الحديث بتونس L’aventure de l’art moderne en Tunisie" الصادر في موفى الألفية المنقضية. وهو أثر فارق يعرض لمراحل تطوّر فنون الرسم بتونس من نهاية القرن التاسع عشر إلى موفى القرن العشرين. على أن يُعرف وضمن كتب مفردة بالعديد من المسارات الفنية التونسية والعربية، على غرار تجارب منير الشعراني وأحمد الحجري وعلي بن سالم والهادي السلمي وغيرهم.
أسندت لعلي اللواتي عضوية العديد من لجان التحكيم في تظاهرات فنية دورية كتلك المنعقدة بالقاهرة سنة 1995 أو بجرش بالأردن سنة 1997 أو بدكار سنة 1998 ، فضلا عن عضوية لجنه تحكيم مهرجان الخط العربي في دورته المنعقدة سنة 2004.
كما ترجم علي اللواتي إلى العربية سنة 1979 أطروحة ألكسندر بابادوبولوAlexandre Papadopoulo حول "جماليات الفن الإسلامي" مصدّرا الكتاب بمقدمة تحمل عنوان "جماليات الرسم الإسلامي". هذا فضلا عن مقالاته الهامة الصادرة ضمن العديد من القواميس الفنية أو المعاجم المختصّة.

" ليست الأقلام خشب ورصاص بل فكر ينساب عبر الأصابع":


« les cayons c’est pas du bois et de la mine c’est de la pensée par les phalanges »
Henri Toulouse Lautrec.
يعتبر علي اللواتي أن لحضور الجاليات الأجنبية ولسلطة الحماية الفرنسية دور أساسي في بروز الفون الحديثة التونسية فقد عاينت البلاد بداية من 12 ماي 1894 م تأسيس "الصالون التونسي" الذي حرص القائمون عليه على تنظيم عرض سنوي للفنون التشكيلية كُتب له التواصل حتى سنة 1984. والملاحظ في هذا الصدد هو تمسّك الأعمال المعروضة خلال المرحلة الاستعمارية بالذائقة الفنية الفرنسية مع إقصاء مقصود لجميع ما سواها. وهي توجهات تحيل عليها الأعمال المستجلبة من فرنسا أو الوافدة من المستعمرات الفرنسية على مجال المغارب، وكذا تلك المنجزة بالبلاد من قبل رسامين أجانب على غرار لوحات أندري ديلكروا André de La Croix ولومونيي Lemonnier ورودولوف ديرلنجي Rodolphe d’Erlanger وأرمون فرجو Armand Vergeaud وألكسندر روبتزوف Alexandre Roubtzoff، وجميعها أعمال تحيل على تيارات فنية وتشكيليّة كسدت سوقها ضمن منابعها الأصلية كالأكاديمية والانطباعية المحدثة والوحشية، ولم يعد لها من ملجئ غير المجال الاستعماري.
لذلك يمكن أن الزعم بأن نشأة الحركة الفنية التشكيلية قد تمت على هامش الثقافة التقليدية المحليّة وتحت تأثير التيارات الفكرية الغربية، حتى وإن لم تعدم إبداعات الفنانين التونسيين العديد من المؤشرات الدالة على تأثرهم بالتراث الجمالي العربي الإسلامي في فنون العمارة والرقش والخزف والسجاد والتجليد والرسم على الزجاج وبقية الصناعات الحرفية ذات الصلة.
إلا أنه وفي تعارض مع جميع هذه الفنون والقيم الجمالية والروحية الجماعية، يضع التعبير الفني ذي الأصول الغربية الفنان التشكيلي قبالة اللوحة كي يعرض فوق مساحتها البيضاء تأويله الشخصي للعالم. لذلك نزع الرسم المسندي إلى الخروج من قصور أمراء البيت الحسيني لينفتح تذوّقه وعبر إرساء تقاليد العروض التشكيلية السنويّة للصالون التونسي على شرائح أوسع ضمت ميسوري المدينة ومتنوريها من المتعلمين، تمكّنت من التعرف على أعمال فنافين تشكيلين طليعيين على غرار الكسندر فيشي Alexandre Fichet الذي ترأس الصالون التونسي على مدى 53 سنة وأرمان فرجو Armand Fargeaud الذي شغل منصب مدير مدرسة الفنون الجميلة، فضلا عن لوحات روبتزوف وبيار بوشارل Pierre Boucherle وهنري دابدي Henri Dabadie وموزيس ليفي Moses Levy وغيرهم.
على هامش هذه المعارض السنوية أو في إطارها بدأ الفنانون التشكيليون التونسيون خطواتهم الأولى على غرار "الهادي الخياشي" و"عبد الوهاب الجيلاني" و"يحي التركي" و"عبد العزيز بن رايس" و"على بن سالم" و"حاتم المكي" و"عمار فرحات" و"عمارة دبش". أما الجيل الثاني للفنانين التشكيليين التونسيين فقد انتمى في معظمه إلى "مدرسة تونس" التي أسسها "بيار بوشارل" والتى التحق بها بالإضافة إلى "يحيى التركي" و"عمار فرحات"، "جلال بن عبد الله" و"عبد العزيز القرجي" و"الزبير التركي" وغيرهم.
ولئن تنوّعت المسارات الفردية لكل واحد من رواد تلك "المدرسة" المؤسسين، فقد اتفق أغلبهم على جملة من القيم الجمالية، مع توفر جميعهم على قدر لا يُستهان به من الانضباط والتماسك. فما جمع بين مختلف تلك التجارب الفنية المتباينة قد تجسّم في التأثّر بالقيم الفنية التقليدية في استكشاف جماليات المنمنة (عبد العزيز القرجي) والإفادة من الرسم على الزجاج والخط العربي وتقنيات الحرف الشعبية، (علي بلاّغة) ورواية العالم اليومي التونسي في إنسانيته بخطوط مجرّدة وعمق تأملي شعبي لافت (الزبير التركي).
لذلك نستطيع القول بأن الفضاء الجمالي لهذه المدرسة قد علّم نظرة دولة الاستقلال إلى الفن، مُساهما في صياغة القيم المادية والروحية للوطن الناشئ.
ومهما يكن من أمر التماسك الذي أبداه الفنانون المنتسبون إلى تلك المدرسة، فقد اخترق الاختلاف أو التباين في الرُوئ أعمالهم الفنية وبحوثها الجملية بعد أن تأكد توفر الجماعة على تيارات تحيل على التجريدية والتعبيرية والسريالية وغيرها، مُقتنعة أن الهوية لا تكتمل بتحويل قيم البيئة إلى اللوحة ضمن إطار سردي أو رمزي، وأن الابتعاد عن التناغم مع البيئة وتجاوز محاكاة مظاهر الحياة اليومية، هو الكفيل وحده بتمكين الفنان من التعبير الحر دون قيود قصد الإفادة من التجارب التشكيلية العالمية.
والبين أن هذا السجال الفكري والفني قد أدخل حركيّة على الوسط الفني وفرض على الرسامين التشخيصيين مزيد الاهتمام بالمشاغل التشكيلية الصرفة، فضلا عن وسائل الانجاز وتقنيات التكوين الفني. وتعبر أعمال "الهادي التركي" الذي عرف بتأثره بالمدرسة التعبيرية التجريدية الملهِمة لـلرسام الأمريكي "جاكسون بولوكJackson Pollock " (ت 1956) عن علاقة معقدة بين الواقع والتجريد تحيل في تعويلها على الشفافية على حس صوفي. ومن بين التجارب التجريدية المحايثة في هذا الضرب من الرسم التجريدي يشير علي اللواتي إلى عوالم "الحبيب شبيل" و"رضا بن الطيب" و"عمر بن محمود" و"حبيب بوعبانة" و"رفيق الكامل" الذي أثرت أعماله وتوجهاته الفنية في أجيال من طلبة مدرسة الفنون الجميلة بتونس. وحتى وإن تراجع بريق هذا التوجّه التجريدي في الرسم مع موفى السبعينات وعادت التشخيصية ضمن تيارات جديدة على غرار التعبيرية والفطرية، فإنه سرعان ما عاد التجريد إلى احتلال مكانة متميزة ضمن أعمال الأجيال الجديدة للتشكيليين على غرار "رشيد الفخفاخ" و"الحبيب بيدة" و"أسماء منوّر" و"آمال بن نيس".
ولا تخرج التجارب التأصيلية في خطيها البنائي والحروفي على هذه التوجهات التجريدية. فقد شدّد "نجيب بن الخوجة" على ضرورة ربط الأعمال التشكيلية التونسية بالتيارات العالمية وذلك من خلال موقف نقدي يرفض الإتباع، محاولا الاستفادة من العناصر التراثية في الخط والعمارة وبناء علاقة ثابتة ومتكرّرة بين الخطين المستقيم والمنحني في إحالة ضمنية على الخط الكوفي. بينما انتحى "نجا المهداوي" توجّها حروفيا يرتكز على التأثير البصري للتكوينات مع الالتصاق بتقاليد الخط والزُخرف الإسلامي الذي يحيل على الحيّز الجمالي التقليدي.
أما رواد التشخصيّة المحدثة الذين واجهوا مدرسة تونس على غرار "محمود السهيلي" و"الحبيب السعيدي" و"البشير لخضر" و"الصادق قمش" و"عادل مقديش" وغيرهم، فقد رفضوا تحلّل عناصر الواقع واندثاره في المادة واللون مُفضّلين اختزال تلك العناصر وعرضها بطريقة تغلب عليها عوالمهم الذاتية. لذلك اعتبرهم مؤرخ الحركة التشكيلية التونسية أصحاب مشروع جمالي عوّل على التقنيات الفنية التي تسمح بها التيارات التعبيرية والسريالية والتشخيصية المحدثة والفن الفطري، بغرض عرض صورة تحليلية أو توليفية للواقع يتداخل ضمنها ووفقا لميول الرسام الوجود الخارجي للأشياء والكيفية الباطنية لإدراكها.
كما ضمت التجربة التشخيصية الجديدة تونسيا تجارب حالمة منقطعة عن التفاعل مع البيئة، وهو ما عبرت عنه مناخات "البشير لخضر" و"فتحي بن زاكور" و"فؤاد الزاوش" و"أحمد الحجري" الخاصة.
بقي أن ندرك الدور الذي لعبته تجارب الرسامين الفطريين الممزوجة بكثير من الحنين إلى معالم المدينة القديمة ودفء الحياة العائلية التقليدية، مع تحرّر من القيود التقنية المغرقة في الاستكانة إلى الضوابط الأكاديمية المكبّلة، وذلك ضمن تجارب معلِمة "للبغدادي شنيتر" و"علي القرماسي" و"محرزية غضاب" وغيرهم. هذا بالإضافة إلى ما قدمته التجارب التشكيلية غير المسندية التي لم تعاين غير ظهور فاتر أو خجول على غرار النحت في تجربة "الهادي السلمي" والخزف الفني في أعمال "خالد بن سلمان" و"السجاد في تجارب "صفية فرحات" والحفر الفني في أعمال "البشير الضحاّك" والطبع الفني ضمن أعمال "خليفة شلتوت" و"قويدر التريكي و"الهادي اللبان" و"محمد بن مفتاح"، فضلا عن "التنصيبات" و"الأحداث التنشيطية" في تجارب "عبد الرزاق الساحلي" و"نور الدين الهاني".
وفي المحصلة تبدو الفنون التشكيلية باختلاف توجهاتها وفيّة لنظرة كلاسيكية للفعل الفني حتى وإن بدا واضحا فعل التحولات الذي شدّد على ضرورة إدراج الحركة المبدعة ضمن السلوك وإخراجها من إطارها التقليدي قصد تجاوز المدلول الضيق للّوحة أو للإنتاج المادي.
ولئن تعدّدت المعارض وتحوّل الفن التشكيلي إلى متقاسم ذوقي يتم الإقبال على تعلّمه في نطاق التخصّص والهوية والارتفاع بالذائقة الفنية، فإن معضلات متعددة لازالت تحول دون تحرّر هذا الضرب من الفنون على غرار تقييد الاحتفاء بالجسد وتواضع الذائقة التجسيمية وعدم القدرة على توسيع مجال التذوق الذي يكاد ينحصر - اعتبارا لارتفاع الكلفة - ضمن الأوساط الحضرية الميسورة، فضلا عن توافق الفن التشكيلي في الذائقة الجماعية مع رواسب تحيل على الترف الحضري والمعالجة المغتربة المنبتّة عن جماليات البيئة المحلية التونسية.
وهذه قائمة تفصيلية بأبرز العناوين التي ألفها علي اللواتي:
المنشورات الأدبية:
- أخبار البئر المعطلة، الدار التونسية للنشر، تونس 1985.
- أنباز وقصائد أخرى، الدار العربية للكتاب، تونس 1985.
- مجيء المياه، الدار العربية للكتاب، تونس 1993.
- هيراقليطس، نشر كونتراست، سوسة 2001.
- بستاني الخمسة عشر مساء، نشر كونتراست، سوسة 2004.
- من أجل بياتريس، نشر كونتراست، سوسة 2007.
- سواح العشق، نشر كونتراست، سوسة 2009.
المنشورات الفنية:
- علي بن سالم، الدار التونسية للنشر، تونس 1986.
- الهادي السلمي، نشر سيراس، تونس 1994.
- البارون رودولف ديرلنجي وقصره النجمة الزهراء بسيدي أبي سعيد، نشر سمباك، تونس 1995.
- أحمد الحجري، نشر دار الفنون، تونس 1997 .
Les arts plastiques en Tunisie, éd. Alecso, Tunis 1996.
L’aventure de l’art moderne en Tunisie, éd. Simpact, Tunis 1999.

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire